يقولون إن للمغرب زوجة هي إسبانيا، عقدت قرانهما الجغرافيا منذ قرون طويلة، وله عشيقة هي فرنسا التي تعرف عليها قبل قرن من الزمن وتعلم لغتها وأحب ثقافتها، فهي المتنفس الذي يجعله يلتصق بالحضارة الغربية، في الوقت الذي كانت فيه الزوجة ما تزال تمتطي حمارا وتستقي الماء من البئر، لكن الزوجة تطورت كثيرا، وبازدياد جمالها زادت خلافاتها مع المغرب، لأنها لم تنس تركه لها وارتماءه كليا في أحضان العشيقة، وأخذت تحوك له المكائد، والمغرب يغضب بين الفينة والأخرى ويسحب سفيره من البيت. عندما زار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المغرب في أكتوبر2007، وألقى في البرلمان خطابه الشهير الذي وعد فيه بحصول المغرب على الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي ودس في جيبه عقود صفقات ضخمة، غضبت إسبانيا كثيرا، و«صادفت» ذلك زيارة خوان كارلوس وعقيلته دونيا صوفيا لمدينتي سبتة ومليلية، فقامت القيامة وصم الجميع آذانه حتى لا يسمع كلمة «الطلاق» التي تعد أبغض الحلال في قوانين الدول أيضا. تبدو هذه القصة قطعة من التاريخ الآن، فالزوجة والعشيقة التقتا في مدريد بعيدا عن مشاكل الزوج حتى إنهما نسيتا تماما أنه موجود، كانت الرايات الفرنسية والإسبانية تملأ ساحات وسط مدريد، وأسود النحاس (هي أسود مصنوعة من نحاس المدافع التي كسبها الإسبان في معركة تطوان ضد المغرب) التي تزين مبنى البرلمان الإسباني تستعد لمجيء ساركوزي الذي اعتلى عرش الجمهورية الخامسة. دخل ساركوزي مبنى البرلمان الإسباني دخول الفاتحين في أول زيارة دولة يقوم بها إلى إسبانيا، ولم ينس أبدا إعطاء الدروس لرئيس الحكومة رودريغيث ثباتيرو حتى تكون رئاسة إسبانيا للاتحاد ناجحة، فساركوزي يحب اعتلاء المنصات وإلقاء الدروس حتى إنه قبل أن تطأ قدماه أرض مدريد كان عليه أن يضع الكثير من القطن والضمادات على الجراح النفسية التي تسبب فيها لثباتيرو عندما اتهمه، في اجتماع مع برلمانيين فرنسيين، بأنه رجل لا يتمتع بالذكاء الكافي لكونه قام بتخفيض حجم الإشهار في القنوات العمومية.. ثباتيرو سيجد نفسه مضطرا إلى الدفاع عن علاقته بقيصر الإليزيه الذي وضع ذكاءه موضع شك، فالمحامي الشاب يدرك أن لا أحد غير ساركوزي قادر على دفع إسبانيا إلى دخول مجموعة العشرين الاقتصادية بدليل أنه أنقذ ماء وجه إسبانيا ومنحها مقعده في القمة الاقتصادية بالولايات المتحدة عندما رفض جورج بوش رؤية وجه ثباتيرو. وقبل ذلك، كان على ساركوزي أن يكبح جماح طموحه القيصري عندما اقترح الاتحاد المتوسطي وكاد يصيب الديبلوماسية الإسبانية بحالة إغماء مفاجئ، لأن مشروعه يضرب مسلسل برشلونة الذي أعدته وسهرت عليه الليالي الطوال، لكن سرعان ما اتفقا ومنحت فرنسا مقر الاتحاد لمدينة برشلونة. يبدو تحالف زوجة وعشيقة المغرب استراتيجيا، فهما تعرفان ماذا تريدان بالضبط، أما هو فمازال البعض فيه يدافع عن مصالح العشيقة التي يدين بثقافتها، والبعض الآخر يصرخ دفاعا عن حقوق الزوجة التاريخية، بينما الكثير من أبنائه (المغرب) يلقون بأنفسهم في البحر.