«كل السبل توصل إلى الشباب».. هذه هي القاعدة التي دشنها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عندما حرص على استضافة نجم الراب «البيغ الخاسر» أسابيع قبل موعد الاستحقاقات التشريعية ليوم 7 سبتمبر 2007. وإذا كان حزب المهدي بن بركة قد نجح في استقطاب المئات من المراهقين والشباب من عشاق «الخاسر»، فقد فشل فشلا ذريعا في الاستفادة من أصواتهم واكتفى باحتلال المرتبة الخامسة خلال انتخابات شهدت مشاركة مباشرة لحوالي 34 في المائة من الناخبين المسجلين بلوائح التصويت، حسب الإحصائيات التي قدمتها وزارة شكيب بن موسى. ولم يحذ أي حزب حذو الاتحاد الاشتراكي بعد أن اتضح فشل الرهان على نجوم الراب الذين ينجحون في جلب الشباب لمشاهدة أغانيهم ليس إلا، ولا يحققون أية نتائج إيجابية لفائدة الانتماء أو حتى التعاطف مع الحزب المستضيف. لذلك ما لبثت مجموعة من الأحزاب والشخصيات السياسية أن راهنت على وسائل التكنولوجيا الحديثة في محاولة جديدة منها لربط جسور التواصل مع فئات واسعة من الشباب والمراهقين الذين لا تولي أغلبية ساحقة منهم أدنى اهتمام للسياسة وأهلها. وفي هذا السياق، حرص سياسيون على إنشاء مواقع خاصة بهم، إلى جانب حرصهم على الظهور بشكل منتظم على موقع ال»فايس بوك» وعدد من ملتقيات التواصل الأخرى. ويشرح الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمدينة مراكش، أن رجال السياسة بعدما أخفقوا في مد جسور التواصل المباشر مع الشباب والمراهقين، حاولوا إغلاق هذه الثغرة عبر التواصل معهم من خلال النت، الذي يعلمون جيدا أنه صار «البيت» الذي يقضي فيه الشباب أغلب أوقاتهم. حقيقة يجمع عليها المراقبون، مثلما يجمعون كذلك على أن تحلق الشباب حول شاشات الحواسيب داخل محلات الأنترنيت لا يكون بالضرورة من أجل التواصل مع السياسيين أو حتى البحث عن معلومات مفيدة، بقدر ما هو تجمع من أجل البحث عن شريك من الجنس الآخر، سواء داخل البلاد أو خارجها. ويؤكد الغالي هذه الحقيقة في اتصال مع «المساء» ويوضح أن السياسيين يعلمون ذلك، لكنهم لا ييأسون من محاولة إيجاد «فرصة» ما لتحقيق تواصل مع الشباب غير الآبه برغبات أهل السياسة ومشاكلهم. واستطلعت «المساء» آراء شباب، بمحل للأنترنيت بمدينة تمارة، وأكدوا كلهم أنه لم يسبق لهم أن تصفحوا موقعا لشخصية سياسية، فيما اعترف بعضهم بأنه يطلع، بين الفينة والأخرى، على موضوع سياسي بأحد المواقع المعروفة. إن فشل استقطاب الشباب عبر «الراب» وفنون الغناء الحديثة التي تحظى بشعبية لدى الشباب والمراهقين وخسارة الرهان على التكنولوجيا لجسر الهوة بين السياسيين والمراهقين، يدفعان بالضرورة إلى التفكير في العودة إلى الحل الحقيقي المنبني على إعادة ترميم صورة العمل السياسي في أذهان الشباب بتبني قيم النزاهة وشفافية التدبير والتطلع إلى تحقيق رغبات الشباب وأمانيهم من خلال العمل الجاد والمسؤول. ويشرح الدكتور الغالي أن هذه المبادئ هي الحل الأوحد والحقيقي أمام رجال السياسة لربط جسور التواصل الحقيقي مع الشباب. ويحكي تجربة مجموعة من المستشارين البلديين بمدينة مراكش، الذين توفقوا في ربط علاقات قوية مع فئة الشباب والمراهقين من خلال تحقيق رغباتهم في إيجاد ملاعب خاصة بالمدينة وإنشاء دور الشباب والتنشيط الجمعوي وتوطيد أواصر التواصل اليومي المباشر معهم دون انقطاع. يأتي ذلك وسط تأكيد الخبراء بأن المغرب يحتل الصدارة بين الدول العربية والإفريقية في مجال الولوج إلى الأنترنيت. وقد صرح رئيس الشركة المغربية للأنترنيت(ميزوك) عبد العزيز هلالي لوكالة المغرب العربي للأنباء بداية الشهر الجاري بأن ربط البيوت المغربية بشبكة الأنترنيت سجل أكبر وأسرع معدل نمو بإفريقيا، غير أنه ما يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لبلوغ معدل الربط في أوربا أو آسيا. وأضاف الهلالي أن استعمال الأنترنيت من شأنه أن يعطي دفعة جديدة للنشاط الاقتصادي في البلاد. وأشاد بكون المغرب يوجد في المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا في هذا المجال غير أنه يظل بعيدا عن مستوى مؤهلاته التنموية.