في قرار يكشف حجم التخبط والتطاحنات السياسية التي غرق فيها مجلس مدينة الرباط، عمد العمدة الاتحادي فتح الله ولعلو بشكل مفاجئ، على سحب نقطة كان قد وضعها في وقت سابق ضمن جدول الأعمال بشكل رسمي، وتتعلق بإقالة نائبه التاسع، القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد السلام بلاجي. ورغم أن المجلس اتفق في ظل الصراع الذي أعقب مناقشة الإقالة،على تشكيل لجنة سياسية للبت في هذه النقطة التي أثارت جدلا كبيرا تطور إلى تبادل الاتهامات بين مستشارين محسوبين على حزب العدالة والتنمية، ومستشارين من الأصالة والمعاصرة الذي تبنى طلب الإقالة، إلا أن ولعلو عمد إلى حذف هذه النقطة، وهو ما جعل عددا من المستشارين ينتفضون في وجهه متهمين إياه بالخضوع لضغوط مارسها مستشارو حزب البيجيدي. وكانت التهمة نفسها قد وجهت سابقا للعمدة من طرف مستشاري حزب المصباح الذين لجؤوا لمقاضاته أمام المحكمة الإدارية، واتهموه بالخضوع لضغوط مورست عليه لخرق للقانون، بعد أن وجدت نقطة الإقالة طريقها لجدول الأعمال، علما أن حزب العدالة والتنمية لم يتردد في تقريع العمدة فتح الله ولعلو بشكل علني، بعد أن حمله المسؤولية الكاملة في ما وصفه ب»الخطأ الكبير». وبدا لافتا أن القيادي في حزب العدالة والتنمية رضا بنخلدون لم يكشف إلى الآن عن ملفات الفساد التي هدد بفتحها قبل شهرين، بعد تفجر الجدل حول قرار إقالة عبد السلام بلاجي، حيث توعد بنخلدون خلال ندوة صحفية عقدت بمقر الحزب بفضح عدد من الملفات التي لم يظهر منها شيء إلى الآن. وكان بنخلدون قد قال بأنه «ليس من منهجية الحزب الانجرار وراء المؤامرات السياسوية، ولم نكن نريد أن ندخل في متاهات، لكن هذا لا يعني أن نسكت على ممارسات من قبيل توظيف البعض لابن أخته بالبلدية، ومنح رخص تجارية بشكل غير قانوني، ومنح ثلاثة ملايين درهم لجمعية تقوم بمهرجان سينمائي»، وأضاف «لا نريد السكوت على الفساد، ولدنيا ملفات تحتاج للبحث والتحقيق». ولم يكتف بنخلدون بذلك بل واصل وعيده، وقال «إذا كانوا يريدون الدخول معنا في منهجية الملفات، سندخل في معركة من نوع آخر والعناوين التي لدينا ستصبح ملفات»، قبل أن يقدم وعدا بالتحقيق في ملف شقق «فاديسا» التي كانت مخصصة للموظفين لتتحول وجهتها لعدد من المستشارين، وكذا الرخص التجارية التي تمنح من طرف رؤساء المقاطعات بدون سند قانوني، وكذا الامتيازات التي يستفيد منها الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر دون أن يكلف نفسه عناء الحضور، ومنها سيارة الجماعة والتعويضات المالية والهاتف النقال، دون أن يتم تفعيل مسطرة الإقالة في حقه. وانتقد عدد من المستشارين التزام حزب العدالة والتنمية الصمت، وعدم كشفه عن تفاصيل الفضائح التي تحدث عنها، ونبهوا إلى أن عدم إشهار ملفات الفساد وتوظيف التهديد بها لتحقيق مكاسب سياسية يعد تواطؤا مع المفسدين، وهو ما ستتم إثارته خلال الدورة القادمة. يذكر أن طلب إقالة بلاجي تم تبنيه من طرف 28 مستشارا بقيادة فريق الأصالة والمعاصرة، بمبرر ارتكاب بلاجي لخطأ جسيم يتمثل في إبرامه لاتفاقيات شراكة مع عدد من الجمعيات دون رجوعه للمجلس الذي خول له القانون صلاحية ذلك، وهو ما مهد لاستفادة هذه الجمعيات من منح تتجاوز قيمتها في بعض الأحيان 100 ألف درهم.