زلزال شيتسانغ بالصين: تواصل جهود الإنقاذ    الدرك الملكي بخميس متوح يحجز 420 لترا من مسكر ماء الحياة بضواحي أم الربيع    محكمة طنجة تُدين طبيبًا ومساعدًا في قضية اختلاس أدوية وبيعها    صندوق الضمان الاجتماعي يمنح فرصة للإعفاء الجزئي من ذعائر التأخير والغرامات وصوائر تحصيل الديون    الدعم الاستثنائي الموجه لقطاع الصحافة والنشر سينتهي في شهر مارس المقبل بعد تفعيل المرسوم الجديد ذي الصلة (بنسعيد)    إضراب يشل المستشفيات العمومية    ترامب يستعرض "طموحات توسعية".. كندا وقناة بنما وجزيرة غرينلاند    استعداد لكأس إفريقيا 2025.. اجتماع لتتبع أشغال تهيئة الملعب الكبير لطنجة    الحسيمة .. تعبئة متواصلة لضمان فتح حركة السير على مختلف المسالك الطرقية بالإقليم    العلمي وبوريطة يحضران حفل تنصيب رئيس غانا الجديد    مجموع مبالغ التسوية الطوعية للضريبة بلغ أكثر من ملياري درهم وفقا لمكتب الصرف    بنسعيد يكشف مستجدات الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر    كرة القدم.. رئيس ريال مدريد يدعو إلى إجراء انتخابات النادي    النصب عبر السماوي.. الأمن يطيح بشبكة إجرامية خطيرة    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    وزير الصناعة والتجارة: 69 بالمائة من المغاربة يفضلون المنتوج الوطني    22 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمغرب    جينيفر لوبيز و أفليك يتوصلان لتسوية الطلاق    وزير الاستثمار: 48 مشروعا استفاد من المنحة الترابية للأقاليم الأقل تنمية    عملية التسوية التلقائية للممتلكات بالخارج تحقق ملياري درهم في 2024    دعوى قضائية ضد الرئيس الجزائري في باريس    ارتفاع حصيلة زلزال التيبت إلى 126 قتيلا    الصين: ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال منطقة التبت إلى 126 قتيلا    استقالات قيادية تهز الرجاء الرياضي    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وفاة الرمز التاريخي لليمين المتطرف في فرنسا عن 96 عاما    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تشاد والسنغال تستنكران تصريحات ماكرون بشأن ما اعتبره "جحود" الزعماء الأفارقة    وزارة المالية: حاجيات الخزينة لشهر يناير تصل إلى 14 مليار درهم    الشرق الأوسط الجديد بين سراب الأوهام وحقائق القوة.. بقلم // عمر نجيب    وزير الصحة في مواجهة انتقادات حادة بسبب إلغاء صفقة عمومية ب180 مليون درهم    مساء اليوم في البرنامج الثقافي "مدارات " بالإذاعة الوطنية : لمحات عن المؤلفات الفقهية والأدبية للسلطان العلوي المولى عبدالحفيظ    المغاربة يغيبون عن "بوكر العربية"    صناع محتوى مغاربة في "قمة المليار متابع" بالإمارات    حنان الإبراهيمي تنعي والدتها بكلمات مؤثرة (صور)    الدعم المباشر للسكن.. تسجيل 110 آلاف طلب استفادة في ظرف سنة    المستشارون يؤجلون تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب ويشترطون التفاوض مع النقابات أولاً    محمد بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    المنتخب النسوي U20 يخوض معسكرا مكثفا بالمعمورة    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    سفيان رحيمي يتصدر قائمة الهدافين دوليا لعام 2024 حسب تصنيف IFFHS ب 20 هدفًا مذهلًا    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤولية الدولة والجماعات الترابية عن الأضرار الناجمة عن الفيضانات.. «وجهة نظر قانونية»
نشر في المساء يوم 18 - 12 - 2014


‬عبد ‬المالك ‬زعزاع
في ‬ملف ‬إداري ‬آخر، ‬سار ‬العمل ‬القضائي ‬في ‬نفس ‬الاتجاه، ‬وهذه ‬المرة ‬بدرجة ‬أعلى ‬أمام ‬الغرفة ‬الإدارية ‬بالمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وبالضبط ‬في ‬القرار ‬عدد ‬935 ‬بتاريخ ‬04/‬12/‬2005 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬461 ‬بتاريخ ‬4/‬1/‬2002.‬
لذلك، ‬فالمسؤولية ‬قائمة ‬على ‬أساس ‬الخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬ويمكن ‬قيامه ‬أيضا ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر.‬
3 - ‬المسؤولية ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر:‬ ‬فأساس ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬هو ‬نظرية ‬المخاطر، ‬ويلزم ‬المدعي ‬بإثبات ‬خطإ ‬الدولة ‬أو ‬الجماعات، ‬والعمل ‬القضائي ‬الإداري ‬جاء ‬صريحا ‬فقال ‬بوضوح ‬في ‬هذا ‬المجال: "‬حيث ‬إن ‬الحادثة ‬التي ‬وقعت ‬للضحية، ‬والمتمثلة ‬في ‬سقوطه ‬في ‬الوادي ‬نتيجة ‬انجراف ‬التربة ‬وانقطاع ‬الطريق، ‬أودت ‬بحياته ‬حسب ‬محضر ‬الضابطة ‬القضائية ‬والشواهد ‬الطبية ‬المدلى ‬بها، ‬مما ‬ألحق ‬ضررا ‬بالجهة ‬المدعية ‬تمثل ‬في ‬هلاك ‬مورثها". ‬وعلل ‬القاضي ‬حكمه ‬بقوله: "‬حيث ‬إن ‬عدم ‬قيام ‬الإدارة ‬بوضع ‬علامات ‬وإشارات ‬تدل ‬على ‬قطع ‬الطريق ‬التي ‬تعتبر ‬من ‬الأملاك ‬العامة ‬طبقا ‬لظهير ‬01/‬07/‬1914 ‬يعتبر ‬خطأ ‬مصلحيا ‬من ‬شأنه ‬قيام ‬مسؤولية ‬الدولة ‬تجاه ‬ما ‬يصيب ‬الغير ‬من ‬أضرار ‬ناتجة ‬عن ‬ذلك، ‬وبذلك ‬تكون ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة".‬
وفي ‬قرار ‬آخر ‬للمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬82/‬60 ‬بتاريخ ‬07/‬05/‬1960، ‬يثبت ‬هذا ‬العمل ‬القضائي ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عند ‬عدم ‬صيانتها ‬للمنشآت ‬العمومية، ‬مثل ‬ما ‬حصل ‬بالنسبة ‬إلى ‬القناطر ‬والطرق ‬وعموم ‬المنشآت ‬التي ‬تضررت ‬بفعل ‬الفيضانات ‬الأخيرة ‬نتيجة ‬عدم ‬الصيانة، ‬وخاصة ‬ما ‬تعلق ‬بحالة ‬الطرق ‬في ‬هذه ‬النازلة، ‬حيث ‬جاء ‬في ‬القرار ‬المذكور "‬إذا ‬أثبت ‬مستعمل ‬الطريق -‬سائق ‬السيارة- ‬أن ‬الضرر ‬الذي ‬حصل ‬له ‬كان ‬بسبب ‬عدم ‬الصيانة ‬العادية ‬لذلك ‬الطريق، ‬فلا ‬يمكن ‬إعفاء ‬الإدارة ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬سوء ‬حالة ‬المنشأة ‬المذكورة ‬إلا ‬إذا ‬أثبت ‬خطأ ‬المتضرر ‬وأنها (‬الإدارة) ‬قامت ‬بكل ‬الاحتياطات ‬لتلافي ‬كل ‬حادث، ‬سواء ‬في ‬ما ‬يخص ‬قيامها ‬بأعمال ‬الصيانة ‬أو ‬وضع ‬إشارة ‬التنبيه ‬إلى ‬سوء ‬حالة ‬الطريق".‬
ويمكن ‬لكل ‬سكان ‬المدن ‬الذين ‬تضررت ‬منازلهم، ‬نتيجة ‬عدم ‬وجود ‬قنوات ‬للصرف ‬الصحي، ‬وكذا ‬عدم ‬صيانتها، ‬أن ‬يدفعوا ‬دعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الجهة ‬المسؤولة ‬عن ‬ذلك.‬
هذا ‬القرار ‬القضائي ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬بشأن ‬قضية ‬البنية ‬التحتية ‬المهترئة ‬في ‬بلادنا ‬بفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬وعدم ‬التتبع ‬والمراقبة.‬
وفي ‬قرار ‬آخر، ‬واضح ‬لا ‬غبار ‬عليه، ‬ذهب ‬المجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض) ‬إلى ‬تبيان ‬فكرة ‬مهمة ‬في ‬المناقشة ‬القانونية، ‬وهي ‬أن ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة ‬عن ‬تسيير ‬إدارتها ‬حتى ‬ولو ‬عند ‬عدم ‬ثبوت ‬أي ‬خطإ ‬من ‬جانبها ‬استنادا ‬إلى ‬فكرة ‬المخاطر ‬الناتجة ‬عن ‬استعمال ‬خطير ‬كالسيارة ‬ونحوها؛ ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬10 ‬بتاريخ ‬14/‬01/‬1993 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬10180/‬91 ‬منشورات ‬المجلس ‬الأعلى ‬1958-‬1997 ‬الصفحة ‬229.‬
إذا ‬كان ‬قد ‬ثبت ‬في ‬حق ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬أنها ‬مسؤولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وثبت ‬وجود ‬مواطنين ‬متضررين ‬بفعل ‬الإهمال ‬وبفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬للطرق ‬وعدم ‬المراقبة ‬للقناطر ‬وغياب ‬التشوير ‬المتعلق ‬بالطرق ‬المقطوعة ‬التي ‬غمرتها ‬المياه، ‬فإن ‬المتضررين ‬لهم ‬الحق ‬في ‬اللجوء ‬إلى ‬المحكمة ‬المختصة ‬للمطالبة ‬بالتعويض.‬
4 - ‬ما ‬هي ‬الجهة ‬المختصة ‬لرفع ‬مثل ‬هذه ‬الدعاوى:‬ ‬إن ‬المحكمة ‬المختصة ‬في ‬رفع ‬الدعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الإدارة ‬هي ‬المحكمة ‬الإدارية ‬التابعِ ‬لنفوذها ‬مكانُ ‬وقوع ‬الحادثة ‬بالنسبة ‬إلى ‬الجماعات ‬الترابية ‬ومقر ‬الإدارة، ‬محليا ‬أو ‬مركزيا، ‬حسب ‬الجهة ‬المدعى ‬عليها، ‬تطبيقا ‬لقواعد ‬المسطرة ‬المدنية ‬والإجراءات ‬الشكلية ‬الواردة ‬في ‬القانون ‬المحدثة ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الإدارية، ‬وكذا ‬قواعد ‬الموضوع، ‬وخاصة ‬الفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المذكور، ‬القانون ‬41.‬91، ‬الذي ‬يستشف ‬منه ‬أن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬أعمال ‬ونشاطات ‬القانون ‬العام ‬تكون ‬مسؤولة ‬عن ‬تعويضها.‬
وقد ‬أبان ‬القضاء ‬الإداري ‬المغربي، ‬بجدارة ‬واستحقاق، ‬عن ‬كفاءته ‬وقدرته ‬على ‬الإبداع ‬والتطور ‬في ‬خلق ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬يتصدى ‬لتملص ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬بمن ‬فيهم ‬الدولة، ‬من ‬التعويضات ‬عن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬الكوارث ‬الطبيعية ‬والبيئية، ‬وكذا ‬عن ‬أحداث ‬الشغب ‬وعدم ‬توفير ‬الأمن ‬للسكان، ‬والأخطاء ‬التي ‬يرتكبها ‬موظفوها.. ‬وألزم ‬القضاء ‬الإداري ‬هذه ‬الجهات ‬بالتعويض ‬جبرا ‬لكل ‬ضرر ‬وحماية ‬للحقوق.‬
5 - ‬الأساس ‬القانوني ‬للتعويض ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات:‬ ‬يمكن ‬إجمال ‬الأدلة ‬القانونية ‬وفصول ‬مواد ‬القانون ‬التي ‬تؤطر ‬مسألة ‬التعويض ‬وتقديره ‬في ‬ما ‬يلي:‬
في ‬ما ‬يتعلق ‬بالدستور: ‬فإنه ‬وردت ‬به ‬عدة ‬فصول ‬تسير ‬في ‬اتجاه ‬إرساء ‬دعائم ‬مجتمع ‬متضامن ‬يتطلع ‬فيه ‬الجميع ‬إلى ‬الأمن ‬والحرية ‬والكرامة ‬والمساواة ‬وتكافؤ ‬الفرص ‬والعدالة ‬الاجتماعية ‬ومقومات ‬العيش ‬الكريم ‬في ‬نطاق ‬التلازم ‬بين ‬حقوق ‬وواجبات ‬المواطنة. ‬وردت ‬هذه ‬الكلمات ‬في ‬تصدير ‬الدستور، ‬وأهم ‬فصول ‬الدستور ‬المتعلق ‬بفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬هو ‬الفصل ‬40 ‬الذي ‬ينص ‬على ‬أن "‬على ‬الجميع ‬أن ‬يتحمل، ‬بصفة ‬تضامنية ‬وبشكل ‬يتناسب ‬مع ‬الوسائل ‬التي ‬يتوفرون ‬عليها، ‬التكاليف ‬التي ‬تتطلبها ‬تنمية ‬البلاد، ‬وكذا ‬تلك ‬الناتجة ‬عن ‬الأعباء ‬الناجمة ‬عن ‬الآفات ‬والكوارث ‬الطبيعية ‬التي ‬تصيب ‬البلاد"‬، ‬فكلمة "‬الجميع" ‬تعني ‬جميع ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬أي ‬الأحزاب ‬السياسية ‬والنقابات ‬وجمعيات ‬ومنظمات ‬المجتمع ‬المدني ‬والمحسنين ‬والمحسنات ‬وكل ‬أبناء ‬الشعب ‬الذين ‬عليهم ‬أن ‬يتضامنوا ‬مع ‬المتضررين ‬كل ‬حسب ‬قدرته ‬وطاقته ‬للمساهمة ‬في ‬إعادة ‬الإعمار ‬والتأهيل ‬للبنية ‬التحتية ‬وتعويض ‬ما ‬يمكن ‬تعويضه. ‬ولا ‬مجال ‬في ‬مثل ‬هذه ‬الكوارث ‬للمزايدات ‬السياسية ‬كما ‬نشاهد ‬في ‬البرلمان ‬وعلى ‬أعمدة ‬وصفحات ‬وسائل ‬الإعلام، ‬ولا ‬مجال ‬للرقص ‬على ‬جراحات ‬الآخرين ‬من ‬أجل ‬كسب ‬الأصوات ‬في ‬الانتخابات؛ ‬بل ‬الأمر ‬أدهى ‬وأكبر ‬من ‬السياسة ‬والسياسيين، ‬الجانب ‬الإنساني ‬يجب ‬أن ‬يحضر ‬وبقوة ‬بعيدا ‬عن ‬السياسة ‬والصراع ‬الإيديولوجي ‬والتراشقات ‬السياسية ‬بين ‬المعارضة ‬والأغلبية.‬
ويحمل ‬الفصل ‬93 ‬من ‬الدستور، ‬كذلك، ‬كافة ‬الوزراء ‬مسؤولية ‬ما ‬وقع، ‬كلٌّ ‬حسب ‬القطاع ‬المكلف ‬به ‬في ‬إطار ‬التضامن ‬الحكومي (‬التعليم، ‬الصحة، ‬التجهيز، ‬الداخلية،...)‬؛ ‬أما ‬الفصل ‬136 ‬من ‬الدستور ‬فينص ‬على ‬فكرة ‬التضامن ‬والتدبير ‬الحر ‬واعتبارهما ‬من ‬مرتكزات ‬التنظيم ‬الجهوي ‬والترابي، ‬وعلى ‬كل ‬السلطات ‬المحلية ‬تأمين ‬مشاركة ‬السكان ‬المعنيين ‬في ‬تدبير ‬شؤونهم ‬والرفع ‬من ‬مساهمتهم ‬في ‬التنمية ‬البشرية ‬المندمجة.‬
كل ‬هذه ‬النصوص ‬وغيرها ‬يمكن ‬اعتمادها ‬أساسا ‬للتضامن ‬من ‬أجل ‬تعويض ‬الضحايا ‬عما ‬أصابهم ‬من ‬أضرار ‬من ‬جراء ‬الفيضانات.‬
يضاف ‬إلى ‬تلك ‬المواد ‬الفصل ‬79 ‬من ‬قانون ‬الالتزامات ‬والعقود ‬كما ‬سبقت ‬الاشارة ‬اليه ‬والفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المحدث ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الادارية.‬
6 - ‬كيفية ‬تقدير ‬التعويض:‬
إن ‬القضاء ‬الإداري، ‬وفي ‬كل ‬نازلة ‬على ‬حدة، ‬لا ‬محالة ‬سيلجأ ‬في ‬تقدير ‬التعويض ‬إلى ‬خبرات ‬فنية ‬لتحديد ‬قيمة ‬الضرر ‬الحاصل ‬بناء ‬على ‬مقتضيات ‬المادة ‬63 ‬من ‬المسطرة ‬المدنية ‬وما ‬يليها، ‬كما ‬فعل ‬لما ‬غمرت ‬المياه ‬المنحدرة ‬من ‬وادي ‬سبو ‬إحدى ‬الضيعات ‬التي ‬تملكها ‬الفلاحون ‬عن ‬طريق ‬الكراء ‬طويل ‬الأمد ‬من ‬الدولة، ‬وتضررت ‬هذه ‬الضيعة، ‬فأمر ‬القاضي ‬الإداري ‬بانتداب ‬وتعيين ‬خبير ‬فلاحي ‬في ‬الغرس ‬والفلاحة، ‬وذلك ‬من ‬أجل ‬تقدير ‬حجم ‬الضرر ‬الذي ‬لحق ‬ضيعات ‬المدعين ‬وتحديد ‬أمده ‬وتكلفة ‬إعادة ‬تشجير ‬المساحة ‬المشجرة ‬المتضررة. ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الخبرات ‬الفنية ‬يكون ‬أرضية ‬أساسية ‬للتعويض ‬جبرا ‬للأضرار ‬الحاصلة، ‬وللسلطة ‬القضائية ‬حق ‬التقدير ‬والحق ‬في ‬تشطير ‬المسؤولية ‬من ‬أجل ‬تحميلها ‬الدولة ‬والمتضرر ‬كل ‬حسب ‬تقصيره ‬وتفريطه ‬وإهماله.‬
فكل ‬مواطن ‬ثبت ‬تهوره ‬رغم ‬وجود ‬تشوير، ‬وما ‬يفيد -‬مثلا- ‬بأن ‬الطريق ‬مقطوعة ‬ورغم ‬ذلك ‬تجاوز ‬الحدود، ‬فقد ‬يحمله ‬القضاء ‬مسؤولية ‬إهماله ‬وتهوره. ‬وفي ‬نوازل ‬ذوي ‬الحقوق، ‬فإنه ‬يتم ‬الاستناد ‬إلى ‬وثائق ‬الملف ‬وعدد ‬أفراد ‬أسرة ‬الهالك ‬وحجم ‬المدخول ‬الذي ‬حرموا ‬منه ‬جراء ‬وفاة ‬مورثهم، ‬وحجم ‬الضرر ‬الذي ‬أصاب ‬العائلة ‬التي ‬حرمت ‬ممن ‬يعولها ‬جراء ‬وفاة ‬رب ‬الأسرة ‬نتيجة ‬الفيضانات، ‬وظروف ‬وملابسات ‬القضية..‬
خاتمة:‬
يمكن ‬إجمال ‬الحديث ‬في ‬أن ‬الكوارث ‬الحاصلة ‬مؤخرا ‬نتيجة ‬الفيضانات ‬تتحمل ‬فيها ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬مسؤوليتها، ‬وهي ‬بذلك ‬ملزمة ‬بتعويض ‬الضحايا ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عنها ‬استنادا ‬إلى ‬نظرية ‬المخاطر ‬والخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬وكذا ‬عدم ‬القيام ‬بصيانة ‬منشأة ‬عمومية، ‬وفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬الواردة ‬في ‬الدستور.‬
مع ‬الإشارة ‬إلى ‬أن ‬ما ‬تقوم ‬به ‬حركة ‬المجتمع ‬المدني ‬من ‬عمل ‬إنساني ‬خيري، ‬وما ‬يقدمه ‬المحسنون ‬من ‬دعم ‬مادي ‬للمتضررين، ‬وكذا ‬الهبات ‬والمساعدات ‬الملكية، ‬كل ‬ذلك ‬لا ‬يعفي ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وتعويض ‬الضحايا ‬جبرا ‬للضرر ‬الحاصل.‬
*محام ‬بهيئة ‬الدار ‬البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.