كشف النص الكامل لتقرير صندوق النقد الدولي، حول الجولة الثالثة من مراجعة الخط الائتماني للوقاية والسيولة، أن حكومة بنكيران لم تستطع تحقيق الأهداف التي سبق أن تعهدت بها للصندوق في أكتوبر من السنة الماضية حول كبح عجز الميزانية. وقال خبراء كريستين لاغارد، في تقريرهم الذي صدر يوم الجمعة الأخير، إن المغرب يجب أن يعمل على تسريع وتيرة الإصلاحات البنيوية، وعلى رأسها المقاصة والتقاعد، وكذا ضمان تحقيق معدل نمو أقوى وأكثر خلقا لمناصب الشغل وتحسينا للحماية الاجتماعية خلال 2014، مؤكدا أن ذلك هو السبيل الوحيد إلى إعادة ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية. وتوقع صندوق النقد أن تتسبب إصلاحات المقاصة والتقاعد في توترات اجتماعية، غير أنه اعتبر أن من الواجب على الحكومة الاستمرار في تنزيل هذه الإصلاحات الكبرى، لأن ذلك هو الحل الوحيد لدعم المالية العمومية والميزان التجاري وتقوية التنافسية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي. وأوضح التقرير أن الحكومة المغربية تمكنت من خفض مستوى عجز الميزانية بنقطتين، غير أن ذلك لم يمكن من الوصول على الأهداف المسطرة، واصفا القرارات اللاشعبية، التي اتخذتها الحكومة في الأسابيع الماضية، ب "الإجراءات الهامة"، معتبرا أنها مكنت من خفض الهشاشة الضريبية والإكراهات الخارجية بهدف تعزيز مرونة الاقتصاد. كما أشار إلى أن الخفض الملموس للدعم على المواد الطاقية خلال سنة 2013، وكذا رفع المساعدات المقدمة إلى الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، ساهم، ولو بشكل طفيف، في تقوية الحسابات المالية وخفض مواطن الضعف الكامنة في الميزانية. ولم ينف الصندوق أن الحكومة تمكنت، في المقابل، من تحقيق خطوات هامة في تنزيل توصياته، حيث أشاد بالسياسة النقدية لبنك المغرب، والتي مكنت من الحفاظ على التضخم في مستويات معقولة، وكذا بالمصادقة على مشروع القانون التنظيمي لقانون المالية. وهو الأمر الذي دفع خبراء الصندوق إلى منح المغرب تنقيطا جيدا، مؤكدين أنه مؤهل للاستمرار في الاستفادة من الخط الائتماني للسيولة والوقاية الذي تبلغ قيمته 6.2 ملايير دولار. ولقيت خطط الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الكبرى معارضة شديدة من طرف النقابات التي اجتمعت، مؤخرا، من أجل خلق جبهة واحدة لمواجهة القرارات الحكومية المرتقبة. هذا في الوقت الذي حذر فيه مجموعة من الخبراء والمحللين من أن استمرار الحكومة في تنفيذ وصايا صندوق النقد سيمس السلم الاجتماعي وسيؤدي، لا محالة، إلى اضطرابات خلال الشهور المقبلة. بالمقابل، اعتبرت وزارة الاقتصاد والمالية أن تأكيد استمرار أهلية المغرب لهذا الخط الائتماني تعكس ثقة الصندوق في السياسات الاقتصادية المتبعة والإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها السلطات العمومية بغية إعادة بناء الهوامش في مجالي المالية العمومية والحساب الخارجي وتحقيق نمو قوي وشمولي. وقالت إن احتفاظ المغرب بخط الوقاية والسيولة يعد آلية وقائية لمواجهة المخاطر المحتملة في حالة تدهور قوي للظرفية الاقتصادية العالمية، مما من شأنه أن يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والشركاء الماليين الأجانب بخصوص الآفاق الاقتصادية والمالية للمغرب.