يواصل العشرات من مستخدمي العصبة الوطنية لمقاومة أمراض القلب والشرايين اعتصامهم أمام مقر العصبة الكائن بمستشفى ابن سينا بالرباط، والذي شرعوا في تنفيذه، منذ الرابع من شهر فبراير الماضي، احتجاجا على ما يصفونه بالوضع المؤسساتي والقانوني والمهني والإنساني «الخطير»، بعد طرد أزيد من خمسين موظفا بالعصبة، وعدم تدخل الجهات المعنية لحل المشاكل العالقة، واكتفاء المسؤول الإداري بالعصبة بتنفيذ سياسة «انتقامية» ضد المعتصمين، وهو ما ينفيه الأخير، الذي اتهم هؤلاء بعدم الالتحاق بعملهم، ما يعتبر في حكم تقديم الاستقالة، في الوقت الذي وجه فيه الاتهام للبعض بتناول المخدرات بمصالح العصبة. وتعتزم النقابة الوطنية للصحة العمومية التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل القيام بوقفة احتجاجية للمطرودين من العصبة وعائلاتهم والمسؤولين النقابيين والشغيلة الصحية، أمام وزارة الصحة، يوم غد الخميس، للتنديد بالطرد «الجائر وغير القانوني» ل 54 من العاملين بالعصبة، من طرف الرئيس والمسؤول الإداري للعصبة، بسبب انتمائهم النقابي، ولإدانة ما يصفونه «التخريب الممنهج» للمؤسسة. واعتبر أسامة نقرو، الكاتب العام للمكتب النقابي المحلي للعصبة، أن لائحة المطرودين ما فتئت تتسع لتشمل كل من يبدي ولو بعض التعاطف مع المضربين من لدن المستخدمين الذين لازالوا يمارسون عملهم، مشيرا إلى أن حالة من الحصار والرعب تخيم على مستخدمي العصبة، في الوقت الذي ينتظر زملاءهم المعتصمين، برفقة عائلاتهم، مصيرمجهول ما لم تتدخل الجهات العليا بالبلاد لتفادي كارثة إنسانية واجتماعية بدأت معالمها تلوح في الأفق، من خلال توصل العديد من المعتصمين بإشعارات من مؤسسات للقروض تنبههم إلى ضرورة أداء متأخرات الديون التي بذمتهم، وهو ما يعني التهديد بتحريك المساطر القضائية في حقهم. وأضاف نقرو، في تصريح ل«المساء»، أن ادعاءات المسؤول عن العصبة ومزاعمه المختلفة بكون المعتصمين رفضوا الالتحاق بعملهم هي ادعاءات لا أساس لها، معتبرا أن الإضراب حق مشروع يمارسه العمال لتحسين وضعيتهم المهنية والاجتماعية، وهو ما يجعل بعض المسؤولين، الذين يتوارون خلف ظهائر التعيين، يقول المصدر، ينتقمون من ممثلي العمال والذين يولونهم في ممارسة حقهم الدستوري. وكان مستخدمو العصبة وأطرها بدأوا سلسلة من الاحتجاجات منذ شهر يناير الماضي، بتنظيمهم وقفات احتجاجية منددة ب«تعسفات» الإدارة في حق المنتمين للنقابات، وبغياب حوار «جاد ومسؤول»، مع ممثلي المستخدمين والأطر، وعدم رد الإدارة على الملف المطلبي وعدم التزامها بصرف مستحقات المستخدمين. ويصف ممثلو المستخدمين القرارات المتخذة من طرف المسؤول الإداري بالعصبة كونها «غير شرعية»، لأن القانون ينص على ضرورة انتخاب مجلس إداري بطريقة قانونية، يمكنه تسيير العصبة وإصدار ما يلزم من قرارات، وهو ما نفاه توفيق خليفة، المسؤول الإداري بالعصبة الوطنية لمقاومة أمراض القلب والشرايين، في اتصال سابق ب«المساء»، مشيرا إلى أن كل القرارات التي يصدرها تستند إلى القانون، حيث يمارس مهامه انطلاقا من التفويض الذي منحه إياه رئيس العصبة البروفسور بنعمر المعين بظهير. وفي معرض رده على تزايد عدد المطرودين في صفوف شغيلة العصبة، أشار خليفة إلى أن المسألة لا تتعلق بطرد بقدر ما هي استقالة، بحسب مقتضيات مدونة قانون الشغل، التي تنص على أن كل غياب لمدة ثلاثين شهرا دون مبرر مقدم من طرف المعني بالأمر يعتبر في حكم تقديم الاستقالة، وهو ما ينطبق على هؤلاء، مؤكدا على أن هناك حالة واحدة تخص استعمال المخدرات والسكر العلني من طرف أحد المستخدمين، والذي تم تحرير محضر في حقه، بعدما ضُبط متلبسا فتم فصله، بناء على المقتضيات القانونية. وخلص خليفة، في تصريحه ل«المساء»، إلى أن المستقيلين من العمل لم يستجيبوا لكل المساعي ودعوات الصلح التي قام بها مفتشو الشغل، فكان لا بد من تطبيق القانون إزاء تصرفهم، كما هو معمول به في جميع القطاعات.