مضيان يقود لائحة كبار المغادرين لقيادة حزب الاستقلال وأدمينو أبرز الملتحقين    مغاربة ينعوون وفاة الفنانة نعيمة المشرقي: فنانة محترمة وماخذات حقها فالساحة الفنية (فيديو)    أخنوش: المغرب يعزز قيم الفرنكوفونية    التعادل يحسم مباراة الحسنية والوداد    عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    هكذا علقت هولندا على قرار المحكمة الأوروبية وعلاقتها بالمغرب    منتخب U20 يواجه فرنسا وديا استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في سرقة مبلغ مالي مهم من داخل محل تجاري    رغم تراجعه عن مطالبته بوقف تسليح إسرائيل.. نتنياهو يهاجم ماكرون: سننتصر معك أو من دونك وعارك سيستمر لوقت طويل (فيديو)    "أندلسيات طنجة" يراهن على تعزيز التقارب الحضاري والثقافي بين الضفتين في أفق مونديال 2030    عطل تقني يعرقل حجز التأشيرات.. وأصابع الاتهام تتجه إلى السماسرة    ENSAH.. الباحث إلياس أشوخي يناقش أطروحته للدكتوراه حول التلوث في البيئة البحرية        إنزال كبير لطلبة كليات الطب بالرباط في سياق الإضرابات المتواصلة -فيديو-    حزب الله: التواصل مع صفي الدين "مقطوع"    مطالب نقابية لأخنوش بالإشراف المباشر على الحوار الاجتماعي بقطاع الصحة    محكمة تغرم مجلس جماعي 5 مليون لفائدة سيدة تعرض لهجوم كلاب ضالة    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    بلجيكا من دون دي بروين ولوكاكو أمام إيطاليا وفرنسا    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة        "احذروا".. زخات رعدية قوية مصحوبة ب"التبروري" وبهبات رياح غدا الأحد بعدد من المناطق        مجلس جماعة امطالسة يصادق على ميزانية 2025 وتمويل اقتناء عقار لاحتضان مركب للتكوين في المهن التمريضية    "لا يقول صباح الخير".. لويس سواريز يهاجم مدرب المنتخب مارسيلو بييلسا    التوقيع بالجديدة على إعلان نوايا مشترك لتعزيز التعاون المغربي الفرنسي في قطاع الخيول    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        البكوري: عملنا يستند على إعمال مبدأ القانون في معالجة كل القضايا مع الحرص على المال العمومي    رسالة بنموسى في اليوم العالمي للمدرس    جيش إسرائيل يقصف مسجدا بجنوب لبنان    الجامعة تحدد أسعار تذاكر مباراة الأسود وإفريقيا الوسطى    شركات يابانية تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لتعويض نقص العمالة    السكوري يُطلق منصة رقمية لخدمة التشغيل    من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    استجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان عن الفجوة بين أسعار المحروقات في السوقين الدولية والوطنية    "أطباء لبنان" تطلق نداء عاجلا لوقف "مجزرة" إسرائيل بحق الجهاز الصحي        هيئة: أكثر من 100 مظاهرة في 58 مدينة مغربية تخليدا للذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    وزير الإعلام الفلسطيني يزور مقر الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالدار البيضاء    الحسيمة.. تخليد الذكرى 69 لانطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال    محكمة التحكيم الرياضي تخفف عقوبة توقيف بوغبا    "ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    طقس السبت ممطر في بعض المناطق    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما أنزلت أمريكا قواتها بالمغرب وجعلته قاعدة لتحرير أوربا
شكلت ‬عملية ‬االمشعلب ‬بالسواحل ‬المغربية ‬رأس ‬حربة ‬للقضاء ‬على ‬النازية
نشر في المساء يوم 21 - 12 - 2014

سميت ‬في ‬البداية ‬‮«‬عملية ‬الجمباز‮»‬، ‬قبل ‬استبدال ‬اسمها ‬لدواع ‬احترازية، ‬هي ‬الغزو ‬الأنجلو-‬أمريكي ‬لشمال ‬إفريقيا ‬الفرنسية ‬خلال ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬وتمت ‬في ‬8 ‬نوفمبر ‬سنة ‬1942.‬
جاء ‬سياقها، ‬على ‬إثر ‬قيام ‬الاتحاد ‬السوفياتي ‬بالضغط ‬على ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية ‬وبريطانيا ‬للقيام ‬بعمليات ‬في ‬أوربا ‬وفتح ‬جبهة ‬قتال ‬ثانية، ‬بهدف ‬تخفيف ‬الضغط ‬الذي ‬تفرضه ‬القوات ‬الألمانية ‬على ‬الجنود ‬السوفيات. ‬بينما ‬فضل ‬القادة ‬الأمريكيون ‬عملية ‬المطرقة ‬الثقيلة‮ ‬Operation Sledgehammer‮ ‬ ‬التي ‬كانت ‬تقضي ‬بإنزال ‬في ‬أوربا ‬المحتلة ‬في ‬أقرب ‬وقت ‬ممكن.‬
حينها، ‬آمن ‬القادة ‬البريطانيون ‬بأن ‬القيام ‬بذلك ‬ستكون ‬نهايته ‬وخيمة، ‬فتم ‬اقتراح ‬هجوم ‬على ‬شمال ‬إفريقيا ‬بدل ‬ذلك، ‬الذي ‬سيطهرها-‬لاحقا- ‬من ‬قوى ‬دول ‬المحور ‬ويزيد ‬من ‬السيطرة ‬البحرية ‬على ‬البحر ‬الأبيض ‬المتوسط، ‬ويساعد ‬في ‬التحضير ‬لغزو ‬جنوب ‬أوربا ‬في ‬1943، ‬وفي ‬البدء ‬شك ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬فرانكلين ‬روزفلت ‬بأن ‬العملية ‬الإفريقية ‬قد ‬تلغي ‬غزو ‬جنوب ‬أوربا ‬في ‬1943 ‬لكنه ‬وافق ‬وساند ‬رئيس ‬الوزراء ‬البريطاني ‬ونستون ‬تشرتشل.‬
خطط ‬التحالف ‬الأنجلو-‬أمريكي ‬لاكتساح ‬الشمال ‬الغربي ‬من ‬إفريقيا ( ‬المغرب، ‬الجزائر ‬وتونس ) ‬أي ‬المناطق ‬التي ‬كانت ‬تخضع ‬لسيطرة ‬حكومة ‬فيشي ‬الفرنسية. ‬مع ‬وجود ‬الكثير ‬من ‬شمال ‬غرب ‬إفريقيا ‬تحت ‬سيطرة ‬الحلفاء، ‬إذ ‬سمح ‬هذا ‬الغزو ‬بالضغط ‬ومحاصرة ‬القوات ‬النازية ‬في ‬شمال ‬إفريقيا، ‬وكذا ‬قوات ‬فيشي ‬الفرنسية ‬التي ‬كانت ‬مؤلفة ‬من ‬حوالي ‬125000 ‬جندي ‬وكذلك ‬مدفعية ‬ساحلية، ‬و ‬210 ‬دبابة، ‬لكنها ‬غير ‬مطورة ‬وحوالي ‬500 ‬طائرة ‬نصفهاDewoitine D.520‮ ‬ ‬تكافئ ‬العديد ‬من ‬الطائرات ‬الأمريكية ‬والبريطانية، ‬إضافة ‬إلى ‬ذلك ‬كانت ‬هناك ‬حوالي ‬10 ‬سفن ‬حربية ‬و11 ‬غواصة ‬في ‬الدار ‬البيضاء. ‬واعتقد ‬الحلفاء ‬أن ‬قوات ‬فيشي ‬الفرنسية ‬لن ‬تقاتلهم، ‬بسبب ‬معلومة ‬تلقوها ‬من ‬القنصل ‬الأمريكي ‬روبرت ‬دانييل ‬مورفي ‬في ‬الجزائر ‬العاصمة.‬
كان ‬الفرنسيون ‬حلفاء ‬سابقين ‬للولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية، ‬فتم ‬إعطاء ‬تعليمات ‬للجنود ‬الأمريكان ‬بعدم ‬إطلاق ‬النار ‬إلا ‬إذا ‬أطلقت ‬عليهم ‬أولا. ‬لكن ‬خيمت ‬شكوك ‬بأن ‬القوات ‬البحرية ‬لحكومة ‬فيشي ‬الفرنسية ‬قد ‬تحمل ‬ضغينة ‬بسبب ‬ما ‬قام ‬به ‬البريطانييون ‬في ‬المرسى ‬الكبير ‬سنة ‬1940 .‬
لقد ‬كان ‬تقييم ‬تعاطف ‬القوات ‬الفرنسية ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬ضروريا، ‬وتم ‬وضع ‬خطط ‬لضمان ‬تعاونهم ‬بدلا ‬من ‬المقاومة. ‬وجاء ‬الدعم ‬الألماني ‬لفيشي ‬على ‬شكل ‬دعم ‬جوي، ‬من ‬بضع ‬طائرات ‬القوات ‬الجوية ‬الألمانية ‬المقنبلة، ‬التي ‬أخذت ‬مهمة ‬قنبلة ‬الأهداف ‬البحرية ‬ضد ‬المرافئ ‬التابعة ‬للحلفاء ‬على ‬طول ‬الشريط ‬الساحلي ‬لشمال ‬إفريقيا.‬
أمام ‬هذه ‬الأوضاع ‬المتسارعة ‬والمفصلية، ‬هدف ‬الحلفاء ‬إلى ‬التقدم ‬بسرعة ‬شرقا ‬تجاه ‬تونس ‬ومهاجمة ‬القوات ‬الألمانية ‬من ‬الخلف، ‬ليتم ‬تعيين ‬الجنرال ‬آيزنهاور ‬قائدا ‬للعملية، ‬وجعل ‬مقر ‬قيادته ‬في ‬جبل ‬طارق. ‬وكان ‬القائد ‬البحري ‬للقوات ‬الحملة ‬الأميرال ‬السير ‬أندرو ‬كانينغهام ‬ونائبه ‬كان ‬نائب ‬الأميرال ‬السير ‬برترام ‬رامساي ‬الذي ‬خطط ‬للغزو ‬البري.‬
توقف ‬‮«‬المساء‮»‬ ‬على ‬صفحات ‬الملف ‬التالي ‬عقارب ‬هذا ‬الزمن ‬التاريخي ‬البطيء ‬بتعبير ‬المؤرخ ‬فرديناند ‬برودل ‬لتنقل ‬وقائع ‬هذه ‬اللحظات ‬التاريخية ‬العصيبة، ‬التي ‬دار ‬جزء ‬منها ‬على ‬أرض ‬مغربية ‬وشارك ‬خلالها ‬المغاربة ‬بشجاعة ‬قل ‬نظيرها.‬
الفرنسيون ‬الموالون ‬لافيشيب ‬يدمرون ‬أسطول ‬البحر ‬الأبيض ‬النازي
قامت ‬القوات ‬الأمريكية ‬والبريطانية ‬بهذه ‬الحملة ‬بقيادة ‬الجنرال ‬الأمريكي ‬دوايت ‬د. ‬أيزنهاور. ‬نزلت ‬ثلاث ‬من ‬قوات ‬العملية ‬بالقرب ‬من ‬شواطئ ‬الدار ‬البيضاء ‬على ‬الساحل ‬الأطلسي ‬المغربي، ‬وبالقرب ‬من ‬وهران ‬غرب ‬الجزائر ‬وقرب ‬الجزائر ‬العاصمة ‬أي ‬أكثر ‬من ‬250 ‬ميلاً ‬شرق ‬الجزائر.‬
رغم ‬مبادرة ‬قوات ‬فيشي ‬الفرنسية ‬بالمقاومة ‬فإنّ ‬عملية ‬الانقلاب ‬التي ‬قامت ‬بها ‬المقاومة ‬الفرنسية ‬بالجزائر ‬في ‬8 ‬نوفمبر ‬شلت ‬الفيلق ‬التاسع ‬عشر ‬الفرنسي ‬قبل ‬نزول ‬الحلفاء. ‬كلّف ‬الجنرال ‬مارك ‬كلارك، ‬نائب ‬أيزنهاور، ‬الأدميرال ‬جون ‬فرنسوا ‬دارلان ‬وهو ‬المبعوث ‬الأعلى ‬لفيشي ‬بشمال ‬إفريقيا ‬والجنرال ‬ألفونس ‬جوان، ‬قائد ‬قوات ‬فيشي ‬المسلحة ‬الفرنسية ‬بشمال ‬إفريقيا ‬لأمر ‬القوات ‬الفرنسية ‬بوقف ‬المقاومة ‬المسلحة ‬في ‬وهران ‬والمغرب ‬في ‬10 ‬و11 ‬نوفمبر. ‬ومقابل ‬تعاونه ‬بقي ‬دارلان ‬مؤقتاً ‬على ‬رأس ‬الإدارة ‬الفرنسية ‬عندما ‬انضمت ‬القوات ‬الفرنسية ‬بشمال ‬إفريقيا ‬إلى ‬الحلفاء.‬
تسبب ‬نزول ‬الحلفاء ‬في ‬احتلال ‬ألمانيا ‬للمناطق ‬الفرنسية ‬غير ‬المحتلة ‬وانسحاب ‬القوات ‬الألمانية ‬من ‬تونس. ‬لتفادي ‬وقوع ‬أسطول ‬البحر ‬الأبيض ‬المتوسط ‬بأيدي ‬الألمان ‬قام ‬الموالون ‬لحكومة ‬فيشي ‬من ‬الفرنسيين ‬بتدميره ‬وكان ‬ذلك ‬بميناء ‬تولون ‬في ‬27 ‬نوفمبر ‬سنة ‬1942. ‬ومع ‬نهاية ‬شهر ‬نوفمبر ‬عبر ‬الحلفاء ‬الحدود ‬التونسية ‬من ‬الجهة ‬الشمالية ‬الغربية.‬
محمد ‬الخامس..‬ ‬رفيق ‬التحرير
رغم ‬وجود ‬المغرب ‬تحت ‬وطأة ‬الحماية ‬الفرنسية ‬والاستعمار ‬الإسباني ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬اندلعت ‬فيه ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬في ‬أوربا، ‬كان ‬المغفور ‬له ‬محمد ‬الخامس ‬يتوفر ‬على ‬جيش ‬كبير ‬من ‬المغاربة ‬الغيورين ‬على ‬وطنهم، ‬والذين ‬كانوا ‬يناضلون ‬من ‬أجل ‬استقلال ‬المغرب ‬من ‬الاستعمار. ‬فعندما ‬احتل ‬الألمان ‬فرنسا ‬في ‬شهر ‬يونيو ‬1940 ‬فرح ‬بعض ‬المغاربة ‬لهزيمتها، ‬وطالبوا ‬بمحالفة ‬ألمانيا ‬بالقول ‬المأثور ‬‮«‬ ‬عدو ‬العدو ‬صديق‮»‬ ‬، ‬وكان ‬المغفور ‬له ‬محمد ‬الخامس ‬قد ‬فضل ‬الوقوف ‬إلى ‬جانب ‬الحلفاء ‬الملتزمين ‬بالديمقراطية ‬التي ‬كان ‬مؤيدا ‬لها، ‬وكان ‬ضد ‬كل ‬أنواع ‬الظلم ‬والديكتاتورية. ‬والكثير ‬من ‬المغاربة ‬يتذكرون ‬مؤتمر ‬أنفا ‬الذي ‬عقد ‬في ‬يناير ‬سنة ‬1943 ‬بالدار ‬البيضاء ‬والذي ‬حضره ‬كل ‬من ‬محمد ‬الخامس ‬وبجانبه ‬ابنه ‬ولي ‬عهده ‬المولى ‬الحسن ‬الثاني ‬والرئيس ‬الأمريكي ‬فراكلين ‬روزسفلت ‬ورئيس ‬الوزراء ‬البريطاني ‬ونستون ‬شورشيل، ‬الذين ‬اجتمعوا ‬لتوحيد ‬الخطة ‬العسكرية ‬ضد ‬دول ‬المحور ‬ألمانيا ‬وإيطاليا ‬واليابان، ‬وكانت ‬ألمانيا ‬أكبرهم ‬شأنا ‬وأشدهم ‬قوة ‬وعلى ‬رأسهم ‬النازي ‬الألماني ‬‮«‬ ‬هتلر‮»‬.‬
ولدلك ‬اتخذ ‬نوغيس ‬المقيم ‬العام ‬الفرنسي ‬بالمغرب ‬موقفا ‬معاديا ‬لدخول ‬المغرب ‬إلى ‬الحرب ‬بجانب ‬الحلفاء ‬لخضوعه ‬لحكومة ‬فيشي ‬بباريس ‬الخاضعة ‬بدورها ‬لألمانيا.‬
كرد ‬فعل، ‬قامت ‬القوات ‬الفرنسية ‬الموالية ‬لحكومة ‬فيشي ‬بمقاومة ‬الحلفاء ‬عند ‬نزولهم ‬في ‬الشواطئ ‬المغربية ‬في ‬8 ‬نوفمبر ‬1942، ‬إذ ‬حاول ‬المقيم ‬العام ‬نوغيس ‬نقل ‬السلطان ‬وحكومته ‬إلى ‬مكناس.‬
ونتيجة ‬لذلك ‬نشأ ‬خلاف ‬بين ‬السلطان ‬محمد ‬الخامس ‬والجنرال ‬نوغيس ‬بسبب ‬ذلك ‬التصرف، ‬ورفض ‬الملك ‬أن ‬يبتعد ‬عن ‬عاصمة ‬البلاد ‬ومقر ‬حكومته، ‬فكان ‬موقف ‬المغرب ‬منطقيا ‬مع ‬خطة ‬التضامن ‬مع ‬فرنسا -‬الحرة- ‬ضد ‬النازية
وكان ‬لنزول ‬القوات ‬الأمريكية ‬والإنجليزية ‬دورا ‬فعالا ‬في ‬إيقاف ‬الزحف ‬الألماني ‬والإيطالي ‬وتوغلهما ‬في ‬السواحل ‬الشمالية ‬لإفريقيا.‬
تبعا ‬لكل ‬الأحداث ‬والمساهمة ‬الفعلية ‬التاريخية، ‬يبرز ‬أن ‬مشاركة ‬المغاربة ‬في ‬الحرب ‬العالمية ‬ليس ‬ضربا ‬من ‬الخيال، ‬حيث ‬تم ‬الاعتراف ‬بهذا ‬الدور ‬العظيم ‬والبطولي ‬الذي ‬قام ‬به ‬المغاربة ‬بموافقة ‬المغفور ‬له ‬محمد ‬الخامس ‬طوال ‬الحرب ‬الثانية ‬من ‬1940 ‬إلى ‬1945، ‬فوشح ‬صدره ‬الجنرال ‬ديغول ‬يوم ‬احتفال ‬فرنسا ‬بالاستقلال ‬في ‬20 ‬يونيو ‬1945، ‬وذلك ‬في ‬ساحة ‬الإيليزي ‬بباريس ‬بوسام ‬رفيق ‬التحرير. ‬وبهذه ‬المناسبة ‬ألقى ‬الجنرال ‬ديغول ‬كلمة ‬قال ‬فيها: ‬‮«‬جلالة ‬الملك ‬محمد ‬الخامس، ‬إنني ‬أقدم ‬في ‬شخصكم ‬جزيل ‬الشكر ‬للشعب ‬المغربي ‬الباسل ‬إثر ‬عزيمتكم ‬القوية ‬ومساعدتكم ‬لنا، ‬فلولاكم ‬يا ‬صاحب ‬الجلالة ‬ولولا ‬جيشكم ‬الشجاع ‬لما ‬حررت ‬بلدنا ‬من ‬النازية ‬والفاشية‮»‬. ‬وبعد ‬يومين ‬من ‬هذا ‬التاريخ، ‬أي ‬في ‬22 ‬يونيو ‬1945 ‬قام ‬المغفور ‬له ‬محمد ‬الخامس ‬بزيارة ‬الجنود ‬المغاربة ‬الذين ‬دخلوا ‬المنايا ‬وشكرهم ‬على ‬الأعمال ‬البطولية ‬والشجاعة ‬الفائقة ‬التي ‬بذلوها ‬طوال ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية، ‬وتمنى ‬أن ‬يكون ‬الوقت ‬قد ‬حان ‬للحصول ‬على ‬استقلال ‬بلدهم ‬كما ‬وعده ‬الحلفاء. ‬ومازال ‬بعض ‬قدماء ‬المحاربين ‬المغاربة ‬الذين ‬شاركوا ‬في ‬هذه ‬الحرب ‬على ‬قيد ‬الحياة ‬في ‬مختلف ‬المدن ‬والقرى ‬المغربية.‬‮ ‬ ‬كما ‬تمت ‬المشاركة ‬في ‬مراسم ‬الاعتراف ‬الرسمي ‬بدور ‬بلادنا ‬في ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬بالمملكة ‬الهولندية ‬وإحياء ‬الذكرى ‬68 ‬لمعركة ‬جومبلو ‬ببلجيكا ‬والإشراف ‬على ‬لقاءات ‬تواصلية ‬مع ‬قدماء ‬المقاومين ‬وأعضاء ‬جيش ‬التحرير ‬المقيمين ‬بكل ‬من ‬هولندا ‬وبلجيكا ‬من ‬14 ‬إلى ‬18 ‬ماي ‬2008.‬
هكذا ‬شل ‬الحلفاء ‬أزيد ‬من ‬مليون ‬جندي ‬ألماني ‬وإيطالي ‬خلال ‬العمليات ‬العسكرية ‬بشمال ‬إفريقيا
استمرت ‬عمليات ‬الحملات ‬العسكرية ‬للحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬بشمال ‬إفريقيا ‬طيلة ‬الفترة ‬الممتدة ‬ما ‬بين ‬13 ‬شتنبر ‬من ‬سنة ‬1940 ‬حتى ‬غاية ‬13 ‬ماي ‬سنة ‬1943. ‬وكانت ‬فصول ‬ومعارك ‬هذه ‬الحملة ‬استراتيجية ‬أكثر ‬منها ‬تكتيكية، ‬ذات ‬أهداف ‬مهمة ‬لكل ‬من ‬الحلفاء ‬الغربيين ‬وقوات ‬المحور ‬معا. ‬إذ ‬كان ‬هدف ‬قوات ‬المحور ‬يتمثل ‬في ‬منع ‬الحلفاء ‬من ‬المرور ‬إلى ‬مخزون ‬النفط ‬بالشرق ‬الأوسط ‬وتأمين ‬زيادة ‬وصول ‬قوات ‬المحور ‬إلى ‬منافذ ‬البترول ‬وقطع ‬وصول ‬المواد ‬والموارد ‬البشرية ‬إلى ‬بريطانيا ‬من ‬مستعمراتها ‬بآسيا ‬وإفريقيا.‬
إضافة ‬إلى ‬ذلك ‬وبعد ‬الهزيمة ‬الشنعاء ‬بغرب ‬أوربا ‬في ‬ربيع ‬1940 ‬وفرت ‬الحملة ‬الشمال ‬إفريقية ‬للحلفاء ‬فرصة ‬ذهبية ‬لفتح ‬جبهة ‬جديدة ‬ضد ‬المحور، ‬وبعد ‬غزو ‬الاتحاد ‬السوفيتي ‬من ‬قبل ‬ألمانيا ‬في ‬يونيو/‬حزيران ‬1941 ‬تم ‬تخفيف ‬الضخط ‬الألماني ‬على ‬جبهة ‬شمال ‬إفريقيا.‬
هكذا، ‬كان ‬للحملة ‬الشمال ‬إفريقية ‬ثلاث ‬مراحل: ‬حملة ‬الصحراء ‬الغربية (‬غرب ‬مصر ‬وشرق ‬ليبيا)‬، ‬عملية ‬المشعل (‬الجزائر ‬والمغرب)‬، ‬والحملة ‬التونسية.‬
خلال ‬الحملة ‬الشمال ‬إفريقية ‬تكبّد ‬الألمان ‬والإيطاليون ‬620 ‬ألف ‬ضحية، ‬في ‬حين ‬خسرت ‬دول ‬الكومنويلث ‬البريطانية ‬220 ‬ألف ‬رجل. ‬وصل ‬عدد ‬الضحايا ‬الأمريكان ‬في ‬تونس ‬وحدها ‬إلى ‬أكثر ‬من ‬18.‬500. ‬فنصر ‬الحلفاء ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬شلّ ‬حوالي ‬900 ‬ألف ‬من ‬القوات ‬الألمانية ‬والإيطالية، ‬وفتح ‬جبهة ‬ثانية ‬ضد ‬المحور، ‬وسمح ‬باحتلال ‬جزيرة ‬صقلية ‬وغالب ‬الأراضي ‬الإيطالية ‬في ‬صيف ‬1943، ‬وأبعد ‬الخطر ‬المتأتي ‬من ‬قوات ‬المحور ‬على ‬حقول ‬النفط ‬بالشرق ‬الأوسط ‬وخطوط ‬التزويد ‬البريطاني ‬لآسيا ‬وإفريقيا. ‬اكتسى ‬هذا ‬النصر ‬أهمية ‬حاسمة ‬أثناء ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية.‬
عندما ‬احتجت ‬الجماهير ‬الشعبية ‬بسبب ‬تعاون ‬دار ‬لاند ‬وروزفلت
لم ‬تتحسن ‬ظروف ‬اليهود ‬في ‬المغرب ‬والجزائر ‬وتونس ‬حتى ‬بعد ‬هبوط ‬الحلفاء ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬في ‬تشرين ‬الثاني ‬1942، ‬فبعد ‬عملية ‬الإنزال ‬قام ‬الحاخام ‬الجزائري ‬موريس ‬ييسينبيث ‬واللجنة ‬اليهودية ‬الجزائرية ‬بالدراسات ‬الاجتماعية ‬لاستعادة ‬حقوق ‬اليهود. ‬بالرغم ‬من ‬أن ‬السلطات ‬الفرنسية ‬أعلنت-‬في ‬وقت ‬سابق- ‬بأنه ‬لا ‬القيادة ‬العسكرية ‬الأمريكية ‬ولا ‬القيادة ‬المسلمة ‬تفضل ‬إلغاء ‬القوانين ‬التمييزية. ‬وفي ‬دجنبر ‬من ‬سنة ‬1942 ‬اعتقلت ‬شرطة ‬الدرك ‬بناءا ‬على ‬أوامر ‬السلطات ‬الجزائرية ‬الفرنسية ‬المشتبه ‬فيهم ‬المشاركين ‬في ‬الانقلاب ‬العسكري ‬في ‬الجزائر ‬وأرسلوهم ‬إلى ‬سجون ‬في ‬جنوب ‬الجزائر. ‬وقد ‬فشلت ‬سلطات ‬فيشي ‬أيضاً ‬في ‬الإفراج ‬عن ‬عدد ‬كبير ‬من ‬الأجانب ‬اللاجئين ‬اليهود ‬والمحجوزين ‬في ‬المعتقلات ‬كسجناء ‬سياسيين ‬أو ‬داخل ‬معتقلات ‬العمل ‬القسري.‬
لقد ‬ثبت ‬أن ‬الإدارة ‬الفرنسية ‬في ‬الجزائر ‬كانت ‬غير ‬مستعدة ‬لمخالفة ‬التدابير ‬المعادية ‬للسامية ‬لدى ‬النظام ‬الفيشي. ‬لذلك ‬تحول ‬يهود ‬شمال ‬إفريقيا ‬إلى ‬الاستعانة ‬بالرأي ‬العام ‬كما ‬استعانوا ‬بالمنظمات ‬اليهودية ‬في ‬الولايات ‬المتحدة ‬والصحف ‬الأمريكية، ‬كما ‬ازداد ‬الضغط ‬من ‬أجل ‬الإلغاء ‬الفوري ‬لجميع ‬القوانين ‬التمييزية ‬التي ‬رسمها ‬نظام ‬فيشي ‬والإفراج ‬عن ‬السجناء ‬بسبب ‬معارضة ‬أو ‬مخالفة ‬هذه ‬القوانين، ‬وذلك ‬عقب ‬الاحتجاج ‬الشديد ‬من ‬قبل ‬الجماهير ‬الشعبية ‬على ‬الحلفاء ‬ضد ‬تعاونهم ‬مع ‬فرانسوا ‬دارلان ‬والرئيس ‬روزفلت ‬في ‬17 ‬نوفمبر ‬1942. ‬وكانت ‬افتتاحيات ‬الصحف ‬مثل ‬نيويورك ‬تايمز ‬تدعو ‬إلى ‬إلغاء ‬القوانين ‬العنصرية ‬ودعم ‬ديغول ‬واستدعاء ‬مستشار ‬روزفلت ‬الخاص ‬لشمال ‬إفريقيا ‬روبرت ‬مورفي ‬الذي ‬ارتبط ‬اسمه ‬بعدم ‬الوفاء ‬بالوعود ‬لدعم ‬‮«‬الديغوليين‮»‬ ‬في ‬شمال ‬إفريقيا.‬
في ‬14 ‬مارس ‬سنة ‬1943، ‬قام ‬الجنرال ‬هنري ‬جيرو ‬الذي ‬تولى ‬منصب ‬المفوض ‬لشمال ‬إفريقيا ‬الفرنسي ‬بعد ‬اغتيال ‬دارلان ‬عشية ‬عيد ‬الميلاد ‬في ‬عام ‬1942، ‬برفض ‬نظام ‬فيشي ‬رسمياً ‬وممارساته ‬العنصرية، ‬وإلغاء ‬التشريعات ‬التمييزية ‬التي ‬قال ‬عنها ‬جيرو ‬بأنها ‬قد ‬فرضت ‬من ‬قبل ‬ألمانيا ‬النازية ‬على ‬فرنسا. ‬وحافظ ‬جيرو ‬على ‬إبطال ‬مفعول ‬مرسوم ‬كريمييوك ‬بدعوى ‬أنه ‬غير ‬منصف ‬ويفرق ‬بين ‬المواطنين ‬المسلمين ‬واليهود. ‬وقد ‬استغرق ‬عدة ‬أشهر ‬وكسب ‬الكثير ‬من ‬دعم ‬المؤتمر ‬اليهودي ‬العالمي ‬والمؤتمر ‬اليهودي ‬الأمريكي ‬واللجنة ‬الفرنسية ‬للتحرير ‬الوطني، ‬ليصل ‬الجنرال ‬ديغول ‬إلى ‬الجزائر ‬قبل ‬أن ‬تتم ‬إعادة ‬العمل ‬بمرسوم ‬كريمييوك ‬في ‬20 ‬أكتوبر ‬1943.‬
لم ‬تتم ‬استعادة ‬الحقوق ‬المدنية ‬اليهودية ‬فوراً ‬في ‬تونس ‬والمغرب ‬كما ‬هو ‬الشأن ‬بالجزائر. ‬إذ ‬جرت ‬الاعتداءات ‬والاعتقالات ‬المستمرة ‬لليهود ‬في ‬المغرب ‬بعد ‬هبوط ‬الحلفاء، ‬حتى ‬ألغيت ‬القوانين ‬العنصرية ‬أخيراً ‬في ‬مارس ‬من ‬سنة ‬1943 ‬وانتهت ‬في ‬ماي ‬سنة ‬1943 ‬في ‬تونس. ‬على ‬الرغم ‬من ‬أن ‬اليهود ‬الإيطاليين ‬واجهوا ‬بعض ‬التمييز.‬
خلال ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬عانى ‬يهود ‬فرنسا ‬في ‬مستعمرات ‬شمال ‬إفريقيا ‬من ‬التمييز ‬القانوني ‬والسياسي ‬والاقتصادي، ‬وكذا ‬من ‬بعض ‬حالات ‬السخرة ‬والسجن ‬والإضرار ‬بالمصالح ‬المادية ‬المباشرة. ‬حيث ‬أن ‬معاداة ‬السامية ‬في ‬المجتمع ‬الاستعماري ‬الفرنسي ‬وفرت ‬بيئة ‬ملائمة ‬لتنفيذ ‬القوانين ‬المعادية ‬لليهود ‬من ‬جانب ‬سلطات ‬فيشي ‬الفرنسية، ‬لأن ‬الألمان ‬فشلوا ‬في ‬تثبيت ‬السيطرة ‬الفعلية ‬على ‬معظم ‬أنحاء ‬المنطقة، ‬ولأن ‬النقل ‬العسكري ‬عبر ‬البحر ‬الأبيض ‬المتوسط ‬كان ‬مستحيلاً ‬بسبب ‬التفوق ‬البحري ‬الساحق ‬للحلفاء. ‬فيهود ‬شمال ‬إفريقيا ‬وحتى ‬من ‬هم ‬في ‬تونس ‬التي ‬أضحت ‬لفترة ‬وجيزة ‬تحت ‬الاحتلال ‬الألماني ‬المباشر ‬تم ‬ترحيلهم ‬إلى ‬معسكرات ‬الاعتقال ‬بأوربا.‬
كان ‬يهود ‬شمال ‬إفريقيا ‬الذين ‬تم ‬ترحيلهم، ‬يعيشون ‬في ‬فرنسا ‬عندما ‬اندلعت ‬الحرب. ‬ونتيجة ‬لهذا ‬المزيج ‬الفريد ‬من ‬العوامل ‬السياسية ‬والعسكرية ‬والاستراتيجية ‬والجغرافية ‬فيهود ‬شمال ‬إفريقيا ‬لم ‬يتم ‬البطش ‬بهم ‬بشكل ‬ممنهج ‬وكذلك ‬فإن ‬سلطات ‬المحور ‬لم ‬تصادر ‬ممتلكاتهم ‬وتعتقلهم ‬مثلما ‬فعلت ‬أوربا ‬باليهود ‬أثناء ‬المحرقة.‬
المساهمة ‬الفعالة ‬للمغاربة ‬في ‬حملة ‬تحرير ‬أوربا ‬من ‬قبضة ‬النازية
بما ‬أن ‬المغرب ‬كان ‬يرزح ‬تحت ‬الاحتلال ‬الفرنسي، ‬فقد ‬ساهم ‬إلى ‬جانب ‬الحلفاء ‬لتحرير ‬أوربا، ‬وخاصة ‬فرنسا ‬الحرة ‬من ‬الديكتاتوريات ‬الفاشية ‬الايطالية ‬والنازية، ‬وتتجلى ‬أسباب ‬تلك ‬المشاركة ‬في ‬ما ‬يلي:‬‮ ‬
دعوة ‬السلطان ‬محمد ‬بن ‬يوسف-‬محمد ‬الخامس- ‬الشعب ‬المغربي ‬إلى ‬مؤازرة ‬فرنسا ‬ماديا ‬وعسكريا ‬مباشرة ‬بعد ‬اندلاع ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬يوم ‬03شتنبر ‬1939.‬‮ ‬
وذلك ‬أنه ‬خلال ‬الحرب ‬وقفت ‬البلدان ‬العربية ‬بجانب ‬الحلفاء ‬في ‬مواجهة ‬دول ‬المحور، ‬وقد ‬كانت ‬من ‬بين ‬هذه ‬الدول ‬العربية ‬تونس ‬والمغرب ‬وموريتانيا ‬التي ‬كانت ‬تحت ‬نير ‬الاستعمار ‬الفرنسي. ‬هذا ‬فيما ‬اعتبرت ‬فرنسا ‬الجزائر ‬أرضا ‬فرنسية، ‬وبموجب ‬هذا ‬فرضت ‬فرنسا ‬على ‬الدول ‬العربية ‬التي ‬كانت ‬تسيطر ‬عليها ‬دخول ‬الحرب ‬إلى ‬جانبها، ‬ولذلك ‬جندت ‬شباب ‬العرب ‬في ‬جيشها ‬وظلت ‬فرنسا ‬إلى ‬ما ‬بعد ‬سقوطها ‬بيد ‬الألمان ‬تسيطر ‬على ‬مستعمراتها.‬
وقد ‬شارك ‬المغرب ‬في ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬لكونه ‬قاعدة ‬استراتيجة ‬مهمة ‬لانطلاق ‬العمليات ‬العسكرية ‬في ‬منطقة ‬البحر ‬الأبيض ‬المتوسط ‬لصد ‬الجيوش ‬الألمانية ‬والإيطالية ‬عن ‬غزو ‬كل ‬من ‬شمال ‬إفريقيا ‬وغرب ‬أوربا ‬خاصة ‬فرنسا ‬وانجلترا، ‬وفي ‬هذا ‬الإطار ‬أنزلت ‬قوات ‬الحلفاء ‬بالسواحل ‬المغربية ‬بالدار ‬البيضاء ‬والمهدية ‬يوم ‬8 ‬نونبر ‬1942، ‬إلى ‬جانب ‬استضافة ‬المغرب ‬للقاء ‬أنفا ‬التاريخي ‬في ‬يناير ‬1943 ‬كمساندة ‬دبلوماسية ‬للحلفاء...‬
عملية ‬المشعل ‬التي ‬عصفت ‬بالإحداثيات ‬الاستعمارية ‬بشمال ‬إفريقيا
في ‬سنة ‬1940 ‬كانت ‬كل ‬البلدان ‬الخمسة ‬الممتدة ‬على ‬الساحل ‬الشمال ‬إفريقي. ‬وهي ‬مصر ‬وليبيا ‬وتونس ‬والجزائر ‬والمغرب ‬تئن ‬تحت ‬وضع ‬استعماري ‬وإن ‬اختلفت ‬تعبيراته ‬القانونية. ‬فقد ‬سبق ‬وأن ‬أسست ‬بريطانيا ‬رسمياً ‬نظام ‬الحماية ‬على ‬مصر ‬سنة ‬1914، ‬ورغم ‬منح ‬مصر ‬الاستقلال ‬الشكلي ‬تحت ‬حكم ‬السلطان ‬فؤاد ‬الأول ‬سنة ‬1922، ‬فقد ‬حافظت ‬بريطانيا ‬على ‬سيطرتها ‬على ‬سياسة ‬مصر ‬الخارجية ‬والدفاع ‬العسكري. ‬كما ‬قامت ‬بريطانيا ‬باحتلال ‬سواحل ‬قناة ‬السويس. ‬وتمت ‬إعادة ‬المصادقة ‬على ‬المراقبة ‬البريطانية ‬لمصر ‬في ‬معاهدة ‬1936 ‬الإنجليزية ‬المصرية. ‬وانتزعت ‬إيطاليا ‬بقوة ‬السلاح ‬كل ‬من ‬مقاطعات ‬صبراطة ‬وطرابلس ‬وفزان ‬من ‬الأتراك ‬سنة1911 ‬وأعادت ‬تسمية ‬المستعمرة ‬الموحدة ‬ليبيا ‬سنة ‬1934.‬
وأسست ‬فرنسا ‬نظام ‬الحماية ‬رسمياً ‬على ‬تونس ‬ابتداء ‬من ‬سنة ‬1881 ‬حيث ‬كان ‬الحاكم ‬التونسي ‬مراقباً ‬من ‬قبل ‬المقيم ‬العام ‬الفرنسي. ‬كما ‬أصبح ‬المغرب ‬محمية ‬فرنسية ‬بموجب ‬معاهدة ‬فاس ‬سنة ‬1912 ‬سبقها ‬تغلغل ‬عسكري ‬منذ ‬سنة ‬1907، ‬في ‬وضعية ‬مشابهة ‬تماماًً ‬لتونس، ‬حيث ‬كان ‬المقيم ‬العام ‬الفرنسي ‬يراقب ‬السلطان ‬وسائر ‬حكومته ‬الشريفة. ‬أما ‬بالنسبة ‬للجزائر ‬فقد ‬بدأت ‬فرنسا ‬احتلالها ‬سنة ‬1830. ‬وفي ‬1940 ‬تحولت ‬الجزائر ‬رسمياً ‬إلى ‬جزء ‬من ‬فرنسا ‬تُحكم ‬مباشرة ‬من ‬قبل ‬الحاكم ‬العام. ‬ومع ‬سقوط ‬فرنسا ‬وتأسيس ‬حكومة ‬فيشي ‬سنة ‬1940 ‬أصبحت ‬مستعمرات ‬شمال ‬إفريقيا ‬الفرنسية ‬تحت ‬سيطرة ‬فيشي.‬
اليهود ‬في ‬شمال ‬إفريقيا: ‬القمع ‬والمقاومة
كان ‬يهود ‬شمال ‬إفريقيا ‬محظوظين ‬نسبياً ‬بسبب ‬بعدهم ‬عن ‬محتشدات ‬الاعتقال ‬الألمانية ‬في ‬أوربا ‬الشرقية ‬والوسطى، ‬وهذا ‬ما ‬مكنهم ‬من ‬تفادي ‬مصير ‬اليهود ‬الآخرين ‬في ‬أوربا. ‬فقد ‬كانوا ‬محظوظين ‬أيضا ‬لأنهم ‬لم ‬يعيشوا ‬تحت ‬السيطرة ‬الألمانية ‬المباشرة. ‬إذ ‬لم ‬يحتل ‬الألمان ‬أبدا ‬المغرب ‬أو ‬الجزائر. ‬رغم ‬أنهم ‬احتلوا ‬لوقت ‬قصير ‬تونس ‬من ‬نوفمبر ‬سنة ‬1942 ‬إلى ‬ماي ‬سنة ‬1943، ‬وهذا ‬بعد ‬إنزال ‬الحلفاء ‬في ‬المغرب ‬والجزائر. ‬إذ ‬لم ‬يتسن ‬للألمان ‬الوقت ‬الكافي ‬ولم ‬تكن ‬لهم ‬الإمكانيات ‬الضرورية ‬لإخضاع ‬يهود ‬تونس ‬بشكل ‬منظم ‬إلى ‬سياسة ‬ألمانيا ‬المتبعة ‬في ‬المناطق ‬الخاضعة ‬لسيطرتها ‬المباشرة ‬في ‬أوربا.‬
ومع ‬ذلك ‬استمر ‬الهجوم ‬على ‬اليهود ‬وممتلكاتهم ‬من ‬قبل ‬معادي ‬السامية ‬المحليين ‬في ‬أوربا ‬وأبناء ‬المسلمين. ‬وقد ‬حدث ‬هذا ‬قبل ‬الحرب ‬في ‬البلدان ‬الثلاثة (‬المغرب ‬والجزائر ‬وتونس) ‬واستمرت ‬دون ‬أن ‬تعيقها ‬سلطات ‬فيشي.‬
أنشأت ‬قبل ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬الحكومة ‬الفرنسية ‬محتشدات ‬في ‬منطقة ‬‮«‬البيريني‮»‬ ‬لتوقيف ‬الجمهوريين ‬الإسبان ‬الذين ‬كافحوا ‬ضد ‬متمردي ‬‮«‬فرانكو‮»‬ ‬الفاشيين ‬في ‬الحرب ‬الأهلية ‬الإسبانية ‬والأشخاص ‬المتهمين ‬أو ‬المحكوم ‬عليهم ‬بجرائم ‬سياسية ‬واللاجئين ‬اليهود ‬الذين ‬لجؤوا ‬من ‬ألمانيا ‬النازية ‬إلى ‬فرنسا.‬
بعد ‬توقيع ‬الهدنة ‬مع ‬ألمانيا ‬أرسلت ‬سلطات ‬فيشي ‬الأجانب ‬بمن ‬فيهم ‬اليهود ‬الذين ‬تطوعوا ‬وقاتلوا ‬في ‬الجيش ‬الفرنسي ‬ضد ‬الألمان ‬عام ‬1940 ‬والأجانب ‬اللاجئين ‬منهم ‬إلى ‬محتشدات ‬العمل ‬في ‬الجزائر ‬والمغرب. ‬وعند ‬وصولهم ‬حصل ‬اللاجئون ‬اليهود ‬على ‬مساعدات ‬من ‬اللجان ‬المحلية ‬اليهودية ‬وأخرى ‬من ‬لجنة ‬التوزيع ‬المشتركة، ‬وكذلك ‬من ‬HICEM ‬ومساعدات ‬من ‬منظمة ‬الهجرة ‬اليهودية ‬الدولية. ‬كما ‬حاولت ‬هذه ‬المنظمات ‬أن ‬تحصل ‬لهم ‬على ‬تأشيرات، ‬وأن ‬تنظم ‬لهم ‬السفر ‬إلى ‬الولايات ‬المتحدة.‬
أرسلت ‬إدارة ‬فيشي ‬اللاجئين ‬اليهود ‬الآخرين ‬إلى ‬محتشدات ‬في ‬جنوب ‬المغرب ‬والجزائر ‬بهدف ‬العمل ‬القصري ‬لإنشاء ‬خط ‬سكة ‬الحديد ‬عبر ‬الصحراء.‬ ‬كان ‬هنالك ‬ما ‬يقارب ‬ثلاثين ‬معتقلا ‬مثل ‬‮«‬حجرات ‬مجايل‮»‬ ‬و»بوعرفة‮»‬ ‬في ‬المغرب ‬و»بروغية ‬و»دلفة‮»‬ ‬و»بديو‮»‬ ‬في ‬الجزائر. ‬وكانت ‬ظروف ‬اليهود ‬الذين ‬يعملون ‬في ‬سكة ‬الحديد ‬والذين ‬كان ‬عددهم ‬أكثر ‬من ‬4 ‬آلاف ‬عامل، ‬بالغة ‬القسوة.‬
كان ‬الحلفاء ‬يخططون ‬لإقامة ‬جبهة ‬ثانية ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬منذ ‬شتنبر ‬من ‬سنة ‬1942. ‬دعت ‬عملية ‬‮«‬تورتش‮»‬ (‬المشعل) ‬القوات ‬الأمريكية ‬والبريطانية ‬تحت ‬قيادة ‬الجنرال ‬دوايت ‬د. ‬أيزنهاور ‬إلى ‬الهبوط ‬على ‬شواطئ ‬المغرب ‬والجزائر ‬والاستيلاء ‬على ‬الدار ‬البيضاء ‬ووهران ‬والجزائر. ‬وكان ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬فرانكلين ‬د. ‬روزفلت ‬يريد ‬من ‬إدارة ‬فيشي ‬الموجودة ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬أن ‬تغير ‬جبهة ‬تحالفها ‬وأن ‬تقاتل ‬مع ‬الحلفاء ‬ضد ‬الألمان ‬والإيطاليين. ‬لذلك ‬عارض ‬الرئيس ‬الأمريكي ‬التنسيق ‬مع ‬القوات ‬الفرنسية ‬الحرة ‬بقيادة ‬جنرال ‬شارل ‬ديغول. ‬وفي ‬8 ‬نونبر ‬سنة ‬1942 ‬وقعت ‬عملية ‬إنزال ‬ناجحة ‬للحلفاء ‬في ‬الجزائر ‬والمغرب. ‬وقد ‬لاقت ‬مقاومة ‬شديدة ‬في ‬البداية ‬من ‬قبل ‬قوات ‬فيشي ‬لكنها ‬دخلت ‬الدار ‬البيضاء ‬يوم ‬11 ‬نوفمبر.‬
أما ‬في ‬الجزائر، ‬فقد ‬قامت ‬قوات ‬المقاومة ‬بانقلاب ‬في ‬الجزائر ‬العاصمة ‬وتمكنت ‬من ‬تحييد ‬الفيلق ‬التاسع ‬عشر ‬للجيش ‬الفرنسي. ‬إذ ‬تم ‬انقلاب ‬الجزائر ‬بقيادة ‬اليهودي ‬برنارد ‬كارسنتي ‬والدكتور ‬خوسيه ‬ابوولكير ‬و»اللجنة ‬الخماسية‮»‬ ‬ومؤيدي ‬فيشي ‬الذين ‬كانوا ‬معاديين ‬للألمان. ‬وكان ‬ضمن ‬377 ‬مشاركاً ‬في ‬الانقلاب ‬315 ‬يهودياً. ‬ورغم ‬أن ‬المسؤولين ‬الأمريكيين ‬قد ‬وعدوا ‬بأسلحة ‬إلى ‬قادة ‬المقاومة ‬إلا ‬أن ‬القيادة ‬العامة ‬للعملية ‬لم ‬تف ‬بوعدها، ‬وتفاوض ‬المسؤولون ‬الأمريكيون ‬العاملون ‬تحت ‬أوامر ‬روزفلت ‬على ‬صفقة ‬مع ‬الأدميرال ‬دارلان ‬جان ‬فرانسوا ‬المبعوث ‬السامي ‬الفيشي ‬لشمال ‬إفريقيا، ‬وذلك ‬لوقف ‬مقاومة ‬فيشي ‬لإنزال ‬الحلفاء ‬بين ‬10 ‬و11 ‬نوفمبر ‬سنة ‬1942. ‬إن ‬قائدي ‬مقاومة ‬‮«‬دوغول‮»‬ ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬قد ‬ضحوا ‬بالصفقة ‬ولم ‬يتحصلوا ‬على ‬السلطة.‬
بعد ‬هبوط ‬الحلفاء ‬في ‬الجزائر ‬والمغرب ‬احتل ‬الألمان ‬على ‬الفور ‬تونس. ‬وفي ‬23 ‬نوفمبر ‬سنة ‬1942، ‬اعتقل ‬‮«‬موزيز ‬بورغيل‮»‬، ‬رئيس ‬الجالية ‬اليهودية ‬في ‬تونس ‬من ‬قبل ‬الألمان ‬وكان ‬معه ‬عدد ‬آخر ‬من ‬اليهود ‬البارزين. ‬وجاءت ‬مقاومة ‬الاضطهاد ‬الألماني ‬ليهود ‬تونس ‬من ‬قبل ‬المتعاطف ‬مع ‬فيشي ‬المقيم ‬العام ‬الأدميرال ‬أستيفا ‬ورئيس ‬بلدية ‬تونس، ‬وكذلك ‬شيخ ‬المدينة ‬عزيز ‬جلولي ‬وأيضا ‬الإيطاليين ‬الذين ‬طالبوا ‬بإجراءات ‬ضد ‬يهود ‬تونس ‬باستثناء ‬هؤلاء ‬اليهود ‬الذين ‬هم ‬من ‬أصل ‬إيطالي.‬
وفي ‬أوائل ‬دجنبر ‬من ‬السنة ‬نفسها، ‬طالب ‬الألمان ‬بورغيل ‬والحاخام ‬خايم ‬بلاشي ‬بحل ‬المؤسسات ‬الاجتماعية ‬اليهودية ‬وأمروا ‬كبير ‬حاخامات ‬اليهود ‬بتوفير ‬عمال ‬لقوات ‬المحور. ‬في ‬هذا ‬الوقت ‬كان ‬الألمان ‬قد ‬أبلغوا ‬سلطات ‬تونس ‬وفيشي ‬بأنهم ‬لم ‬يعد ‬بإمكانهم ‬أن ‬يتدخلوا ‬في ‬تعامل ‬ألمانيا ‬مع ‬اليهود ‬في ‬تونس. ‬وبعد ‬يومين ‬قدم ‬زعماء ‬اليهود ‬قائمة ‬من ‬2.‬500 ‬يهودي، ‬حضر ‬منهم128 ‬فقط ‬للعمل. ‬وبعد ‬ذلك ‬قام ‬الألمان ‬بعملية ‬تفتيش ‬في ‬الحي ‬اليهودي ‬في ‬تونس ‬وتم ‬إرسال ‬هؤلاء ‬اليهود ‬المأسورين ‬إلى ‬محتشد ‬في ‬‮«‬شايلوس‮»‬ ‬قرب ‬المدينة، ‬وفي ‬الوقت ‬نفسه ‬اعتقلت ‬قوات ‬الأمن ‬الخاصة ‬مائة ‬شخصية ‬يهودية ‬بارزة ‬في ‬المجتمع ‬التونسي ‬من ‬أجل ‬إرغامهم ‬على ‬تقديم ‬مجموعة ‬من ‬اليهود ‬للقيام ‬بأعمال ‬السخرة. ‬داخل ‬معتقلات ‬العمل ‬القسري.‬
وكان ‬هنالك ‬نحو ‬5 ‬آلاف ‬رجل ‬تونسي ‬يهودي ‬مجند ‬في ‬ما ‬يقارب ‬أربعين ‬محتشد ‬اعتقال ‬ومناطق ‬سخرة ‬قريبة ‬من ‬خطوط ‬الجبهة. ‬يدير ‬هذه ‬المحتشدات ‬الألمان ‬والإيطاليون، ‬وأهم ‬هذه ‬المحتشدات ‬محتشد ‬الميناء ‬العسكري ‬في ‬بنزرت ‬الذي ‬كان ‬تحت ‬السيطرة ‬الألمانية. ‬وكانت ‬الأوضاع ‬في ‬المحتشدات ‬مرعبة ‬سيما ‬تلك ‬التي ‬يديرها ‬الألمان. ‬أنشأ ‬يهود ‬مشهورون ‬لجاناً ‬لتحسين ‬حياة ‬المعتقلين ‬وقاموا ‬بتصنيف ‬العمال ‬المرضى ‬ومساعدتهم ‬على ‬الهروب. ‬وقد ‬أصبح ‬ذلك ‬أسهل ‬تدريجياً ‬بسبب ‬أن ‬انهيار ‬الانضباط ‬في ‬المحتشدات، ‬فالمحور ‬المنعقد ‬في ‬تونس ‬كان ‬قد ‬ضعف ‬شيئا ‬ما..‬
واصلت ‬النازية ‬اضطهاد ‬يهود ‬تونس ‬رغم ‬أن ‬الضربات ‬الجوية ‬والبرية ‬للحلفاء ‬قد ‬أنهكتهم ‬في ‬ربيع ‬سنة ‬1943. ‬وعلى ‬سبيل ‬المثال، ‬فقد ‬فرض ‬الألمان ‬غرامات ‬على ‬الجالية ‬اليهودية ‬التونسية ‬بدعوى ‬تعويض ‬الضحايا ‬المدنيين ‬بسبب ‬قصف ‬الحلفاء. ‬وفي ‬مارس ‬1943 ‬قام ‬مناهضو ‬الوجود ‬اليهودي ‬من ‬المعمرين ‬اليمينيين ‬بالسطو ‬على ‬منازل ‬اليهود ‬ومحلاتهم ‬ونددوا ‬بعشرين ‬عضو ‬من ‬المقاومة ‬ضد ‬فيشي، ‬وكان ‬بعضهم ‬من ‬يهود ‬السلطات ‬الألمانية، ‬قبل ‬أن ‬يعمد ‬الألمان ‬إلى ‬اعتقال ‬هؤلاء ‬وبعثت ‬بهم ‬إلى ‬محتشدات ‬الاعتقال ‬في ‬أوربا.‬
المغاربة ‬في ‬الحملة ‬على ‬إيطاليا ‬وتحرير ‬أوربا
‬إن ‬فرنسا ‬خلال ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية ‬جندت ‬الشباب ‬من ‬دول ‬المغرب ‬العربي (‬الجزائر - ‬المغرب - ‬تونس) ‬ومن ‬دول ‬إفريقيا ‬جنوب ‬الصحراء ‬وخصوصا ‬السنغال ( ‬أغلب ‬المجندين ‬كانوا ‬مسلمين-). ‬والقوات ‬المغربية ‬التي ‬شاركت ‬في ‬الحملة ‬على ‬إيطاليا ‬بين ‬11 ‬ديسمبر ‬1943 ‬و ‬22 ‬يوليوز ‬1944 ‬تتكون ‬من:‬
- ‬75000 ‬جندي ‬مغربي ‬يغيرون ‬على ‬روما ‬
- ‬23000 ‬من ‬الرماة ‬من ‬بينهم ‬10000 ‬من ‬فرقة ‬المشاة ‬المغربية ‬الثانية ‬و13000 ‬من ‬الفرقة ‬الجبلية ‬الرابعة.‬
- ‬2000 ‬من ‬جنود ‬المدفعية. ‬لم ‬يدفع ‬بالقوات ‬المغربية ‬قط ‬في ‬جبل ‬كاسينو ‬لكن ‬اتجهوا ‬20 ‬كلم ‬شمالا ‬ثم ‬جنوبا.‬
- ‬فرقة ‬المشاة ‬المغربية ‬الثانية:-‬10000 ‬من ‬المغاربة ‬و ‬6904 ‬من ‬الفرنسيين.‬
- ‬الوحدات: ‬أفواج ‬الرماة ‬المغاربة ‬الرابع ‬والخامس ‬والثامن( ‬قدموا ‬من ‬مناطق ‬تازة -‬مكناس-‬وجدة) ‬والفوج ‬الثالت ‬والستون ‬من ‬جنود ‬المدفعية ‬والفوج ‬الثالث ‬من ‬الخيالة ‬المغاربة. ‬كان ‬وصولهم ‬إلى ‬مدينة ‬نابلس ‬اليوم ‬21 ‬نونير ‬1943 ‬بعدما ‬عبروا ‬البحر ‬عبورا ‬سريعا ‬من ‬بنزرت ‬إلى ‬بانيولي ‬ثم ‬تقدموا ‬80 ‬كلم ‬إلى ‬الشمال ‬الغربي.‬
‬في ‬منطقة ‬ابروز ‬abruzzes :‬
-‬الهجوم ‬في ‬وسط ‬إيطاليا ‬شمال ‬جبل ‬كاسينو ‬في ‬كتلة ‬ابروز ‬في ‬يو ‬11 ‬ديسمبر ‬1943.‬
-‬الفوج ‬الرابع ‬من ‬الرماة ‬المغاربة: ‬الغارة ‬على ‬سان ‬ميشيل ‬في ‬15-‬16 ‬ديسمبر ‬1943. ‬الاستيلاء ‬على ‬جبل ‬كاسال (‬1225 ‬متر) ‬وعلى ‬جوانب ‬جبل ‬سان ‬كروس (‬1044 ‬متر) ‬في ‬12-‬13 ‬يناير ‬1944 ‬ثم ‬اجتياز ‬وادي ‬رابيدو ‬الأعلى.‬
-‬الفوج ‬الخامس ‬من ‬الرماة ‬المغاربة. ‬الاستيلاء ‬على ‬جبل ‬بانتانو (‬1100 ‬متر) . ‬الفوج ‬الثامن ‬من ‬الرماة ‬المغاربة. ‬القتال ‬في ‬la cluse ‬وسان ‬ميشيل. ‬الاستيلاء ‬على ‬la mainrde ‬في ‬26-‬28 ‬ديسمبر ‬1943. ‬ومن ‬تم ‬استولوا ‬على ‬la costa san pietro ‬في ‬فاتح ‬يناير ‬1944 .‬
معركة ‬كاريكليانو ‬الشهيرة :‬
- ‬وقعت ‬على ‬بعد ‬20 ‬كلم ‬جنوبي ‬جبل ‬كاسينو. ‬الفوج ‬الرابع ‬من ‬الرماة ‬المغاربة ‬يهاجم ‬ليلا ‬جبال ‬اورونس ‬غربي ‬جبل ‬كاريكليانو ‬بدون ‬أعداد ‬المدفعية ‬11-‬12ماي ‬1944. ‬هجوم ‬ليلي ‬ثان ‬مع ‬مساندة ‬النيران ‬12-‬13 ‬ماي ‬1944 ‬تصدع ‬خط ‬غوستاف ‬ثم ‬ينتهي ‬الكفاح ‬الضاري ‬على ‬بعد ‬15 ‬كلم ‬من ‬المنطلق. ‬وبذلك ‬يفتح ‬طريق ‬روما. ‬وفي ‬16 ‬ماي ‬تتقهقر ‬فرقة ‬المشاة ‬المغربية ‬فيأتيها ‬المدد ‬لتسد ‬ما ‬ضاع ‬منها ‬ثم ‬تستأنف ‬العمليات ‬يوم ‬18 ‬ماي.‬
‬الحملة ‬على ‬سيين:‬
- ‬قامت ‬الفرقة ‬بحراسة ‬الجانب ‬الأيمن ‬من ‬المحور ‬روما-‬سيين-‬فلورنسا ‬وذلك ‬غربي ‬بحيرة ‬طراسيمين ‬وشاركت ‬فرقة ‬المشاة ‬المغربية ‬الثانية ‬في ‬عملية ‬المحاصرة - ‬كحركة ‬الكماشة- ‬وبدالك ‬اقتحمت ‬سيين ‬بدون ‬اطلاق ‬ولو ‬قنبلة ‬واحدة. ‬ثم ‬توقفت ‬العملية ‬في ‬باغيبونسي ‬يوم ‬22 ‬يوليوز ‬1944 ‬في ‬منتصف ‬الطريق ‬بين ‬سيين ‬وفلورنسا .‬
مصطفى ‬قاديري ‬*: ‬قامت ‬فرنسا ‬بتزوير ‬وثائق ‬االكومب ‬على ‬أساس ‬أنها ‬شرطة ‬أهلية ‬بغية ‬توهيم ‬الضباط ‬الألمان ‬
- ‬العديد ‬من ‬المغاربة، ‬سيما ‬المؤرخين ‬والباحثين ‬يؤكدون ‬على ‬أن ‬ميلاد ‬الحركة ‬الوطنية ‬المطالبة ‬بالاستقلال ‬سجل ‬مع ‬الظهير ‬البربري ‬سنة ‬1930 ‬بالرغم ‬من ‬أن ‬وثيقة ‬المطالبة ‬بالاستقلال ‬لم ‬تحرر ‬حتى ‬يناير ‬سنة ‬1944، ‬هل ‬يمكنكم ‬وضعنا ‬في ‬السياق ‬الزمني ‬لتلك ‬الوثيقة ‬التاريخية؟
‬أولا ‬ينبغي ‬الإشارة ‬إلى ‬أن ‬ما ‬يسمى ‬ب»الظهير ‬البربري‮»‬ ‬هو ‬أكذوبة ‬تاريخية ‬باعتراف ‬جريدة ‬‮«‬العلم‮»‬ ‬الناطقة ‬بلسان ‬حزب ‬الاستقلال ‬الذي ‬يمثل ‬جانبا ‬من ‬الحركة ‬الوطنية، ‬ومن ‬هنا ‬نتساءل ‬بكل ‬مشروعية ‬عن ‬الجذور ‬الحقيقية ‬لبروز ‬الحركة ‬الوطنية ‬عند ‬النخب ‬المدينية ‬الحضرية ‬التي ‬تعاونت ‬مع ‬الاستعمار ‬منذ ‬دخوله ‬في ‬1912 ‬بل ‬وقبل ‬ذلك...‬
هذه ‬النخب ‬المسؤولة ‬بطريقة ‬مباشرة ‬عن ‬الحماية، ‬هي ‬التي ‬ستقدم ‬نفسها ‬كمحررة ‬في ‬زمن ‬تاريخي ‬لاحق، ‬وهذا ‬فيه ‬نوع ‬من ‬التطاول ‬على ‬التاريخ.‬
ثانيا، ‬مازالت ‬بعض ‬البرامج ‬المدرسية ‬تتضمن ‬مايسمى ‬ب ‬‮«‬الظهير ‬البربري‮»‬، ‬الذي ‬يعتبر ‬نوعا ‬من ‬المغالطة، ‬فيجب ‬تصحيحه، ‬فعدد ‬كبير ‬من ‬المؤرخين ‬متفقين ‬اليوم ‬على ‬أن ‬ذلك ‬الظهير ‬المعني ‬لا ‬يحمل ‬اسم ‬‮«‬البربري‮»‬، ‬ومابين ‬سنتي ‬1930 ‬و ‬1944، ‬نعرف ‬جيدا ‬تعاقب ‬مجموعة ‬من ‬المقيمين ‬العامين ‬بالمغرب، ‬فبعد ‬رحيل ‬ليوطي ‬سنة ‬1925، ‬تعاقب ‬على ‬الإقامة ‬العامة ‬مقيمون ‬مدنيون، ‬و ‬في ‬سنة ‬1936 ‬بوصول ‬الجبهة ‬الشعبية ‬بفرنسا، ‬وما ‬يسمى ‬باليسار ‬التي ‬حاولت ‬أن ‬تتعاون ‬معه ‬الحركة ‬الوطنية ‬التي ‬برزت ‬في ‬الثلاثينيات، ‬سترسل ‬عسكريا ‬من ‬جديد ‬كمقيم ‬عام ‬وهو ‬نوغيس ‬الذي ‬يعتبر ‬من ‬تلامذة ‬ليوطي، ‬سبق ‬له ‬أن ‬شارك ‬في ‬معارك ‬‮«‬التهدئة‮»‬ ‬بكل ‬من ‬مراكش ‬وواويزغت ‬وأزيلال..‬وكذلك ‬في ‬معارك ‬حرب ‬الريف ‬ضد ‬محمد ‬بن ‬عبد ‬الكريم ‬الخطابي.‬
عينته ‬حكومة ‬الجبهة ‬الشعبية، ‬كمقيم ‬عام ‬لتبدأ ‬معه ‬مجددا ‬‮«‬سياسة ‬العصا‮»‬ ‬في ‬تدبير ‬الحماية ‬بالمغرب، ‬ومكث ‬حتى ‬يونيو ‬من ‬سنة ‬1943، ‬وهو ‬تاريخ ‬فراره ‬بعد ‬إنزال ‬الحلفاء، ‬فبين ‬تاريخ ‬الإنزال ‬الأنجلو ‬أمريكي ‬في ‬نوفمبر ‬وبين ‬تاريخ ‬فراره ‬في ‬التاريخ ‬المذكور ‬جرت ‬العديد ‬من ‬الأحداث... ‬حتى ‬يناير ‬سنة ‬1944 ‬لنسمع ‬بوثيقة ‬المطالبة ‬بالاستقلال.‬
- ‬هل ‬وثيقة ‬المطالبة ‬بالاستقلال ‬ارتبطت ‬بسياسة ‬العصا ‬التي ‬انتهجها ‬نوغيس ‬طيلة ‬عمله ‬بالمغرب؟
‬وثيقة ‬المطالبة ‬بالاستقلال ‬ارتبطت ‬أساسا ‬بالإنزال ‬الأنجلو ‬أمريكي ‬على ‬السواحل ‬المغربية ‬وشمال ‬إفريقيا، ‬وبالأفكار ‬الأمريكية ‬الجديدة، ‬إذ ‬يجب ‬التذكير ‬في ‬السياق ‬ذاته ‬بأن ‬أول ‬من ‬صاغ ‬بيانا ‬في ‬هذا ‬الاتجاه ‬بتاريخ ‬يناير ‬سنة ‬1943 ‬هو ‬عباس ‬الجزائري، ‬وهو ‬المسمى ‬‮«‬بيان ‬من ‬أجل ‬الشعب ‬الجزائري‮»‬ ‬الذي ‬طالب ‬من ‬خلاله ‬بالمساواة ‬بين ‬السكان ‬‮«‬الأهالي‮»‬ ‬والأوربيين ‬المقيمين ‬على ‬أرض ‬الجزائر، ‬وهذا ‬البيان ‬سيؤثر ‬على ‬مجرى ‬الأحداث ‬بالمغرب ‬كذلك، ‬حيث ‬أن ‬السفير ‬الأمريكي ‬‮«‬مورفي‮»‬ ‬بالجزائر ‬كان ‬يقوم ‬بدور ‬فعال ‬بالجزائر ‬التي ‬كانت ‬تعيش ‬تناقضات ‬بين ‬كل ‬من ‬الموالين ‬لنظام ‬فيشي، ‬وبين ‬الموالين ‬للجنرال ‬‮«‬جيرو‮»‬ ‬الذي ‬كان ‬أول ‬رئيس ‬–مؤقت- ‬للجمهورية ‬المحررة ‬قبل ‬حسم ‬الصراعات ‬لصالح ‬الدوغوليين...‬
- ‬سيتم ‬إنزال ‬قوات ‬التحالف ‬الأنجلو ‬أميركي ‬في ‬نوفمبر ‬من ‬سنة ‬1942على ‬السواحل ‬المغربية، ‬ما ‬هي ‬محددات ‬الأوضاع ‬السياسية ‬والاجتماعية ‬بالمغرب ‬آنذاك؟
‬بعد ‬هزيمة ‬فرنسا ‬في ‬سنة ‬1940 ‬أمام ‬القوات ‬النازية، ‬وتوقيعها ‬الاستسلام ‬على ‬يد ‬الماريشال ‬بيتان، ‬طرح ‬المشكل ‬داخل ‬المستعمرات، ‬هل ‬يجب ‬أن ‬تستمر ‬في ‬أعمال ‬المقاومة؟ ‬أم ‬أنها ‬يجب ‬أن ‬تخضع ‬لنظام ‬فيشي..‬؟ ‬وبعد ‬أخذ ‬ورد ‬سوف ‬تخضع ‬لنظام ‬فيشي، ‬حيث ‬عين ‬نوغيس ‬قائدا ‬عاما ‬للقوات ‬الفرنسية ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬كلها، ‬الذي ‬حاول ‬رد ‬الاعتبار ‬لفرنسا، ‬فبمجيء ‬الإنزال ‬الأنجلو ‬أمريكي ‬قاومه ‬نوغيس. ‬فالقوات ‬الأمريكية ‬التي ‬نزلت ‬بآسفي ‬وفضالة (‬المحمدية) ‬والمهدية (‬قنيطرة)‬، ‬تعرضت ‬لقصف ‬دفاعي ‬من ‬لدن ‬الجيش ‬الفرنسي ‬فدامت ‬المعارك ‬ليومين ‬أو ‬ثلاثة. ‬وفي ‬النهاية ‬استسلم ‬نوغيس ‬لأنه ‬كان ‬مترددا ‬ولم ‬يكن ‬يعرف ‬هل ‬الأمريكيون ‬غزاة ‬ضد ‬مصالح ‬فرنسا، ‬أم ‬مع ‬مصالحها؟ ‬حيث ‬سيتم ‬اعتقال ‬كل ‬المتعاونين ‬مع ‬الأمريكيين ‬وعلى ‬رأسهم ‬الجنرال ‬‮«‬ديتوار‮»‬ ‬أول ‬الديغوليين ‬بالمغرب، ‬وحبس ‬مجموعة ‬كبيرة ‬من ‬الضباط ‬الموالين ‬لدوغول، ‬الذي ‬سبق ‬وأن ‬خاطب ‬نوغيس ‬من ‬انجلترا ‬للانضمام ‬إليه ‬واقتراحه ‬قائدا ‬عاما ‬للقوات ‬الفرنسية، ‬وهو ‬الأمر ‬الذي ‬رفضه ‬نوغيس ‬قبل ‬أن ‬تدور ‬عليه ‬الدوائر...‬
عند ‬دخول ‬الأمريكان ‬إلى ‬المغرب، ‬حطموا ‬جزءا ‬كبير ‬من ‬البحرية ‬الفرنسية، ‬قبل ‬أن ‬يخضع ‬لهم ‬وبقي ‬حتى ‬يونيو ‬من ‬سنة ‬1943 ‬في ‬مناورات ‬بين ‬الأجنحة ‬الفرنسية ‬المتصارعة، ‬قبل ‬فراره ‬إلى ‬البرتغال ‬والحكم ‬عليه ‬غيابيا ‬بالخيانة ‬سنة ‬1945، ‬قبل ‬أن ‬يعفى ‬عنه ‬خلال ‬الخمسينيات...‬
- ‬هل ‬من ‬دور ‬يذكر ‬للحركة ‬الوطنية ‬إبان ‬هذه ‬الأحداث ‬المفصلية؟
‬يقال ‬بأن ‬عددا ‬من ‬الوطنيين ‬المغاربة ‬حاولوا ‬الاتصال ‬أولا ‬بألمانيا، ‬واتهم ‬آنذاك ‬بلافريج ‬بهذه ‬التهمة ‬التي ‬سينفى ‬لأجلها ‬بكورسيكا، ‬إلا ‬أن ‬سياق ‬الانفتاح ‬الذي ‬ستنهجه ‬في ‬وقت ‬لاحق ‬فرنسا، ‬مع ‬قادة ‬الحركة ‬الوطنية ‬بكل ‬من ‬الجزائر ‬وتونس ‬والمغرب ‬ستجعله ‬يخرج ‬سالما ‬من ‬هذه ‬التهمة، ‬
خلدت ‬أغنية ‬السلاوي ‬جزءا ‬من ‬هذه ‬الأحداث ‬عن ‬هؤلاء ‬‮«‬القوم ‬الجداد ‬اللي ‬سميتهوم ‬الماريكان‮»‬ ‬وعن ‬‮«‬العيالات ‬اللي ‬زاغو‮»‬ ‬وأرادوا ‬أن ‬يخرجوا ‬لرؤية ‬الأمريكان، ‬حيث ‬تشكل ‬هذه ‬القصيدة ‬من ‬أروع ‬ما ‬يكون ‬حول ‬التحول ‬الذي ‬طال ‬المجتمع، ‬فإلى ‬غاية ‬هذا ‬التاريخ ‬كان ‬المغاربة ‬يظنون ‬بأن ‬فرنسا ‬هي ‬أقوى ‬دولة ‬في ‬العالم، ‬فإذا ‬بها ‬تنهزم ‬ويقدم ‬قوم ‬آخرون ‬أقوى ‬من ‬الفرنسيين...‬
بعد ‬مؤتمر ‬أنفا ‬الذي ‬حضره ‬محمد ‬الخامس ‬إلى ‬جانب ‬كل ‬من ‬تشرشل ‬وروزفلت، ‬سيصدر ‬حزب ‬الشورى ‬والاستقلال ‬بيانا ‬بالمناسبة، ‬والوطنيون ‬بتطوان ‬أصدروا ‬كذلك ‬بيانا ‬لهم. ‬لكن ‬التاريخ ‬الرسمي ‬للمغرب ‬لم ‬يذكر ‬إلا ‬وثيقة ‬المطالبة ‬بالاستقلال ‬الصادرة ‬في ‬11 ‬يناير ‬سنة ‬1944، ‬ويبقى ‬التساؤل ‬قائما، ‬مفاده ‬هل ‬كانت ‬فرنسا ‬مستقلة ‬حتى ‬نطلب ‬منها ‬الاستقلال؟ ‬إذ ‬كانت ‬باريس ‬لازالت ‬تحت ‬الاحتلال ‬الألماني، ‬ولم ‬تكن ‬تملك ‬من ‬القوة ‬لتفرض ‬شروطها ‬على ‬المغرب ‬خصوصا ‬وأن ‬سوريا ‬ولبنان ‬قامتا ‬بإعلان ‬استقلالهما ‬من ‬طرف ‬واحد، ‬ولم ‬تتمكن ‬فرنسا ‬من ‬الاعتراض ‬لأنها ‬لم ‬تكن ‬لها ‬من ‬الإمكانيات ‬لفعل ‬ذلك...‬
يذكر ‬أيضا، ‬بأن ‬الجيش ‬الفرنسي ‬كان ‬مشكلا ‬أساسا ‬من ‬المغاربة، ‬الذين ‬قادوا ‬الحروب ‬الأولى ‬بتونس ‬في ‬تلك ‬الفترة، ‬وكذا ‬إنزال ‬صقلية ‬قام ‬به ‬مغاربة ‬إلى ‬جانب ‬الجزائريين، ‬لأن ‬إعادة ‬تكوين ‬الجيش ‬الفرنسي ‬الذي ‬كان ‬قد ‬حل ‬من ‬طرف ‬ألمانيا ‬النازية ‬في ‬المستعمرات، ‬كان ‬يتطلب ‬وقتا ‬لإعادة ‬تنظيمه، ‬والتشكيلات ‬التي ‬كانت ‬متوفرة ‬آنذاك ‬هي ‬قوات ‬‮«‬الكوم‮»‬ ‬التي ‬قامت ‬فرنسا ‬بتزوير ‬وثائقها ‬على ‬أساس ‬أنها ‬شرطة ‬أهلية، ‬بغية ‬توهيم ‬الضباط ‬الألمان ‬الذين ‬قدموا ‬لمراقبة ‬شروط ‬الاستسلام ‬الفرنسي ‬بالمغرب، ‬فهذه ‬القوات ‬هي ‬التي ‬ستشكل ‬النواة ‬لما ‬سيسمى ‬بالجيش ‬الفرنسي ‬وبفضله ‬اعتبرت ‬فرنسا ‬دولة ‬رابحة ‬ومشاركة ‬في ‬الحرب ‬العالمية ‬الثانية...‬
- ‬اجتهدت ‬فرنسا ‬في ‬إقناع ‬الإنجليز ‬بأن ‬مكوث ‬الحلفاء ‬بالمغرب ‬وشمال ‬إفريقيا ‬من ‬شأنه ‬أن ‬يؤلب ‬عليها ‬الرأي ‬العام ‬المغربي ‬بسبب ‬موقف ‬إنجلترا ‬الداعم ‬للحركة ‬الصهيونية ‬بفلسطين، ‬إلى ‬أي ‬حد ‬يصدق ‬هذا؟
‬أنا ‬لا ‬أتفق ‬مع ‬هذه ‬الرواية، ‬إذ ‬تظل ‬القضية ‬الفلسطينية ‬بمثابة ‬المشجب ‬الذي ‬نعلق ‬عليه ‬كل ‬ما ‬لا ‬نجد ‬له ‬تفسيرا، ‬والحادث ‬أن ‬تبلور ‬الأحداث ‬المتسارعة ‬التي ‬أشرت ‬لها ‬سابقا، ‬كان ‬بسبب ‬الموقف ‬الحازم ‬للأمريكان ‬وخاصة ‬موقف ‬روزفلت ‬من ‬المستعمرات، ‬إذ ‬كان ‬يرفض ‬رفضا ‬قاطعا ‬الإبقاء ‬على ‬الاستعمار ‬المباشر ‬بحجة ‬امتداد ‬المصالح ‬الاقتصادية، ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬كان ‬بالإمكان ‬إعادة ‬ترتيبها ‬دونما ‬الحاجة ‬إلى ‬استعمار ‬مباشر..‬
فالجنرال ‬الفرنسي ‬جوان ‬هو ‬من ‬قام ‬في ‬تونس ‬بخلع ‬الباي ‬المنصف ‬وتعويضه ‬بالباي ‬جاي، ‬بذريعة ‬أنه ‬موالي ‬للألمان ‬والحقيقة ‬أنه ‬كان ‬يوالي ‬الأقوى.‬
* ‬أستاذ ‬باحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.