لم يعد استهلاك القنب الهندي، أو الحشيش بلغتنا المغربية، محرما بولاية كولورادو في الغرب الأمريكي، الذي ظل في مخيلة الكثيرين أرضا ل»الويسترن» فقط. وأصبح من حق عشاق هذه المادة -تحت حماية القانون الذي صادقت عليه الولاية في نونبر من سنة 2013، ودخل حيز التطبيق منذ من يناير من السنة الجارية- أن يقتنوا حصتهم منها من محلات البيع التي فتحت أبوابها في هذه الولاية، على أن تنطلق العملية في ولاية واشنطن بعد أشهر من الآن، شريطة أن يكون الزبون قد تجاوز سن الواحدة والعشرين. وحدد ثمن العلبة الواحدة في 14 دولارا؛ فيما وصل عدد المحلات التي رخص لها بعملية البيع مائة وثمانية محلات يتوقع أصحابها أن يصل عدد زبائنهم إلى قرابة أربعمائة زبون في اليوم الواحد. أما أثر كل هذا على الحياة الاقتصادية للولاية الأمريكية فقد زاد بشكل كبير، ليس فقط على مستوى الإقبال السياحي على هذه الولاية، وإنما امتد إلى ما هو عقاري وخدماتي؛ واستطاعت هذه الولاية، في ظرف ثلاثة أشهر من دخول هذا القانون حيز التطبيق، من تجاوز الكثير من مشاكلها الاقتصادية، خصوصا وأن عائدات الضرائب المستخلصة من تسويق الحشيش فاقت كل تصور، ووصلت إلى 3.5 ملايين دولار شهريا. ومن المتوقع أن تصل إلى 10 ملايير دولار سنويا.. وهي عائدات أكبر من تلك التي يدرها بيع الخمور. ألا يمكن اعتبار ما يحدث في أمريكا، أغنى دول العالم، درسا يمكن الاستفادة منه، خصوصا وأننا نتوفر اليوم على حقول بآلاف الهكتارات التي يتم زرعها بالنبتة السحرية، نبتة القنب الهندي، إلى درجة أن الكثير من المنظمات والهيئات لا تتردد في وصف المغرب بكونه من أكبر منتجي ومصدري الحشيش في العالم. بل إن الحسن الثاني فشل في إلحاق المغرب بدول الاتحاد الأوربي في الثمانينيات بعد أن خسر في امتحان وضعه المرصد الجيوسياسي، قال إن بلدنا هو أكبر مصدر للحشيش في العالم. ماذا لو جربنا حكاية التقنين، التي دخلتها ولاية كولارادو، بدلا من أن نترك الوضع على ما هو عليه بحيث يستفيد البارونات من عائدات الاتجار فيه خارج القانون، في الوقت الذي يعيش فيه المزارعون تحت التهديد بالسجن والاعتقال، ألا توجد في طيات كل نقمة نعمة؟ ثم، ألا تعتبر هذه «الثروة الوطنية» -التي اكتشفها المغاربة منذ عقود، إلى درجة أن السلطان محمد الخامس وقع بشأنها ظهيرا يرخص فيه لمزارعي الشمال بمشروعية ما يقومون به- أهم من هذا الحلم الذي يصادَر في كل مناسبة حول آبار البترول، التي تظهر وتختفي مثل ثعلب محمد زفزاف. آبار عشنا معها أكثر من حكاية، لعل أولاها وأقساها هي حكاية حقول تالسينت التي دفعت بالمغاربة إلى أن ينسجوا حولها وحول المملكة البترولية الجديدة العديد من القصص والنكت، واليوم، يعيش المغاربة في كل يوم حكاية أخرى من حكايات هذه الآبار التي لاتزال متمنعة. لذلك قد يكون الالتفات إلى ثروة الحشيش، الذي رفع من المؤشر الاقتصادي لولاية أمريكية كانت تعيش كسادا، هو عين العقل بدلا من مطاردة سراب البترول. لا بد أن نذكر، هنا، أن فريقا من فرقنا البرلمانية كان قد نظم يوما دراسيا حول الموضوع، وقال نوابه إن هذه «الثروة الوطنية» في حاجة إلى التقنين للاستفادة من خيراتها، بدلا من أن تظل بيد الخارجين عن القانون. غير أن صوت هذا الفريق لم يصل بعد، على ما يبدو، إلى مسامع عبد الإله بنكيران، خصوصا وأن هذا الفريق هو «البام»، الخصم اللدود لبنكيران ومن معه، وإن كان المغاربة سيحسبون هذا الإنجاز، لو تحقق، من حسنات هذه الحكومة نصف الملتحية، على الرغم من أن « كل مسكر حرام». بقي فقط أن نذكر أن منظمة الدول الأمريكية، التي تضم جميع بلدان القارة ما عدا كوبا، كانت قد أصدرت تقريرا دعت فيه إلى النظر في مسألة تشريع القنب الهندي. وفي دجنبر الماضي، وافق مجلس الشيوخ في الأوروغواي على قانون يشرع إنتاج القنب الهندي وبيعه، حيث من المفترض تطبيقه في الربع الأول من عام 2014. كما أن هذه المسألة هي قيد الدراسة في المكسيك؛ فلماذا لا نجرب حظنا مع هذه النبتة السحرية التي رفعت اسم المغرب عاليا في كل بلدان العالم لجودة المنتوج، الذي لا يضاهيه غير أفيون أفغانستان. يذكر أن متاجر بيع القنب الهندي بكولورادو، تقدم إلى زبائنها أشكالا متعددة تحمل أسماء غنية بالمدلولات مثل «أمنيزيا»، و»ديزل أسيد»، و»غرين كراك»، بالإضافة إلى سكاكر مغطاة بمادة «تي إتش سي»، وهي العنصر الكيميائي الفعال في القنب الهندي. وتنوي السلطات الكندية، من جهتها، الاكتفاء بفرض غرامة على مستهلكي القنب.