«..ولد في قرية يازور الفلسطينية عام 1938 لأب فلسطيني وأم سورية، أجبر على التهجير القسري من فلسطين والإقامة سريعا في سوريا منذ بدايات العام 1948 في بيت أخواله وأبرزهم صبري العسلي، رئيس الوزراء السوري الأسبق، الذي ساهم في منح جبريل وأسرته الجنسية السورية إلى جانب الوثيقة الفلسطينية. قرّر أن يحترف العمل العسكري كطريق أساسي لتحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، بعد تخرجه من الكلية الحربية السورية نهايات العام 1959 مؤسساً بذلك لجبهة التحرير الفلسطينية، التي أعلنت انضمامها سريعا إلى صفوف منظمة التحرير الفلسطينية مع بدايات انطلاقتها عام 1965، قبل أن يختلف مع رئيسها عرفات وبعد ستة أشهر فقط، نتيجة تفضيل عرفات للعمل السياسي على العمل العسكري. ويفضّ مثل هذا التحالف ليؤسّس رفقة حركة القوميين العرب برئاسة جورج حبش ما أطلق عليه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 1967، قبل أن يعود إلى خندقه الخاص تحت لواء الجبهة الشعبية حيث القيادة العامة بدايات العام 1968 ويبرز معها اسمه كأخطر قائد فلسطيني للكيان الاسرائيلي، نتيجة عملياته الموجعة التي استخدم فيها الوسائل والتكتيكات العسكرية الحديثة التي من أبرزها الطائرات الشراعية وأجهزة التفجير المتحكم بها، إضافة إلى خطف الجنود الإسرائيليين وإجباره الكيان الإسرائيلي على تنفيذ أولى عمليات تبادل الأسرى في تاريخها. وكان من أبرزها عملية النورس وعملية الجليل الأضخم في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بعد أن نجح في استبدال ثلاثة جنود بألف وخمسمائة أسير كان على رأسهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس... إنه أحمد جبريل، الذي خاضت إسرائيل معه حرب الثلاثين عاماً ضد أخطر قائد فلسطيني على الإطلاق. في الوقت الذي كانت فيه الدوائر الأمنية الإسرائيلية ورجال مخابراتها يستلقون خلف أكاليل غار الانتصار بعد حرب العام 1967 وقد امتلأت أذهانهم بغباء العرب وعدم انتمائهم إلى خانة الأذكياء وبالتالي لا يمكن أن يحلموا بحربهم إلى خارج حدود منطقتهم العربية، كان الرجال الثلاثة المتأنقون بقبعاتهم السوداء وببذلاتهم الجميلة وربطات أعناقهم الأنيقة يلجون سلم الطائرة الإسرائيلية المُتجهة إلى مطار بن غوريون بعد أن بدوا بمظهر يدعو إلى الاحترام من طرف الجميع، فالأوامر التي صدرت لقائد المجموعة (علي شفيق ذي الاسم الحركي الكابتن رفعت) كانت واضحة جداً، فالظهور بمظهر الرجل الأنيق المُسالم كانت أمرا من طرف جورج حبش، الذي بدا قبل قليل بإنشاء المقاتلين العرب القادرين على الضرب في كل مكان وزمان بالعالم المليء بالأجندات الصهيونية والأمريكية، التي احتلت الأرض الفلسطينية وشرّدت أهلها. ما هي إلا لحظات قليلة حتى أعلن كابتن الطائرة ابتداء رحلة العودة إلى الأرض الموعودة، كانت الساعة تشير إلى تمام الثانية عشرة ليلاً حيث الرحلة رقم 426 التي انطلقت للتو من قلب الليل الايطالي الحالك، وأخذت تتجاوز ببطء شديد اكتساح كثبان الغيوم المتراصة هنا وهناك على سماع هزات الطائرة الخفيفة، التي زرعت على بعض الوجوه علامات الخوف وعلامات الاسترخاء والراحة للبعض الآخر، الذي رافق رحلات مشابهة، بل قد تكون الأقرب إلى الموت في حالة القوى الطبيعية وأحوال الطقس الصعبة...، لحظات قليلة حتى دوْت سمّاعات الطائرة بصوت حاد يفيد بتجاوز الطائرة صعوبات الرحلة الجوية بعد أن رافقه اشتعال مصابيح الطائرة إنذارا للركاب بإمكانية الاسترخاء وفكّ أحزمة الأمان، وإيذانا لهم بقضاء حوائجهم والتحرّك ضمن الطائرة التي تحمل على متنها 35 راكبا جلّهم من الإسرائيليين، إضافة إلى طاقمها المكوْن من ثمانية أشخاص بمن فيهم الرجال العرب الثلاثة الذين انتهوا للتوْ من تدخين سجائرهم الأخيرة بعد استلامهم لقرابة النصف ساعة بصمت وسرور لتهيئة أنفسهم من الناحية الذهنية للمهمة التي باتت قاب قوسين أو أدنى...فبعد لحظات سيصبحون هم قادة هذه الطائرة الإسرائيلية... وبينما كان مقود الطائرة البوينغ 707 ينسحب ببطء شديد وطابور المسافرين عند المرحاض يزداد اكتظاظا، انتصب الرجال الثلاثة من مقاعدهم على عجل، وفي خطوة واحدة أخذوا يسرعون باتجاه غرفة القيادة التي منحوا أحد ضباطها عيارا من فئة 9ملم في منطقة البطن قبل أن يُجبروا قبطانها المسمّى (ماعوز بوراز) على الاستسلام لمطالبهم معلنين إحكام قبضتهم وسيطرتهم على الطائرة على دوْي صراخ إحدى المضيفات الجميلات ذات الشعر الذهبي المُجعد وقد بدت تقول باللغة العبرية «..لقد خطفوا الطائرة.. لقد خطفوا الطائرة»، صرخة كانت مدوْية للمسافرين اليهود الذين ملأت وجوههم علامات الرعب الشديد قبل أن يطل عليهم صوت الكابتن رفعت قائلا للجميع «....لقد ألغيت رحلة العال رقم 426 وأطلقنا عليها الآن رحلة تحرير فلسطين...، أما وجهتها فليس مطار بن غوريون بل مطار الدارالبيضاء المجاور للعاصمة الجزائرية وذلك لأسباب جوية وأخرى سياسية، وما على الجميع إلا التزام الصمت والهدوء...»، قالها وقد علت نبرة صوته ضحكات وقهقهات مع رفاقه احتفالا بنجاح المهمة. إذلال إسرائيلي.. ابتهاج فلسطيني لم تمر سوى دقائق قليلة حتى وصل الخبر إلى الدوائر الأمنية الإسرائيلية التي شكل لها خطف الطائرة صدمة قوية باعتبارها نقطة تحوْل تاريخي في حروب النصف الثاني من القرن العشرين، فمثل هذه الخطوة لم تكن حتى في بال القيادات الإسرائيلية، ولم تخطر في بال رجال مخابراتها الذين حسموا أمر العرب والفلسطينيين ووصفوهم بالأغبياء القادرين على الكلام فقط والبعيدين عن العمل دائما، وبات عليها إيجاد المخرج الآمن والسليم لهذا المأزق، خاصة بعد أن تعهدت بعدم التفاوض مع المُسلحين الفلسطينيين لأي سبب كان وتحت أي ظرف حتى ولو كان على حساب مصلحتها القومية، لكنها ستكون مُجبرة الآن على قبول التفاوض لإطلاق سراح ستة عشر فلسطينيا من المعتقلات الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح المسافرين المختطفين في طائرة العال التي حطت رحالها في مطار الجزائر ... كانت الدوائر الإسرائيلية في تل أبيب تتخبط كثيرا لهذه الأزمة، في حين كانت بيروت تشهد رفع كؤوس الانتصار تعبيراً عن ابتهاج قواعد الجبهة الشعبية الذي شارك جورج حبش ووديع حداد في رسم خطواته، وزاد من حدة الابتهاج لحظة استسلام تل أبيب لمطالب الثوار وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين الذين آمنوا وزاد إيمانهم حتما باستمرار العنف الثوري وكان على رأسهم أحمد جبريل الرجل البالغ من العمر آنذاك اثنين وثلاثين عاما وذو البنية القوية التي تفضل ارتداء الملابس الرياضية الملونة التي تظهره بمظهر الأستاذ الجامعي البعيد عن العمل العسكري والثوري..، رغم أن مثل هذا الرجل هو الذي خطّط لعملية الاختطاف المثالية التي أقنع ذاته بأن تحرير فلسطين لا يمكن أن يتم بتصرفات ناعمة لمثقفين لا يمتلكون الشجاعة الكافية لسحب الزناد وإطلاق الرصاصات على رأس رجل من مسافة قريبة، بل إن عملية التحرير لن تتم إلا من خلال ممارسة العنف الثوري الفلسطيني، خاصة أن الدولة اليهودية ما فتئت تمارس مثل هذه الأعمال وغيرها لتحقيق مأربها وأهدافها في الاحتلال والتوسع والاستيلاء على الأرض الفلسطينية وطرد وتهجير أهلها بالقوة، فحين تفتحت عيناه في قرية يازور عام 1937 إحدى القرى الفلسطينية الصغيرة ليافا المحتلة المعروفة بضواحيها الهادئة ومنازلها الواسعة ومطاعمها المتراصة على جانبي الطريق رأى مشاهد مشابهة حيث القتل العشوائي والإرهاب المستمر لعصابات الهاغانا التي أبادت الحجر والشجر والإنسان وارتكبت المجازر تلو المجازر ضد أهالي القرى الفلسطينية وأجبرت أهلها بمن فيهم عائلته على مغادرة قريتهم الجميلة عام 1948 مُتجها إلى الضفة الأخرى لنهر الأردن، قبل أن تجرفه رياح الغربة والمهجر والتهجير من جديد إلى سوريا وتحديداً إلى مدينة القنيطرة عاصمة مرتفعات الجولان، التي تشكلت مع طبيعتها القاعدة الحقيقية والملامح الثورية لشخصية جبريل النضالية والسياسية. جبهة تحرير فلسطين سرعان ما التحق الشاب ذو التوجهات الثورية بصفوف الجيش السوري مطلع العام 1956 وهو لم يتعد بعد سن التاسعة عشر ربيعا ليضحى بذلك الجندي قوي الاندفاع نحو المغامرة والتحدّي الذي نال معها إعجاب قادته ومكنه من التقدم سريعا في العديد من الرتب العسكرية التي حصل من خلالها على درجة كابتن في قوات الهندسة السورية نظير مهاراته الفذّة كخبير في التدمير وتركيب القنابل والمتفجرات، وهي قنابل سرعان ما انفجرت إحداها في وجهه مع بدايات العام 1958 إبّان تكوْن الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا التي أجبره معها(نظير ضغوطات أعدائه في الجيش السوري) على تقديم استقالته من الجيش السوري والتفرغ بشكل رسمي للعمل الثوري الفلسطيني حيث انتقاله إلى القاهرة التي عُدت حينها قنبلة السياسة للثوريين العرب والوطنيين الفلسطينيين، مؤسّسا فيها المنظمة الفدائية السرية التي أطلق عليها جبهة تحرير فلسطين رفقة كل من على بوشناق وفضل شكري واحمد زعرور وطاهر دوبلان وغيرهما من رفاق الثورة مركزا أهدافها في البدء على تجنيد الطلبة الفلسطينيين من جامعة القاهرة كجنود للكفاح المسلح والمقدس إلى جانب شقيقته سميرة المعروفة باسمها الحركي (ام فراس) التي أوكلت إليها مهمة تجنيد القطاع النسائي في جبهة تحرير فلسطين.... حرب ضد إسرائيل لم يمض سوى وقت قصير حتى اضحى احمد جبريل بمثابة العالم الثوري بين سكان المهجر الفلسطيني القاطنين في مخيمات اللجوء بعد أن أخذ يعلن على الدوام بأن هدف جبهته الوحيد هو شن الحرب وبلا هوادة ضد (إسرائيل)، وهي دعوات حملت إليه أطياف وأطياف من المتطوْعين الفلسطينيين والسوريين الذين أخذوا يتدافعون على جبهته من كل حدب وصوب، فتأثير هذا الرجل اصبح واضحا على الناس حتى ضمن فيالق الجيش السوري بعد ما انجزه من مهام كبرى حتى شكل شخصية محترمة لكونه شاب فلسطيني يمثل نوعية فريدة في المهارة العسكرية الفلسطينية، وهو احترام رافقه حتى بعد عودته إلى سوريا عام 1961 إثر وقوع الانفصال بين مصر وسوريا وانتهاء الجمهورية العربية المتحدة وعمله بالجيش السوري وضمن جبهته (جبهة تحرير فلسطين) التي بدت من أكثر الجبهات النضالية الثورية المتحالفة مع سوريا التي شن عبر حدودها الكثير من العمليات الفدائية ضد الشمال الإسرائيلي، رغم أن هذه الجبهة وهذا التحالف قد سبب له ولدمشق متاعب كبيرة إثر خلافاته المستمرة مع القيادات الفلسطينية الأخرى لمنظمة التحرير في بداية المطاف التي أجبر معها عرفات وبضغط سوري على قبول ضمّ جبريل وجبهته إلى اللجنة المركزية لمنظمة التحرير نهايات العام 1966 (إثر الانقلاب العسكري الجديد في 23 شباط 1966 التي غير وبشكل جذري طبيعة العلاقة بين منظمة التحرير وسوريا) مقابل سماح سوريا، لأفراد المنظمات الفلسطينية بشن الهجمات العسكرية المسلحة ضد (إسرائيل) انطلاقا من أراضيها، قبل أن يضطر جبريل إلى سحب قواته ومجموعاته القتالية من إطار اللجنة المركزية لمنظمة التحرير بعد دخول ضابط الجيش السوري إليها الكابتن يوسف عرابي إلى قيادة المنظمة بطلب من سوريا، وأضحى من مهام جبريل الآن القيام بالأنشطة السرية لتقويض مكانة ياسر عرفات.. زواج جبريل وعرفات يروي «نيل ليفينغستون ودافيد هاليفي» في كتابهما الشهير (داخل منظمة التحرير الفلسطينية: أسرار وحكايات) تلك الفترة كالتالي»....كان أحمد جبريل من الرجال الفلسطينيين القلائل آنذاك الذين يبدون علانية كراهيتهم المطلقة لياسر عرفات الذي اعتبر نفسه رئيسا للثورة الفلسطينية، فهذا الأخير في نظر أحمد جبريل سيكون بتوجهاته وآرائه (رغم اقتناعه بالكثير منها) بعيدا إلى حدّ ما عن توجهات وآراء جبريل نفسه وتطلعاته التي يرى من خلالها بأن السلاح الوحيد الذي يمكنه أن يخدم الشعب الفلسطيني يتجسد فقط في العنف الثوري المسلح، وزاد من حدّة هذا الاقتناع القبول الكبير الذي أخذ يتلقاه جبريل من قبلة الشيوعية موسكو التي أخذت ترى فيه رجل العمليات الحاسمة والقادر على دعم خطاباته السياسية بالقوة العسكرية النارية الكبيرة، كيف لا وهذا الرجل قد شنّ ومنذ مطلع العام 1965 أكثر من مائة عملية عبر حدود الكيان الإسرائيلي، وبالتالي أصبح هذا الرجل يتقمّص مكانة الإعجاب لموسكو باعتباره الرجل الأكثر ملاءمة لخططها في الصراع الحتمي القوي للقوى العظمى التي تتنافس للسيطرة على مناطق الشرق الأوسط الاستراتيجي». ويضيف المؤلف بالقول «....لكن على الجانب الآخر كانت موسكو تؤمن بضرورة حماية الثورة الفلسطينية الناشئة التي يقودها صاحب الكوفية الفلسطينية ياسر عرفات، وبالتالي لا بد لنجاح خططها من إيجاد التحالف السريع بين مكونات النضال الفلسطيني، التي ترافقت مع دعوات جورج حبش إبّان حرب حزيران والتي دعا فيها إلى ضرورة الوحدة الفلسطينية في الكفاح ضد العدو الإسرائيلي، وهي دعوات انخرط معها أحمد جبريل بجبهة تحرير فلسطين التي أضحت تحمل اسما جديدا مع حبش أطلق عليه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مصدرة بذلك لأول بيان لها حمل صدى جبريل نفسه لمفهوم الصراع الدائر بالقول: السلاح الوحيد في يد الشعب الفلسطيني هو العنف الثوري المسلح وليس شيئا آخر..، وهو صدى انتهى معه الطلاق بين جبريل وعرفات بعد التوترات التي وقعت نهايات العام 1966 واتحدّ الجميع لتحقيق الانتصار الأول للثورة الفلسطينية انطلاقا من موقعة الكرامة الأردنية، التي حملت في الأجندة الإسرائيلية اسم بنتاغون الإرهاب الفلسطيني محققين في ذلك فشلا ذريعا لهجومهم، الذي أطلقت عليه عملية جهنم بعد أن تكبدت القوات الإسرائيلية الخسائر الفادحة على أرض المعركة، بل إن الخسائر امتدت لتضرب المواقع الإسرائيلية بالقدس ومناطق مختلفة في بيسان .. جبريل واستراتيجية التحرر الوطني «....وسط أجواء الانتصار الكبير في معركة الكرامة (والكلام هنا لا يزال للمؤلف نيل وهاليفي) أخذت المخاوف تزداد حول النزاع الدموي الذي أضحى قاب قوسين أو أدنى بين فصائل المقاومة الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية التي يتزعمها ياسر عرفات، خاصة بعد أن انتقد جبريل أوامر جورج حبش خلال زيارة له لجمع الأموال من مشيخة الكويت الغنية بالنفط قائلا: لا يمكن وصف حبش وأتباعه من النخب السياسية إلا بكونهم محاربين ضعفاء لا يمكن لهم المضي قدما في مسار الثورة الفلسطينية التي نرى فيها عنفا ثورياً حتمياً ..، كما زاد من حدّة التوتر الانتقادات التي أخذ جبريل يوجهها إلى الرئيس جمال عبد الناصر نظير انتقادات هذا الأخير للجبهة الشعبية وقياداتها وأجنحتها العسكرية، رغم إقناع جبريل نفسه لعبد الناصر وفي اجتماع ضم الاثنين بالقاهرة في وقت سابق بضرورة توحيد الصفوف الفلسطينية والعربية لصدّ النفوذ والتفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة، الأمر الذي نتج عنه إعلان جبريل بالانفصال عن الجبهة الشعبية بعد المؤتمر السادس للجبهة تشرين أول من العام 1968 معلنا إنشاء وتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين /القيادة العامة من العاصمة اللبنانية بيروت، التي أنشأ مقره الرئيسي فيها، إضافة إلى مكاتب لها في عاصمة المُعز القاهرة وعاصمة الثورة دمشق، لتعود وبعد عام فقط إلى الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية وتكون رابع منظمة فلسطينية تنضم إليها بعد أن تبنت شعارها الثوري الجديد حيث البندقيتين المتقاطعتين عند عقدة ثانية تغطيان خارطة فلسطين يتوْجها شعار كلمات ثلاث باللغة العربية (عودة، فداء، تحرير) وتمثل الرسالة الواضحة التي تقول: سيستمر الدم حتى يأتي اليوم الذي تتّحد فيه فلسطين كاملة...،وانطلق بعد حين لإصدار أوامره لصيادي الرؤوس (الكادر الفاعل في جبهته) بتجنيد أبناء المخيمات الفلسطينية بعمان ودمشقوبيروت وصيدا في قواته دون الابتعاد عن المثقفين والمبدعين القادرين على العمل الخارجي الذي ستقوم به الخلايا الخارجية التابعة للجبهة، متجاوزا بذلك لعرفات في بحثه عن الشخص البسيط القادر على حمل البندقية والسلاح والموت لأجل فلسطين، ومنطلقا في ذلك من استراتيجيته العسكرية التي تقول: استراتيجية التحرر الوطني التي ستحرّر الوطن بشكل كامل بالدم والنار والحديد فقط... معادي أسعد صوالحة