اللجنة الوطنية للاستثمار تصادق على 171 مشروعا.. 53 منها ممولة باستثمارات أجنبية    بنسعيد: الدعم الاستثنائي للصحافة ينتهي في مارس .. وغير مرتبط بمواقف المنابر    العلمي يمثل الملك في تنصيب رئيس غانا    كوكايين وريفوتريل.. توقيف شخص بتطوان للاشتباه في ترويجه للمخدرات    محكمة تستدعي أخنوش في قضية محاكمة برلمانية    العلمي يمثل جلالة الملك في حفل تنصيب رئيس جمهورية غانا المنتخب    وفاة الرمز التاريخي لليمين المتطرف في فرنسا عن 96 عاما    استقالات قيادية تهز الرجاء الرياضي    بعد انتقاده توقيف صنصال.. برلمان الجزائر يتهم ماكرون ب"التدخل السافر" في شؤون البلاد    الصين.. ارتفاع حصيلة زلزال التبت إلى 126 قتيلا    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    برادة يدعو لاستراتيجية عربية لتعزيز الذكاء الاصطناعي في التعليم خلال مؤتمر وزراء التربية العرب    التهراوي يكشف تفاصيل جديدة حول قطاع الصحة والحماية الاجتماعية بالمغرب    وزارة المالية: حاجيات الخزينة لشهر يناير تصل إلى 14 مليار درهم    الشرق الأوسط الجديد بين سراب الأوهام وحقائق القوة.. بقلم // عمر نجيب    تشاد والسنغال تستنكران تصريحات ماكرون بشأن ما اعتبره "جحود" الزعماء الأفارقة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    أجهزة الرقابة المالية تبحث في امتلاك أجانب عقارات فاخرة بالمغرب    تصنيف "تكلفة المعيشة" يضع 3 مدن مغربية بين الأغلى في قارة إفريقيا    الدعم المباشر للسكن.. تسجيل 110 آلاف طلب استفادة في ظرف سنة    وزير الصحة في مواجهة انتقادات حادة بسبب إلغاء صفقة عمومية ب180 مليون درهم    المستشارون يؤجلون تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب ويشترطون التفاوض مع النقابات أولاً    أسعار الذهب تواصل الارتفاع    صادم.. التدخين يقتل 12.800 مغربي سنويا    انطلاقة برنامج 'محاضرات علمية' الموجه لسجناء قضايا التطرف والإرهاب    مساء اليوم في البرنامج الثقافي "مدارات " بالإذاعة الوطنية : لمحات عن المؤلفات الفقهية والأدبية للسلطان العلوي المولى عبدالحفيظ    المغاربة يغيبون عن "بوكر العربية"    صناع محتوى مغاربة في "قمة المليار متابع" بالإمارات    حنان الإبراهيمي تنعي والدتها بكلمات مؤثرة (صور)    عدد القتلى يرتفع في زلزال الهيمالايا    فرق التجهيز تتدخل لإزالة الثلوج عن محاور طرقية بإقليم الحسيمة    محمد بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    عاصفة ثلجية قوية تشل حركة أوروبا    الدولي المغربي عبد الرزاق حمد الله يصبح الهداف التاريخي لكأس الملك السعودي    محمد صلاح يرد على كاراغر ساخراً: "بدأت أعتقد أنك مهووس بي"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    المنتخب النسوي U20 يخوض معسكرا مكثفا بالمعمورة    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    سفيان رحيمي يتصدر قائمة الهدافين دوليا لعام 2024 حسب تصنيف IFFHS ب 20 هدفًا مذهلًا    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    المغرب يشارك في مسابقة "le Bocuse d'Or" وكأس العالم للحلويات وكأس العالم للطهاة    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    دراسة: التفاعل الاجتماعي يقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب القنصل الفرنسي يصرخ في وجه أحد بحارة «غاليلي»: لقد خدعتموني
حالة استنفار في القنصلية الفرنسية ليلة الإنزال والقناصل الأوربيون يستدعون مواطنيهم في الثالثة صباحا
نشر في المساء يوم 21 - 08 - 2014


عبد الله عرقوب
في كتابه «التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب» يقول علال الخديمي إن العديدين يتوهمون بأنهم يعرفون أحداث الدار البيضاء سنة 1907/1908 «لأنهم قرؤوا عنها بعض الأسطر أو بعض الصفحات في المؤلفات التي اهتمت بتاريخ المغرب». ويتعمق الوهم أكثر حين يربط هؤلاء ربطا مباشرا بين مقتل التسعة أوربيين في 30 يوليوز 1907 وبين قصف المدينة وتدميرها يوم 5 غشت من العام نفسه. ربطٌ حاولت الكتابات الفرنسية، التي تناولت الحدث أن تمرره قصدا لإخفاء المبررات الحقيقية لمذبحة الدار البيضاء. في هاته الحلقات سنحاول ما أمكن استرجاع ما حدث في تلك الأيام العصيبة من تاريخ الدار البيضاء، مستندين على شهادات صحافيين عايشوا عن قرب فجائع تلك الفترة أمثال كريستيان هويل وشارل بوردون، وعلى مؤلفات أكاديميين أمثال أندري آدم وعلال الخديمي.
كانت ليلة الإنزال ملأى بالترقب والتوتر. في القنصلية الفرنسية تم تجميع كل ما تبقى من الفرنسيين، ووزعت عليهم الأسلحة، وأخذ كل واحد منهم مكانه في انتظار ما سيحدث في الفجر. كان الجميع يعلم بأمر الإنزال بعد أن أخبرهم نائب القنصل بأن أسطولا مرفوقا بقوات هائلة سيصل في الليل قبالة ساحل الدار البيضاء، وأن هذه القوات سيتم إنزالها في الخامسة صباحا. القناصل الأجانب أُخبروا هم الآخرون بهذه المستجدات عبر رسالة بعثها إليهم روجيه ميكري. أحد مقاطع الرسالة يوضح بأن الأسطول «لديه أمر بالقصف إذا لم يكن باب المرسى مفتوحا في هاته الساعة، وإذا أطلقت رصاصة على رجالنا».
لا يعرف بالتحديد متى أُعلم القناصل بالأمر. إذ وقع تضارب في الروايات حول الساعة التي علم فيها ميكري بالخبر، وكذا الوقت الذي أبلغ فيه باقي القناصل. يحكي كريستيان هويل، وكان وقت الإعلان عن خبر الإنزال في القنصلية الفرنسية، أن ميكري أعلمهم بالأمر عشية رابع غشت. فيما يذهب جورج بوردون إلى أن ذلك وقع في الحادية عشرة ليلا. أما نائب القنصل ميكري فأعلن بنفسه أن الخبر نزل ليلة الرابع والخامس من غشت. وهذا يتوافق مع ما أشار إليه فكتور بيرتي في كتابه «أحداث الدار البيضاء». إذ يذكر أن ميكري «اتخذ بين منتصف الليل والساعة الرابعة صباحا الإجراءات والاحتياطات اللازمة، فقد جمع الجالية الفرنسية بالقنصلية، ثم أخبر القناصل بالقرارات المتخذة، وتأكد من أن مولاي الأمين سيقوم بالضروري لكي ينزل البحارة في أمان إلى القنصلية». واستنادا على الروايتين الأخيرتين، فإن إخبار القناصل الأجانب لم يتخذ إلا بعد منتصف الليل. إذ يشير القنصل البريطاني مثلا إلى أنه لم يعرف بالخبر إلا في الساعة الواحدة والنصف من صباح الخامس من غشت. فيما أشعر القنصل الألماني بالأمر في الساعة الثانية صباحا. وربما يكون هذا هو التوقيت الذي أخبر فيه بقية القناصل وكذا مولاي الأمين وبوبكر بن بوزيد. أما بالنسبة إلى الجالية الأوربية فيبدو أنها لم تخبر إلا في وقت متأخر جدا. إذ يروي دومينغو بيريا، وهو من أصل كوبي وكان يدير آنذاك فندق كونتننتال، أنه في «يوم 5 غشت 1907 بين الساعة الثانية والثالثة صباحا بعث القناصل عملاء إلى مواطنيهم الذين يسكنون بنُزلي، وأمروهم بالانتقال إلى قنصلياتهم الخاصة، فنفذوا الأمر حالا».
في هذا الوقت بالذات كان أهالي الدار البيضاء غارقين في نومهم، وغير واعين بما كان يحدث حولهم. في القنصلية الفرنسية كانت حالة الاستنفار في أعلى درجاتها. كل من كان في القنصلية قضى ليلة بيضاء يترقب ظهور الأسطول الفرنسي الذي تحدث عنه قائد «غاليلي». يروي كريستيان هويل الذي قضى تلك الليلة رفقة الفرنسيين «كنا نملأ السطوح، وأعيننا لا تغادر الأفق حيث كان يجب أن تظهر خيوط الدخان الأولى للأسطول (...) كنا ندخن، نثرثر، نبدل أمكاننا، ونلتقي باستمرار قبالة هذا الأفق، الذي صار الآن غارقا في الظلام، الذي ستنيره أضواء السفن الحربية حين مجيئها (...) ميكري ونوفيل كانا متوترين قليلا، يظهران ويختفيان، ونظراتهما مثبتة مثلنا على اللامرئي». لم يستطع أحد من الموجودين في القنصلية الفرنسية أن يغمض عينيه. النظرات مسمرة في الأفق وتراقب بين الوقت والآخر عداد الساعة. هل كانت القنصليات الأوربية الأخرى تعيش هي الأخرى نفس الترقب؟ ليست هناك شهادات عما حدث تلك الليلة في تلك القنصليات. كما لا توجد شهادات عما عاشه مولاي الأمين وعامل المدينة في تلك الليلة أيضا.
مع بدء تراجع مساحة الظلمة وانسلال الخيوط الأولى من الضوء بدأت حالة من الخيبة العميقة تسيطر على الجالية الفرنسية. لكن في لحظة مفاجئة، ودون توقع من أحد سُمع اهتزاز في سفينة «غاليلي», التي كانت تبدو للعيان من سطح القنصلية، وبدأت القوارب تنزل وتمتلئ بالرجال وتغادر نحو الشاطئ. في هاته اللحظة، يحكي هويل، انتصب نائب القنصل أمام الملازم كوزم، الذي كان بالقنصلية، وصرخ في وجهه:
كيف؟ أنتم تقومون بالإنزال؟ لقد خدعتموني!
فأجابه الملازم:
سيدي، فرنسا ليست لديها سوى كلمة واحدة. لقد أعلنا أن الإنزال سيكون في الخامسة صباحا، وفي الخامسة صباحا قمنا به.
قال هويل وهو يعلق على هذا المشهد: «بعد هاته الكلمات استسلم ميكري». قبل أن يضيف «الآن لا يجب التفكير سوى في فرنسا، التي أهينت طويلا من قبل الهمجيين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.