مشروع قانون الإضراب يروم حماية الشغيلة والمقاولة وتوسيع الحريات النقابية (يونس السكوري)    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    هذه أبرز التعديلات المقترحة لمراجعة مدونة الأسرة    حركة النقل الجوي عبر مطارات المغرب ارتفعت ب30 في المائة هذا العام بحسب الوزير قيوح    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    المغرب فكك 123 شبكة إجرامية تنشط في الهجرة السرية خلال سنة 2024    أزمة عميقة في شباب بلوزداد بعد "سداسية" الأهلي: اشتباك بين نجم الفريق ومدربه    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    النسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين بالفوج 39 للقوات المسلحة الملكية بجرسيف        الفصائل السورية تتفق مع أحمد الشرع على حل نفسها والاندماج مع وزارة الدفاع    التوفيق يقدم رؤية عميقة حول العلاقة التي تجمع إمارة المؤمنين بالعلماء ويُبرز آليات إصدار الفتوى في حالة مدونة الأسرة    توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي            الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    أ. الدشيرة يفوت على ا. يعقوب المنصور فرصة الارتقاء للصدارة    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر            مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة        عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الصين تكشف عن مخطط جديد لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة    تركيا: مقتل 12 شخصا على الأقل في انفجار في مصنع ذخيرة    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    مختص في النظم الصحية يوضح أسباب انتشار مرض الحصبة بالمغرب    وعكة تدخل بيل كلينتون إلى المستشفى    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب باردة أم حسابات هادئة؟
نشر في المساء يوم 27 - 05 - 2014

مع تصاعد وتيرة العنف في جنوب وشرق أوكرانيا وغياب أي حل في الأفق القريب، أصبحت أزمة أوكرانيا الصراع الجيوسياسي الأكثر عنفا واضطرابا منذ ذلك الصراع الذي اندلع في أعقاب الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة في عام 2001.
ولن تنجح استراتيجية العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة في التخفيف من تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا أو دعم الحكومة الأوكرانية الموالية للغرب والمعرضة للخطر، ولكن حتى مع تشديد العقوبات المفروضة على روسيا والعنف المتنامي في أوكرانيا، تظل احتمالات اندلاع حرب باردة ثانية ضئيلة.
كان النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة يتلخص في تشديد العقوبات ردا على العدوان الروسي، ومحاولة ضمان بقاء حلفاء أمريكا متحدين في ذات الوقت.
وفي مؤتمر صحفي مشترك عقد مؤخرا، أعلن الرئيس باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن عتبة أدنى جديدة لفرض عقوبات إضافية.
في السابق، كانت عتبة فرض العقوبات المعلنة هي الغزو العسكري الروسي المباشر؛ والآن، وكما أوضحت ميركل، إذا عطلت روسيا انتخابات 25 مايو في أوكرانيا فإن «فرض عقوبات إضافية سوف يكون حتميا».
ولكن ميركل وأوباما خفضا أيضا الحد الأقصى الذي قد تبلغه هذه «العقوبات الإضافية»، فبدلا من إطلاق تدابير قطاعية شاملة تستهدف مساحات واسعة من الاقتصاد الروسي -وهو ما كان سيشكل خطوة كبيرة نحو إخضاع روسيا لعقوبات مماثلة لتلك المفروضة على إيران- يبدو الآن وكأن الجولة التالية من العقوبات سوف تتلخص في زيادة العقوبات القائمة بالفعل بعض الشيء.
والواقع أن عتبة الانتخابات تجعل فرض جولة أخرى من العقوبات أمرا شبه مؤكد، ولكنها تسمح بأن تشدد العقوبات بشكل أكثر تواضعا وتدرجا.
ولكن، ما السبب وراء إبطاء وتيرة الرد بالعقوبات؟ إن الأمريكيين يدركون أنهم إذا تحركوا بقوة وسرعة أكثر مما ينبغي فإن أوربا سوف تعارض النهج الأمريكي علنا، وذلك لأن الأوربيين لديهم الكثير على المحك اقتصاديا.
ففي حين تدير الولايات المتحدة وروسيا علاقات تجارية محدودة للغاية بينهما -والتي بلغت قيمتها نحو 40 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، أو نحو 1 في المائة من إجمالي التجارة الأمريكية- فإن تعرض أوربا المالي لروسيا، فضلا عن اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، يجعلها أكثر ترددا في نسف العلاقات الاقتصادية بروسيا.
والأمر الأكثر أهمية هو أن مستوى الاعتماد على روسيا يتباين بشكل كبير في مختلف بلدان الاتحاد الأوربي، وهذا من شأنه أن يعيق التنسيق الجاد ويحد من مجاراة الاتحاد الأوربي للولايات المتحدة.
ولهذا السبب، عندما أعلِن عن العقوبات الأخيرة، أصدر الأوربيون تمديدا متواضعا لقائمتهم المطروحة بالفعل التي تركز في المقام الأول على المسؤولين العسكريين والسياسيين، في حين ذهبت الولايات المتحدة إلى ما هو أبعد من هذا، فأضافت العديد من المؤسسات الروسية. وعندما أعلنت العقوبات انتعشت الأسواق الروسية، وهي إشارة واضحة إلى أن استجابة الغرب كانت أقل كثيرا من التوقعات.
ورغم أن العقوبات تخلف تأثيرا اقتصاديا حقيقيا على روسيا (خاصة في تحفيز هروب رأس المال) لن يحدث تشديد الخناق أي تغيير جوهري في أسلوب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتخاذ القرار؛ فروسيا تحت قيادة بوتين لديها الكثير على المحك في أوكرانيا، والواقع أن تصرفاته حظيت بشعبية طاغية في الداخل.
ولكن حتى مع تصاعد التوترات وغياب أي أمل في تراجع روسيا، فإن العالم لا يتجه نحو أي شيء أشبه بحرب باردة جديدة؛ فبادئ ذي بدء، لا تبرر مصالح الولايات المتحدة في أوكرانيا وضع قوات عسكرية على الأرض، في حين كانت أوربا تتلكأ في دعم موقف أمريكا الدبلوماسي.
وعلاوة على ذلك، تمر روسيا بانحدار طويل الأمد، فالآن يعتمد اقتصادها وموازنتها الحكومية بشكل متزايد على النفط والغاز، وأغنى 110 من رجال الأعمال الروس الذين يسيطرون على أكثر من ثلث ثروة البلاد، كما أصبحت قدرة روسيا العسكرية أقل بكثير مما كانت عليه في الحقبة السوفياتية، حيث لا تتجاوز ميزانيتها الدفاعية واحدا على ثمانية تقريبا من ميزانية الولايات المتحدة الدفاعية. والصورة الديمغرافية قاتمة، في ظل الشيخوخة السكانية وانخفاض معدلات الخصوبة.
ولكي تتمكن روسيا من تشكيل كتلة متماسكة قادرة على معارضة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، فإنها تحتاج إلى أصدقاء أقوياء، وهو ما تفتقر إليه بشدة؛ فعندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على شرعية ضم شبه جزيرة القرم، لم تجد روسيا في صفها سوى عشر دول، منها دول مجاورة في فلك روسيا (أرمينيا وبيلاروسيا)، ودول متعاطفة تقليديا في أمريكا اللاتينية (بوليفيا ونيكاراغوا وفنزويلا)، ودول مارقة (كوبا وكوريا الشمالية وزيمبابوي والسودان وسوريا).
إن الدولة الوحيدة التي قد تميل الميزان وتؤسس لديناميكية الحرب الباردة هي الصين. ولكن الصينيين أثبتوا أنهم غير مستعدين على الإطلاق للاصطفاف مع أي من المعسكرين، فهي من الممكن أن تستفيد من المزيد من المشتريات من صادرات الطاقة الروسية فضلا عن الفرص الجديدة التي يوفرها امتناع الشركات الغربية بشكل متزايد عن مزاولة أعمال تجارية في روسيا.
وبوسع الصين أن تجني هذه المكافآت دون إغضاب أكبر شركائها التجاريين، الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة. والواقع أن الصين مترددة في دعم الجهود الروسية الرامية إلى خلق اضطرابات داخل حدود أوكرانيا، ذلك أن الأقاليم المضطربة في الصين، مثل شينغيانغ والتبت قد تتعلم الدرس الخطأ من سابقة أوكرانيا.
لذا فإن النبأ السار هنا هو أننا لسنا مقبلين على أي نوع من الحرب العالمية، سواء كانت باردة أو ساخنة. ولكن العواقب المترتبة عن السياسة الغربية المضللة أصبحت أكثر وضوحا، فالولايات المتحدة لن تنجح في عزل روسيا لعدم التزامها بالقانون الدولي واستيلائها على أراضي دولة أخرى.
ورغم أن البلدان الناشئة الكبرى الأخرى قد لا تكون في صف روسيا، فإنها لا توافق على نهج الولايات المتحدة. وممارسة الضغوط من أجل فرض عقوبات أكثر صرامة من شأنها أن تؤدي إلى نشوء صدع مع أوربا، في حين تدفع روسيا لمسافة أبعد نحو الصين اقتصاديا.
من ناحية أخرى، فإن الحكومة الأوكرانية في خطر، فهي تفتقر إلى القدرة العسكرية اللازمة لوقف تحركات القوى الانفصالية في الجنوب والشرق، ولكنها سوف تواجه ضغوطا داخلية متصاعدة، وقد تفقد شرعيتها إن لم تتحرك.
ويتلخص المسار الأفضل إلى الأمام للولايات المتحدة في تقديم المزيد من المغريات لأوكرانيا، بدلا من فرض المزيد من التهديدات على روسيا. فحتى الآن، خصصت الولايات المتحدة مليار دولار فقط ضمانات للقروض، وهذا قليل للغاية بكل تأكيد. والواقع أن الحكومة الوليدة الموالية للغرب في أوكرانيا تخسر الأرض لمصلحة روسيا يوميا، وينبغي للغرب أن يركز على دعمها.
كان مؤتمر أوباما وميركل الصحفي مفيدا بشكل رمزي في إنشاء جبهة موحدة في التعامل مع روسيا، رغم الخلاف الواضح بين الزعيمين بشأن كيفية معاقبة الكرملين ومدى شدة العقوبات.
ولكن الالتفاف حول الحكومة الأوكرانية، والاستعاضة عن الخطب الرنانة بالمساعدات المادية الحقيقية حتى عندما تختفي أخبار أوكرانيا من العناوين الرئيسية وتندلع أزمة جديدة أكثر أهمية لمصالح الولايات المتحدة وأوربا، ويمثل مسارا أكثر قابلية للتطبيق للمضي قدما لكلا الجانبين. إيان بريمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.