رحل شاعر الملحون المجدد بامتياز المبدع اسماعيل العلوي السلسولي، بعد رحلة باذخة في غمار شعر الملحون، وقد شكل في حظيرته حضورا قويا وتبوأ من بين شعرائه ومنشديه مكانة مثلى بفضل نزوع خاص للغاية نحو التحرر من الأغراض التقليدية في شعر الملحون حتى أضحى الراحل أبرز علامة في تناول قضايا جديدة بقاموس جديد. الفقيد اسماعيل العلوي السلسولي واحد من أبرز شعراء الملحون الذين حملوا على كواهلهم عبء مسؤولية تجديد معاني هذا الفن وجعله مواكبا لزمانه بل لأزمنته وذلك بحس انتقادي ساخر يراهن على الفرجة أولا. فقيدنا هو صاحب سلسلة من المحاورات ذات اللمسة الكوميدية الرائعة التي تفاعل معها المتلقي وأساسا من خلال المحاورات التالية: «المجمروالبوطاغاز، والقدرة والكوكوت، «و«البورتابل والفيكس»، و«السكليس والبشكليطة»، و«اللاعب وكرة القدم». لقد كان الراحل في هذه المحاورات وفي غيرها مدركا كل الإدراك لآليات التواصل الحديثة التي يتفاعل معها الجمهور ، بل ويزداد، أي الجمهور ، اهتماما بالملحون ورغبة في معرفة أسراره وتقنياته، وإلى جانب هذا التميز فإن شاعرنا ، رحمه الله، انفتح داخل الأغراض التقليدية على مجادلة ومناظرة كل ما هو جاهز ونمطي، ففي غزله سعى إلى إحداث قطيعة مع القاموس التقليدي، ونفس الأمر فعله في باقي الأغراض . وسيظل اسم الفقيد مقرونا بتمكنه من ثلاثية النظم والإنشاد والعزف، إلى جانب مساهمته الفعالة في حيوية ترويج الملحون عبر انخراطه الواعي في تنظيم وتأطير عدد من التظاهرات، وكذا مساهمته في تكوين جيل من المنشدين والعازفين كما سيبقى اسم الفقيد مرتبطا بإنسانيته التي اتسعت لتستوعب كل الاختلافات وكل الأجيال والحساسيات. لقد فقدنا حقا قامة وقيمة كبيرتين، وبقدر ما ملأ هذا الرجل أيامنا صخبا وشغبا جميلين، بقدر ما تزداد اللوعة حين يودعنا في صمت مريب. عبد المجيد فنيش