في رد فعل عاجل أملته التطورات الأخيرة التي عرفها انتشار «أنفلونزا الخنازير»، قرر المغرب تعليق استيراد لحوم الخنازير من الخارج، علما بأنه استورد من الخارج حوالي 200 طن من تلك اللحوم في 2006، في الوقت الذي لم تكن فيه الواردات تتعدى 7 أطنان في سنة 2000. ويشدد حميد بنعزو، مدير مديرية تربية المواشي بوزارة الفلاحة والصيد البحري، على أن المرض ينتقل عبر الإنسان، غير أنه يوضح أنه تم تعميم دورية على المصالح البيطرية في المناطق الحدودية من أجل الحيلولة دون دخول المنتوجات المتأتية من الخنازير التي توزع على الفنادق والمراكز التجارية الكبرى. وأشار بنعزو، في تصريح ل«المساء»، إلى أن الوضع الحالي فرض القيام ببعض التدابير الاحترازية على مستوى الضيعات التي تتولى تربية الخنازير في المغرب والتي تضم، حسب آخر التقديرات، 5000 رأس، وإن كان بنعزو يؤكد أن الثابت هو أن انتقال المرض يتم الآن من الإنسان إلى الإنسان على اعتبار أن الفيروس الحالي هو فيروس هجين، لأنه مزيج من فيروس أنفلونزا الخنازير والطيور والإنسان. ومن جانبه، أشار مدير معهد «باستور» بالدار البيضاء، محمد حصار، إلى أن اللقاحات ضد أنفلونزا الخنازير غير متوفرة إلى حدود الآن في المغرب، مضيفا أنها لن تتوفر إلا بعد ستة أشهر، مؤكدا أن اللقاحات المتوفرة الآن خاصة بالزكام، وموصيا، في الآن نفسه، بتناول قرص مضاد للحمى والإكثار من شرب الماء، إذا ما ارتفعت حرارة جسم الشخص، في الوقت الذي يتوجب فيه على المحيطين به عدم الاقتراب منه في حال ظهرت عليه أعراض أنفلونزا الخنازير، علما بأن منظمة الصحة العالمية أكدت أنه لا يوجد بلد في العالم بمنأى عن هذا الداء الذي يخشى أن يتحول إلى وباء. وكانت وزيرة الصحة أعلنت عن تشكيل لجنة وزارية لتتبع تطور «أنفلونزا الخنازير»، نافية في نفس الوقت انتقال الفيروس إلى المغرب، ومشيرة إلى أنه تم تجهيز النقط الحدودية والمطارات بكاميرات رقمية وتوفير 3 ملايين قناع إلى جانب كميات كافية من دواء تاميفلو، وإجراء فحوصات على المسافرين القادمين من الخارج. يتخوف العالم من انفلات إنفلونزا الخنازير من السيطرة، بسبب قدرة الفيروس على تجاوز الحدود بسرعة، تتحدى الجهود التي يبذلها من يهمهم الأمر في العالم من أجل حشد الوسائل التي تمكنها من التصدي لهذا المرض الذي يخشى أن يتخذ منحى وبائيا. يرى الخبراء أن سيناريوها أسود يهدد البشرية، يندر فيه امتزاح بفيروس الخنازير مع فيروس الطيور، مما يؤشر على بداية انتشار إنفلونزا آثارها غير مسبوقة، خاصة أن التوقعات تبدو متشائمة منذ اليوم الأول، بسبب الزحف القوي للفيروس الذي يبدو أنه من النوع الهجين الذي يجمع بين فيروسات الإنفلونزا عند الخنازير والطيور والإنسان. وتشير بعض التقارير التي تناولت إنفلونزا الخنازير إلى أنه إذا امتزج نوعان من الأنفلونزا في خلية واحدة، فإنها تفضي إلى إنتاج نوع قوي من فيروس الإنفلونزا شديدة العدوى. لا يعدم من يلاحظون ذلك الشواهد التاريخية على ما يذهبون إليه، فقد أفض امتزاج نوعين من الإنفلونزا إلى الوباء الذي تسببت في الإنفلونزا الآسيوية في سنة 1957و إنفلونزا هونغ كونغ في 1968، غير أن ذلك لم يتوقف عند ذلك الحد، بل طال الإنفلونزا الصين في 1997 وهولندا والصين في 2003. والنوع الجديد من الأنفلونزا الذي يزحف على العالم بسرعة مذهلة، ينذر كما يشير إلى ذلك بعض الخبراء بانتشار وباء يمتد على نطاق واسع، وهذا النوع من الفيروس هو الأخطر منذ انتشار إنفلونزا الطيور قبل عقد من الزمن. وقد عمدت منظمة الصحة العالمية إلى رفع مستوى الإنذار الوبائي إلى الدرجة الرابعة بسبب فيروس إنفلونزا الخنازير، وهو القرار الذي أفضت إليه مباحثات أجراها خبراء على مدى ساعات حول ما إذا كان الوضع الحالي يوجب رفع درجة الإنذار من الدرجة الثالثة إلى الرابعة بعد أن بدأ المرض يزحف على بلدان أخرى. وجاء قرار منظمة الصحة العالمية، الذي اتخذ أول أمس الاثنين، بعد أن تسبب الفيروس الجديد في وفاة149 شخصا في المكسيك، التي تعداها الفيروس الذي ينتقل بسرعة بين البشر، رغم أنه لم يتسبب في وفيات سوى في المكسيك حتى الآن، هذا في الوقت الذي اتخذت فيه بلدان أخرى العديد من الإجراءات لمحاصرة المرض، الذي بدأت أعراضه تظهر على بعض مواطنيها. وقال نائب مدير منظمة الصحة العالمية كيجي فوكودا، إن الوقت قد تأخر على محاولة احتواء فيروس إنفلونزا الخنازير. ونصح دول العالم بتركيز جهودها في الوقت الراهن على الحد من آثار الفيروس الذي ظهر بداية في المكسيك. كما حذر من أنه لا توجد أي منطقة في العالم بمنأى عن خطر فيروس إنفلونزا الخنازير. ويطلق على الفيروس على نطاق واسع اسم إنفلونزا الخنازير، رغم أنه يحتوي على مكونات إنفلونزا الطيور والبشر والخنازير ولم يظهر بالفعل بين الخنازير، وحللت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها عينات من فيروس إتش1 إن1 لبعض المرضى الأمريكيين الذين تعافوا جميعا وقالت إنه مزيج غير مسبوق من فيروسات إنفلونزا الخنازير والطيور والبشر. وقد حذر خبير صيني في علم الفيروسات، حسب ما نقلته وكالة رويترز، من احتمال انتشار وباء إنفلونزا الخنازير، وأضاف الخبير جوان يي، وهو أستاذ أكاديمي بجامعة هونج كونج، ساهم في مكافحة فيروس التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز) وإنفلونزا الطيور و ساعد على اكتشاف أن حيوان سنور الزباد هو السبب في تفشي وباء سارز عام 2003، «نحن على شفا وباء.. أعتقد أن تفشي هذا الفيروس بين البشر لا يمكن احتواؤه خلال فترة قصيرة.. هناك بالفعل حالات في كل المناطق تقريبا. الصورة تتغير كل لحظة». وتصف منظمة الصحة العالمية الفيروس، الذي يشمل خليطا من أنفلونزا الخنازير والطيور والبشر ويعرف باسم اتش1 إن1، في الوقت الحالي بكونه «حالة طوارئ بالنسبة إلى الصحة العامة تثير قلقا دوليا». وتقول إنها قد تصبح وباء أو انتشارا لمرض خطير على مستوى العالم. ونصحت منظمة الصحة العالمية الدول أول أمس الاثنين، بتكثيف استعداداتها لمواحهة إنفلونزا الخنازير، معتبرة أن إغلاق الحدود وفرض قيود على السفر لن يكون مفيدا في الوقت الراهن.، حيث قال كيجي فوكودا إن أفضل سبيل لمكافحة العدوى التي قتلت 149 شخصا في المكسيك وامتدت إلى الولاياتالمتحدة وكندا وأوروبا هو تخفيف الآثار لا الاحتواء. وشدد على أنه «لا يعتبر حدوث وباء محتوما في هذا الوقت .. الوضع مائع والوضع مازال يتكشف»، مشيرا إلى أن الخبراء يحتاجون إلى مزيد من البيانات لتحديد ما إذا كان التفشي يحتمل انتقاله من إنسان إلى إنسان وأنه يجب مواصلة إنتاج لقاحات إنفلونزا موسمية، مشددا على أن «منظمة الصحة العالمية يجب أيضا أن تراقب الوضع جيدا ويجب أن تسهل عملية ابتكار لقاح ضد هذا الفيروس الجديد من إنفلونزا الخنازير إتش1.إن.1».