منح خبراء صندوق النقد الدولي تنقيطا جيدا لطريقة محافظة حكومة بنكيران على التوازنات الماكرواقتصادية، وذلك إثر الجولة الثالثة لمراجعة الخط الائتماني للوقاية والسيولة، وهو الأمر الذي أهل المغرب للاستمرار في الاستفادة من هذا الخط الذي تبلغ قيمته 6.2 ملايير دولار. ونوه صندوق النقد الدولي بالتدابير التي اتخذتها الحكومة، مؤخرا، من أجل ضبط التوازنات وتحديث المالية العمومية، داعيا إلى تسريع الإصلاحات البنيوية، وعلى رأسها المقاصة والتقاعد، وكذا ضمان تحقيق معدل نمو أقوى وأكثر خلقا لمناصب الشغل وتحسينا للحماية الاجتماعية. ووصف الصندوق القرارات اللاشعبية، التي اتخذتها الحكومة في الأسابيع الماضية، ب «الإجراءات الهامة»، معتبرا أنها مكنت من خفض الهشاشة الضريبية والإكراهات الخارجية بهدف تعزيز مرونة الاقتصاد. كما أشار إلى أن الخفض الملموس للدعم على المواد الطاقية خلال سنة 2013، وكذا رفع المساعدات المقدمة إلى الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، ساهم في تقوية الحسابات المالية وخفض مواطن الضعف الكامنة في الميزانية. وذكر خبراء كريستين لاغارد بأن معدل التضخم المتحكم فيه يبرز متانة القطاع المالي بالمغرب، ملاحظين بالمقابل تأثير الأزمة الأوربية على كبح النمو في قطاعات أخرى. غير أنهم توقعوا أن تعاود هذه القطاعات الانتعاش خلال سنة 2014 لكي تسجل معدل نمو إجمالي يناهز 4 في المائة. بالمقابل، اعتبرت وزارة الاقتصاد والمالية أن تأكيد استمرار أهلية المغرب لهذا الخط الائتماني تعكس ثقة الصندوق في السياسات الاقتصادية المتبعة والإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها السلطات العمومية بغية إعادة بناء الهوامش في مجالي المالية العمومية والحساب الخارجي وتحقيق نمو قوي وشمولي. وقالت إن احتفاظ المغرب بخط الوقاية والسيولة يعد آلية وقائية لمواجهة المخاطر المحتملة في حالة تدهور قوي للظرفية الاقتصادية العالمية، مما من شأنه أن يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والشركاء الماليين الأجانب بخصوص الآفاق الاقتصادية والمالية للمغرب. ودخل المغرب، منذ استفادته من الخط الائتماني للوقاية والسيولة، في حقبة جديدة من التقويم الهيكلي، حيث فرض الصندوق على حكومة بنكيران التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الكبرى الخاصة بنظام المقاصة وأنظمة التقاعد، وهو الأمر الذي استجابت له الحكومة من خلال رفع يدها عن دعم البنزين والفيول، وكذا وضعها لخطة شاملة لإصلاح نظام التقاعد، تقوم أساسا على رفع سن التقاعد والزيادة في مساهمات المنخرطين وتخفيض مستوى الاستفادة من المعاش. ولقيت خطط الحكومة معارضة شديدة من طرف النقابات التي اجتمعت، مؤخرا، من أجل خلق جبهة واحدة لمواجهة القرارات الحكومية المرتقبة. هذا في الوقت الذي حذر فيه مجموعة من الخبراء والمحللين من أن استمرار الحكومة في تنفيذ وصايا صندوق النقد سيمس السلم الاجتماعي وسيؤدي، لا محالة، إلى اضطرابات خلال الشهور المقبلة. وكان المغرب قد حصل في غشت 2012 على «خط الوقاية والسيولة» من طرف صندوق النقد الدولي بقيمة تعادل 6.2 مليار دولار أمريكي، يمكن استعمالها عند الحاجة خلال مدة سنتين.