في يوم رياضي لن يسناه الجمهور سريعا، في ذلك الأحد الحزين.. توقف الفرح في مباراة الجيش والجديدة.. اقتحم الجمهور أرضية الملعب والحصيلة إصابات متفرقة بين الجمهور ورجال الأمن.. وجرح الحدث لن يندمل بفعل كلمات الأسى والحسرة.. قال لي صديق متيم بعشق الكرة.. يحلو له دائما أن يتابع المباريات من مدرجات الملاعب : لماذا ننهي مبارياتنا على إيقاع الشغب؟ وهل التشجيع مرتبط أساسا بتكسير الكراسي والإساءة لجمهور عاشق؟ كيف يمتزج عندنا الفرح بالغضب؟ و لماذا يجد المتفرج المتعصب متعته على حساب تعاسة وخسائر الآخرين؟ كنت أعرف أن صديقي يبحث عن إجابة مقنعة لسؤال ظل عالقا طيلة سنوات مضت.. يبحث عن الترياق لمرض ينخر جسد الكرة المغربية.. «ضارو راسو بهاد الشغب».. وتذكرت حينها زميلا عزيزا، لا يهتم كثيرا بالرياضة، لا يحفظ ودا لأي ناد معين.. وكنت كلما كلمته في الكرة يقول بنبرة الغاضب «قْلب الصفحة».. كان يردد أمامي لازمته المعهودة: «لن أتفرج على أقوى المباريات حتى وإن لعب الفريقان بالصالون ديال الدار».. ولكنه كان يكره فعلا شيئا وحيدا اسمه الشغب الرياضي.. يكره أن تتحول الكرة إلى مصدر لأوجاع الآخرين.. يرحل الجمهور إلى الملعب ليكسر المقاعد، ويحدث فوضى غير مبررة، وكم من مشجع ذهب إلى الملعب ليوقع أحيانا على خلاصه.. وكم من عاشق أصبح فقيد عنف رياضي في مباراة لكرة القدم.. لفظ أنفاسه الأخيرة وتحول إلى ضحية شهيرة في عالم الكرة.. ففي الداخلة انتقل يوما سبعة أشخاص إلى عالم الأموات.. فهل من عشق الكرة ما قتل؟ في مباراة رياضية بين الجيش الملكي والدفاع الجديدي، كسر الجمهور ثريا المتعة الرياضية، وتحول الملعب إلى ساحة حرب استعملت فيها الهراوات.. مصابون ومعتقلون ونهاية حزينة ليوم رياضي.. يوم في الجحيم.. متى سنتعلم ثقافة التشجيع.. ويصبح عندنا مشجع منظم يعرف ماله وما عليه، ولو أني أعرف أن أغلبية المشجعين لا يشاهدون المباراة، يتعرفون على النتيجة فقط.. وربما قد يختلط على البعض منهم معرفة الفريق الفائز، خاصة مع انعدام سبورات إلكترونية تنقل الوقت والنتيجة.. همهم الوحيد هو البحث عن لحظات متعة، قد يأتي التعبير عنها بصيغ مختلفة... وبرغم الملصقات والشعارات، لازال الجمهور المغربي يفتقد العديد من خصوصيات التشجيع العقلاني.. والأمر لا يتعدى أن يكون عاملا نفسيا تتداخل فيه مبادئ التربية ونمطية التشجيع.. ونهج خالف تعرف.. ولو أني أفضل لو أن بعض أنديتنا الكبيرة عملت على خلق فضاءات في ملاعب التدريب لتعليم أصول التشجيع الرياضي الذي يبتعد عن الشغب، عنوانه المثير الروح الرياضية.. نكون من خلالها جيلا جديدا من المشجعين الذين يحترمون فريقهم وخصومهم، وممتلكات الغير.. حتى لا تصبح الرياضة فضاء للتخريب.. ويضطرنا لقاء رياضي إلى استنفار أمني.. وحراسة مضاعفة وكأننا نستعد لحرب رياضية.. هكذا تعلم الجمهور الرياضي أن يترجم تشجيعه بالشغب.. وقد نحتاج معه لجلسات في علم النفس.. لمحاضرات وندوات، لننقل له الصورة الأخرى عن المشجع المثالي الذي يفرح بأدب، ويغضب بأدب.. لا يترجم فرحه بالفوضى، ولا تدفعه الهزيمة إلى شغب يرش الملح على جراح رياضتنا التي تعاني من مرض التواضع منذ سنين.