تمكن علماء آثار ألمان ومغاربة من وضع اليد على أواني خزفية يرجح أن تكون الأقدم التي صنعت في المغرب في العصر الحجري. وأعلنت وزارة الثقافة أن هذا الاكتشاف الذي تم بداية شهر أبريل الجاري تم بموقع حاسي أونزركة، ببلدة صاكا، على بعد 50 كيلومترا من الناظور. وينكب هذا الفريق من العلماء، حاليا، على تعميق البحث لتأكيد فرضية كون الفضاء قد اتخذ كمأوى من قبل سكان حقبة العصر الحجري، الذين تواجدوا في المنطقة في الألفية التاسعة قبل الحاضر، وهي الحقبة التي حددتها الأبحاث الميدانية، التي أجريت من قبل فريق العلماء، الذي تشكل من أطر المعهد الوطني لعلوم الآثار بإشراف عبد السلام مقداد، وأطر المعهد الألماني للآثار بإشراف جوزيف إيونغر. ويظهر أن أبحاث هذه الفرق المتخصصة في الآثار والتي كلفت بمنطقة الريف الشرقي، منذ سنة 1994، بدأت تؤتي أكلها، بالرغم من ضعف الإمكانيات واضطرار الخبراء المغاربة إلى الاستعانة بالأجانب لجلب الدعم والتقنيات. وكانت بعض الأبحاث الأركيولوجية قد أشارت إلى أن أقدم الأواني الخزفية المكتشفة بالمغرب تعود إلى حوالي الألفية السابعة قبل الحاضر، لكن هذا الاكتشاف ببلدة صاكا رفع من سقف أقدمية الاكتشاف، ليس فقط في المغرب، وإنما في مجموع المنطقة المغاربية. ويظهر أن هذه المنطقة كانت مسكونة من قبل إنسان العصر الحجري، وفي مختلف حقب هذا العصر. فقد توصلت أبحاث هؤلاء الأركيولوجيين إلى أن أحدث هذه الأواني الخزفية يعود إلى العصر الحجري الأخير مع قطعة خزف مزينة بمشط قد تعود إلى لألفية السادسة قبل الحاضر. ويقول هؤلاء العلماء إن إنسان العصر الحجري بالمنطقة قد لجأ إلى «استيراد» بعض هذه الأواني الخزفية من شبه الجزيرة الإيبيرية، عبر جبل طارق. وتنكب أبحاث العلماء المغاربة والألمان حول الإحاطة بالظروف الاجتماعية والاقتصادية التي عاش فيها إنسان العصر الحجري في المغرب، ومدى العلاقات التي كان يربطها الإنسان الحجري للجزيرة الإيبيرية مع الإنسان الحجري لمنطقة الصحراء بنفس القارة الأفريقية. وتحكي المصادر أنه، وطبقا للأبحاث الجارية، توفرت للباحثين مؤشرات توصف بالقوية توحي بوجود صناعة للخزف بالمغرب منذ أوساط الألفية التاسعة قبل الحاضر. ومن شأن التوصل إلى تأكيد هذه الفرضية تغيير عدد من التمثلات التي ظل الإنسان المعاصر يرسمها عن إنسان العصر الحجري، خصوصا أن وجود صناعة خزفية يجسد وجود حركية اجتماعية واقتصادية خلال هذا العصر. وترى المصادر أن الصناعة الخزفية توحي بوجود عادات الطبخ وتخزين الماء، كما توحي بوجود زراعة وتربية الحيوانات، خصوصا أنه تم العثور على بقايا حيوانات تمت تربيتها أو قنصها في نفس الفضاء.