قنابل أمريكية لإسرائيل ب7 مليارات دولار    لقاء بالبيضاء يتناول كفاح آيت إيدر    أحدهم مبحوث عنه وطنياً.. عناصر "لابيجي" تعتقل مروجين للكوكايين ضواحي الدريوش    مجهولون يختطفون سيدة مسنة ويبحثون عن مبلغ مالي ضخم    إجبارية الخوذة وغرامات مالية.. إدراج "التروتينيت" في مدونة السير    مجلس جهة الرباط يصادق على اتفاقيات للتنمية ب6 مليارات درهم    موريتانيا تمنح للسائقين المغاربة تأشيرة دخول متعددة صالحة لثلاثة أشهر    وفاة شاب بأزمة قلبية مفاجئة أثناء مباراة لكرة القدم في طنجة    قمة عالمية مرتقبة بجنيف حول فرص ومخاطر الذكاء الاصطناعي المستقل    كيف كذب القنصل الإسرائيلي حملة التضليل وترويج شائعات استقبال المغرب لسكان غزة    قرار حجز ببغاوات مصور شفشاون يثير عاصفة من الجدل والتضامن    التوقيع على اتفاقية إعلان الشارقة ضيف شرف الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    مولاي رشيد يترأس حفل عشاء أقامه جلالة الملك بمناسبة جائزة الحسن الثاني للغولف وكأس الأميرة للا مريم    الجنائية الدولية تندد بعقوبات ترامب    قتيل في حادث إطلاق نار ببروكسيل    مجلس النواب يختتم الدورة الثلاثاء    تعادل ثمين لتواركة أمام "الماط"    برلمانات إفريقية تعدد أدوار المبادرة الأطلسية في تحقيق الاندماج القاري    أسعار مواد الغذاء تتراجع في العالم    المغرب يلقّح قرابة 5 ملايين طفل لمحاصرة انتشار وباء "بوحمرون"    طقس السبت.. انخفاض في درجة الحرارة وامطار على الشمال الغربي    مطار الحسيمة يسجل رقم قياسي في عدد المسافرين سنة 2024    طفلة طنجاوية تفوز بجائزة أفضل طفلة مسالمة ومتسامحة في إسبانيا    "فيفا" يجمّد عضوية اتحاد الكونغو.. هل من تأثير على مجموعة المغرب في تصفيات المونديال؟    قمة عربية أو عربية إسلامية عاجلة!    انتفاضة الثقافة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع التوازن    إعادة انتخاب المغرب في اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد    متى يُسْقِطُ الإطار المسْمار !    «بيرسا كوموتسي» تترجم أعمالا فلسطينية إلى اليونانية    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    وزيرة الثقافة الفرنسية تحل بالعيون المغربية لافتتاح المركز الثقافي الفرنسي    الركراكي يعلن عن اللائحة الرسمية للمنتخب المغربي لمواجهة نيجريا وتنزانيا في هذا التاريخ    كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية تستهدف تكوين 30 ألف متدرج في مجال الصناعة التقليدية (لحسن السعدي)    المغرب يشارك بفريق قاري في عدد من السباقات الدولية بتركيا    لسعد جردة: لم أكن أتوقع العودة بهذه السرعة لتدريب الرجاء البيضاوي    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    طنجة تحتضن ندوة علمية حول مشروع قانون المسطرة المدنية: دعوات لتعزيز فعالية العدالة واستقلالية المهن القضائية    إيمان غانمي ل "رسالة 24" : تمرير قانون الإضراب يعكس توجها استبداديا    التامني تسائل وزير التعليم العالي عن مصير طلبة الطب دفعة 2023    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    إطلاق حملة تلقيح ضد الحصبة بالمدارس وتوزيع استمارة الموافقة على آباء التلاميذ    بنك المغرب: 78 في المائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال "عاديا"    مجسّد شخصية زاكربرغ: رئيس "ميتا" تحول إلى "مهووس بالسلطة"    طنجة.. اختتام منتدى "النكسوس" بالدعوة إلى تدبير مستدام للموارد    تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين (وزارة)    الولايات المتحدة تأمر بوقف عشرات المنح المقدمة لبرنامج الأغذية العالمي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كأس انجلترا: ليفربول يتأهل للمباراة النهائية بفوز عريض على توتنهام (4-0)    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤولية الدولة والجماعات الترابية عن الأضرار الناجمة عن الفيضانات.. «وجهة نظر قانونية»
نشر في المساء يوم 18 - 12 - 2014


‬عبد ‬المالك ‬زعزاع
في ‬ملف ‬إداري ‬آخر، ‬سار ‬العمل ‬القضائي ‬في ‬نفس ‬الاتجاه، ‬وهذه ‬المرة ‬بدرجة ‬أعلى ‬أمام ‬الغرفة ‬الإدارية ‬بالمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وبالضبط ‬في ‬القرار ‬عدد ‬935 ‬بتاريخ ‬04/‬12/‬2005 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬461 ‬بتاريخ ‬4/‬1/‬2002.‬
لذلك، ‬فالمسؤولية ‬قائمة ‬على ‬أساس ‬الخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬ويمكن ‬قيامه ‬أيضا ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر.‬
3 - ‬المسؤولية ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر:‬ ‬فأساس ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬هو ‬نظرية ‬المخاطر، ‬ويلزم ‬المدعي ‬بإثبات ‬خطإ ‬الدولة ‬أو ‬الجماعات، ‬والعمل ‬القضائي ‬الإداري ‬جاء ‬صريحا ‬فقال ‬بوضوح ‬في ‬هذا ‬المجال: "‬حيث ‬إن ‬الحادثة ‬التي ‬وقعت ‬للضحية، ‬والمتمثلة ‬في ‬سقوطه ‬في ‬الوادي ‬نتيجة ‬انجراف ‬التربة ‬وانقطاع ‬الطريق، ‬أودت ‬بحياته ‬حسب ‬محضر ‬الضابطة ‬القضائية ‬والشواهد ‬الطبية ‬المدلى ‬بها، ‬مما ‬ألحق ‬ضررا ‬بالجهة ‬المدعية ‬تمثل ‬في ‬هلاك ‬مورثها". ‬وعلل ‬القاضي ‬حكمه ‬بقوله: "‬حيث ‬إن ‬عدم ‬قيام ‬الإدارة ‬بوضع ‬علامات ‬وإشارات ‬تدل ‬على ‬قطع ‬الطريق ‬التي ‬تعتبر ‬من ‬الأملاك ‬العامة ‬طبقا ‬لظهير ‬01/‬07/‬1914 ‬يعتبر ‬خطأ ‬مصلحيا ‬من ‬شأنه ‬قيام ‬مسؤولية ‬الدولة ‬تجاه ‬ما ‬يصيب ‬الغير ‬من ‬أضرار ‬ناتجة ‬عن ‬ذلك، ‬وبذلك ‬تكون ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة".‬
وفي ‬قرار ‬آخر ‬للمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬82/‬60 ‬بتاريخ ‬07/‬05/‬1960، ‬يثبت ‬هذا ‬العمل ‬القضائي ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عند ‬عدم ‬صيانتها ‬للمنشآت ‬العمومية، ‬مثل ‬ما ‬حصل ‬بالنسبة ‬إلى ‬القناطر ‬والطرق ‬وعموم ‬المنشآت ‬التي ‬تضررت ‬بفعل ‬الفيضانات ‬الأخيرة ‬نتيجة ‬عدم ‬الصيانة، ‬وخاصة ‬ما ‬تعلق ‬بحالة ‬الطرق ‬في ‬هذه ‬النازلة، ‬حيث ‬جاء ‬في ‬القرار ‬المذكور "‬إذا ‬أثبت ‬مستعمل ‬الطريق -‬سائق ‬السيارة- ‬أن ‬الضرر ‬الذي ‬حصل ‬له ‬كان ‬بسبب ‬عدم ‬الصيانة ‬العادية ‬لذلك ‬الطريق، ‬فلا ‬يمكن ‬إعفاء ‬الإدارة ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬سوء ‬حالة ‬المنشأة ‬المذكورة ‬إلا ‬إذا ‬أثبت ‬خطأ ‬المتضرر ‬وأنها (‬الإدارة) ‬قامت ‬بكل ‬الاحتياطات ‬لتلافي ‬كل ‬حادث، ‬سواء ‬في ‬ما ‬يخص ‬قيامها ‬بأعمال ‬الصيانة ‬أو ‬وضع ‬إشارة ‬التنبيه ‬إلى ‬سوء ‬حالة ‬الطريق".‬
ويمكن ‬لكل ‬سكان ‬المدن ‬الذين ‬تضررت ‬منازلهم، ‬نتيجة ‬عدم ‬وجود ‬قنوات ‬للصرف ‬الصحي، ‬وكذا ‬عدم ‬صيانتها، ‬أن ‬يدفعوا ‬دعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الجهة ‬المسؤولة ‬عن ‬ذلك.‬
هذا ‬القرار ‬القضائي ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬بشأن ‬قضية ‬البنية ‬التحتية ‬المهترئة ‬في ‬بلادنا ‬بفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬وعدم ‬التتبع ‬والمراقبة.‬
وفي ‬قرار ‬آخر، ‬واضح ‬لا ‬غبار ‬عليه، ‬ذهب ‬المجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض) ‬إلى ‬تبيان ‬فكرة ‬مهمة ‬في ‬المناقشة ‬القانونية، ‬وهي ‬أن ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة ‬عن ‬تسيير ‬إدارتها ‬حتى ‬ولو ‬عند ‬عدم ‬ثبوت ‬أي ‬خطإ ‬من ‬جانبها ‬استنادا ‬إلى ‬فكرة ‬المخاطر ‬الناتجة ‬عن ‬استعمال ‬خطير ‬كالسيارة ‬ونحوها؛ ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬10 ‬بتاريخ ‬14/‬01/‬1993 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬10180/‬91 ‬منشورات ‬المجلس ‬الأعلى ‬1958-‬1997 ‬الصفحة ‬229.‬
إذا ‬كان ‬قد ‬ثبت ‬في ‬حق ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬أنها ‬مسؤولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وثبت ‬وجود ‬مواطنين ‬متضررين ‬بفعل ‬الإهمال ‬وبفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬للطرق ‬وعدم ‬المراقبة ‬للقناطر ‬وغياب ‬التشوير ‬المتعلق ‬بالطرق ‬المقطوعة ‬التي ‬غمرتها ‬المياه، ‬فإن ‬المتضررين ‬لهم ‬الحق ‬في ‬اللجوء ‬إلى ‬المحكمة ‬المختصة ‬للمطالبة ‬بالتعويض.‬
4 - ‬ما ‬هي ‬الجهة ‬المختصة ‬لرفع ‬مثل ‬هذه ‬الدعاوى:‬ ‬إن ‬المحكمة ‬المختصة ‬في ‬رفع ‬الدعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الإدارة ‬هي ‬المحكمة ‬الإدارية ‬التابعِ ‬لنفوذها ‬مكانُ ‬وقوع ‬الحادثة ‬بالنسبة ‬إلى ‬الجماعات ‬الترابية ‬ومقر ‬الإدارة، ‬محليا ‬أو ‬مركزيا، ‬حسب ‬الجهة ‬المدعى ‬عليها، ‬تطبيقا ‬لقواعد ‬المسطرة ‬المدنية ‬والإجراءات ‬الشكلية ‬الواردة ‬في ‬القانون ‬المحدثة ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الإدارية، ‬وكذا ‬قواعد ‬الموضوع، ‬وخاصة ‬الفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المذكور، ‬القانون ‬41.‬91، ‬الذي ‬يستشف ‬منه ‬أن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬أعمال ‬ونشاطات ‬القانون ‬العام ‬تكون ‬مسؤولة ‬عن ‬تعويضها.‬
وقد ‬أبان ‬القضاء ‬الإداري ‬المغربي، ‬بجدارة ‬واستحقاق، ‬عن ‬كفاءته ‬وقدرته ‬على ‬الإبداع ‬والتطور ‬في ‬خلق ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬يتصدى ‬لتملص ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬بمن ‬فيهم ‬الدولة، ‬من ‬التعويضات ‬عن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬الكوارث ‬الطبيعية ‬والبيئية، ‬وكذا ‬عن ‬أحداث ‬الشغب ‬وعدم ‬توفير ‬الأمن ‬للسكان، ‬والأخطاء ‬التي ‬يرتكبها ‬موظفوها.. ‬وألزم ‬القضاء ‬الإداري ‬هذه ‬الجهات ‬بالتعويض ‬جبرا ‬لكل ‬ضرر ‬وحماية ‬للحقوق.‬
5 - ‬الأساس ‬القانوني ‬للتعويض ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات:‬ ‬يمكن ‬إجمال ‬الأدلة ‬القانونية ‬وفصول ‬مواد ‬القانون ‬التي ‬تؤطر ‬مسألة ‬التعويض ‬وتقديره ‬في ‬ما ‬يلي:‬
في ‬ما ‬يتعلق ‬بالدستور: ‬فإنه ‬وردت ‬به ‬عدة ‬فصول ‬تسير ‬في ‬اتجاه ‬إرساء ‬دعائم ‬مجتمع ‬متضامن ‬يتطلع ‬فيه ‬الجميع ‬إلى ‬الأمن ‬والحرية ‬والكرامة ‬والمساواة ‬وتكافؤ ‬الفرص ‬والعدالة ‬الاجتماعية ‬ومقومات ‬العيش ‬الكريم ‬في ‬نطاق ‬التلازم ‬بين ‬حقوق ‬وواجبات ‬المواطنة. ‬وردت ‬هذه ‬الكلمات ‬في ‬تصدير ‬الدستور، ‬وأهم ‬فصول ‬الدستور ‬المتعلق ‬بفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬هو ‬الفصل ‬40 ‬الذي ‬ينص ‬على ‬أن "‬على ‬الجميع ‬أن ‬يتحمل، ‬بصفة ‬تضامنية ‬وبشكل ‬يتناسب ‬مع ‬الوسائل ‬التي ‬يتوفرون ‬عليها، ‬التكاليف ‬التي ‬تتطلبها ‬تنمية ‬البلاد، ‬وكذا ‬تلك ‬الناتجة ‬عن ‬الأعباء ‬الناجمة ‬عن ‬الآفات ‬والكوارث ‬الطبيعية ‬التي ‬تصيب ‬البلاد"‬، ‬فكلمة "‬الجميع" ‬تعني ‬جميع ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬أي ‬الأحزاب ‬السياسية ‬والنقابات ‬وجمعيات ‬ومنظمات ‬المجتمع ‬المدني ‬والمحسنين ‬والمحسنات ‬وكل ‬أبناء ‬الشعب ‬الذين ‬عليهم ‬أن ‬يتضامنوا ‬مع ‬المتضررين ‬كل ‬حسب ‬قدرته ‬وطاقته ‬للمساهمة ‬في ‬إعادة ‬الإعمار ‬والتأهيل ‬للبنية ‬التحتية ‬وتعويض ‬ما ‬يمكن ‬تعويضه. ‬ولا ‬مجال ‬في ‬مثل ‬هذه ‬الكوارث ‬للمزايدات ‬السياسية ‬كما ‬نشاهد ‬في ‬البرلمان ‬وعلى ‬أعمدة ‬وصفحات ‬وسائل ‬الإعلام، ‬ولا ‬مجال ‬للرقص ‬على ‬جراحات ‬الآخرين ‬من ‬أجل ‬كسب ‬الأصوات ‬في ‬الانتخابات؛ ‬بل ‬الأمر ‬أدهى ‬وأكبر ‬من ‬السياسة ‬والسياسيين، ‬الجانب ‬الإنساني ‬يجب ‬أن ‬يحضر ‬وبقوة ‬بعيدا ‬عن ‬السياسة ‬والصراع ‬الإيديولوجي ‬والتراشقات ‬السياسية ‬بين ‬المعارضة ‬والأغلبية.‬
ويحمل ‬الفصل ‬93 ‬من ‬الدستور، ‬كذلك، ‬كافة ‬الوزراء ‬مسؤولية ‬ما ‬وقع، ‬كلٌّ ‬حسب ‬القطاع ‬المكلف ‬به ‬في ‬إطار ‬التضامن ‬الحكومي (‬التعليم، ‬الصحة، ‬التجهيز، ‬الداخلية،...)‬؛ ‬أما ‬الفصل ‬136 ‬من ‬الدستور ‬فينص ‬على ‬فكرة ‬التضامن ‬والتدبير ‬الحر ‬واعتبارهما ‬من ‬مرتكزات ‬التنظيم ‬الجهوي ‬والترابي، ‬وعلى ‬كل ‬السلطات ‬المحلية ‬تأمين ‬مشاركة ‬السكان ‬المعنيين ‬في ‬تدبير ‬شؤونهم ‬والرفع ‬من ‬مساهمتهم ‬في ‬التنمية ‬البشرية ‬المندمجة.‬
كل ‬هذه ‬النصوص ‬وغيرها ‬يمكن ‬اعتمادها ‬أساسا ‬للتضامن ‬من ‬أجل ‬تعويض ‬الضحايا ‬عما ‬أصابهم ‬من ‬أضرار ‬من ‬جراء ‬الفيضانات.‬
يضاف ‬إلى ‬تلك ‬المواد ‬الفصل ‬79 ‬من ‬قانون ‬الالتزامات ‬والعقود ‬كما ‬سبقت ‬الاشارة ‬اليه ‬والفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المحدث ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الادارية.‬
6 - ‬كيفية ‬تقدير ‬التعويض:‬
إن ‬القضاء ‬الإداري، ‬وفي ‬كل ‬نازلة ‬على ‬حدة، ‬لا ‬محالة ‬سيلجأ ‬في ‬تقدير ‬التعويض ‬إلى ‬خبرات ‬فنية ‬لتحديد ‬قيمة ‬الضرر ‬الحاصل ‬بناء ‬على ‬مقتضيات ‬المادة ‬63 ‬من ‬المسطرة ‬المدنية ‬وما ‬يليها، ‬كما ‬فعل ‬لما ‬غمرت ‬المياه ‬المنحدرة ‬من ‬وادي ‬سبو ‬إحدى ‬الضيعات ‬التي ‬تملكها ‬الفلاحون ‬عن ‬طريق ‬الكراء ‬طويل ‬الأمد ‬من ‬الدولة، ‬وتضررت ‬هذه ‬الضيعة، ‬فأمر ‬القاضي ‬الإداري ‬بانتداب ‬وتعيين ‬خبير ‬فلاحي ‬في ‬الغرس ‬والفلاحة، ‬وذلك ‬من ‬أجل ‬تقدير ‬حجم ‬الضرر ‬الذي ‬لحق ‬ضيعات ‬المدعين ‬وتحديد ‬أمده ‬وتكلفة ‬إعادة ‬تشجير ‬المساحة ‬المشجرة ‬المتضررة. ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الخبرات ‬الفنية ‬يكون ‬أرضية ‬أساسية ‬للتعويض ‬جبرا ‬للأضرار ‬الحاصلة، ‬وللسلطة ‬القضائية ‬حق ‬التقدير ‬والحق ‬في ‬تشطير ‬المسؤولية ‬من ‬أجل ‬تحميلها ‬الدولة ‬والمتضرر ‬كل ‬حسب ‬تقصيره ‬وتفريطه ‬وإهماله.‬
فكل ‬مواطن ‬ثبت ‬تهوره ‬رغم ‬وجود ‬تشوير، ‬وما ‬يفيد -‬مثلا- ‬بأن ‬الطريق ‬مقطوعة ‬ورغم ‬ذلك ‬تجاوز ‬الحدود، ‬فقد ‬يحمله ‬القضاء ‬مسؤولية ‬إهماله ‬وتهوره. ‬وفي ‬نوازل ‬ذوي ‬الحقوق، ‬فإنه ‬يتم ‬الاستناد ‬إلى ‬وثائق ‬الملف ‬وعدد ‬أفراد ‬أسرة ‬الهالك ‬وحجم ‬المدخول ‬الذي ‬حرموا ‬منه ‬جراء ‬وفاة ‬مورثهم، ‬وحجم ‬الضرر ‬الذي ‬أصاب ‬العائلة ‬التي ‬حرمت ‬ممن ‬يعولها ‬جراء ‬وفاة ‬رب ‬الأسرة ‬نتيجة ‬الفيضانات، ‬وظروف ‬وملابسات ‬القضية..‬
خاتمة:‬
يمكن ‬إجمال ‬الحديث ‬في ‬أن ‬الكوارث ‬الحاصلة ‬مؤخرا ‬نتيجة ‬الفيضانات ‬تتحمل ‬فيها ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬مسؤوليتها، ‬وهي ‬بذلك ‬ملزمة ‬بتعويض ‬الضحايا ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عنها ‬استنادا ‬إلى ‬نظرية ‬المخاطر ‬والخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬وكذا ‬عدم ‬القيام ‬بصيانة ‬منشأة ‬عمومية، ‬وفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬الواردة ‬في ‬الدستور.‬
مع ‬الإشارة ‬إلى ‬أن ‬ما ‬تقوم ‬به ‬حركة ‬المجتمع ‬المدني ‬من ‬عمل ‬إنساني ‬خيري، ‬وما ‬يقدمه ‬المحسنون ‬من ‬دعم ‬مادي ‬للمتضررين، ‬وكذا ‬الهبات ‬والمساعدات ‬الملكية، ‬كل ‬ذلك ‬لا ‬يعفي ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وتعويض ‬الضحايا ‬جبرا ‬للضرر ‬الحاصل.‬
*محام ‬بهيئة ‬الدار ‬البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.