التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مجلسا النواب والدولة في ليبيا يستغربان تدخل الخارجية الليبية في لقائهم في المغرب    نجاعة آسفي تهزم حماسة تواركة    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا أصبح المغاربة هدفا مفضلا لرصاص حرس الحدود الجزائري
قتلى ومعطوبون وآخرون تم اعتقالهم فوق الأراضي المغربية ومصادرة مواشيهم
نشر في المساء يوم 20 - 02 - 2014

من أجل لترات بنزين أو كمية من السلع المهربة من الجانبين في تجارة الحدود المعيشية، يفقد بعض المغاربة حياتهم على الحدود المغربية الجزائرية. آخرون يعتقلون فوق التراب الوطني المغربي ويحتجزون ويحاكمون، ومواش مغربية تصادر وأراض ممنوعة من الاستغلال من طرف الحرس الوطني الجزائري بمناطق حدودية غير مؤهلة.
في سابقة خطيرة ومستفزة وغير محسوبة العواقب، أقدمت عناصر من الجيش الوطني الشعبي الجزائري، الإثنين الماضي حوالي الساعة الواحدة وخمسة وأربعين دقيقة، على إطلاق عيارات نارية في اتجاه مركز المراقبة المغربي آيت جرمان بالشريط الحدودي المغربي الجزائري بإقليم فجيج. الرصاصتان، حسب بلاغ وزارة الداخلية اخترقتا جدار هذا المركز الحدودي.
وفي خطوة استفزازية سابقة للمواطنين المغاربة القاطنين بالشريط الحدودي المغربي، قام الحرس الحدودي من العسكر الجزائري، صباح الأربعاء 12 فبراير 2014، بإطلاق رصاصات إنذارية وبطريقة عشوائية على مستوى الشريط الحدودي بمقربة من دوار الشراركة بالجماعة القروية بني خالد بعمالة وجدة أنكاد.
وكان آخر مواطن مغربي سقط جريحا برصاص حرس الحدود الجزائري ومازال يرقد بالمركز الاستشفائي الجهوي الفارابي بوجدة تحت المراقبة يتلقى العلاجات الضرورية، بعد أن اخترقت رصاصات بطنه. وقع الحادث المأساوي، مساء الأحد 9 فبراير 2014، على مستوى الشريط الحدودي بمركز لقيايسة بجماعة بني خالد بضاحية بلدة بني درار الحدودية، الواقعة تحت النفوذ الترابي لعمالة وجدة أنجاد، على بعد 20 كيلومترا من مدينة وجدة .
سقط مواطن مغربي آخر من مواليد 1986، أب لطفلة، فوق التراب المغربي، في حدود الساعة العاشرة من صباح الجمعة 08 نونبر 2013، برصاص الحرس الحدودي الجزائري، بدوار لغلاليس بمنطقة روبّان على بعد عشرات الأمتار من الشريط الحدودي المغربي الجزائري، الواقعة على بعد حوالي 15 كلم من مدينة وجدة. ونقل الضحية فتحي مداح، في حالة خطيرة إلى مستعجلات المركز الاستشفائي الجهوي الفارابي بوجدة، وأدخل قسم الإنعاش قبل أن يخضع لعملية جراحية لاستخراج الرصاصات التي استقرت في كتفه وعنقه.
كما أن العسكر الحدودي الجزائري، سبق له، مساء يوم الخميس 7 من نونبر الماضي على الساعة الخامسة مساء، أن أطلق الرصاص على مجموعة تتكون من 17 مواطنا مغربيا من الدوار نفسه كانوا مجتمعين كعادتهم يتجاذبون أطراف الحديث بدوارهم، ولحسن الحظ أن الرصاص الجزائري الغادر لم يخلف ضحايا.
وأضاف البكاي مداح الذي كان متواجدا في عين المكان رفقة 16 شخصا من الدوار نفسه، أن شقيقه كان على متن سيارته من نوع 504 يسير في الطريق العمومي متوجها إلى الدوار حين باغتته ثلاث رصاصات للعسكر الجزائري فوق التراب المغربي على بعد 200 متر من»الشرطة» التي تفصل التراب المغربي عن التراب الجزائري، استقرت الأولى بين الكتف والعنق وأصابته الثانية في الأذن، فيما أخطأت الثالثة هدفها.
«طرائد» مغربية
تُوقّع بنادق الحرس الحدودي الجزائري ضحايا مغاربة، منهم من قضى نحبه ومنهم من نجا ومازال يحمل آثار رصاصات الغدر تذكره بقسوة ووحشية القناصين، ومنهم من عاد إلى بلده جثة، وعديد منهم مازالت جثامينهم تنتظر في مستودع الأموات بأحد المستشفيات أو تم إقبارها بعد تسجيل أصحابها في خانة «سين» المجهولين.
للتذكير فقط، نجا أحد المواطنين المغاربة القاطنين بالشريط الحدودي المغربي الجزائري بأعجوبة من موت محقق ليلة الخميس 8 فبراير 2007، بعدما أصابته رصاصة من بين الرصاصات الثلاث التي أطلقها عليه الحرس الحدودي الجزائري، أُدخل على إثرها إلى إحدى المصحات بمدينة وجدة. وكان الشاب المغربي من مواليد 1972، حسب أقواله، يتواجد بالشريط الحدودي بسيارته من نوع «رونو18» بمنطقة أولاد العباس/أهل أنجاد بالقرب من النقطة الحدودية «جوج بغال»، حيث فوجئ بسماعه لإطلاق ثلاث رصاصات أصابته إحداهن في الرجل على مستوى الركبة، الأمر الذي جعله ينسحب إلى بيت أسرته حيث تم نقله إلى المصحة وخضع لعمليتين جراحيتين، وسُمح له بالخروج صباح يوم الأحد الماضي.
وقتل المواطن المغربي الهاشمي الزايري مساء يوم السبت 29 يوليوز 2007، برصاص الحرس الجزائري على بعد عشرات الأمتار من دوار»الشرفة» المغربي، مسقط رأسه على الشريط الحدودي المغربي الجزائري بجماعة تيولي بإقليم جرادة. وكان الضحية، من مواليد 1968، أب لطفلين يتأهب مطمئنا كعادته، بعد عبوره للشريط الحدودي على بهيمته، للتزود بالبنزين الجزائري المهرب لتفاجئه عناصر الحرس الجزائري بإطلاق النار عليه غدرا، دون إعطائه الأمر بالتوقف لترديه قتيلا. الهالك، حسب ما صرحت به بعض المصادر، كان معروفا لدى الحرس الجزائري، بحيث كان يعبر الشريط كباقي العديد من شبان المنطقة الذين يتعاطون لتجارة الحدود من الجانبين.
وقتل قبله، يوم 16 من أبريل 2000 المواطن المغربي حسن معيان المولود سنة 1958 برصاص الحرس الجزائري، مخلفا وراءه 7 أطفال في حالة يرثى لها. وتعرض الشاب عبد السلام بريسون 22 سنة إلى طلقة نارية جزائرية كادت أن تعصف بحياته.
ومساء يوم الجمعة 22 يوليوز2005 تم اغتيال عيسى بريسون، شاب من مواليد 10 يناير 1980 من طرف الحرس الجزائري ببرودة دم، بالمنطقة نفسها، على بعد 500 متر من دوار»لحداحدة» المغربي مسقط رأسه.
رصاص جزائري
«كيف لهؤلاء الحرس الجزائريين أن تطاوعهم ضمائرهم ويضغطون على الزند بسهولة، ويطلقون الرصاص على أناس عزّل لا يملكون إلا قَدَرهم الذي وضعهم في منطقة حدودية، يضطرون إلى التنقل من هذه الضفة إلى الأخرى لتبادل الزيارات بين أبناء العمومة، ويتعاطون لأنشطة التهريب المعيشي البسيطة، والتي هي واقع لا مفرّ منه بين أبناء الضفتين؟» يتساءل أحد أعيان قبائل منطقة فجيج ومستشار بالمدينة... ثم يشير إلى أنه لم يثبت في تاريخ البلدين أن أطلق عسكري مغربي رصاصة على جزائري واحد، رغم عبوره للشريط الحدودي الجزائري المغربي المترامي الأطراف، أكان مدنيا أو عسكريا، مهربا أو تائها أو مختلا علقيا، أو فارّا من الجزائر مرشحا للهجرة السرية ومنهم العديد، أو حتى زائرا بدون وثائق في المدن المغربية، أو...أو...لأن المغاربة يعتبرون سكان الضفة المقابلة أبناء عمومتهم وأشقاءهم، وكانت سمات المغاربة تجاههم ومازالت دائما التآخي والتسامح والتزاور والتآزر.
الحوادث نفسها تتكرر في كلّ سنة وفي الفترة نفسها من الموسم، التي تتزامن مع نضج فاكهة الكمأ «الترفاس»، على الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر، حيث يقوم الحرس الجزائري بالاعتداء على مواطنين مغاربة باعتقالهم أو اقتناصهم وإطلاق الرصاص عليهم كالطرائد فوق التراب الوطني، وهم منهمكون في جمع هذه الفاكهة بالمنطقة، بحجة دخولهم التراب الجزائري، دون أي ردّ فعل من السلطات المغربية، مع الإشارة إلى أن الأراضي المغربية بإقليم فجيج تتعرض للهجومات المتكررة من طرف بعض العصابات الجزائرية المتخصصة في سرقة الماشية والإبل.
وسبق أن تعرض شاب مغربي من منطقة إيش بإقليم فجيج، خلال شهر مارس 2013، لإطلاق أعيرة نارية أثناء جمعه لفاكهة «الترفاس» بضواحي هذه المنطقة المتاخمة للشريط الحدودي، أصابت إحداها ساعده الأيسر نتج عنها نزيف دموي .
وسبق للحرس الحدودي الجزائري أن قام باعتقال سبعة مواطنين مغاربة من قبيلة واحدة، مساء الجمعة 9 مارس 2012، على الحدود مع قرية» إيش» التابعة لإقليم فجيج، والتي تبعد عن مدينة بوعرفة بحوالي 120 كيلومتر، وذلك عندما كانوا يقومون بجمع فاكهة «الترفاس»، وتم ترحيلهم إلى مدينة «عين الصفراء» بالتراب الجزائري للبحث والتحقيق معهم، مع العلم أن الحدود التي تفصل المغرب عن الجزائر عبر قرية «إيش» لم يتم ترسيمها بطريقة دقيقة، مما جعل مثل هذه العمليات تتكرر من الجانب الجزائري .
ونتيجة ذلك، نفذ سكان قصر إيش الواقع على بعد حوالي 108 كلم من مدينة بوعرفة التابعة للنفوذ الترابي لإقليم فجيج، بعد عصر يوم الخميس 15 مارس الماضي، وقفة احتجاجية بالقرب من الشريط الحدودي المغربي الجزائري بإيش، ووقفة ثانية، في الوقت نفسه، لبعض عائلات أفراد المعتقلين أمام مقر القنصلية الجزائرية بمدينة وجدة، نددوا خلالهما بعملية اعتقالهم واحتجازهم وطالبوا بإطلاق سراحهم الذي تم بالفعل.
وسبق لعناصر مسلحة من الجيش الوطني الشعبي الجزائري أن اقتحمت، لأكثر من مرة، الحدود الجزائرية المغربية خلال شهر فبراير وبداية شهر مارس 2009 واعتقلت فوق التراب المغربي مواطنين مغاربة، منهم أربعة شبان بالقرب من سدّ وادي زوزفانة عشية يوم الأحد 15 فبراير 2009، ثم أربعة شبان آخرين من قبيلة لعمور بضواحي واحة فجيج بوادي الظهراني بالعرجة بمنطقة العالية لوادي زوزفانة يوم الأحد فاتح مارس 2009، ومواطنا مغربيا آخر، في اليوم الموالي، بمنطقة الجحيفات كانوا بصدد جمع فاكهة الكمأ (الترفاس) بمنطقة العرجة بضواحي فجيج المعروفة بهذا المنتوج الطبيعي الوافر، وتقوم بعد ذلك باقتيادهم إلى مخافر الدرك الوطني الجزائري واحتجازهم بسجونها قبل تقديمهم إلى المحاكم الجزائرية...
وقامت عناصر من العسكر الجزائري التابعة للحرس الحدودي، عشية الاثنين 4 ماي 2009، باقتحام الحدود الجزائرية المغربية بمنطقة جماعة أولاد سيدي عبد الحاكم، التابعة لإقليم جرادة ببلدة الدغمانية الواقعة على الحدود المغربية الجزائرية، والاستيلاء على 1100 رأس من الأغنام ومصادرتها قبل اقتيادها إلى قرية «ماكورة» الجزائرية في غياب المواطن المغربي «الوالي الشيخ بنسالم» صاحب القطيع، الذي كان حينها يتبضع بأحد الأسواق الأسبوعية بالجماعة، والذي سبق أن أعاد إلى جيرانه الجزائريين 30 بقرة تجاوزت الحدود الجزائرية المغربية.
كما قامت دورية تابعة للجيش الوطني الجزائري المرابطة بالشريط الحدودي الجزائري المغربي يوم السبت 17 يناير 2009 بإرغام راعيين مغربيين، من قبيلة إملشيل بورزازات كانا يرعيان قطيع أغنامهما البالغ عدد رؤوسه 1000 رأس كعادتهما بمنطقة الحلوف بضواحي فجيج، على تحويل القطيع نحو التراب الجزائري.
كما فاجأت دورية عسكرية جزائرية بالمكان المسمى «مكمل الأبيض» بجماعة سيدي عبد الحاكم بإقليم جرادة، يوم الثلاثاء 30 دجنبر 2008، راعيا مغربيا كان يرعى قطيعا من الغنم بلغ عدد رؤوسه 182 رأسا، واقتادت القطيع نحو التراب الجزائري.
قاصرون جزائريون يتسللون إلى فجيج للسرقة
تسلل، في حدود الساعة الثالثة من صباح الثلاثاء 14 ماي 2013، خمسة شبان جزائريين إلى مدينة فجيج عبر المركز الحدودي المسمى «لخناك» بمنطقة تاغيت، قادمين من بلدة «بني ونيف» الجزائرية الواقعة على بعد حوالي 3 كيلومترات من حاضرة فجيج، وذلك من أجل سرقة كل ما يمكن حمله خاصة الدراجات الهوائية والنارية. وتم إيقاف أحد الجزائريين من طرف دوريات مشكلة من المواطنين بمساعدة رجال الأمن.
وعمّ سخط واستياء في صفوف سكان مدينة فجيج لاستمرار تسلل هؤلاء اللصوص الجزائريين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و18 سنة، بعد اقتحامهم الحدود الجزائرية المغربية في غفلة أو تغافل الحرس الحدودي المغربي، رغم تنبيه السكان لهذه الحوادث، بل اضطر المواطنون إلى تشكيل دوريات ليلية، تقوم بحراسة المدينة والمناطق المجاورة بما فيها الحدودية.
وتسلل أربعة جزائريين خلال شهر ماي الماضي ليلا، وتم اعتقال أحدهم من طرف الدورية بمساعدة الأمن الذي يقوم بواجبه كما أكد ذلك السكان، فيما نجح الآخرون في الفرار، كما اقتحم المدينة الأحد 12 ماي 2013 جزائريان تم اعتقالهما، فيما تم ضبط أحد الجزائريين متسللا إلى المدينة، صباح الاثنين 13 من الشهر نفسه، من طرف دورية من المواطنين.
وأكد المصدر نفسه، أن الدوريات التي تتحرك بثلاث سيارات ودراجات نارية، وتضم بين أعضائها النائب الأول للمجلس البلدي، ومستشار في الجماعة الحضرية لمدينة فجيج، والتي وقفت خلال البحث عن الجزائريين الفارين، على حرس حدودي مغربي نائم وتم إخبار السلطات المحلية والأمنية بالحادث، بمن فيهم كولونيل القوات المسلحة الملكية.
وسبق أن تسلل جزائريون من بلدة بني ونيف، صباح الثلاثاء 9 أبريل الماضي، في محاولة لسرقة دراجات هوائية، ونجح المواطنون في إيقاف بعضهم، كما تمكنوا، في الثالثة من صباح اليوم الموالي، من ضبط جزائري لا يتجاوز عمره 16 سنة، بحي أضراس جنوب قصر زناكة. وسبق أن اقتحم لصوص جزائريون صغار، صباح الأحد 28 أكتوبر الماضي، منازل فجيجية وسرقوا دراجات ليتم بيعها ببلدة «بني ونيف» أو نقلها إلى بشار. وسجلت السنة الماضية 3 سرقات تمكن المواطنون من إيقاف أصحابها، والذين يستهدفون الأحياء الفجيجية المحاذية لبلدة «بني ونيف» الجزائرية، مثل أحياء «شارلو» و»بغداد» و»بركوكس».
وأشار بعض الفجيجين إلى أن الظاهرة تعود إلى عشرات السنين، لكن ما لا يتم فهمه واستيعابه هو أن الكاميرات المنصوبة للمراقبة، وفي الوقت الذي تضيق الخناق على السكان وتراقب حركاتهم وسكناتهم وتحصي أنفاسهم وزفراتهم، وتصرخ كلما وطئت أقدماهم الخطوط الحمراء، هذه الكاميرات عمياء وصماء وبكماء عندما يتعلق الأمر بتسللات وتحركات هؤلاء اللصوص الصغار، ونقلهم لمسروقاتهم عبر الشريط الحدودي إلى خارج التراب الوطني.
ومن جهة أخرى، تساءل هؤلاء المواطنون عن سرّ تغافل الحرس الحدودي المغربي عن هذه التسللات في الوقت الذي يصطاد الحرس الحدودي الجزائري مواطنين مغاربة بالرصاص كالأرانب، ذنبهم الوحيد هو أنهم وجدوا أنفسهم أمام فوهة بندقية جزائرية أثناء جمعهم لفاكهة الكمأ «الترفاس» فوق أرضهم أو تخطوا، بأمتار قليلة، حدودا وهمية.
الأراضي المغربية
لم يعد أهل فجيج يتوفرون إلا على خمس أراضيهم، بعد أن استحوذت السلطات العسكرية الحدودية الجزائرية على أربعة أخماس ومنعوا من استغلالها منذ سنة 1994، مع أن هؤلاء العسكر يعترفون بأحقية أهل فجيج فيها، وهي الأراضي التي تدخل فيما يمكن تسميته بالعمق الاقتصادي لفجيج أو المجال الحيوي بما فيه الأراضي والنخيل والمياه ومجال الرعي و»المعاذر»، أي الأراضي الخصبة البورية التي اعتادوا حرثها في هذا الموسم، وتنتج فيضا دون حاجة إلى مزيد من العناية، خاصة لما يكون هناك «القَبول». ورغم أن هناك اتفاقية 1992 لرسم الحدود على مناطق مغربية، ومن سنة 1901 إلى اتفاقية مغنية التي تعدّ نصوصها الواضحة لا بالنسبة لقصور «فجيج» من جهة المغرب، ولا بالنسبة لقصور «إييش» بالنسبة للجزائر مع التنصيص على الأرض الخلاء، إلا أن الجزائر لم تحترمها وركبت على ما تركه الاستعمار الفرنسي واستحوذت على جزء كبير من الأراضي المغربية.
« تشكلت لدى سكان فجيج عقدة نفسية، لأنهم يعيشون صحبة ذلك الماضي الجميل، ويتوقون إلى مستقبل زاهر في انتظار حلّ يأتي أو لا يأتي لاستغلال أراضيهم المصادرة ورجوع المياه إلى مجاريها...» يصرح بكل حزن وأسى أحد الأطر الفجيجية من مستشاري الجماعة الحضرية لفجيج.
والتمس سكان فجيج من الحكومة المغربية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الحقوقية والمدنية أن يضغطوا على الجزائر، لإيجاد حلّ لهذا المشكل والدفع به إلى الأمام، مع العلم أن المغرب فتح أبوابه وطالب غير ما مرة بفتح الحدود مع الجارة الجزائر وإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه، حتى يتمكنوا من دخول أراضيهم واستغلالها، والتي هي في ملكيتهم وتشهد بها الوثائق ويثبتها القانون منذ 600 عام، مع العلم أن الجزائريين لا يستغلونها، بل بالعكس يصيبها التلف بسبب الحرائق أو الفيضانات خاصة تلك الواقعة على وادي زوزفانة.
سبق للناشط الحقوقي الصديق كبوري أن صرح أنه منذ ميلاد النزاع حول الصحراء، ونحن نلاحظ أن السلطات الجزائرية في سباق محموم لضم أراضي مغربية بالصحراء الشرقية والجنوبية إلى حوزتها، مستغلة سكوت الدولة المغربية عن هذا المشكل، دون الحديث عن مناطق بشار والعين الصفراء والقنادسة ولحمر وغير ذلك من المناطق التي تم ضمها في عهد الاستعمار إلى التراب الجزائري، بعد استقلال الدولتين، إضافة إلى مناطق واسعة تم ضمها بعد حرب الرمال
لسنة 1963.
وتستغل السلطات الجزائرية عدم ترسيم الحدود بينها وبين المغرب (الحدود مرسمة من السعيدية إلى عين بني مطهر فقط)، الشيء الذي فتح شهيتها التوسعية وحرمت المواطنين المغاربة بإقليم فجيج من موارد عيشهم وضيقت على أرزاقهم.
ترميم وتوسيع مراكز حدودية جزائرية
تم توسيع العديد من المركز الحدودية الجزائرية، التي أقيمت مباشرة على الشريط الحدودي، إلى درجة قدرتها على استقبال الطائرات، ووضعت أجهزة أخرى ضخمة فوق المركز تشبه الرادارات، بعد أن قررت الجزائر إحداث 25 مركزا جمركيا على طول الخط الحدودي الجزائري المغربي، لمحاصرة تهريب المحروقات نحو المغرب، حسب ما تدعيه السلطات الجزائرية، بالإضافة إلى المراكز القديمة التي تقرر هي كذلك ترميمها أو توسيعها كمراكز «دكلل» و«الباب» و«ربان» على مشارف وادي ربان و«بوكانون»
و«امغاغة»...
هذه المراكز بدأت في العمل مع بداية سنة 2007، وهي مجهزة بأحدث التقنيات التكنولوجية للاتصال والاستخبارات وطائرات لمراقبة الحدود، وهي تشبه الثكنات العسكرية كالمركز الحدودي الواقع على مشارف وادي كيس، الفاصل بين التراب الجزائري والتراب المغربي على بعد ستة كيلومترات من مدينة السعيدية، هذه البناية المسماة «دار الكانطوني» تغطي ما يناهز 5000 متر مربع وممولة من طرف الاتحاد الأوربي في إطار الدعم الذي تتلقاه الجزائر لإعادة هيكلة نظم المراقبة الحدودية، بهدف حراسة الشريط الحدودي و»مراقبة تحركات المرشحين للهجرة السرية ومحاربة ظاهرة الإرهاب ورصد حركات العناصر المتطرفة».
قبائل مغربية جزائرية متصاهرة ومنصهرة
يمتد الشريط الحدودي المغربي الجزائري الرسمي على مسافة أكثر من 540 كلم من مدينة السعيدية حتى مدينة فكيك، عبر العديد من المدن الصغيرة والقرى والدواوير من كلتا الضفتين، يتعايش فيها منذ قرون، أبناء العمومة من القبائل المنتشرة على أراضيه وجباله وسهوله ونجوده، محافظين على أواصر الدم والقرابة والأخوة والتقاليد والأعراف ومواسم الأولياء والروابط بشيوخ الزوايا وزيارات الشرفاء، رغم ما اعترى ويعتري العلاقات السياسية بين مسؤولي البلدين، المغرب والجزائر، من سحابات داكنة اللون أحيانا.
تعيش مدن وقرى الشمال الشرقي بالمغرب والشمال الغربي بالجزائر حركة دائبة، تتمثل في التجارة الحدودية والتعاون «الاقتصادي غير المراقب» بالشريط الحدودي المتواصل بين بلداته ومدنه المتقابلة، الآهلة بسكان من أبناء العمومة عبر عدة منافذ ومسالك، رغم الإجراءات المشددة والخنادق المحفورة والحرس الحدودي المنتشر.
عرف الشريط الحدودي أحيانا نوعا من التوترات تتمثل في عدة سلوكات كاستحواذ العسكر الجزائري على بعض ممتلكات القبائل المغربية المجاورة للحدود كواحات النخيل المثمرة بمنطقة فكيك، أو حجز رؤوس الأغنام والبهائم بدعوى دخولها التراب الجزائري. بل يذهب الجزائريون في بعض الأحيان إلى منع الفلاحين من حرث الأراضي المغربية من المنطقة الحدودية العازلة المسماة ب»الشرطة» ثم حفر الآبار (الثقوب المائية للوصول إلى الفرشة المائية العميقة) لاستغلال واستنزاف الفرشة المائية.
ومن جهة أخرى، غالبا ما يقع المواطنون المغاربة، وبكل سهولة، ضحية رصاص العسكر الجزائري، بل يصطادون كالطرائد دون أي إحساس بالذنب، في الوقت الذي لم يسجل فيه التاريخ سقوط ولو جزائري واحد برصاص الحرس الحدودي المغربي. ورغم أن العديد من الجزائريين دخلوا ويدخلون التراب المغربي، بل دخل الآلاف من هؤلاء الإخوة عبر الهجرة السرية أو أثناء ممارسة أنشطة التهريب وحتى ترويج المخدرات بشتى أنواعها، لم يسجل حادث واحد من هذا القبيل ضدهم، ورغم أنهم ضبطوا يتجولون بمدينة وجدة، ومنهم من ضبط بآلاف الأقراص الطبية المهلوسة التي تعبر الشريط الحدودي الجزائري المغربي تحت أعين الحرس الجزائري، دون أن يحركوا ساكنا ما دامت وجهتها تستهدف الشباب المغربي «الشقيق»...
جغرافيا واحدة وانفصال مفتعل
يمتد الشريط الحدودي المغربي الجزائري الرسمي على مسافة 540 كلم من مدينة السعيدية حتى مدينة فكيك، عبر العديد من المدن الصغيرة والقرى والدواوير من كلتا الضفتين يتعايش، فيها عبر قرون، أبناء العمومة من القبائل المنتشرة على أراضيه وجباله وسهوله ونجوده، محافظين على أواصر الدم والقرابة والأخوة والتقاليد والأعراف ومواسم الأولياء والروابط بشيوخ الزوايا وزيارات الشرفاء، رغم ما اعترى ويعتري العلاقات السياسية بين مسؤولي البلدين، المغرب والجزائر، من سحابات داكنة اللون أحيانا، منذ ما يفوق الأربعين سنة، بداية من حرب الرمال إلى افتعال مشكل الصحراء المغربية التي عانى ومازال يعاني منها الشعبان الشقيقان.
ورغم ذلك تعيش مدن وقرى الشمال الشرقي بالمغرب والشمال الغربي بالجزائر حركة دائبة، تتمثل في التجارة الحدودية والتعاون «الاقتصادي غير المراقب» بالشريط الحدودي المتواصل بين مدنه المتقابلة عبر عدة منافذ ومسالك.
فمدينة السعيدية المغربية(60 كلم عن مدينة وجدة) تقابلها على الشريط الحدودي بالجزائر مرصى بلمهيدي الجزائرية ( يفصلهما وادي كيس) واحفير (40 كلم عن وجدة) يقابلها مركز بوكانون الجزائري ثم قرية العالب المغربية تقابلها «امغاغة» الجزائرية وبني درار المغربية (جماعة بني خالد: 20 كلم) تقابلها الشبيكية الجزائرية والنقطة الحدودية «جوج بغال» بوجدة يقابلها مركز»العقيد لطفي» الجزائرية (مدينة وجدة تقابلها مدينة مغنية) وعلى الشريط الحدودي في اتجاه جنوب مدينة وجدة ( 8 كلم) دوار لغلايس دوار الفاقة، جماعة رأس عصفور(أهل أنجاد) تقابلها قرية ربان (بني بوسعيد) الجزائرية ( يفصلها وادي لغلاليس) ثم قرى تويسيت وسيدي بوبكر وتيولي (25 كلم على مدينة وجدة: المهاية) تقابلها قرى سيدي عيسى وسيد الجيلالي الجزائرية والدغمانية المغربية (30 كلم عن وجدة) تقابلها العريشة الجزائرية ثم مدينة تندرارة (200 كلم عن وجدة) فمدينة بوعرفة ( 284 كلم عن وجدة) ثم مدينة فيكيك ( 392 كلم عن وجدة: لخناك) تقابلها « بني ونيف ( 6 كلم).
علاقات تجارية تاريخية
يذكر عبد الحق الصدق، أستاذ باحث في الجغرافية البشرية بكلية الآداب بوجدة بالعلاقات التجارية بين قبائل البلدين، قبل ظهور فرنسا وقبل معاهدة للامغنية (على بعد حوالي 25 كلم عن مدينة وجدة المغربية) 14غشت 1844، وهي التي فتحت باب التهريب.
بعد دخول فرنسا إلى الجزائر ظهرت مشكلة الحدود بين القبائل المغربية وفرنسا، لذلك حاولت هذه الأخيرة الحدّ من هيمنة القبائل المغربية على الأسواق الحدودية، والتي كانت تمتد حتى وهران، حيث كانت تعرض السلع الانجليزية والاسبانية المجلوبة عبر مليلية بوضع مجموعة من القوانين تخص العلاقات التجارية، منها إصدار فرنسا سنة 1843 مرسوما ينظم العلاقات التجارية بين المغرب وفرنسا، ينص على حضر إقامة علاقات تجارية برية بين المغرب والجزائر والهدف الرئيسي هو منع تزويد الأمير عبد القادر والمقاومين الجزائريين بما يحتاجونه من المواد من التراب المغربي، ثم إصدار سنة 1853 مرسوما آخر يرفع الحضر على المبادلات التجارية ردا على توقيع اتفاقية تجارية ما بين المغرب وبريطانيا.
وكل هذه الإجراءات تبين لنا مدى شراسة الصراع على المنطقة الشرقية بين فرنسا وإسبانيا وبريطانيا.
وفي هذا الصدد نستحضر ما قاله بيرنار أوكوست :» تعتبر التجارة من العناصر الأساسية من الاستعمار السلمي. ويجب أن يتعود المغرب على استهلاك موادنا ويجب وضعها في أحسن الظروف، كما يجب شراء منتجاته بأثمان مشجعة بالنسبة لهم ولنا. بكل اختصار يجب السيطرة على الجانب الأكبر من السوق المغربي».
هناك إذن امتداد تاريخي وتبادل تجاري من ناحية الماشية كان يعتبر تآزرا وتعاونا ما بين القبائل المتواجدة على الحدود حسب الظروف المناخية. وللتحكم في هذه العلاقات التجارية خلقت فرنسا ميناء وهران لتجميع الماشية وتنظيمها وبقي هذا إلى حدود الاستقلال.
ولم تنقطع هذه العلاقات بين القبائل رغم انقسامها على المناطق الحدودية بين المغرب والجزائر، وهي منتشرة في المجال الريفي وتعتمد على تربية الماشية وهذا طبيعي، ونشطت هذه القبائل وظهرت عناصر متخصصة وقبائل معينة منظمة لعملية تجارة الحدود وخلقت مسالك متخصصة في تسويق البضائع من المصدر إلى المستهلك، منها المباشرة مثل ميناء وهران إلى الأسواق المغربية عبر الحدود، ويتحكم في هذا النوع جنرالات العسكر الجزائري، ومسالك أخرى غير مباشرة تدخل فيها مجموعة من العناصر من الجانبين الجزائري والمغربي وحسب الأصناف من القطيع الصغير أو الكبير.
هذه المسالك المؤدية إلى محطات الإنتاج والتي تتراوح مسافات بعدها على الحدود ما بين 5كلم (مغاغة مقابل العالب شمالا) و30 كلم (بالنسبة للعريشة مقابل الدغمانية جنوبا)، حيث يلعب المتدخلون المحليون دورا أساسيا في تنظيم المسالك والتحكم فيها، وذلك في إطار العلاقات الخاصة التي تربط القبائل، في ظلّ تباعد النظامين المغربي والجزائري وصراعات خفية بين القادة السياسيين وبعض جنرالات العسكر الجزائري المدعمين للقطيعة بل وإذكاء نيران الحرب كلما حصل تقارب قد ينتهي بالتطبيع...، ويفك «الانفصال» في اتجاه الوحدة، وحدة المغرب العربي.
ساهم بعض قادة النظام الجزائري في افتعال المشاكل لفرملة تطور المغرب وفرملة بناء المغرب العربي الكبير والإضرار بمصالح المغرب، خوفا من تبوئه للزعامة في المنطقة، ذهبت إلى محاولة (ومازالت) النيل من الوحدة الترابية والعمل على تشرذمه بدعم عصابة البوليساريو، أو التمسك بأراضي مغربية انتزعت إبان الاحتلال الفرنسي، رغم اعتراف الجزائر بمغربيتها، بل منها ما استولى عليه العسكر الجزائري بعد الاستقلال وفي السنوات الأخيرة، كما يشهد عليه واقع واحات فجيج.
ولا بدّ من التذكير في هذا الصدد، أن مصطفى بوزيان القندوسي المزداد بالقنادسة سنة 1944 صرح» بعد الاستقلال استقبل جلالة المرحوم محمد الخامس آباءنا بالظهائر وتعهدت الحكومة الجزائرية آنذاك بإرجاع الجزء الصحراوي إلى المغرب، ورغم أنها اعترفت بمغربية المنطقة الصحراوية الشرقية خلال مؤتمر طنجة 1958 إلا أنها تنكرت لعهودها.» وتوجد قرية المنكوب التابعة لجهة بوعرفة على الشريط الحدودي بالجهة الجزائرية قرية لحمر ثم بالصحراء الشرقية قرى موغل وواكدة بشار التي تبعد ب20 كلم على القنادسة إلى مدينة برج باجي المختار بحدود مالي.
ولا يتردد بعض القادة السياسيين جنرالات العسكر بالردّ على دعوات المغرب لفتح الحدود بإنشاء 20 مركزا أمنيا لتعزيز غلق الحدود مع المغرب. وعمل القائمون على الملف الأمني في الحدود، على إبقاء الحدود مغلقة معبرين بذالك عن اقتناعهم بأن «فتحها ليس مدرجا في أجندتهم في المستقبل القريب»، بل من تلك المراكز ما أقيم في أقرب نقطة بالشريط الحدودي على «الشَرْطَة» إذ يعتبر ذلك عملا استفزازيا. وعبروا عن ذلك بفتح مركز جدّ متقدم لحرس الحدود، أشرف على فتحه نهاية ماي 2008، قائد سلاح الدرك الوطني اللواء أحمد بوسطيلة. هذه البناية المسماة «دار الكانطوني» تغطي ما يناهز 5000 متر مربع وممولة من طرف الاتحاد الأوربي في إطار الدعم الذي تتلقاه الجزائر لإعادة هيكلة نظم المراقبة الحدودية بهدف حراسة الشريط الحدودي وما تصفه ب»مراقبة تحركات المرشحين للهجرة السرية ومحاربة ظاهرة الإرهاب ورصد حركات العناصر المتطرفة».
ويرى سعيد هادف باحث جزائري مقيم بالمغرب، أن «الانفصال» ظاهرة تم تعميمها على أوسع نطاق، تيمنا بسياسة «فرّق تسدْ» التي برع فيها الغرب الإمبريالي بالتواطؤ مع أذنابه.
ويضيف الباحث الجزائري أنه في هذا السياق ظل التاريخ المغربي-الجزائري نهبا لقراءات سطحية وأخرى ذكية كان الهدف من ورائها فصل القطرين وضرب الذاكرة المشتركة، ومن ثمة ضرب مصالح الشعبين ومصيرهما المشترك، ومازالت المحطات التاريخية بين القطرين طيلة القرنين السابقين تلقي بظلالها على علاقتهما إلى اليوم، بدء بالخلاف بين السلطان مولاي عبد الرحمان والأمير عبد القادر إلى القرار الجزائري بإغلاق الحدود سنة 1994.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.