المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    فون دير لاين وبوريل يجددان التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي لفائدة الحفاظ أكثر على علاقاته الوثيقة مع المغرب في جميع مجالات الشراكة    عشرات الوقفات الاحتجاجية بالمدن المغربية رفضا للتطبيع وتنديدا بالجرائم الصهيونية في فلسطين ولبنان    تفاصيل تنظيم مهنة المفوضين القضائيين    صرف معاشات المتقاعدين الجدد بالتعليم    أخنوش يمثل الملك في قمة الفرنكوفونية    إيران: خامنئي يؤكد في خطبة الجمعة أن إسرائيل لن تنتصر قط على حزب الله وحماس    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    وزارة الخارجية: المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    أساتذة كليات الطب ينددون بحملة السب التي تستهدفهم ويعتبرون تقليص سنوات الدراسة لا يمس جودة التكوين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت        الجمع العادي للمنطقة الصناعية بطنجة برئاسة الشماع يصادق بالإجماع على تقريريه الأدبي والمالي.. وإشادة كبيرة بالعمل المنجز    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    المكتب الشريف للفوسفاط بإفريقيا ومالي يلتزمان بدعم من البنك الدولي بإرساء حلول ملائمة لفلاحة مستدامة    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول        محكمة أوروبية تصدم المغرب بقرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    بعد أيام من لقائه ببوريطة.. دي ميستورا يستأنف مباحثات ملف الصحراء بلقاء مع "البوليساريو" في تندوف    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محكمة العدل الأوروبية تصدر قرارا نهائيا بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الجيش الإسرائيلي ينذر سكان بلدات في جنوب لبنان بالإخلاء فورا ويقطع الطريق الدولية نحو سوريا    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    مشفى القرب بدمنات يواجه أزمة حادة    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    "النملة الانتحارية".. آلية الدفاع الكيميائية في مواجهة خطر الأعداء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفيلال: لا يمكن أن نشرعن زواج القاصرات والبكارة معطى اجتماعي متآكل
قالت إن قواعد الحزب لا تطبل للقيادة والحكومة لم تستفد من الزمن لتحقيق الإصلاحات
نشر في المساء يوم 01 - 04 - 2014

في هذا الحوار، تتحدث شرفات أفيلال، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء والقيادية في حزب التقدم والاشتراكية، عن موقفها حيال قضية تزويج القاصرات، والسجال القائم بين رفاقها داخل البرلمان ونواب حزب العدالة والتنمية. أفيلال انتقدت عدم إفساح المجال للمرأة لتقلد مناصب المسؤولية، وطالبت في هذا السياق الحكومة والإدارات العمومية برفع الحصار المفروض على النساء.
- بدأت تظهر بعض الصراعات الداخلية لدى حزب التقدم والاشتراكية أشهرا قليلة قبل انعقاد المؤتمر التاسع للحزب. كيف تفسرين ذلك؟
- هذا الحراك أو النقاش لا يمكن أن نخرجه عن سياقه، لأن مؤتمراتنا الحزبية دائما ما يسبقها نقاش، وأحيانا اختلاف في وجهات النظر والمواقف، وفي تقييم الوضع السياسي الراهن فالأحزاب الوطنية والديمقراطية تعرف نقاشا قبل انعقاد مؤتمراتها، وهو جزء لا يتجزأ من الحياة الداخلية للحزب. فلا بد أن يكون هناك نوع من الحركية والدينامية على مستوى النقاش السياسي، وبالتالي لا يمكن أن نخرج هذه المسألة عن سياقها. ثانيا، فمؤتمراتنا لا تكون فقط عرسا سياسيا نتباهى به على الساحة الخارجية، بل فيها نوع من الدينامية والحراك والسجال من أجل بلورة الأفكار وتقييم عملنا على المستوى الحزبي ومشاركتنا في الحكومة والجهاز التنفيذي، وعطائنا التشريعي. وبالتالي هذا النقاش الذي يسبق المؤتمر الوطني يستقيه الرأي العام ونساء ورجال الإعلام بكونه صراعا داخليا، في الوقت الذي ليس إلا جزءا لا يتجزأ من الحياة الداخلية الحزبية، لكن صداه يكون كبيرا ويبدو للناس أنه صراع. فحزب التقدم والاشتراكية ليس حزبا آخر، تكون مؤتمراته مجرد مناسبة للتطبيل والتهليل للقيادة، وتتم المصادقة في يوم واحد على الوثائق وانتخاب القيادة. نحن حزب وطني عريق وديمقراطي، له 70سنة من الوجود، وبالتالي حدث تنظيمي من مستوى المؤتمر السياسي لا بد أن يكون محطة للنقاش والحوار واختلاف في المواقف والرؤى، ونحن قادرون على تدبير هذا الاختلاف، ولسنا حزبا خلق للتو.
- هل فعلا لا تطبلون للقيادة؟
- بطبيعة الحال لا نطبل للقيادة، وأنا باعتباري جزءا من القيادة لا أحب أن يبارك لي أي أحد ما أقوم به، بدون أي تقييم أو نقاش، بل أحب نوعا من مراجعة الذات والتفكير فيما إذا كان الخط الذي نسير فيه صحيحا أم لا.
- كيف تنظرين إلى المطالبة بتجميد مهام الأمين العام عندما يصبح وزيرا؟
- هي ليست مطالب، وأيضا ليس تجميدا للمهام. فلا يمكن أن نجمد مهام الأمين العام، فهو منتخب من طرف اللجنة المركزية وله الشرعية، وله صلاحيات يمنحها له القانون الأساسي، وبالتالي فلا أحد له السلطة لتجميد مهامه إذا أصبح وزيرا. نحن تحكمنا قوانين لأننا حزب مؤسسات، وبالتالي نرجع إلى القانون الأساسي الذي يحدد اختصاصات كل مؤسسة معينة، من ضمنها مؤسسة الأمانة العامة.
- ألم يخلق ذلك نقاشا؟
- أنا لا أنفي أن هذا الموضوع خلق نقاشا، لكن في اتجاه هل يمكن للأمين العام المقبل أن يكون وزيرا أو يفوض مجموعة من اختصاصاته. طبعا هذا نقاش مشروع، ومن حق الرفاق والرفيقات أن يطرحوه، لكن يجب الاحتكام للديمقراطية الداخلية، والأقلية في الموقف يجب أن تخضع لرأي الأغلبية، ويجب أن نِؤمن بالديمقراطية الداخلية كآلية وأيضا كنتائج، حتى إن لم تكن في الاتجاه الذي ندافع عنه. نحن حزب دبر جميع محطاته وصادق على جميع مواقفه السياسية، وفي بعض المحطات الصعبة جدا، بالاحتكام إلى الديمقراطية الداخلية.
- في خضم هذا النقاش، أثير التحالف بين حزب التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية. ألا ترين بأن الحزب فقد كثيرا من مبادئه عندما قبل بوضع يده في يد حزب إسلامي؟
- أبدا لم نتنازل عن أي مبادئ. طبعا عشية انطلاق المؤتمر لا بد من تقييم بعض المواقف والقرارات، وبالفعل فقرار التحالف مع العدالة والتنمية لم يكن سهلا، بل كان هناك نقاش طويل واستمر لعدة شهور. لكن الحزب قرر في الأخير المشاركة، ولعدة اعتبارات منها مواصلة الإصلاحات الأساسية التي انطلقت منذ حكومة التناوب، والتي لا يمكن أن نتركها في منتصف الطريق، وهي إصلاحات كبرى سياسية وديمقراطية واقتصادية واجتماعية لها انعكاس مباشر على معيشة المواطنين. فالقرار اتخذناه باللجوء إلى الأجهزة التقريرية للحزب وهي اللجنة المركزية، بعد نقاش طويل، ولا أخفي بأن هذا النقاش خلق بعض التصادمات بين بعض الرفاق والرفيقات، لكن صوت التبصر والحكمة والديمقراطية الداخلية كان هو الحاسم. الحزب بتحالفه مع حزب العدالة والتنمية يواصل هذه الأوراش، لكنه تحالف يؤسسه ميثاق الأغلبية، ويؤسسه الاستمرار في مواصلة الإصلاحات، وأملته المصلحة الوطنية قبل كل شيء، والمتمثلة بالأساس في تحصين التجربة الديمقراطية المغربية وتنزيل مضامين الدستور، ولا يمكن أن نضفي عليه صبغة أخرى، غير هذه. فلا يمكن أن نقول بأنه تحالف سياسي، لأن الطبيعة أثبتت بأن حزب التقدم والاشتراكية هو حزب له مرجعيته الخاصة، وحزب التنمية له مرجعيته، لكن تقييمنا للوضع الوطني أثبت أن ما يجمعنا حاليا بالعدالة والتنمية أهم مما يفرقنا من اختلاف إيديولوجي وسياسي ومرجعي، في الظرفية الحالية.
- أليست لديكم مخاوف من تدني شعبيتكم، خاصة لدى من يؤمنون بفكر التقدم والاشتراكية؟
- أظن أن المواطن المغربي واع، وعندما نتحدث إليه فإنه يسأل عما تقدمه هذه الأحزاب له.
- كيف تلمسون شعبيتكم لدى المواطنين، في أفق الانتخابات المقبلة؟
- حزب التقدم والاشتراكية يتوسع، ولدينا شريحة من المواطنين التي تتبنى الفكر والمواقف، وتشجع وجودنا في الحكومة، كما هناك من لا يتفق. لكن بشكل عام فالحزب يتطور ويتجدد ويتوسع، والدليل أن العديد من المناطق التي لم نكن نتواجد فيها أصبح لنا نفوذ انتخابي فيها، فهناك من طلب مؤخرا الالتحاق بالحزب من منتخبين وفاعلين جمعويين كما هو الشأن بالنسبة لآسفي والخميسات ومناطق أخرى. طبعا يمكن أن تلمسوا بأن الوتيرة التي نتقدم بها بطيئة شيئا ما، لكن نتقدم، والحزب يوسع خريطته التنظيمية.
- بالعودة إلى تدبيركم للشأن العام، فالعمل الحكومي هو عبارة عن قرارات سياسية بالأساس. كيف يمكن أن تتوافقوا حول هذه القرارات مع حزب تختلفون معه إيديولوجيا وسياسيا؟
- طبعا هي قرارات سياسية، لكن تفعيلها يتم من خلال آليات تقنية. قلت لك قبل قليل أن ما يجمعنا مع حزب العدالة والتنمية في الظرفية الحالية أهم مما يمكن أن نختلف حوله، كالمرجعية الفكرية والسياسية، لكن الإصلاحات الأساسية وتفعيل الدستور هي أهم في الظرف الحالي مما يفرقنا. فهناك أوراش كبرى تجمعنا كالمقاصة والتقاعد والإصلاح الجبائي والحكامة ومحاربة الفساد وغيرها. فهذه قرارات سياسية، لكن من ورائها آليات تقنية لتنزيلها.
- بمعنى أنه ليست هناك تصادمات حول التعاطي مع هذه الإصلاحات.
- قد تكون هناك اختلافات في الرؤى والمواقف حول بعض القضايا الدقيقة، فهذا شيء طبيعي جدا، عرفته الحكومات السابقة بدورها حول بعض الجزئيات، لكن إذا كان القرار السياسي واحدا والإرادة السياسية لمباشرة إصلاح معين موجودة، فالتفاصيل يكون فيها أخذ ورد حتى يتم التوافق والتغلب على بعض الاختلافات الجزئية، وهذه مسألة عادية لأننا أربعة أحزاب ولسنا حزبا وحيدا في الحكومة.
- بالعودة إلى استوزار النساء في النسخة الثانية من الحكومة، الملاحظ أنهن لم يتقلدن مناصب وزارية مهمة، وأغلبهن وزيرات منتدبات. ما السبب في ذلك؟
- أعتقد أن هذا النقاش مغلوط، لأن القول بعدم وجود نساء ذوات كفاءات عالية تم تفنيده، والدليل هو أن الوزيرات الموجودات في الحكومة لهن شواهد مهمة ومسار سياسي وعلمي ومهني مهم، وكما نقول بالعامية المغربية «كايحمرو الوجه». أما بالنسبة لقضية القطاعات فلماذا تقول بأنها غير استراتيجية؟ أليس قطاع الخارجية استراتيجيا؟ والماء وغيره من القطاعات.
- لكن وزيرة منتدبة ليست مثل وزيرة بحقيبة كاملة.
- هناك وزيرتان، وهناك 13 وزيرا منتدبا من بينهم أربع وزيرات منتدبات. أظن أن الدستور لم يميز بين وزير ووزير منتدب، والوزارة المنتدبة تم خلقها للتكامل الموجود من طرف بعض القطاعات، لأن تسييرها من طرف وزير واحد يخلق نوعا من الضغط، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع الطاقة والمعادن والماء والبيئة. وثانيا أقول بأن مسألة الوزير والوزير المنتدب لا يجب أن يكون فيها نوع من المزايدات، فهي قطاعات متكاملة ونشتغل باستقلالية، وننسق فيما بيننا، ونحن نشتغل في إطار من التعاون والتكامل ولحد الآن لم نلمس وجود أي تمييز.
- ألا ترين بأن تعيين نساء في الحكومة كان الهدف من ورائه هو وقف الانتقادات؟
- طبعا الحكومة كانت مطالبة باستدراك الخطأ الكبير الذي طبع النسخة الأولى، لكن منح قطاعات استراتيجية كالماء والبيئة والخارجية والبحث العلمي والصناعة التقليدية يثبت بأن هناك طاقات نسائية قادرة على تسييرها.
- لكن المرأة المغربية على مستوى الإدارة تبقى في مستويات محدود بالنسبة لمناصب المسؤولية، ما السبب في ذلك؟
- صراحة اشتغلت في الإدارة، ولا أخفي بأن الإدارة المغربية تزخر بطاقات نسائية واعدة ذات كفاءات عالية، تتعدى أحيانا الرجال، لكن لا يفتح لها المجال بمنحها مناصب المسؤولية. نحن حاليا في مرحلة تنزيل الدستور الذي نص على المناصفة، والحكومة والإدارات العمومية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بأن تفك الحصار عن النساء اللواتي لم تفسح لهن الفرصة لإبراز كفاءتهن. فأنا فوجئت في قطاع الماء بأن جل مناصب المسؤولية يسيرها رجال وهذا لا يعقل، في الوقت الذي توجد فيه طاقات نسائية مهمة، ومهندسات يقمن بدراسات تقنية للسدود والمنشآت الكبرى، ولم يفسح لهن المجال للوصول إلى مراكز القرار الإداري.
- لننتقل إلى بعض النقاشات التي أثيرت على مستوى الحكومة، ومنها الخلاف حول إعادة ترتيب الأولويات. هل الحكومة مازال أمامها الوقت الكافي لإعادة ترتيب الأولويات وتنفيذها؟
- نحن في نصف الولاية، والحكومة مطالبة بتقييم أدائها منذ تنصيبها من طرف البرلمان، وثانيا فقد التحق مكون جديد بالأغلبية، وهو له الحق في أن يضفي على البرنامج الحكومي رؤيته، وأن يضع لمسته. اللجنة اشتغلت لعدة شهور، وتم الاتفاق على إعادة ترتيب أولويات الحكومة انطلاقا من تقييم المرحلة الأولى من الحكومة، وعامل آخر يرتبط بالتحاق الحليف الآخر بالحكومة.
- كيف تقيمين هذه التجربة الحكومية؟
- التجربة الحكومية عرفت مجموعة من التعثرات، ولم تتمكن من الاستفادة من المساحة الزمنية الكاملة لتكريس وتحقيق مجموعة من الإصلاحات الكبرى، ورأينا كم من محطة تعثر فيها الأداء الحكومي، وتركز الاهتمام حول تدبير الخلاف الذي استنزف طاقات مهمة ووقتا كبيرا. ومع ذلك فالأداء الحكومي يبقى إيجابيا لحد الآن، وهناك مجموعة من الأمور التي قامت بها الحكومة، وكانت لها الشجاعة في أن تباشر ملفات حارقة، لم تكن لحكومات سابقة الجرأة الكافية لمباشرتها، مثل المقاصة والتقاعد والإصلاح الجبائي. طبعا الآن هناك دستور جديد وقواعد جديدة وصلاحيات جديدة، والمؤسسة التنفيذية تمت تقوية صلاحياتها، وبالتالي فالحكومة ليس لها بديل غير مباشرة هذه الملفات الحارقة.
- بالعودة إلى بعض القضايا المثيرة للجدل، كيف تتابعين الخلاف الذي تفجر بين فريقي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية حول زواج القاصرات؟
- طبعا نحن حزبان ولسنا حزبا واحدا، وبالتالي فالاختلاف في بعض المواقف طبيعي جدا، لأننا نستمد أفكارنا من مرجعيات مختلفة، وبالتالي فلا يجب أن تنظروا بشيء من الدهشة إلى كوننا اختلفنا حول قضية مهمة حول مسألة تزويج القاصرات. وأظن بأن الحزبين لهما ما يكفي من النضج السياسي لتدبير هذا الاختلاف. أما بخصوص موقفي، فنحن نقول في حزب التقدم والاشتراكية، بأن المكان الطبيعي للفتاة المغربية أقل من 18 سنة هو المدرسة، ولا يمكن أن نحمل العائلات والفتاة اختلالات منظوماتنا التعليمية. وإذا كان عمر الفتاة أقل من 18 سنة ولم تجد لها مكانا في المدرسة، سواء لبعد الثانويات أو الإعداديات وغيرها، فلا يمكن أن نشرعن تزويج القاصرات، على اعتبار أن المدونة كانت واضحة منذ سنة 2004 في أن سن الزواج هو 18 سنة، والترخيص لبعض الحالات الاستثنائية يتم من طرف القاضي. طبعا حالات الاستثناء هذه كان فيها سوء تدبير، ويتحمل في ذلك القضاة المسؤولية، لأنه لا يمكن القبول بالوتيرة المتصاعدة لنسبة زواج القاصرات. وبالتالي نقول بأنه للحد من إشكالية زواج القاصرات التي أخذت أبعادا مهمة، يجب أن يكون سن الزواج هو 18 سنة، لكن الإخوان في العدالة والتنمية يقولون 16 سنة وهذا حقهم. نحن التجأنا إلى مؤسسة دستورية هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهم لجؤوا إلى المجلس العلمي، وسنرى ما سينتجه هذا الحراك حول الموقف من هذه القضية. لكنني منذ أن كنت في البرلمان كنا صارمين في هذا الموقف، وهو أنه لا يمكن أن نشرعن تزويج القاصرات بتخفيضه إلى 16 سنة.
- ألا تتخوفون من أن يثير هذا الخلاف أزمة جديدة؟
- لا أظن ذلك، بل إن الحزبين لهما من الحكمة والتبصر ما يكفي لتدبير مثل هذه الاختلافات. وأحيلك هنا على النقاش الذي أثير حول الخطة الوطنية لإدماج المرأة المغربية، حيث كانت لنا مواقف متضاربة، لكن كان للحزبين النضج الكافي للتدبير والتوافق على أرضية تحت قيادة إمارة المؤمنين، تم الاحتكام إليها في إطار مدونة الأسرة.
- ماذا عن زواج المغتصبة من مغتصبها؟
- هذه المسألة تم القطع معها، بعد التعديل الذي هم الفصل 475 من القانون الجنائي، ولا يمكن إلا أن نهنئ أنفسنا، وقد كان هناك انخراط من لدن برلمانيي العدالة والتنمية الذين صوتوا لصالح التعديل، وهذا مكسب مهم في تثبيت وتكريس دولة الحق والقانون.
- ماذا عن تصريحاتك المثيرة للجدل حول البكارة؟
- هذه مناسبة كي أوضح أن التصريح تم إخراجه عن سياقه. فأنا تحدثت عن معطى اجتماعي، وقلت بأنه لا يمكن أبدا أن نحدد مقتضيات قانونية انطلاقا من كون البنت بكرا أم لا، لأن قضية الاغتصاب هي اعتداء على الجسم والاعتداء على أغنى ما يملك الإنسان. وبالتالي لا يمكن أن نبني عقوبات انطلاقا من معطى اجتماعي أصبح متقادما ومتآكلا ألا وهو البكارة. أولا فهناك معطى علمي مفاده أن هناك بنات يولدن بدون بكارة، ناهيك عن المرأة المتزوجة التي لها أسرة وأبناء وتتعرض للاغتصاب، إذ أن الوقع النفسي يكون أكثر حدة في بعض الأحيان. وبالتالي لا يمكن من خلال معطى اجتماعي أصبح متجاوزا من طرف العالم بأسره، أن نبني عقوبات معينة.
- من الأمور التي أثارت خلافا داخل الحكومة يوجد قانون العنف ضد النساء. أين وصل هذا النص؟
- هذا القانون انتظره الرأي العام الوطني والدولي، وباقي الشركاء الأساسيين بشغف كبير، واستبشرنا خيرا بكونه مشروعا انطلق مع الحكومات السابقة حيث بدأته الوزيرة السابقة نزهة الصقلي، واستكملته الوزيرة الحالية. لكن لما وصل إلى المجلس الحكومي اكتشفنا بأنه مشروع قد لا يحظى بالتوافق والتفاف الأغلبية حوله في المؤسسة التشريعية، وتفاديا لهذا الاصطدام الذي يمكن أن يقع داخل الأغلبية، كان هناك انخراط لرئيس الحكومة الذي أحييه على ذلك، وارتأينا إرجاء إحالته على المؤسسة التشريعية إلى حين التوافق على بعض الأمور المبدئية.
- مثل ماذا؟
- مبدئية من ناحية التعامل مع القانون، إن كان سيعالج العنف ضد المرأة فقط، أم تدخل فيه أطراف أخرى كالأطفال وغيرهم. وبالتالي هذه مسائل مبدئية، ورئيس الحكومة كانت له الشجاعة الكافية للتريث، والرؤى تقاربت ونتمنى أن يخرج في القريب العاجل.
- ننتقل الآن إلى القطاع الذي تشرفون عليه. ما هي استراتيجية عملك في مجال الماء؟
- هناك خطة عمل، لكن لم آت باستراتيجية جديدة، لأنني أواصل في نفس المسار والمجهودات الجبارة التي قام بها المسؤولون السابقون في هذا القطاع. المغرب راكم خبرة عالية في مجال تدبير المياه والموارد المائية، بل أصبحنا مرجعا على المستوى الإقليمي والجهوي، ومصدرا لهذه الخبرة على مستوى العديد من القارات، وهو ما لمسناه مؤخرا في زيارة جلالة الملك لبعض الدول الإفريقية، والتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات لنقل الخبرة ونقل المعلومة والتقنيات. الآن أشتغل على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية الكبرى، المتمثلة في كيفية إعطاء الماء هذه المكانة الاستراتيجية باعتباره قطاعا محوريا وأساسيا في تفعيل العديد من المخططات الاستراتيجية التي تعتمد على الماء كمورد أساسي، منها مخطط المغرب الأخضر وغيره. كما نشتغل أيضا على ملفات مهمة منها المخطط الوطني للماء، فالمغرب منذ صدور التشريعات في هذا المجال، خاصة قانون الماء، وهو ينتظر المخطط الوطني للماء الذي يعتبر المرجع الأساس للسياسة الوطنية للماء على المدى البعيد، سواء تعلق الأمر بالطلب والإجراءات المواكبة للاستجابة لهذا الطلب، والحد من ضياع هذه المادة الحيوية. وهناك إجراءات أخرى من قبيل المجلس الأعلى للماء والمناخ، والاشتغال على المنظومة التشريعية ودعم الجهوية في مجال تدبير الماء.
- ماذا عن بعض الدراسات التي تحذر من ندرة الماء في المغرب؟
- طبعا هي دراسات خلقت نوعا من الارتباك، لكنها قائمة على مجموعة من الفرضيات. بطبيعة الحال فسيكون هناك خصاص في المستقبل بفعل الطلب المتزايد، ففي 2030 سيكون هناك خصاص يقدر ب5 مليارات متر مكعب، علما أن الحصة الحالية لكل فرد هي 7000 متر مكعب في السنة، تتضمن الماء الصالح للشرب وماء الري. الخصاص يكون عندما تقل حصة الفرد عن 1000 متر مكعب في السنة، أما في المغرب وبفعل التغيرات المناخية وضعف التساقطات والطلب المتزايد ومشكل التلوث، فنسبة 7000 متر مكعب التي يستفيد منها الفرد حاليا ستقل إلى 5000 متر مكعب، لكن هذه كلها فرضيات نشتغل عليها. طبعا سيتم الاستمرار في تعبئة الموارد المائية السطحية عبر المنشآت الكبرى، واللجوء إلى مياه التحلية، واللجوء إلى إعادة استعمال المياه المستعملة، ومشروع ضخم يهم تحويل المياه من المناطق التي فيها المياه بوفرة في المناطق الشمالية إلى المناطق الجنوبية.
- لكن بعض المناطق تعرف بين الفينة والأخرى خروج مسيرات ضد «العطش». كيف تتعاملون مع التعميم الشامل للماء الصالح للشرب؟
- المكتب الوطني للكهرباء والماء قام بمجهودات جبارة جدا في مجال تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب في المجال القروي. ففي سنة 1995 لم تكن نسبة التزويد تتجاوز 14% واليوم أصبحت 93%، وبالتالي فلا يمكن إلا أن نثمن كل هذه المجهودات، فهناك استثمارات ضخمة تقدر بمليار درهم سنويا تخصص للعالم القروي. الآن بقيت بعض المناطق التي تعرف إكراهات معينة، لعدم توفرها على موارد مائية، أو لصعوبة التضاريس، أو وجود موارد مائية غير قابلة للاستعمال لأنها ملوثة. لكن الوصول إلى نسبة 93% هو مكسب، وهناك حالات خاصة في بعض المناطق، ويتم الاشتغال على برامج لتزويد هذه المناطق بالماء الصالح للشرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.