حموشي يبحث مع نظيرته البلجيكية سبل الارتقاء بالشراكة الأمنية بين البلدين    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    استيراد ‬اللحوم ‬المجمدة ‬والطازجة ‬يدخل ‬مرحلة ‬التنفيذ..    العالم يحتفل باليوم العالمي لشجرة الزيتون    انتخاب المغرب رئيسا للمؤتمر السادس المعني بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية    ترقب لقرار إسرائيلي حول وقف إطلاق النار مع حزب الله ووزير الأمن القومي يعتبره "خطأ كبيرا"    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    أمن مراكش يوقف مواطنا فرنسيا من أصول جزائرية..    تطوان: اعتداء غادر بالسلاح الأبيض على مدير مستشفى سانية الرمل    بمناسبة الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء.. ائتلاف يدعو إلى المنع التام لتزويج الطفلات    تحقيقات هولندية تكشف تورط مغربي في اغتيالات وتهريب الكوكايين    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    وزير الأوقاف: أكدت لوزير الداخلية الفرنسي أن المغاربة علمانيون فصدم    لا شراكات على حساب الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة المغربية    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    المحامي والمحلل السياسي الجزائري سعد جبار: الصحراء الشرقية تاريخياً مغربية والنظام الجزائري لم يشرح هوسه بالمغرب        الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار    الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    حقوقيون مغاربيون يحملون الجزائر مسؤولية الانتهاكات في مخيمات تندوف        الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء المناطق المتضررة من زلزال الحوز    في سابقة له.. طواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية يعبر صحراء الربع الخالي    الوالي التازي يترأس لجنة تتبع إنجاز مشروع مدينة محمد السادس "طنجة تيك"    السكوري يلتقي الفرق البرلمانية بخصوص تعديلات مشروع قانون الإضراب    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    لاعبتان من الجيش في تشكيل العصبة    تكريم منظمة مغربية في مؤتمر دولي    المغرب يفقد 12 مركزاً في مؤشر السياحة.. هل يحتاج إلى خارطة طريق جديدة؟    ليبيا: مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يجدد التأكيد على أهمية مسلسلي الصخيرات وبوزنيقة    "البيجيدي": الشرعي تجاوز الخطوط الحمراء بمقاله المتماهي مع الصهاينة وينبغي متابعته قانونيا    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا فضحت الفيضانات عدم قدرة الدولة على حماية مواطنيها من الكوارث الطبيعية!
تحولت الفاجعة إلى ورقة للمزايدات السياسية بين المعارضة والحكومة بدل الاهتمام بمأساة الضحايا
نشر في المساء يوم 01 - 12 - 2014

رغم أن صورة شاحنة الأزبال وهي تحمل جثامين مواطنين مغاربة جرفتهم السيول في غفلة منهم، كانت أكثر من معبرة، وفضحت العجز والتقصير الممزوجين بالإهانة و«الحكرة»، اللذين تورطت فيهما الحكومة والسلطات والمنتخبون في التعامل مع الضحايا، إلا أن ما حدث يستدعي وبشكل ملح، طرق باب سؤال عريض حول من يتحمل وزر ما حصل، مادامت الدولة قد قررت وعلى أعلى مستوى ربط المسؤولية بالمحاسبة.
بعدما وقع تفرق المسؤولون والسياسيون إلى قبائل، منهم من فضل إغلاق الملف قبل فتحه، كما هو الشأن بالنسبة لوزير الداخلية، الذي اختصر المسافة وحمل المسؤولية للسائقين والمواطنين، وقال إنهم «لم يأبهوا لا لإنذارات النشرة الجوية ولا لتحذيرات مسؤولي السلطات المحلية».
في مقابل ذلك، لم تتردد أطياف من المعارضة في استغلال وحل الفيضانات، التي أودت بحياة 36 مغربيا، لترمي به الحكومة، وتطالبها بتقديم استقالتها، في حين اعتبرت هذه الأخيرة، وعلى لسان رئيسها أن الوقت الحالي ليس «موقف التدقيق في الأسباب والمسؤولية»، لتختبئ بدورها وراء موقف الأغلبية التي أكدت أن الظرف الحالي يستدعي إنقاذ المواطنين ومساعدتهم قبل البحث عن تحديد المسؤوليات.
رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي تبنى راوية وزير الداخلية، فضح دون أن يشعر وجود تقصير رسمي في التعامل مع الفيضانات رغم صدور نشرة إنذارية من الأرصاد الجوية تم تعميمها، وذلك حين تحدث خلال اجتماع المجلس الحكومي، وبعد سقوط قتلى، وتشريد المئات عن «اتخاذ قرار بالتعامل الصارم والحازم مع المواطنات والمواطنين من أجل المنع المباشر من اجتياز الأودية أو القناطر التي تكون معنية بقرارات الجهات المختصة بشأن عدم السماح باجتيازها».
كلام بنكيران أدرجه بعد حديثه عن مقاطع فيديو تعرض بعض السيارات والشاحنات التي جرفتها المياه جراء قيام السائقين بعبور تلك الأودية والقناطر، وهو ما يطرح سؤالا عريضا حول عدم إقدام الجهات المعنية على اتخاذ قرار المنع الذي لن يكلف شيئا بشكل قبلي، رغم وجود ما يسمى بلجن اليقظة، ورغم وجود لائحة سوداء تضم حوالي500 نقطة تشكل خطرا داهما على المواطنين.
ما حدث بكلميم وفي مدن أخرى من المغرب يبين بالملموس أن قصة المغاربة مع الفواجع والكوارث متشابهة رغم اختلاف التفاصيل، وستستمر لأن مسؤولينا يبحثون قبل تشييع الضحايا عن المبررات، ويدفنون رؤوسهم في الرمل، لأن الاستقالة والاعتراف بالمسؤولية غائبة، وليس لها مكان داخل الأحزاب ومؤسسات الدولة.
كما أن فاجعة الفيضانات وفي ظل الخسارة الثقيلة في الأرواح تفتح المجال أيضا للبحث في طريقة تنفيذ صفقات البنيات التحتية التي تكلف الملايير، فرغم أن وزير الداخلية وجد في المقارنة حلا سهلا بعد أن قال إن ما حدث يقع في دول أخرى، وأن الفيضانات بفرنسا أودت بحياة 13 شخصا، لكنه نسي أن فرنسا لا تنهار فيها قناطر بعد مرور أربعة أشهر على تشييدها، ولا تختفي فيها طرق حديثة العهد وكأنها أثر بعد عين، ما يدل على أن في القصة رائحة فساد تحكم على البنيات التحتية بأن تغادر مكانها وتستسلم بسرعة لتختفي مع السيول.
التفاعل والتعاطي مع هذه الكارثة وجه ضربة موجعة للسلطات والحكومة والفاعل السياسي عموما، بعد أن فجرت الصور التي فضحت كيف يتم التعامل مع المغاربة أحياء أو أمواتا، احتقانا شعبيا لن ينفع معه الغضب المعلب الذي عبر عنه رئيس الحكومة وهو يقول بان «كرامة المواطنين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، لا تقبل أن ينقلوا في شاحنات غير لائقة، مهما كانت الظروف»، وأن «ما وقع أمر غير مقبول، لأن المغرب دولة لها إمكانياتها»، لكنه نسي بدوره أن نفس الصور كشفت أن هذه الإمكانيات غابت عن المغاربة، وظهر بعضها وهو ينقذ سياحا عالقين بعد أن شفعت لهم جنسياتهم الأجنبية دون أن يتحملوا وزر مسؤولية المخاطرة بأرواحهم، وهي نفس التهمة التي وجهت للمواطنين المغاربة.
الفيضانات التي وقعت كشفت أيضا أن المسؤولين المغاربة لا زالوا مدمنين على الاستيقاظ بشكل متأخر لذا لم يتم إرسال الوحدة الوطنية المتنقلة للتدخل التابعة للمديرية العامة للوقاية المدنية، صوب المناطق التي حاصرتها الفيضانات، إلا بعد أن وقعت الفأس في الرأس، وهو ما يعري قصورا خطيرا في الحس الاستباقي الذي من المفترض أن تتعامل به الحكومة مع تساقطات عاصفية تم الإنذار بها بشكل مبكر، علما أن التغيرات المناخية التي تعيشها معظم الدول بما فيها المغرب تفترض إدماج مخطط للتعاطي مع مثل هذه الحالات التي ستتكرر مستقبلا ضمن السياسات العمومية.
حاليا يغرق النقاش السياسي في ضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق طالبت بها فرق من الأغلبية والمعارضة لتحديد المسؤولية، وهو طلب سيحكم عليه أن يبقى ضمن خانة النوايا الحسنة، حتى وإن تم فعلا تشكيل لجنة تقصي بشكل رسمي، لأن معظم هذه اللجن بترت أقدامها قبل الوصول إلى الحقائق، وحتى تلك التي زحفت ووضعت الأصبع على مكن الخلل لم تغير من واقع الأمر شيئا أمام لعبة استمرار تقاذف المسؤوليات، وتغليب الهاجس الحزبي والسياسي، والرهان على الذاكرة القصيرة التي تطبع أداء وسلوكات المسؤولين بالمغرب.
وللذكرى، التي تنفع المؤمنين، فقبل ما وقع في كلميم عشنا قصصا وحكايات مأساوية مشابهة لأطفال لفظوا أنفاسهم بفعل البرد، وحوامل قضين وهن محمولات فوق النعوش، وعاملات وعمال ماتوا حرقا في مصانع عشوائية، ومواطنين تحولت عمارات لمقابر لهم بعد انهيارها، دون أن يتحرك الطير الذي فوق رؤوس المسؤولين المغاربة.. فعلى من تقع المسؤولية إذ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.