أخيرا تمكن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من النجاح في اختبار أغلبيته، يوم الجمعة الماضي خلال جلسة التصويت على الرئيس الجديد للغرفة الثانية للبرلمان في افتتاح الدورة التشريعية الربيعية. فقد شكل ترشح الاستقلالي كريم غلاب لولاية ثانية على رأس المجلس مفاجأة للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، على اعتبار أنه ينتمي إلى حزب في معسكر المعارضة. ورغم أن القانون التنظيمي للمجلس يمنح لأي عضو حق ترشيح نفسه من حيث المبدأ، إلا أن ترشح غلاب بدا كما لو كان تعبيرا عن رغبة حزب الاستقلال ومن ورائه المعارضة في فتح جبهة جديدة للصراع مع رئيس الحكومة منذ أن غادر هذه الأخيرة نحو عام، وهو ما جعل نواب حزب العدالة والتنمية أكثر شراسة في الهجوم على المرشح الاستقلالي خلافا لباقي الأحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة. وما زاد في إعطاء طابع سياسي أكثر حدة لعملية الترشح تلك، أنها أعطت انطباعا بوجود تفكك داخل الأغلبية التي يقودها بنكيران، طالما أن الفارق في عدد المقاعد البرلمانية بين الأغلبية والمعارضة كان كافيا لكي يقنع هذه الأخيرة بعدم المجازفة، وهو ما لم يحصل، بل إن الأمناء العامين لأحزاب المعارضة الخمسة أصدروا بلاغا يؤيدون فيه إعادة ترشيح غلاب رئيسا للغرفة الأولى، مبررين ذلك بما دعوه الحصيلة المشرفة التي ميزت تدبير منتصف الولاية التشريعية الحالية. هذا على الرغم من أن المعارضة نفسها ظلت تنتقد باستمرار أداء المؤسسة التشريعية في عهد الحكومة الحالية، قبل أن تلتفت إلى جودة هذا الأداء لدى الدفاع عن مرشحها. الدورة التشريعية الجديدة، التي انطلقت على إيقاع المواجهة بين الحكومة والمعارضة، ستتميز باستكمال المخطط التشريعي الذي كانت الحكومة قد قدمته قبل أزيد من سنة وحددت سقفا زمنيا لتنزيله في الفترة ما بين 2012و2016 ولم تشهد الدورة الخريفية السابقة إنجازات كبيرة في أفق التسريع باستكماله، ويهم ذلك بالأساس مجموعة من القوانين التنظيمية الجديدة، في إطار الملائمة مع المقتضيات التي جاء بها دستور 2011، والتي يوجد من بينها تلك المرتبطة بقانون المالية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والجماعات الترابية وتنظيم الإضراب، وشروط تقديم ملتمسات المواطنين في مجال التشريع وتقديم العرائض إلى السلطات العمومية، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والقوانين المرتبطة بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، ومشروع القانون المتعلق بالجهوية الموسعة. وتعتبر الدورة الحالية دورة استثنائية لعدة اعتبارات، أولها أنها تأتي في وقت تستكمل الحكومة نصف ولايتها، بعد أن قضت نصفها الأول في صراعات متوالية، سواء فيما بين مكوناتها أو بينها وبين المعارضة، وهي صراعات لا شك أسهمت في استنزاف الأداء الحكومي وسببت له نوعا من الارتباك. وثانيها أنها ستشكل اختبارا قويا لنوايا الحكومة في الإصلاح وفي تنزيل الدستور الجديد، وهو ما سوف يجعل الدورة الحالية دورة السرعة بامتياز لتدارك الزمن الضائع في الفترة الماضية، والانتهاء من ترسانة القوانين التنظيمية ومشاريع القوانين التي تنتظر دورها. أما الاعتبار الثالث فيتعلق بكون هذه الدورة تأتي في مرحلة التحضير للانتخابات المقبلة خلال العامين القادمين، ويتعلق الأمر بالانتخابات الجماعية ثم الانتخابات التشريعية، وهو ورش كبير ستنكب عليه الدورة الجديدة التي ستكون عليها مهمة وضع مشاريع قوانين تخص العملية الانتخابية، ومن المنتظر أن يشكل ذلك مناسبة لعودة المواجهات الساخنة بين الأغلبية والمعارضة على خلفية تلك المشاريع. إدريس الكنبوري الترشح لرئاسة مجلس النواب .. ريع سياسي أم «تمرين» ديمقراطي؟ ترشح غلاب«الغريب» يضع الأغلبية الحكومية على المحك محمد أحداد نسي الاستقلالي كريم غلاب وهو يقول في ندوته الصحافية إن ترشيحه يعتبر بمثابة التمرين الديمقراطي في مغرب الدستور الجديد، أن اسمه لم يكن يعرفه أحد يوم عين وزيرا في حكومة التكنوقراطي إدريس جطو، وأنه استطاع أن يزيح أسماء وازنة من سباق التنافس حول الحقائب الوزارية. يومها لم يقل غلاب إن الديمقراطية المغربية تعثرت، وأن التمرين الديمقراطي أصيب بالشلل. تناقضات غلاب كانت كثيرة وغير قابلة للتعديد في هذا المقام، بيد أنها تحمل في طياتها الكثير من الدروس البليغة ترتبط تحديدا بمرحلة ما بعد الدستور الجديد وما بعد الانتخابات التشريعية سنة 2011 في مقدمتها أنه ثمة نخبا لم تستوعب إلى حدود اليوم هذا التغيير، ومازالت تنظر إلى الحقل السياسي بعقلية الكولسة. نحن لسنا ضد ترشح كريم غلاب لرئاسة مجلس النواب، لكن ضد المنطق الذي حاجج به أمام الصحافيين، ولا نظن أنه أقنع أحدا بمرافعته المليئة بالإنشاء والهجوم غير المبرر على باقي الفرقاء السياسيين. بالمقابل، بدا غريبا جدا أن يخرج قياديون في حزب العدالة والتنمية لمهاجمة غلاب وترشحه لخلافة نفسه: هل وصل توجس حزب العدالة والتنمية إلى درجة أنه لم يعد يثق في حلفائه الحكوميين رغم كل ما قيل عن ميثاق الأغلبية والانسجام التام؟ العملية الحسابية والديمقراطية بسيطة ولا تنطوي على الكثير من التعقيد، فأغلبية ابن كيران يمكن أن تنتصر على مرشح المعارضة بسهولة، اللهم إذا حادت الديمقراطية عن سكتها وقرر حلفاء الأغلبية أن يخلوا بالتزاماتهم ويصوتوا على غلاب. كان حريا على بوانو وأفتاتي وكل الذين هاجموا غلاب ومعه حزب الاستقلال أن يتجنبوا الدخول في مهاترات مجانية تفقد الحزب قوته وشعبيته التي اكتسبها في الانتخابات الماضية. ابن كيران، يعلم قبل غيره، أن المعادلة السياسية المغربية معقدة جدا، ولا أحد يمكن أن يتكهن بمآلها، ولذلك صرح غداة الانتهاء من المفاوضات الماراطونية أنه خرج منتصرا ووجه انتقادات ناعمة إلى»مجاذيب» حزبه لأنهم لا يعرفون شيئا. عبارة مثل هذه، قد تجعل بعض حلفاء حزب العدالة والتنمية متخوفون من أن يكون ترشح غلاب مسنودا ب»أسباب النزول». مهما يكن، من أمر فإن النقاش حول رئاسة مجلس النواب ليس وليد اللحظة السياسية الراهنة، بل هو نقاش قديم تفجر لما أزيح مصطفى المنصوري من رئاسة المجلس. المنصب الثالث في هرم الدولة المغربية صار، الآن، موضع تجاذب سياسي وصراع طاحن بين مكونات الأغلبية والمعارضة، وهو صراع مشروع بالنظر إلى حساسية المنصب وأهميته في الحقل السياسي المغربي، لكن ليس مفهوما، بتاتا، أن يتحول الصراع إلى موضع مزايدات وتبادل الاتهامات بشأن تمييع الحياة السياسية ونحت قاموس السب والقذف. الأكيد أن هوية رئيس مجلس النواب، قد حسم فيها إبان المفاوضات العسيرة لتشكيل النسخة الثانية من حكومة عبد الإله ابن كيران، وقد استقر الرأي أن تمنح رئاسة البرلمان للطالبي العلمي، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار في إطار التنازلات التي قدمها البيجيدي لترى الحكومة النور. العملية من أساسها تتناقض مع المنطق الديمقراطي، فما معنى أن يتوافق حلفاء الأغلبية الحكومية حول مرشح الرئاسة قبل شهور من موعد الانتخابات؟..معناه شيء واحد أن هذا المنصب ليس خاضعا للمعايير الديمقراطية بقدر ما هو نوع من»الريع السياسي» قادر على حل بعض المشاكل المترتبة عن عسر المفاوضات الحكومية، الأمر الذي يؤشر على أن إجراء الانتخابات لا يعدو كونه إجراء شكليا لا يساوي شيئا في «الميزان» الديمقراطي. إعلان ترشح كريم غلاب لمنصب رئاسة مجلس النواب، دفع الكثير من المحللين إلى طرح السؤال القديم/الجديد بخصوص المواصفات التي من المفترض أن يتحلى بها رئيس مجلس النواب بصيغة أخرى، هل مازال المنصب خاضعا لدوائر القرار؟ وما هي الاختصاصات التي يمارسها وهل يتوفر على سلطة حقيقية؟ من الناحية البروتوكولية والقانونية، يعد رئيس مجلس النواب المنصب الثالث في هرم الدولة بعد الملك ورئيس الحكومة، ويعد أيضا الممثل الأول للدبلوماسية الموازية المغربية في الخارجية. لقد أعاد ملف لجنة تقصي الحقائق قضية اختصاصات رئيس مجلس النواب إلى الواجهة بسبب الانتقادات الواسعة التي وجهت إلى كريم غلاب بعد سحبه لمقترح قانون تقدمت به المعارضة، والسماح للحكومة بالتقدم بمشروع قانون جلب لمكتب مجلس النواب غضب المعارضة بكل أطيافها. بعيدا عن الصراع الدائر حاليا في الكواليس وفي العلن على رئاسة مجلس النواب، وبعيدا أيضا عن كل ما قد يحصل من مفاجآت، المطروح في الوقت الراهن هو تقوية أدوار المؤسسة البرلمانية وتمتين مؤسسة الرئاسة. ولئن كانت هذه الصراعات الجانبية تطرح أكثر من علامة استفهام وتزرع الشك حول مستقبل المؤسسة التشريعية، فإن الجميع ينتظر من الرئيس المقبل أن يمارس أدواره واختصاصاته، وأن يضع حدا لتغيب البرلمانيين وإنهاء فصول السباب واستعمال لغة ما»تحت الحزام»، وممارسة أدوارها الحقيقية بدل التمسك بالصراعات الفارغة، وفوق ذلك «تحليل» أجر 9 ملايين سنتيم من أموال دافعي الضرائب. حكومة بنكيران تواجه تحدي تنزيل الدستور وإحالة مشاريع القوانين التنظيمية تعتبر الدورة التشريعية الربيعية التي انطلقت يوم الجمعة الماضية، بانتخاب رئيس مجلس النواب، دورة الرهانات التشريعية بالنسبة لحكومة عبد الإله بنكيران في ما تبقى من عمرها، إذ ستكون محطة حاسمة في معرفة مدى وفائها بالتزاماتها بتنزيل ما يتضمنه المخطط التشريعي الذي وضعته لتنزيل مقتضيات دستور المملكة الجديد. وتبدو الحكومة الحالية مطالبة بتنفيذ التزاماتها الخاصة بالمخطط التشريعي خاصة في ظل الاتهامات الموجهة إليها من قبل فرق المعارضة بالتأخر في تنزيل مشاريع القوانين التنظيمية المرتبطة باستكمال كتابة الدستور . ولئن كانت دورة أبريل 2014 دورة مفصلية في الحياة التشريعية الحالية، على حد وصف الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، فإن الحكومة الحالية مطالبة بتسريع وتيرة التشريع وإحالة مشاريع القوانين على المؤسسة التشريعية في أفق استدراك النقص الحاصل والوفاء بالتزاماتها المتضمنة في المخطط التشريعي. ويبقى من مشاريع القوانين التي تحتل مركز الصدارة في أولويات الحكومة خلال الدورة الحالية مشروع القانون التنظيمي للمالية، ومشروع قانون اللجان النيابية لتقصي الحقائق، ومشروع قانون المحكمة الدستورية، وهي مشاريع وإن كانت توجد في مراحل المصادقة إلا أنها تحظى بأهمية بالغة. وبالإضافة إلى تلك المشاريع ينتظر أن تحيل حكومة بنكيران مشاريع قوانين أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها ويتعلق الأمر بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ومن ضمنها مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، ومشروع القانون المنظم لوضعية القضاة، ما يسهم في ضمان استقلال السلطة القضائية وتكريس دولة الحق والقانون. وإلى جانب مشاريع القوانين السابقة، ستكون دورة أبريل مناسبة لتنزيل خلاصات الحوار مع المجتمع المدني الذي استكمل ورشه أخيرا، وذلك من خلال مشروعي قانون تنظيمين مهمين يتعلقان بتفعيل الديمقراطية التشاركية، ويتعلق الأول بقانون العرائض في ما يهم الثاني مشروع قانون الملتمسات التشريعية. وبالإضافة إلى مشاريع القوانين التي ينتظر أن تحيلها الحكومة خلال الأسابيع القادمة على البرلمان، تحتل مشاريع القوانين المؤطرة للاستحقاقات الانتخابية القادمة في صيف 2015، والقانون التنظيمي للجهوية مركز الصدارة في اهتمامات الطبقة السياسية المغربية، وهي المشاريع التي تتطلب مقاربة تشاركية وفتح مشاورات مع جميع الفرقاء. ومن مشاريع القوانين التي ستحال على البرلمان من أجل اعتمادها مشروع القانون التنظيمي رقم 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومشروع القانون التنظيمي للأمازيغية، ومشروع قانون يتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ناهيك عن مشروع قانون يهم القطب المالي للدار البيضاء، ومشروع قانون يتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية، فضلا عن مجموعة من الاتفاقيات المرتبطة بحماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي، وبالجرائم المعلوماتية، وإنشاء تجمع دول الساحل والصحراء. الغالي: الولاية الحالية ستكون للمحاسبة وستظهر لنا مدى إمكانية إنقاذ الولاية التشريعية أكد أن الحكومة مازالت تعاني من مشاكل في ترتيب البيت الداخلي في الوقت الذي مازالت فيه حكومة عبد الإله بنكيران تبذل مجهودا من أجل ضمان انسجامها أكد محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن الحكومة ستكون ملزمة خلال هذه الدورة التشريعية الربيعية بتقديم الحساب، بعد مضي سنتين من عمر العمل الحكومي والتشريعي، مشيرا إلى أن حصيلتها كانت جد متواضعة، وهو ما سيطرح على الحكومة تحديا كبيرا يتمثل في القدرة على التحرك بشكل ينبئ بإمكانية حدوث اختراقات واضحة. واعتبر الغالي أن البرلمان والتدبير العمومي بشكل عام بالمغرب، مازال يعاني من مشكل اللوبيات، محددا في حواره مع «المساء» مواصفات رئيس مجلس النواب في الشخصية المثالية، والتمتع بالتجرد والقدرة على اتخاذ القرار. وأضاف:» حاليا يصعب إيجاد رئيس بهذه المواصفات، فالرئيس السابق كريم غلاب لم يكن يستطيع اتخاذ عقوبات في حق البرلمانيين المخالفين، لأنه لم يكن يملك الاستقلالية». حاوره: مصطفى الحجري - كيف تنظرون إلى ما عرفه السباق نحو رئاسة مجلس النواب من صراع بين مرشحي الأغلبية والمعارضة، والذي وصل إلى حد تبادل الاتهامات؟ النظام الداخلي لمجلس النواب ينظم هذه العملية بشكل واضح، إذ يتعين في السنة التشريعية الثالثة، وخلال دورة أبريل انتخاب الرئيس، وأعضاء المكتب، ويبقى أن السياق والظروف المتعلقة بالانتخاب، هي التي أعطت هذا الزخم والإثارة، على اعتبار النقاش الذي دار بعد انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة، وما تلاه من ضغوطات مورست على كريم غلاب لتقديم استقالته، باعتبار أن حزبه خرج من الحكومة، ومادام أنه اختار الاصطفاف إلى جانب المعارضة ولم يعد في الأغلبية فيتعين عليه تقديم استقالته. ثم هناك اعتبار آخر يتمثل في أن منصب رئيس مجلس النواب احتسب ضمن كوطا الحقائب الوزارية والمناصب التي منحت لحزب الاستقلال، خلال تشكيل النسخة الأولى من الحكومة، وبالتالي كان المنصب حاضرا خلال مشاورات تشكيل النسخة الثانية. - علاقة بذلك حرص زعماء الأغلبية يوما واحدا قبل عملية التصويت، وأثناء التوقيع على الميثاق الجديد على بعث تحذير جماعي لنواب أحزابهم، بشكل كشف وجود تخوف من عدم الانضباط لدعم مرشح الأغلبية، وإمكانية حدوث مفاجأة، بماذا تفسرون هدا التخوف؟. هدا يبين أن الأحزاب السياسية المغربية لا تتحكم في أعضائها بل العكس، النواب صاروا يتحكمون في الأحزاب، وهذا يعود بنا للطريقة التي تمنح بها التزكيات، فالنائب البرلماني يرى بأنه هو من قام بالحملة الانتخابية، وبذل مجهودا للحصول على مقعد في الدائرة الانتخابية، وأن حزبه لم يكن له دور، وبالتالي يصعب تحقيق وضمان التزامه مع الحزب، لأن ذلك يرتبط بأمور أخرى، من بينها الطريقة التي تدبر بها الأحزاب، والتي لو كانت تعتمد الديمقراطية الداخلية، لما عانت من هذه الأزمة، فعدم الانضباط، هو أحد أعراض غياب الديمقراطية الداخلية. - تطرح أكثر من علامة استفهام حول بروفايل من يظفر بثالث منصب مهم في الدولة، كيف تقيمون المعايير التي يتم اعتمادها في اختيار المرشحين؟ وهل توفرت في المرشحين المميزات التي تجعل رئاسة البرلمان تقوم بدورها المخول لها بمقتضى الدستور والقطع مع نماذج الماضي؟ البرلمان والتدبير العمومي بشكل عام بالمغرب، مازال يعاني من مشكل اللوبيات، والمواصفات في اعتقادي هي أولا أن تكون الشخصية مثالية، وتتمتع بالتجرد والقدرة على اتخاذ القرار، وحاليا يصعب إيجاد رئيس بهذه المواصفات، فالرئيس السابق كريم غلاب لم يكن يستطيع اتخاذ عقوبات في حق البرلمانيين المخالفين لأنه لم يكن يملك الاستقلالية. وأن يكون لدينا رئيس يستطيع إنجاز مثل هذه المهمات، فأعتقد أنه مازلنا غير قادرين على إنتاج مثل هذه الشخصية، ففي وقت معين طرح اسم عبد الواحد الراضي كبروفايل يساري وبرلماني قديم، يعرف الدواليب والكواليس وغيرها، لكن بعد ذلك اتضح تكريس مجموعة من الممارسات التي يصعب على الرؤساء الحاليين التعامل معها، وإذا أرادوا القطع معها فسيصعب عليهم ذلك، فحين نتحدث عن الفرص الإستراتيجية هناك أيضا الأخطاء الإستراتيجية التي تتشكل، ويصعب عليك معالجتها في ظرف زمني وجيز، لأنها تصبح مثل مرض عضال. ولحد الآن وبالنظر للتركيبة، ومراعاة لعدد من الاعتبارات فإن الحزب الذي ليست لديه أغلبية مهمة، والحزب الذي مازال يخضع في الدخول للتحالفات سيجعل من الصعب الحديث عن بروفايل مستقل ومتجرد. - تعتبر الدورة الربيعية دورة مفصلية في الولاية التشريعية الحالية، في نظرك ما هي التحديات المطروحة على البرلمان؟ فعلا ستكون مفصلية، فهذه الدورة هي التي ستظهر لنا مدى إمكانية إنقاذ الولاية التشريعية أم لا، لأن الحصيلة التشريعية للسنتين الماضيتين هي حصيلة جد متواضعة، وبالتالي هذه الولاية هي التي ستبين لنا إلى أي حد الحكومة ستستطيع الوفاء بالتزاماتها، فهذه ولاية المحاسبة بعد مضي سنتين على العمل التشريعي، وأيضا على العمل الحكومي، والآن الحكومة أصبحت مطالبة بتقديم الحساب، وهو ما سيجعل هذه الولاية مفصلية ومحددة، وستساعد في الحكم على السنتين المقبلتين من عمر الحكومة، حول ما إذا كانت هناك إمكانية لتحقيق اختراقات واضحة المعالم أم أن الولاية الحالية ستجسد الركود والعطب الذي يعاني منه التحالف الحالي. - على من تقع مسؤولية الرفع من مردودية المؤسسة التشريعية ؟ على الأغلبية بطبيعة الحال، فالبرلمان يسير بطريقة ديمقراطية لأن تشكيل الفرق يتيم بناء على التمثيل النسبي، وأيضا بالنسبة للجن، وبالتالي فإن أحزاب الأغلبية هي التي تملك الأغلبية التي تجعل هذه المسؤولية على عاتقها. - هل ستستطيع الحكومة الوفاء بتعهدها الدستوري بتمرير جميع القوانين التنظيمية؟ الحكومة تحتاج للإرادة السياسية، ويظهر لي من خلال المعطيات الحالية وجود صعوبات لدى الحكومة من بينها صعوبات التنسيق، إذ نجد أن الانتقادات التي وجهت لها في مناسبات متعددة نجمت عن ظهورها بشكل غير منسجم وغير متجانس في عدد من المواقف، وبالتالي إذا كان لديك مشكل في ترتيب البيت الداخلي فسيكون هناك بطء، ولن تصل للنتائج المنتظرة أخذا بالاعتبارات التي أوردتها. - تتحدثون عن عدم تجانس رغم اللجوء إلى ميثاق جديد للأغلبية؟ المشكل ليس في المواثيق بل في الالتزام، ففي التشكيلة الأولى كان هناك ميثاق للأغلبية، لكن ذلك لم يمنع من حدوث صراع اتخذ فيما بعد طابعا شخصيا، وقاد إلى خسارة تقاسمها كل من حزب الاستقلال والعدالة والتنمية رغم وجود فارق.