اعتبر عبد الحي المودن، عضو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أن احتكار أجهزة الدولة للولوج إلى الأرشيف العمومي، ومنع المواطن من اكتشافه وتوظيفه في حياته المهنية أو الخاصة، يعكس الجانب الاستبدادي للدولة، باعتبارها المسؤولة عن تدبير وحماية الملك العمومي. وشدد المودن خلاله يوم دراسي نظم أمس بالرباط، تحت شعار«من أجل أرشيف وطني معاصر»، على أن عملية تحديث الأرشيف ودمقرطته، تواجهها أشكال متعددة من التحديات، منها ما هو مرتبط بالنقص في الموارد والوسائل والمؤهلات البشرية والتقنية الضرورية لتحديث الأرشيف، ومنها ما هو مرتبط بالمقاومة التي يمكن أن تظهر في وجه دمقرطته، نظرا لما يعتبره البعض، يقول المودن، مخاطر تهدد الوضع السياسي القائم والمشروعية السياسية السائدة، أو بسبب الجهل بأهمية الأرشيف وبدوره في تحقيق شروط التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي المبني على أساس المعرفة والحرية والتعددية. وأشار العضو السابق في هيئة الإنصاف والمصالحة، إلى أن هذه العوامل لعبت دورا كبيرا في استمرار الوضع الاستبدادي والمتخلف للأرشيف المغربي. وأوضح المودن أنه منذ الاستقلال ترسخ إجماع في صفوف المعنيين بالأرشيف، بأن المقترب الذي ظل سائدا في تدبير الأرشيف المغربي، يشير إلى الطبيعة الاحتكارية والمتخلفة بل واللاعقلانية للأجهزة المشرفة على الأرشيف. إلى ذلك، أقر المودن بوجود تخوف سائد من دمقرطة الأرشيف المغربي، مشيرا إلى أن «الدور الذي نتوقع أن نلعبه من داخل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هو المساهمة في توسيع دائرة القناعات بأكبر قدر ممكن، بضرورة التعجيل ليس فقط بتحديث الأرشيف بل دمقرطته أيضا، كأداة لترسيخ حقوق الإنسان، وبالتالي لضمان الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية على الأمد البعيد». وأكد المتحدث نفسه، أن عقلنة الأرشيف، على أساس احترام حقوق الإنسان، يجب أن يكون هدفها مواجهة كل أشكال التمييز والسيطرة، والعمل على أن يخدم الأرشيف حق المواطن في الحياة والعمل والمساواة، وفي المعرفة وأن يحمي حقوقه وذاكرته وهويته كفرد وكمكون لجماعة. من جهته، قال المحجوب الهيبة الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إن المطروح اليوم هو استكمال وسد الخصاص الذي يعرفه قانون الأرشيف رقم 69/99، واقتراح النصوص التنظيمية، وكذا وضع تصور استراتيجي لإنشاء مؤسسة الأرشيف الوطني، مضيفا في كلمته «المطروح اليوم هو ضرورة إدراج الأرشيف العمومي في إطار المشاريع التنموية، باعتباره إحدى الآليات الأساسية في حفظ ذاكرة الدول والشعوب، فالأرشيف هو المصدر الأساسي والحاسم في هذا الصدد». جدير بالذكر أن هيئة الإنصاف والمصالحة كانت قد أوصت في تقريرها الختامي بحفظ جميع الأرشيفات الوطنية، وتنسيق تنظيمها بين كل الدوائر المعنية، وكذا سن قانون ينظم شروط حفظها وآجال فتحها للعموم وشروط الاطلاع عليها والجزاءات المترتبة عن إتلافها.