انتفض العشرات من المواطنين في مسيرة احتجاجية نظموها، أول أمس، بالقنيطرة، للمطالبة بالحق في السكن وتزويد أكواخهم بخدمة الكهرباء، الذي ظلوا محرومين منه لفترة طويلة دون الوصول إلى حل لهذه الأزمة. المحتجون القاطنون بمنطقة «أولاد امبارك» وتجزئة «جنان 2» قرروا الخروج إلى الشارع، للتنديد بمظاهر الحيف والاستغلال الذي يمارس عليهم، حيث رفعوا شعارات تشجب سياسة الآذان الصماء وتستنكر عدم الاستجابة لمطالبهم المرتبطة أساسا بتوفير ظروف العيش الكريم، بعدما توقفت منذ مدة عمليات ترحيلهم وفق الشروط التي تحفظ لهم كرامتهم وتراعي وضعهم الاجتماعي الهش. وكشفت مصادر «المساء»، أن الاحتقان عاد بشكل قوي إلى المنطقة، مباشرة بعد انفجار المحول الكهربائي، مطلع الأسبوع الجاري، الأمر الذي حرم معظم سكان حي «أولاد امبارك» من الإنارة، ودفعهم إلى الخروج بشكل عفوي في مسيرة حاشدة للمطالبة بربط منازلهم بهذه المادة الحيوية، بكيفية تراعي قدرتهم الشرائية، وتعفيهم من تأدية مبالغ الغرامات، التي كانت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء تهدد بتطبيقها عليهم، بعد ثبوت قيام العديد من المواطنين بالاستفادة من الكهرباء بطريقة غير شرعية. المسيرة، التي انطلقت عشية اليوم نفسه، من وسط الأكواخ الصفيحية، وشارك فيها العشرات من النساء والأطفال، تمت محاصرتها من طرف عناصر القوات العمومية، قبل الوصول إلى شارع محمد الخامس، حيث تم ثنيهم عن مواصلة مسيرتهم التي كانوا يقصدون بها مقر ولاية جهة الغرب الشراردة بني احسن للتنديد بالمماطلة والتسويف في حقهم المشروع. وحاولت السلطات الولائية امتصاص غضب المحتجين، حيث شوهد كل من باشا المدينة ورئيس الدائرة وكذا قائد المقاطعة السادسة، في حوارات في عين المكان مع مجموعة من المواطنين، قصد إقناعهم بالعدول عن الاستمرار في المسيرة. وطرح المسؤولون حلولا قالوا إنها ستعالج بعضا من المشاكل العالقة، وتعهدوا بتطبيقها والسهر على تنفيذها، بعدما ظل المحتجون يتهمونهم بالكذب عليهم وتقديم وعود تحايلية غايتها احتواء الاحتجاجات، وهو ما تصدى له الباشا حميد لغليمي بالقول «السلطة لا تكذب، ولا تحتقر المواطنين ولا تقوم بالمزايدات، نحن بصدد اعتماد مقاربة ناجعة للقضاء على السكن العشوائي، والسيدة الوالي حريصة على أن يجد المشكل طريقه نحو الحل النهائي في أقرب الآجال». وطمأن المسؤول المذكور المواطنين الغاضبين، وطلبهم بقبول مقترح استعمال العداد المشترك من أجل تمكينهم من الكهرباء كحل مؤقت ريثما يتم انطلاق عملية الهدم، خاصة وأن تشييد محول كهربائي جديد يتطلب الكثير من الوقت بعد الخسائر المادية الفادحة التي تكبدتها الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء في هذا الإطار. ولم تهدأ الاحتجاجات إلا بعدما تلقى السكان وعودا بعقد اجتماع، في اليوم الموالي، تحضره جميع الأطراف المعنية، لتدارس مشكل السكن، وتمكينهم من محاضر رسمية توثق للقيمة الحقيقية لثمن البقعة وتكاليف الربط بالماء والكهرباء بالنسبة ل»جنان 2» وباقي الجنانات، التي تشهد عملية التجهيز . وقال هشام مداحي، رئيس جمعية دار الكرم التي تنشط في المنطقة، في تصريح ل«المساء» «لقد آن الأوان من أجل وضع حلول جذرية تمكن السكان من سكن يصون كرامتهم، وعلى الجهات المتدخلة أن تفتح قنوات التواصل مع فعاليات المجتمع المدني باعتبارها فاعلا أساسيا في المنطقة»، وأشار إلى أن جمعيته سبق وأن دقت ناقوس الخطر في عدة مناسبات، باعتبار أن ملف السكن بأولاد امبارك قنبلة موقوتة.