مازالت تداعيات طلب المغرب تأجيل تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم 2015 بسبب تفشي وباء «إيبولا» في القارة الإفريقية تثير الكثير من ردود الفعل. فبينما ألمح «الكاف» إلى رفضه تأجيل البطولة، وإن كان أبقى الباب مواربا إلى غاية اجتماع مكتبه التنفيذي بالجزائر في 3 نونبر المقبل على هامش مباراة إياب نهائي عصبة الأبطال الإفريقي، فإن طلب المغرب فتح الباب أمام الكثير من القراءات والاستنتاجات. وإذا كان مفهوما أن يرفض «الكاف» قرار التأجيل في الوهلة الأولى ويحاول البحث عن مخرج، فإنه مفهوم أيضا ضغط المستشهرين والقنوات التلفزيونية الحاصلة على حقوق البث، لكن مع ذلك فإن سؤال هل تسرع المغرب في طلب تأجيل النهائيات يبدو طارحا لنفسه بقوة. لقد ظل وزير الشباب والرياضة محمد أوزين ومعه الحسين الوردي وزير الصحة يؤكدان أن المغرب جاهز لمواجهة «الإيبولا» وأنه اتخذ كل الاحتياطات اللازمة، بل إن أوزين سبق وأكد في وقت سابق أن تأجيل النهائيات أمر غير مطروح، لكن الأمور تغيرت كليا بعد أن قدم المغرب طلبا رسميا لتأجيل البطولة مستندا في ذلك على تقارير منظمة الصحة العالمية والعدد المهول من الوفيات الذي بلغ سقف 4000 ضمن 8000 مصاب بالداء، والخوف من أن يؤدي اختلاط الجماهير إلى انتشار الوباء. لكن عندما نحاول أن نتابع بهدوء خارطة «الإيبولا»، سنجد أن البلدان المعنية به بدرجة أولى هي سيراليون وغينيا وليبيريا ونيجيريا التي يعرف فيها انتشارا كبيرا، وللمفارقة فإن جميع منتخبات هذه البلدان لن تشارك في النهائيات، بما فيها منتخب نيجيريا الذي يملك في رصيده نقطة واحدة، ويحتاج إلى معجزة بما تحمل الكلمة من معنى ليتأهل إلى النهائيات. وإضافة إلى ذلك فإن أغلب الجماهير التي تساند منتخباتها في نهائيات كأس إفريقيا تأتي من أوروبا، وليس من إفريقيا، هذا ناهيك عن أن عددها لا يصل إلى المليون كما أكد أوزين في تصريحات صحفية، بل إنه في افضل الحالات سيصل إلى 400 ألف، هم الذين يحرصون على متابعة البطولة، فألم يكن ممكنا التشدد في الإجراءات أو التقليل من أعداد الجماهير الوافدة، خصوصا أن الخطر الحقيقي للإيبولا بالنسبة للمغرب، هم أفارقة جنوب الصحراء الذين يدخلون إليه مشيا على الأقدام. ثم إذا تمسك المغرب بقرار التأجيل ونظمت البطولة في بلد آخر، ومرت دون أي أثار جانبية، فكيف ستكون صورة المغرب، الذي يقدم نفسه على أنه واحة وسط صحراء إفريقيا. وإذا كان الخوف بهذه الحدة، فلماذا مازالت طائرات الخطوط الملكية المغربية تشد الرحال إلى الدول المعنية بالوباء، ولماذا رخصت السلطات لغينيا بخوض مباراتين في تصفيات كأس إفريقيا بالدار البيضاء. إنها بعض من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة، بأمل ألا يكون طلب التأجيل قرارا متسرعا.