فجر منسق مستشاري الحركة الشعبية بمجلس مدينة الرباط مفاجأة من العيار الثقيل، حين كشف أن المكان الطبيعي لثلثي أعضاء البلدية هو السجن بعد تورطهم في عدد من ملفات الفساد. وقال عبد الفتاح العوني، خلال الدورة التي عقدها المجلس أول أمس، إن هؤلاء نجحوا في الإفلات بعد أن اختار الوالي الراحل حسن العمراني أن «يميك» على ملفاتهم، وعلى «الفساد الذي غرقوا فيه إلى آذانهم». وقال موجها خطابه إلى العمدة فتح الله ولعلو والكاتب العام لولاية الرباط إن «هؤلاء يعرفون أنفسهم وملفاتهم أصبحت معروفة، وكان يجب أن يذهبوا إلى السجن عوض أن يحضروا الدورات». وكانت نفس الدورة قد تحولت من مناقشة النقط المتضمنة في جدول الأعمال، والتي بلغها عددها 40 نقطة، إلى نشر غسيل المزيد من الفضائح التي تعيشها البلدية، بعد أن تمت المطالبة بفتح تحقيق في ملابسات تخصيص مليون درهم من ميزانية المجلس لدفع رسوم دراسة لفائدة ثلاثة مرشحين، بعضهم يعد من الأغنياء. واحتج المستشار البشير التاقي على العمدة ولعلو، ودعاه إلى تقديم حصيلته في تسيير المدينة، بعد قرار إلغاء صفقة نقل أطفال المخيمات، مما حرم المئات من أطفال الأحياء الهامشية من التخييم، وهو ما ربطه العمدة الاتحادي بالحرص على المال العام، مما جعل المستشار ذاته ينتفض في وجهه ويقول إن الحفاظ على المال العام لا يكون بصرف مليون درهم كنفقات دراسة لفائدة ثلاثة أعضاء ميسورين وتمويل سفريات آخرين لعدد من العواصم الأوربية. وطالب التاقي بكشف لائحة توقيعات الموظفين، وقال إن بعض المحظوظين من موظفي البلدية أشباح يوجدون خارج المغرب، وتصلهم رواتبهم بانتظام، وأن «لا أحد يجرؤ على الاقتراب من هذا الملف الساخن، رغم فضحه في أكثر من مناسبة». كما أثيرت فضيحة التوظيفات المشبوهة، التي تمت خلال الحملة الانتخابية، حيث أكد المستشار اللمينى، مخاطبا ولعلو، أن «من يقف وراء هذه الفضيحة اسم بارز في نفس الحزب الذي تنتمي إليه»، بعد أن تم رصد 33 قرار توظيف، بعضها بأثر رجعي، ومنها توظيف منتمية إلى نفس الحزب ترشحت للانتخابات الجماعية وفشلت، قبل أن تجد طريقها إلى التوظيف بالبلدية ويتم ترقيتها أيضا بأثر رجعي بالنظر لقرابتها العائلية من المسؤول الحزبي الاتحادي. ولم يجد ولعلو ما يرد به في وجه سيل الاتهامات التي حاصرته سوى القول بنوع من التشنج «أنا عمري ما جبدت شي حاجة ديال المجلس السابق»، غير أنه لم يجد مفرا من الإقرار بوجود موظفين أشباح بالبلدية، وأرجع ذلك لتراكمات سابقة، قبل أن يحاول تبرئة عهده بالتأكيد على أنه لا يرد على ما ينشر في الصحافة من فضائح «حفاظا على مصداقية المجلس»، وأن ذلك «مجرد كذوب»، قبل أن يأتيه رد مزلزل بعد أن كشف المستشار اللميني عن أحد قرارات التوظيف المثيرة للجدل، والتي تم الحرص على إخفائها شهورا من قبل عدد من المسؤوليين. وسلم المستشار ذاته نسخة القرار، الذي يحمل توقيع ولعلو إلى الكاتب العام للولاية أمام صمت هذا الأخير، ليطالب الولاية بفتح تحقيق نزيه بعد أن فضل الباشا السابق ركراكة، التعامي بدوره عن هذه الفضيحة، رغم وعده بالبحث فيها. كما طالب بالتحفظ على الاسم الموجود في القرار الذي يعد واحد من ضمن حوالي 40 قرار توظيف تمت بطريقة مشبوهة. وبدا لافتا أن معظم مستشاري ونواب العمدة من حزب العدالة والتنمية، تخلفوا عن حضور هذه الدورة، وهو ما كان موضوع انتقادات شديدة من قبل عدد من المستشارين. غير أن ذلك لم يمنع من طي صفحة الحرب الشرسة، التي خاضها حزب الأصالة والمعاصرة لإقالة نائب العمدة، والنائب البرلماني عبد السلام بلاجي من منصبه كنائب لرئيس المجلس، بدعوى ارتكابه خطأ جسيم، حيث تمت سحب هذا الطلب بمبادرة من مستشاري الجرار بعد أن فشلت اللجنة السياسية في الحسم فيه، وهي المبادرة التي رحب به مستشارون في حزب المصباح.