«الفضيحة» هي العنوان الأفضل الذي يمكن أن نصِف به ما حدث طيلة الأيام الأربعة الماضية في أقاليم عدة من الوطن، حيث تأكد بالملموس أن أرواح المغاربة رخيصة إلى حد كبير، بدليل الشكل الذي تدخلت به السلطات المحلية لإنقاذ مئات الأشخاص الذين داهمتهم السيول الجارفة، حيث كان واضحا ضعف التجهيزات التي سخرت لهذه الغاية، بل انعدامها في عدد من القرى، إذ اضطر السكان إلى استعمال وسائل بدائية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح. وحتى جثث أولئك الذين لفظتهم الوديان الجارفة لم يكن حظهم أحسن بعد أن حملوا في شاحنة لنقل الأزبال- «أعزكم الله»- وكأن بعض المسؤولين يمعنون في تذكيرنا بأن قيمتنا ونحن أحياء هي نفسها قيمتنا وأرواحنا في السماء. هي فضيحة بكل المقاييس كذلك لأن هذه المناطق كانت موضوع نشرات إنذارية من مديرية الأرصاد الجوية، ولكن المسؤولين لم يأخذوها بعين الاعتبار ولم يغادروا مكاتبهم الوتيرة لتفقد الأماكن المهددة وتنبيه المواطنين بضرورة التزام الحذر، وكلنا تابع مسلسل تبادل الاتهامات بين عدد من المنتخبين ووالي إقليمكلميم لتبقى أرواح المغاربة رهينة حساسيات وحسابات سياسوية بدل تعبئة الجهود وبعث روح التضامن بين المواطنين لتجاوز المحن التي يعيشها بنو جلدتهم. وللأسف الشديد تحول موت المغاربة إلى موت فرجوي منقول عبر الهواتف المحمولة حتى صار مادة دسمة تجلب النقرات في مواقع التواصل الاجتماعي. نعتقد أن ما حدث يستلزم فتح تحقيق مع المسؤولين عن تشييد قناطر وطرق جرفتها السيول، من مهندسين ومقاولين ومراقبين وآمرين بالصرف.. لكن هل هؤلاء وحدهم من يتحمل وزر ما حدث؟ ألا يتحمل كثير من المواطنين المسؤولية أيضا؟ فعدد من حوادث الغرق تسبب فيها أيضا أصحاب سيارات أجرة وشاحنات أصروا على المرور رغم التنبيهات. إن رعونة البعض واستهتارهم يكلفنا الشيء الكثير.. رحم الله الضحايا وأملنا أن نستوعب جميعا درسا كلفنا أرواح عشرات الأبرياء.