حظيت مباراة فريقي الرجاء والمغرب الفاسي التي جرت أول أمس الأحد، بملعب محمد الخامس بالدار البيضاء باهتمام كبير، ليس لأن الفريق «الأخضر» خاض مباراة في إطار البطولة برغبة تحقيق النقاط الثلاث، ولكن لأن المباراة خصصت لتكريم الراحل زكريا الزروالي الذي خطفه القدر وهو يدافع عن قميص الرجاء في وفاة هزت الكثيرين. لقد حضرت عائلة الزروالي المباراة، وأعطى ابنه المهدي انطلاقتها، وسط تصفيق حار واستقبال أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه رائع بكل المقاييس. في المدرجات رددت جماهير الرجاء لازمتها الشهيرة «الله يرحم الزروالي» رافعة صور اللاعب، أما فوق أرضية الملعب فإن الوقائع كانت مؤثرة جدا، لقد ذرفت والدة الزروالي الدموع، واجهش والده ميمون بالبكاء وقدماه تطأ أرضية الملعب الذي صال ابنه وجال فيه، أما الصغير المهدي فإنه ظل يحيي الجمهور الحاضر ببراءة الأطفال، دون أن يدرك بعد أن والده حمل قميص هذا الفريق، وأن جمهور الرجاء يبادله وفاء بوفاء، وأن ذكرى الأب ستظل حاضرة دائما في قلوب جماهير الفريق «الأخضر». لقد نجح جمهور الرجاء بحضوره اللافت في أن يسجل نقاطا إيجابية، وأبان عن حس إنساني كبير، تماما كما أبان عن تفاعل مع ما يجري بفريقه، وهو يرفع «تيفو» يطالب اللاعبين بالقتالية من أجل الفريق وليس من أجل المال، كما أن هذا الجمهور أكد أن بمقدوره أن يكون قوة دفع وأن يساهم في تغيير الكثير من السلوكيات عندما قام بحملة تنظيف لملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، نتمناها أن تتكرر بشكل دائم، وتصبح عنوانا لسلوك هذا الجمهور وغيره من جماهير الفرق الأخرى، فهنا يمكن أن يكون التنافس، بل إن مفعول مثل هذه الحملات أقوى وأشد وقعا من انتصارات الفريق فوق العشب الأخضر. وإذا كانت كل هذه نقاط إيجابية للجمهور «الأخضر»، إلا أن نقاطا سلبية أخرى ألقت بظلالها، فرمي المدرب واللاعبين بالقنينات ليس سلوكا حضاريا، ومحاصرة المدرب وهو في طريقه إلى مغادرة الملعب ليس مقبولا، كما أن الدخول في ملاسنات مع اللاعب بورزوق أو غيره من اللاعبين يجب القطع معه. كرة القدم ومبارياتها مجال للاحتفال، ولترسيخ سلوكيات جديدة، أما السب والشتم، فإنه عنوان تخلف، لذلك على جمهور الرجاء أن يحافظ على الأمور الإيجابية التي أبان عنها في مباراة المغرب الفاسي وأن يتجنب كل ما من شأنه أن يشوش على هذه الصورة الجميلة ويجعلها سوداء.