أعلن يوم السبت الماضي عن انتحار مريض نفسي بمصلحة الأمراض النفسية والعقلية بمستشفى مولاي اسماعيل، ما استدعى فتح تحقيق في القضية، والاستماع إلى عاملين في المصلحة من قبل عناصر الشرطة القضائية. وقالت مصادر نقابية إن الممرضين عادة ما يجرّون إلى القضاء في مثل هذه الحالات كأكباش فداء، إذ تتم متابعتهم بمقتضيات القانون الجنائي، في وقت تعاني فيه المنظومة الصحية للأمراض العقلية والنفسية من اختلالات تدفع بعض المرضى إلى الإقدام على عمليات انتحار نتيجة ازدياد حدة الضغط النفسي الذي يعانونه في المستشفى. وذكرت المصادر بأن وضعية المستشفى كارثية، إذ يعاني من قلة الموارد البشرية. وتطرقت المصادر إلى تقرير سبق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن أصدره حول مصلحة الأمراض النفسية بمكناس، وأوصى التقرير بترميم البنيات المتدهورة التي تعرف حالة من التدهور الجلي والانهيار الوشيك. وقررت وزارة الصحة إحداث مصلحة جديدة، لكن المصادر أوردت بأن البناية الجديدة للمصلحة لم تستجب لحاجيات المرضى. فقد كانت مصلحة الطب النفسي تشتغل بطاقة استيعابية تتجاوز 120 سريرا، مناصفة، في حين أن البناية الجديدة ظلت تفتقر حتى لقنوات الصرف الصحي، ورغم تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف توسيع الطاقة الاستيعابية، وتجاوز مشكل أنابيب صرف المياه العادمة، ظلت المصلحة تعاني نقصا حادا في عدد الأسرة والذي تقلص إلى أقل من النصف (58 سريرا)، وكذا أقل من نصف ما كانت تشتغل به من أطباء وممرضين، فيما تزايد الطلب على خدمات المصلحة، بشكل مطرد، إما بفعل تكاثر الحالات المرضية التي يؤتى بها لتلقي العلاج، أو بسبب طلب الإيواء، الذي توقعه السلطات الأمنية أو القضائية. وتضطر إدارة المصلحة، في الكثير من الأحيان، إلى إيواء ما يحال عليها من المرضى، المحكوم عليهم بالبراءة، مع الإيداع بالمستشفى، ما يجعل المصلحة «تزيغ» عن دورها العلاجي الاستشفائي، لتؤدي دور مؤسسة للرعاية الاجتماعية. وتعاني المصلحة، علاوة على ذلك، من غياب فضاءات للأنشطة الموازية للطب النفسي، ما يؤدي إلى ظواهر اجتماعية غير مرغوب فيها، وغير متحكم فيها أيضا، تقول المصادر. ولا يتجاوز عدد الممرضين العاملين في المصلحة 18ممرضا وممرضة، أغلبهم تجاوز سن الخامسة والخمسين، مما ينعكس سلبا على الأداء، و»النتيجة الحتمية هي أنه إزاء النقص الحاد في الموارد البشرية، فإن كل ما يكون قد تلقاه الممرض نظريا في معاهد تكوين الأطر الصحية، في مختلف طرق العلاج، بين ما هو كيميائي وما هو فيزيائي، ونفسي واجتماعي، وكيفية بناء علاقة علاجية بين المريض والممرض المعالج قوامها الثقة والاحترام، يصبح في خبر كان! فيجد الممرض نفسه أمام واقع آخر لا علاقة له بما هو مدون في الكتب، وما يلقن في المحاضرات! وهنا يحار الممرض المعالج بين جدلية الحراسة والعلاج! ويصبح همه الأول هو درء الحالات التي قد يوجه إليه فيها الأمر، والاستفهام «عنداك يهرب.. كيفاش هرب..؟ وفي الوقت الذي تعاني المصلحة من نقص في الموارد البشرية، فتحت المصلحة أبوابها لاستقبال مرضى من أقاليم مجاورة كإقليم سيدي قاسم، ما يؤدي إلى حالة اكتظاظ لا تطاق. وذكرت المصادر بأن العلاجات لا تفرز بين المسنين والأطفال، ما يسفر عن حالات اعتداء يصعب التحكم فيها بسبب قلة الموارد البشرية.