في سابقة خطيرة، اعتبرتها فعاليات حزبية وحقوقية وجمعوية جريمة في حقّ مدينة جرادة وتاريخها وساكنتها، عمد مجهولون، مؤخرا، إلى قطع الركائز الحديدية لمغسل معمل الفحم الحجري المعروف ب"ظهر الجمل"، الرابط بين "البئر رقم 5" و"المغسل" على طول أكثر من 100 متر، مستعملين أدوات ووسائل كهربائية لقطع الحديد، إلى أن انهار بعد أن ظل شامخا لأكثر من ثمانين سنة. العملية استنفرت مصالح الأمن والقوات المساعدة والسلطات المحلية التي انتقلت عناصرها إلى عين المكان حيث تمكن جيش من المواطنين، صغارا وكبارا، من الفرار بعدما كانوا يتأهبون لتنفيذ عملية نهب حديد المغسل المنهار، فيما تم حجز الوسائل والأدوات المستعملة في الجريمة. حزب اليسار الأخضر المغربي، فرع جرادة، ندد، في بيان صادر عنه بهذه المناسبة، التي وصفها بالأليمة، بالهجوم الذي تعرض له مغسل الفحم الحجري بحاسي بلال بإقليمجرادة ودكّ أعمدته، وطالب السلطات المعنية بفتح تحقيق نزيه وشفاف. و سبق أن نظمت مجموعة من الجمعيات والأحزاب والنقابات وقفات احتجاجية أمام عمالة إقليمجرادة ضد نهب ممتلكات المفاحم، إلا أن كل النداءات من أجل إيقاف الإبادة الجماعية للذاكرة المنجمية للمدينة بقيت دون جدوى، في ظل الموقف السلبي للسلطات المحلية والإقليمية. فعاليات المجتمع المدني بجرادة سبق لها أن عبرت، خلال يناير من السنة الماضية عقب تعرض المغسل لعملية نهب وسرقة عن تخوفاتها من أن يكون التهاون في حماية هذه المنشآت المنجمية الموروثة عملية مقصودة لإتلاف معالم الجريمة النكراء المتمثلة في السرقة والنهب، وطالبت المحكمة المالية بفاس بالبحث عن مآل ممتلكات شركة مفاحم جرادة التي تم تفويتها للمجلس البلدي بجرادة. وكانت الجمعيات قد طالبت بإعادة الحراس الذين تم توقيفهم مع تحميل المسؤولية للمجلس البلدي والسلطة المحلية، وتكوين لجنة لإحصاء المعدات الكائنة بالمغسل ومقارنتها بوضعيتها الأصلية، ومكاتبة مصفي الشركة من أجل موافاتهما بمحتويات المغسل على حالته الأصلية والوضعية التي آل إليها، وعرض هذه المسألة على أنظار المجلس البلدي للتداول في شأنها على أساس إشراكهما في هذا الشأن وفق مقاربة تشاركية واقعية، وإجراء معاينة بواسطة مختصين ومتتبعين لتحديد نوعية الدور الذي سيلعبه المغسل في المجال التنموي والسياحي، والذي عرف، اليوم، مصيرا مأساويا.