سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عزيز الرباح: نتائج الإصلاح لا تكون سريعة وتحتاج إلى الوقت لكي تنضج رد على غلاب قائلا: رجل الدولة لا يدخل في «البوليميك» والمؤسسات المعنية ستقرر في صفقة الرادارات
في هذا الحوار يرد عزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز واللوجيستيك، على تصريحات الوزير السابق، كريم غلاب، بشأن صفقة «الرادارات» ومسؤولية الحكومة في صيانتها، والإجراءات التي سيتم اتخاذها بشأن نتائج عملية الافتحاص. ويؤكد الرباح، تعليقا على تحذير وزير الفلاحة والصيد البحري من تأثير عمليات جرف الرمال على الحياة البحرية، أن من واجب الأخير أن يحمي الثروة السمكية، لكن من واجب وزارة النقل والتجهيز أن تؤطر من جانبها قطاع المقالع. - حذر وزير الفلاحة من التأثير البيئي لجرف الرمال على الحياة البحرية، وسبقته في ذلك الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة. هل هناك خلاف حكومي حول هذا الموضوع؟ أنا أيضا أحذر من التأثير البيئي لمشاريع جرف الرمال، ولهذا يتضمن مشروع القانون الجديد إعداد دراسة التأثير البيئي في أي مقلع، سواء كان في البر أو البحر. وهي الدراسة التي لا يمكن اعتمادها إلا بعد الموافقة البيئية، التي تؤطرها قوانين البيئة، وتمنحها لجان جهوية متخصصة في هذا المجال. نحن اليوم أمام خيارين: إما أن نحمي ثرواتنا بقوانين تؤطر استغلالها، وتجعلها تساهم في قطار التنمية والتطور أو نستمر في الاشتغال بمنظومة ترجع إلى سنة 1914، ونعرف جميعا سلبياتها وآثارها ليس فقط على البيئة، بل على السكان وعلى الاقتصاد الوطني. فجميع الدول تضع قوانين وضوابط للحد من التأثير السلبي على البيئة، والقانون المتعلق باستغلال المقالع جاء بسبب غياب إطار تشريعي متكامل للحد من الآثار السلبية. ويجب أن نحذر من التأثير البيئي ليس في المقالع فقط، بل في كل المشاريع والأوراش والبرامج، فليس هناك مشروع استثماري، صناعي أو فلاحي أو سياحي، ليس له تأثير على البيئة، فإقامة منطقة سياحية تمر عبر اقتلاع الأشجار، وإذا تم تشييدها في منطقة ساحلية لا بد من وضع قنوات الصرف الصحي، ونفس الشيء بالنسبة لبناء الطرق السيارة والسكك الحديدية الخ. اليوم وضعنا هذه المنظومة، التي قد تكون عليها بعض الملاحظات، التي يمكن أن نعالجها مع الوزارات المعنية. كما سنناقش مقترحات البرلمانيين كي يكون لدينا إطار قانوني نحاصر به الآثار السلبية للمقالع بصفة عامة وجرف الرمال بصفة خاصة. الأمر الثاني الذي أريد أن أضيفه هو أننا وجدنا دراسة بدأت منذ سنوات في الحكومة السابقة، وشاركت فيها جميع الوزارات بدون استثناء، وحددت المواقع التي يمكن أن تحتضن نشاط جرف الرمال. - القانون خضع للمصادقة داخل المجلس الحكومي. هل هذا يعني أن أي انتقاد بعد هذه المسطرة سيكون متأخرا؟ لقد صدر قانون سنة 2002، لكنه لم يطبق بسبب عدم إصدار مراسيمه، وأيضا بسبب التنصيص على مقتضى يقول إنه إذا لم تصدر المراسيم في ظرف سنة فإن القانون يلغى. وهذا الأمر غير مفهوم لأن هذه الجملة أدت إلى إفشاله منذ البداية، إذ لا يمكن إلغاء قانون بحجة عدم إصدار مراسيمه. كانت هناك محاولات أيضا في حكومتي عبد الرحمان اليوسفي وإدريس جطو، وجاءت حكومة عباس الفاسي، التي صدر فيها منشور في الموضوع، غير أنه لا يرقى إلى قوة القانون الإلزامية. الآن بعد سنتين من المشاورات مع جميع الوزارات والمهنيين والبرلمان واللجنة الوطنية للمقالع أصدرنا هذا النص. ومع ذلك، فأثناء عملية المصادقة والقراءة البرلمانية يمكن أن تكون هناك مستجدات يعبر عنها الوزراء الممثلون لباقي القطاعات. ويبدو لي أن هناك توجها للتفصيل في بعض الأمور. كما أن فريق التجمع الوطني للأحرار جاء بمقتضيات ضابطة لجرف الرمال. وهنا لابد أن أشير إلى وجود ثلاثة أنواع من جرف الرمال: الأول يتعلق بالصيانة. إذ يستحيل على الموانئ والبُحيرات وغيرها أن تستمر فيها سلاسة تدفق المياه بدون جرف الرمال، وهو أمر ضروري وإلزامي، وإلا ستموت هذه الموانئ، التي تعرف استثمارات بمليارات الدراهم. النوع الثاني هو الجرف المتعلق ببناء الموانئ وتوسيعها، فميناء طنجة المتوسط، مثلا، يحتاج إلى عمل ضخم، شأنه في ذلك شأن كل الموانئ الجديدة. والنوع الثالث مرتبط بالتجارة. إذ أن الدولة تعلن عن صفقة من تلقاء نفسها، وتلزم المستفيد منها بإنجاز الدراسة البيئية، وعلى رأسها الآثار على الحياة البحرية. ولا يمكن الترخيص إلا بعد الموافقة البيئية. - إذن ليس هناك أي تناقض في مواقف وزراء الحكومة. ليس هناك أي تناقض، فوزير الفلاحة والصيد البحري من واجبه أن يحمي الثروة السمكية، ومن واجب وزيرة البيئة أن تحمي البيئة، ووزارتنا من واجبها أن تؤطر قطاع التجهيز والنقل والمقالع. - لكن كيف ستحد من بعض الممارسات غير القانونية من قبيل نهب الرمال أو توسيع عملية الاستغلال إلى مواقع غير مرخصة؟ مشروع القانون يتضمن مقتضيات مهمة وضرورية، أولها الاستمرار في فرض صفة التحرير، التي ينص عليها ظهير 1914. بمعنى أن المغاربة، مواطنين وشركات، سواسية من أجل الاستثمار، وألا يبقى هذا الاستغلال حكرا على البعض. هذا المشروع جاء أيضا بفكرة تبسيط المساطر، لأنه لم تكن هناك، مع الأسف، عدالة في منح التراخيص، فهناك من يحصل عليها بسرعة، وهناك من يعاني كثيرا ليحصل عليها، وهناك أقاليم تعرف سرعة في البت في الطلبات، وأخرى بطيئة. ولذلك وضعنا معايير موحدة وطنيا. العملية الثانية هي تثمين الموارد. إذ ينص القانون على تقديم تسهيلات لمن يريد استغلال المواد من أجل صناعة مواد البناء مثلا. أما المحور الثالث فوضعنا فيه التزامات واضحة، بيئية وتقنية، لمن يريد أن يستغل مقلعا. ويتضمن المحور الرابع عملية المراقبة. إذ نص مشروع القانون على أننا سنراقب أثناء الإنتاج بوسائل تكنولوجية وطبوغرافيين ومكاتب دراسات بيئية. كما سنراقب في أماكن الاستهلاك أو الاستعمال لمعرفة الكميات المستغلة، وكذا جودة الرمال المستعملة في مشاريع البناء والسكن والمصانع والتجهيزات. المحور الخامس يتضمن مقتضيات انتقالية، حتى نمكن المستفيدين، الذين يستغلون المقالع خارج هذا القانون، من الخضوع له تدريجيا. إذ لا يمكن تطبيقه منذ اليوم الأول، بل سنمنح فترة انتقالية تصل إلى سنتين، وهو ما سيمكن من إدماج القطاع غير المهيكل. وهنا لابد أن أكون صريحا، فصحيح أن هناك من لا يحترم القانون ويترامى على ثروات البلاد، لكن الأغلبية تريد احترام الضوابط. طبعا عندما يرى البعض أن مسطرة الترخيص تأخذ مدة طويلة تصل إلى سنتين، فيما يرخص لآخرين في ظرف وجيز، فإنهم يلجؤون بدورهم إلى وسائل أخرى. فكثير من الأمور التي يلجأ فيها الناس إلى القطاع غير المهيكل سببها تعقد المساطر، أو عدم عدالتها. لهذا عندما سنبسط المساطر وتصبح عادلة وتطبق على الجميع، سينضبط عدد من المشتغلين في القطاع غير المهيكل للقانون، باستثناء الأشخاص السيئين الذي سيتم ضبطهم عن طريق المراقبة. - وكيف ترد على مخاوف المهنيين من العقوبات الحبسية؟ كان هناك نقاش في البرلمان، ولا أريد أن أستبق الأحداث. كانت هناك إشارات إلى إلغاء العقوبات الحبسية، وأنا لست متمسكا بحجم الغرامات ولا بالعقوبات الجنائية، لكن لا بد من وضع حد للعبث في هذا المجال. وأنا أتساءل: كيف يمكن أن نواجه من يستعمل هذه الثروة خارج إطار القانون، وبدون حسيب ولا رقيب؟ كيف سنحاسب من يروج لرمال غير صالحة يتم استعمالها في البناء، وبعد ذلك تنهار المنازل؟ كيف نواجه شخصا لا يؤدي باستمرار ما عليه للدولة؟. ربما إذا كانت الغرامات كافية وزاجرة فلا داعي للعقوبة السجنية. لكن، في بعض الحالات، هناك من لا تنفع معه الغرامات، لأنه يشتغل بدون ترخيص، ويستعمل مركبات غير مرقمة، وغير ذلك من المخالفات. وعليه، فإنني مع الغرامات بالدرجة بالأولى، لكننا سنناقش الحالات الاستثنائية، التي يتم فيها سحب الرخص وفرض عقوبة السجن. - أين وصل العمل في ملف مقلع الغاسول؟ مقلع الغاسول من المقالع المهمة، وأنتم تعرفون بأنه كانت هناك شركة واحدة تستغله وفق مساطر معينة، لكننا اليوم أخضعناه لطلب عروض. بصيغة أخرى، هذا المقلع سيخضع للمنافسة بالنسبة لمن يريد أن يستثمر فيه. وبالمناسبة، أذكر، في نفس السياق، أننا نشتغل، بتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة، على تثمين باقي مواد البناء، حيث بدأنا الدراسة بابن سليمان وتازة وصفرو والسمارة، ومواقع الرخام والغاسول. إذ ستتم إقامة مناطق صناعية كي تستفيد هذه المناطق ويتم تشغيل أبنائها، بتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، التي تشرف على القطاع. - كانت لوائح مأذونيات النقل من بين اللوائح التي تم نشرها. كيف ترد على من طرحوا سؤال: «وماذا بعد»؟ لابد من التذكير، في البداية، بأن الإعلان عن لوائح المأذونيات كان مطلبا جماعيا، وأن الدستور الجديد نص على الحق في الوصول إلى المعلومة ونشرها، والحكومة أعدت قانونا في هذا الإطار، ونحن اليوم نعيش مرحلة جديدة عنوانها الشفافية والحكامة. ولا بد من التأكيد على أن هذا شأن عام وليس شأنا خاصا، ومن حق المواطن اليوم أن يعرف من يملك هذه الرخصة وهذا المصنع وذاك المقلع، ومن يركب هذه الحافلة، خاصة إذا تعلق الأمر بالخدمة العمومية لنقل المسافرين، التي يتم تفويضها للخواص. ونحن استجبنا لهذا المنطق الدستوري والمطلب الجماعي للمغاربة، وبلادنا قررت الدخول إلى منطق الديمقراطية والحكامة والشفافية، وهو قرار لا رجعة فيه، رغم وجود بعض المحاولات للرجوع إلى الوراء، لكن هذه المحاولات لن تنجح. قبل الإعلان عن اللوائح كان كل طرف ينظر إلى هذا الموضوع بطريقته، وكان الجميع متهما، فالبرلماني والوزير ورجل الأعمال والصحافي وغيرهم أصبح ينظر إليهم كمشروع ريع، لكن نشر اللوائح أدى إلى إعطاء صورة واضحة حول من ورثوا مأذونيات منذ عهد الاستعمار، ومن ورثوها عن عائلاتهم، أو من استفادوا منها في إطار الدعم الاجتماعي، أو من استفادوا منها دون أن يكونوا في حاجة إليها، فضلا عن توضيح العلاقة بين صاحب المأذونية والمستغل (70 في المائة من المأذونيات مكتراة). - هل قمت بسحبها؟ لا يمكن ذلك لأن القطاع بني على هذا النمط منذ عقود. لكن أول ما قمنا به هو وضع دفاتر تحملات لباقي أنواع النقل كنقل المستخدمين والنقل المدرسي والنقل السياحي، الذي وضعنا له دفتر تحملات لنضمن جودة الخدمات التي يشتكي منها السياح. كما حررنا النقل في العالم القروي، حيث اكتشفنا أن هناك من تمنح له الرخصة لسبب أو آخر، وهو ما يؤدي إلى انتشار ظاهرة النقل السري، مع العلم أن هناك 13 مليون مغربي ينتقلون عبر النقل القروي، ونحن نشتغل مع وزير الداخلية لتحرير هذا القطاع بشكل كامل. الآن بقي هناك نوعان من النقل، هما: النقل الحضري التابع لوزارة الداخلية، والذي يعرف اجتهادا في هذا الاتجاه حتى تكون فيه منظومة ضابطة، والنقل عبر الحافلات، الذي سنعمل على تأهيله وفق عقد برنامج تم إعداده بعد أكثر من سنتين من المشاورات، والذي يتضمن تأهيل المقاولة، وتجديد الحظيرة، والتزام صاحب الرخصة، ووضع نظام للشراكة بين صاحب الرخصة والمهني، وغير ذلك. - ألم تمنح خلال هذه المدة أية مأذونية؟ لن نمنح مأذونيات حتى نشرع في الإعلان عن طلب العروض وفق الخصاص الذي نحن بصدد تحديده. فمن يريد أن يستثمر، فعليه أن يخضع لشروط المنافسة والمهنية. في علاقة بالنقل، لازالت حرب الطرق تحصد يوميا العشرات من الضحايا، ورغم التأكيد على محورية العامل البشري فإن الشبكة الطرقية تعاني من وجود عدد من النقط السوداء. ما هي خطت وزارة النقل لمعالجتها؟ هناك مخطط متكامل (2013-2016) للسلامة الطرقية، الذي يتضمن تحسين البنية الطرقية، بالإضافة إلى التوعية والتربية والتدخل الطبي والمراقبة وغيرها. وقد تضاعف حجم الاستثمار ثلاث مرات، ففي الفترة الممتدة بين 2014 و2016 تم تخصيص 3 مليارات درهم لمعالجة النقط السوداء والمسارات الطرقية، التي تعرف تكرار حوادث السير، حيث سيتم توسيعها لتصل إلى 9 أمتار، إضافة إلى وضع جميع التجهيزات المرتبطة بالسلامة الطرقية. - وماذا عن ممر تيشكا؟ قررنا أن نستثمر مليارا و500 مليون درهم في الطريق الرابطة بين مراكش وورزازات لوحدها. وسننجز فيها ما يشبه المدار الطرقي الشمالي، إذ ستتم تثنية بعض المقاطع، كما هو الشأن بالنسبة للطريق بين مراكش وآيت أورير. وعلى مستوى الجبل هناك مجموعة من المنعرجات التي سيتم تعويضها، إضافة إلى تثليث بعض المقاطع، وبناء جدران للوقاية. وما نتمناه هو إنجاز ذلك قبل 2016. - الإشكال المتعلق بجودة الطرق نجده أيضا في شبكة الطرق السيارة. كيف ستعالج وزارة النقل هذا الأمر؟ حسب المعطيات التقنية هناك مقاطع من الطرق السيارة تعرف مشاكل جيوتقنية، وهي ظاهرة علمية معروفة، في الأوساط المختصة. فعلى سبيل المثال، تتميز منطقة الريف وكذا منطقة الأطلس الكبير بخصائص جيوتقنية تؤدي دوما إلى التحرك المستمر لطبقات التربة أو الطبقات الصخرية فيما بينها، وتساهم غزارة التساقطات بشكل كبير في تفاقم هذه الظاهرة، التي ينتج عنها انزلاق المنحدرات الجانبية للطرق، التي تمر من هذه المناطق بصفة عامة، مما يتسبب في بعض الأحيان في ظهور تصدعات بها. ومن أجل الحد من المشاكل الناتجة عن عدم استقرار التربة في المناطق سالفة الذكر، التي يمر منها الطريق السيار (فاسوجدة، مراكش، أكادير، لطريق السيار الشمالي)، تم وضع أجهزة لرصد الحركة في النقاط الحساسة، في إطار عملية المراقبة المستمرة لكل المقاطع. وبالإضافة إلى كل هذا تتم دراسة وتحليل المعطيات المتعلقة بها، بمعية المختبر العمومي للتجارب والأبحاث وخبراء محليين ودوليين، ينتج عنها تحديد الحلول المناسبة التي يتم إنجازها للحيلولة دون حدوث انزلاقات من جهة، ومعالجة الأضرار الناجمة، من جهة أخرى. وبصفة عامة، فإن جودة الطريق السيار بالمغرب لا تختلف عن جودة الطرق السيارة في البلدان المتقدمة، سواء فيما يخص جودة القارعة أو التشوير الأفقي والعمودي أو المنشآت التابعة. وقد عرفت نسبة حوادث السير المسجلة على شبكة الطرق السيارة الوطنية، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من سنة 2013، تحسنا ملموسا، حيث تراجع عدد القتلى ب14.5 في المائة، وعدد الجرحى في حالة خطيرة بنسبة21 في المائة. - وماذا عن الوضعية المالية للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب؟ تبلغ نسبة ديون الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب إلى حدود منتصف سنة 2014 ما يفوق 37 مليار درهم، موزعة بما يقارب 35 في المائة كقروض مقابل سندات، و50 في المائة كديون خارجية. كما يصل معدل خدمة الدين على مدى السبع سنوات المقبلة 20 مليار درهم في السنة، منها 17 مليار فقط لتسديد الفوائد، مقابل معدل رقم معاملات يفوق بقليل ملياري درهم، مما يجعل من عجز الشركة مسألة بنيوية تستدعي، من جهة، إعادة جدولة الديون، ومن جهة أخرى، البحث عن حلول إبداعية للحفاظ على التوازنات المالية للشركة. - صرحت، مؤخرا، بأن صفقة الرادات كانت فيها اختلالات. فيما حمل الوزير السابق لوزارة النقل الحكومة مسؤولية عدم صيانتها. ما رأيك في ذلك؟ أولا، رجل الدولة لا يمكن أن يدخل في «البوليميك»، فنحن نقدم المعطيات و الحقائق كما وجدناها. كانت هناك كتابات عديدة حول موضوع الرادات، وأول ما قمنا به هو معرفة ما الذي وقع، فوجدنا أن هناك صفقتين: الأولى لاقتناء 150 رادارا، والثانية لصيانتها. لكن صفقة الصيانة لم تنجز، حسب الوثائق المتوفرة لدينا. كما وجدنا أن نسبة كبيرة من الرادارات لم يتم ربطها بالتيار الكهربائي، وبالتالي لم يكن بالإمكان القيام بالصيانة ولا بربط تلك الرادارات غير الموصولة بالكهرباء، دون إنجاز افتحاص لهذه الصفقة لمعرفة الخلل. بعد ذلك، أطلقنا صفقات الصيانة، وبدأنا في الاشتغال على عدد منها، وقمنا بنقل مجموعة من الرادارات من أماكن يستحيل أن يكون فيها ربط بالكهرباء إلى أماكن أخرى. - وماذا عن تنائج الافتحاص؟ المؤسسات المعنية ستتخذ القرار المناسب بشأنه. في المقابل، قررنا إطلاق صفقة للرادارات لاقتناء 1000 رادار، غير أنه تبين لنا عدم إمكانية ذلك، فقمنا بإعادة إطلاق صفقة جديدة لاقتناء رادارات متحركة ومرتبطة ببنك المعطيات للفحص التقني، إضافة إلى صفقة أخرى لتدبير مجمل هذه الرادارات. - وهل ستتخذ قرارات بشأن الاختلالات التي تم رصدها؟ نحن ملزمون بحكم القانون بافتحاص أي صفقة تتعدى 5 ملايين درهم، كيفما كان نوعها. كما أننا ملزمون بأن ننجز الافتحاص والتفتيش عندما تكون هناك شكايات حول ملفات، وهو أمر نقوم به باستمرار، سواء من خلال المفتشية العامة للوزارة أو بتنسيق مع المفتشية العامة للمالية أو المجلس الأعلى للحسابات. - منظومة السكك الحديدية لازالت تلقى بدورها جملة من الانتقادات. كيف هي وضعية الاستثمار في مجال الأمن والسلامة؟ قد تكون هناك ملاحظات حول جودة الخدمات، من قبيل التأخر أو غياب وسائل التكييف. لكن حجم الاستثمار في مجال تطوير الشبكة السككية الحالية يصل إلى 13 مليار درهم، وقد يزيد عن ذلك. ويشمل هذا الغلاف المالي تجديد القطارات، حيث تم، مؤخرا، إبرام صفقة لشراء قطارات جديدة، وأيضا تجديد السكك الحديدية، كتثليث السكة بين الدارالبيضاء والقنيطرة، وتثنية السكة بين مراكشوالدارالبيضاء، وكهربة الخط الرابط بين فاسووجدة، وأيضا تطوير منظومة الاتصالات والمراقبة المستمرة. هناك أيضا استثمار مهم يصل إلى مليار و500 مليون درهم لمعالجة النقط السوداء، التي تعرف وقوع حوادث، وعلى رأسها بناء الأسوار والقناطر تحت الأرض أو فوقها، وممرات الراجلين، وأيضا تحويل الممرات المستوية إلى قناطر فوقية أو تحتية، ووضع نظام للمراقبة الإلكترونية في عدد من النقط. - لكن هناك من ينتقد الاستثمارات الكبيرة في مجال البنايات والمحطات. هذا كلام غير صحيح، فالمحطة يجب أن توفر خدمات جيدة، وهذه البنايات يتم استرجاع تكاليف استثمارها بشكل سريع، فمحطة مراكش أصبحت مربحة، وفي نفس الوقت ربحنا معلمة بالمدينة. والتوجه الآن هو جعل محطات المطارات ومحطات القطارات والمحطات الطرقية معالم حضرية لها دورها في التنمية الحضرية، وليست فقط مجموعة من الجدران. صحيح أن الاستثمار قد يصل إلى 400 مليون درهم أو أكثر، لكن عائده يكون أكبر، ف30 في المائة من مداخيل شركات السكك الحديدية في العالم لا تأتي من أنشطة القطارات، بل من المحطات والإشهار والخدمات الأخرى. ومع ذلك أؤكد أن الاستثمار في تحسين الخدمات والأمن والسلامة هو أولوية الأولويات. - ما هي وضعية قطاع النقل البحري؟ وماذا عن برنامج الموانئ؟ الشركات الوطنية التي تشتغل في مجال النقل البحري تراجعت، للأسف، بشكل كبير جدا، ففي مجال نقل البضائع تساهم فقط بنسبة 5 في المائة من حجم المبادلات، وفي مجال نقل المسافرين هناك فقط شركتان مغربيتان مقابل ست شركات أجنبية، ولا أظن أنني سأكون محتاجا للتذكير بأهمية توفر المغرب على شركات وطنية تشتغل في المجال البحري، خصوصا مع الاستراتيجية المينائية التي يشتغل عليها. وفي هذا الإطار اعتمدت الوزارة مسطرة طلبات إبداء الاهتمام للترخيص باستغلال خطوط بحرية لنقل المسافرين، موجهة إلى الشركات المغربية فقط بهدف خلق شركات بحرية مغربية ترفع العلم الوطني وتخلق فرص شغل لرجال البحر المغاربة، أي أن هذه المسطرة تسعى إلى فتح المنافسة في وجه الفاعلين الاقتصاديين المغاربة من أجل منحهم تراخيص لاستغلال نصيب المغرب من رواج النقل البحري لنقل المسافرين وفق الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع دول الجوار. وفيما يخص الموانئ يتوفر المغرب على استراتيجية مينائية في أفق سنة 2030 تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها بلوغ تدبير أمثل لرواج البضائع وتحفيز التنمية الجهوية لعموم التراب الوطني وتعزيز تنافسية الفاعلين الاقتصاديين المحليين. وقد تم تقسيم الخريطة المينائية للمغرب من خلال هذه الاستراتيجية إلى 6 أقطاب مينائية متباينة من حيث الخدمات والمميزات، إلى جانب الاستجابة لتوقعات نمو حجم الرواج المينائي إلى نحو 370 طنا سنة 2030. وستتيح هذه الإستراتيجية الطموحة للمغرب التوفر على سياسة مينائية شاملة تأخذ بعين الاعتبار تشييد البنيات التحتية، وتأهيل الموارد البشرية، والنهوض بقطب صناعة، وصيانة البواخر، وتقوية قدرات الفاعلين في مجال النقل البحري. كما تهدف أيضا إلى تطوير الرواج المينائي بالموانئ الحالية وإنشاء موانئ جديدة، لاسيما بآسفي والقنيطرة والناظور غرب- المتوسط، الذي سيخصص لمعالجة رواج المحروقات في مرحلة أولى، وكذا ميناء الداخلة الأطلسي، علاوة على توسيع ميناءي الجرف الأصفر وأكادير، وفتح بعض الموانئ الحضرية في اتجاه المدن وتأهيل الميناء النهري للقنيطرة. - الحديث عن عدد من المواضيع المرتبطة بالإصلاح يقودنا إلى التساؤل عن شعار «ضد الفساد»، الذي رفعه حزب العدالة والتنمية. اليوم توجه إليكم انتقادات برفع الراية البيضاء أمام المفسدين. كيف تقيم حصيلة عملكم في معركة محاربة الفساد؟ لابد من توضيح هذا الأمر، فمحاربة الفساد في الشأن العام معناه أن تدبره وتواجه مظاهر الفساد من خلال مجموعة من الإجراءات في اتجاه محاربته. هذه الإجراءات تمثلت خلال هذه المرحلة في ميثاق الحكامة الجيدة للمؤسسات العمومية، وتفعيل دور المفتشيات العامة للوزارات، وإصلاح منظومة التوظيف التي أصبحت أكثر شفافية، ومنظومة التعيين في المناصب العليا التي وضع لها قانون تنظيمي، ونشتغل على إصلاح القضاء، وما أدراك ما القضاء، الذي له دور حاسم في الإصلاح، وهناك إجراءات جديدة في المرسوم الجديد للصفقات العمومية، تتضمن مقتضيات تحقق التوازن بين القطاع العام والخاص بما يضمن حقوق الطرفين، وأيضا التنصيص على مقتضيات الشفافية. كما وضعنا، علاوة على ذلك، جملة من الإجراءات لتبسيط المساطر التي تشكل مدخلا للفساد، حيث جعلنا بعض المجالات مبنية على التصريح وليس الترخيص. كما دشنا عملية إصلاح منظومة الضرائب، وحملة استرداد حقوق الدولة، وبعدما لاحظنا بعض التلكؤ قمنا بمراجعتها حتى تتناسب مع وضع البلاد. واليوم يمكن أن أقدم لك كمثال في القطاع الذي أشرف عليه، إذ أصبحنا نربح بين 20 في المائة و30 في المائة من كلفة المشتريات، وقد فعلنا افتحاص الصفقات، التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين درهم. كما وجدنا أن أكثر من 500 شركة لم تؤد لها مستحقاتها منذ 2003، فشكلنا لجنة مع مؤسسة الوسيط لحل هذا الملف، وتمكنا من معالجة أكثر من 80 في المائة من هذه الملفات. إضافة إلى ذلك تم وضع نظام معلوماتي لتصنيف وتأهيل المقاولات، وكذا برنامج لنزع الملكية، ونظام الصفقات. هذه كلها أعمال تضاف إليها عدد من الإصلاحات، عنوانها أن المغاربة يدخلون اليوم منظومة جديدة تحاصر الفساد. فعندما تضع منظومة معقدة، وغير شفافة، وفيها كثرة المتدخلين، والمعلومة فيها غير متوفرة...، كل ذلك سيكون مدخلا للفساد. مع العلم أننا عندما نتحدث عن الفساد، لا يمكن القول بأن جميع رجال الأعمال والمسؤولين والمنتخبين فاسدون، ولكن هناك فئة قليلة جدا فاسدة، تستغل الوضع عندما تجد غياب الحزم. طبعا هناك مؤسسات تتخذ القرار في الملفات المطروحة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية، وهناك القضاء الذي يقول كملته. - لكن مع ذلك هناك من يرى أن المواطن لم يلمس محاربة حقيقية لإشكالية الفساد. نتائج الإصلاح لا تكون سريعة، وتحتاج إلى الوقت لكي تنضج، خاصة إذا تحولت بعض الانحرافات إلى ظاهرة اجتماعية كالرشوة، مثلا، التي تطال كافة المستويات ولو بدرجات مختلفة، والكثير من المواطنين يعتقدون أنه بقرارات أو اجتماعات أو حملات قد نقضي على الرشوة، في حين أن محاربتها تحتاج إلى مقاربة شمولية ومساهمة والتزام الجميع، فضلا عن زجر أصحابها كلما توفر الدليل، وقد حصل ذلك في عدة مرات وفي قطاعات مختلفة. ثم لا بد أن نعتمد على يقظة الشعب المغربي. إذ أن القانون اليوم يحمي المبلغين، لكن الناس يتخوفون من التبليغ. ففي عدد من المرات يأتي مواطن يشتكي من بعض السلوكات المنحرفة في الإدارة، وعندما تطلب منه تقديم شكاية يرفض ذلك، وقد نجد بعض الناس يلجؤون إلى الرسائل المجهولة. - لكن الإشكال مرتبط ب»عفا الله عما سلف»، التي تم تفعيلها مع مهربي الأموال، ومع ذلك لم يستجيبوا لهذا «العفو». المغرب يتغير بمنطق إصلاحي متدرج، وليس بمنطق القطيعة، إذ سارت بلادنا في منهج إصلاحي في ظل الاستقرار والاستمرارية. بمعنى أن هناك مشاريع وتوجهات وأوراشا مفتوحة نستمر فيها، ونصلح إذا وجدنا اختلالات. وقد قمنا بالإصلاح في إطار الاستقرار والمنظومة السياسية والمؤسساتية القائمة. وفي العالم هناك تجارب معروفة وناجحة في العديد من الدول، تتأسس على فتح صفحة جديدة، مع معالجة الحالات السابقة في حال ما ضبطت عن طريق القضاء. لكن لا يمكنني أن أتهم كل من له مأذونية أو مقلع أو من أصبح مديرا أو منتخبا بالفساد، إلا إذا أثبتت المؤسسات المكلفة بالافتحاص والتفتيش ذلك. والقضاء يقول كلمته بشأنها. والحمد لله دخلنا مرحلة جديدة لا تقبل العبث بمصالح البلاد والعباد، سواء من طرف وزير أو حزب أو غيرهما. فلا يمكن لحزب أن يوظف كيفما شاء ويمنح الصفقات لشركات بعينها. المغرب اختار اختيارا نجح فيه بقيادة جلالة الملك، وهو اختيار سياسي لبناء دولة المؤسسات والقانون والتعددية، في إطار وحدة البلاد والإصلاحات المتدرجة. لقد سرنا في اختيار اقتصادي ينبني على فتح المنافسة أمام الجميع، وأيضا بتوجه اجتماعي للاهتمام بالفئات الفقيرة. ثم لدينا اختيار في العلاقات الدولية، ينبني على أن يكون للمغرب موقع متميز في المنظمات والعلاقات الدولية، مبني على الاحترام المتبادل، ونصرة القضايا العادلة، والدفاع عن قضايا الأمة، والتوجه الإفريقي، وتثمين العلاقات مع الشركاء الرئيسيين، والتوجه نحو شركاء جدد...، كل ذلك حصل بدون قطيعة، ولكن بالإصلاح المتدرج لكافة المنظومات، والذين لم يتجاوبوا مع هذا المسار الإصلاحي مخطئون في حق الوطن. - وماذا عن تهريب الأموال؟ هذا المسار الإصلاحي انطلق منذ زمن، وعرف مراحل متعددة، وشمل مجالات شتى، ومن إحدى ركائزه المصالحة، التي شملت الجانب السياسي، ومن أبرز تجلياتها التصويت على دستور 96 وحكومة التناوب. كما شملت الجانب الحقوقي مع مبادرة الإنصاف والمصالحة. وشملت أيضا الجانب الاجتماعي مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. واليوم تشهد بلادنا نوعا من المصالحة المالية من خلال الدعوة إلى استرجاع الأموال المودعة في الخارج واسترداد الضرائب. وكل هذه المصالحات تبنى على التوافق وإعطاء الحقوق لأصحابها وأداء الواجبات تجاه الدولة والمجتمع. - ألستم خائفين من أداء كلفة الإصلاح في الانتخابات الجماعية المقبلة، وتراجع دعم الطبقة المتوسطة لكم؟ من يقول إن الكلفة الانتخابية «عندو زايد ناقص» سيكون مبالغا. فأي حزب سياسي يريد دائما أن يبقى قويا. لكن المسؤولية أمام الله والشعب والثقة التي وضعها فينا جلالة الملك تفرضان علينا اتخاذ القرارات حتى لو كانت صعبة، والأغلبية التي تشتغل اليوم قررت أن تأخذ قرارات سيربح فيها المغرب، وقد تكون فيها بعض الخسارة بالنسبة للأحزاب. الأمر الثاني هو أن أي حزب جاء للتسيير عليه أن يتخذ القرارات المناسبة والصعبة لا أن يجلس مناضلوه على الكراسي الوثيرة. وأؤكد هنا أن القرارات الصعبة لا ينتج عنها دائما تراجع في الشعبية، فعدد من الدول جاءت فيها حكومات في ظرفية صعبة واتخذت قرارات صعبة، لكن هذه الحكومات لم تسقط، بل جُددت فيها الثقة، وحتى إن حصل عكس ذلك، فالوطن هو الرابح، ونحن نعول على وعي الشعب المغربي، وعلى الطبقة المتوسطة التي تبدو أنها تستوعب هذه القرارات وأهدافها، كما تستوعب المعاني الكبرى والأثر الإيجابي للحفاظ على التوازنات، وأيضا الانعكاسات الإيجابية للبرامج الاجتماعية على الفئات الضعيفة رغم كلفتها الكبيرة. - كيف ترى حدود تدخل وزارة الداخلية في الانتخابات الجماعية المقبلة؟ المغرب، اليوم، خطا خطوات متقدمة نحو الديمقراطية ولا يمكن أن يرجع إلى الوراء، وهو أصبح نموذجا يحتذى به. وهذا يعني أن الجميع مقتنع اليوم بأن هذا هو مسار المغرب الجديد. كما أن الجميع ملزم بالتعاون والاشتغال في هذا الاتجاه، وجميع المؤسسات ستشتغل في هذا الاتجاه. كما أن الحكومة تشتغل هي الأخرى، تحت إشراف رئيسها، حتى يقوم الجميع بدوره كي تمر الانتخابات في ظروف جيدة. غير أن التنزيل على الأرض قد تكون فيه بعض الفلتات، وهذا ما نحذر منه، وما يجب أن نكون يقظين لمواجهته جميعا. - هل ستمكن مضامين مسودتي قانوني الجهوية والجماعات من توسيع صلاحيات المنتخبين، وحل إشكال الوصاية التي طالما طالبتم برفعها؟ رأيي في هذا الموضوع هو أنه يجب علينا أن نذهب إلى الجهوية بذكاء وتدرج. فنحن سننتقل إلى مرحلة جديدة تمثل خطوة ثورية، وهي أن الدولة ستبنى على اللامركزية واللاتمركز، وأن المركز سيفوض صلاحيات كبيرة إلى الجهات. كل هذا يحتاج إلى منظومة قانونية، كما يحتاج أيضا إلى بناء المؤسسات التي ستشرف على ذلك، ومنها الوكالات الجهوية ونخبة إدارية، وأيضا نخبة سياسية قادرة على حسن تنزيل مقاصد الجهوية. هذا التوجه الاستراتيجي لدى الدولة يحتاج إلى جدولة متدرجة حتى نضمن نجاح هذه العملية، وحتى لا تحصل صدمة الفشل بعد ذلك. أما بخصوص موضوع الوصاية، فأقول إننا محتاجون إلى مؤسسة مركزية قوية تعنى بالتنمية المحلية لمواكبة الجماعات المحلية، وأن لا تكون حكما وطرفا في نفس الوقت، فضلا عن ضرورة توضيح العلاقة أكثر بين المتدخلين، وتحديد المسؤولية، وممارسة الرقابة، ومراجعة المساطر المتعلقة باتخاذ القرارات، وكيفية المصادقة عليها، ومراجعة منظومة الجبايات والتعمير، والشراكة مع القطاع الخاص في تدبير الخدمات العمومية. أما فيمل يتعلق بالدعم المركزي المقدم للجماعات فيجب أن يخضع لمعايير عادلة ومؤسسة على نصوص مرجعية وتعاقدات بين جميع المتدخلين. - وما هو موقفك من التنصيص على مقتضى التنافي بين رئيس الجماعة وبعض المناصب، ومنها منصب الوزير؟ أولا، لابد من التأكيد على أن الجمع بين المنصبين هو مسؤولية كبيرة ومتعبة جدا. لكن بنفس منطق التدرج الذي تحدثنا عنه سابقا، فأنا لا أميل في المرحلة الحالية إلى هذا الاتجاه، فإذا أردنا أن تكون لرئيس الجماعة قدرة تفاوضية مع الشركاء لابد أن نترك له قوة ثانية. فرئيس الجماعة الذي يكون برلمانيا، مثلا، تكون لديه قدرة كبيرة على التفاوض لإنجاز المشاريع ولربط علاقات والدفاع عن الجماعة، لكن لابد أن نسير تدريجيا في اتجاه إقرار حالة التنافي.