قال محمد اليازغي، الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن القاضي الذي تولى النظر في محاكمة الاتحاديين الشهيرة سنة 1971 كان خائنا ومتعاونا مع السلطان بنعرفة، «حيث إن المعتقلين الذين كان منهم أعضاء في الحركة الوطنية، وجدوا أنفسهم أمام قاض خائن، كان قد بايع السلطان بنعرفة، بل كان من أقرب المقربين إليه، واشتغل كاتبا خاصا له، مما استدعى تجريحهم فيه، بحكم أنهم هم من كانوا السبب في عودة العائلة الملكية إلى العرش، بفضل نضالاتهم وتضحياتهم». وأكد اليازغي الذي كان يتحدث مساء الجمعة الماضي خلال حفل تقديم كتاب «محاكمة مراكش الكبرى» للنقيب عبد الرحيم بنبركة، أن الكتاب عبارة عن وثيقة أساسية تؤرخ لما عاناه المغاربة والمناضلون، كما تؤرخ للصراع بين من كانوا يريدون بناء دولة استبدادية، وبين من كانوا يصارعون لبناء دولة ديمقراطية، يشارك فيها الشعب المغربي في تدبير شؤونه، والنهوض بهذه البلاد. وعاد اليازغي ليروي تفاصيل عملية الاختطاف التي كان ضحيتها رفقة عدد آخر من مناضلي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، «إذ لا زلت أذكر تلك الليلة في 11 نونبر من سنة 1970، حيث كنت أهم بركوب سيارتي للالتحاق بأحد الزملاء من أجل الذهاب إلى البرلمان، وكان هناك شرطي بزي رسمي منعني من ركوب السيارة، قبل أن يتم إلقائي داخل سيارة شرطة بها أربعة رجال أمن، قاموا بتوثيقي وتوجهوا بي إلى قاعدة الطيران العسكري في سلا، حيث مكثت هناك لمدة شهر، دون أن يتصل بي أي أحد، وهو ما كان بمثابة تعذيب معنوي فظيع». وتابع اليازغي بأن جوا من الرعب كان يسيطر على المغرب آنذاك، «لدرجة أني لم أستطع أن أنصب محاميا عني في مدينة مراكش، حيث لم يجرؤ أي محام بالمدينة على تنصيب نفسه للدفاع عني، خوفا من بطش الدولة، وحتى داخل السجن تم بناء أماكن خاصة للقاء المعتقلين بمحاميهم، حتى يسمح للشرطي بسماع ما يدور بين الطرفين، دون الحديث عن التجاوزات العديدة التي شهدتها المحاكمة، ومنها الاعتماد بشكل مطلق على محاضر الشرطة بتناقضاتها، والمنتزعة في الغالب تحت التعذيب، فضلا عن المرافعة المشهورة لممثل النيابة العامة، وعدد مطالب الإعدام الكبيرة رغم ضعف الأدلة، حيث تم توزيع العشرات من تلك الأحكام على المتهمين». وكشف اليازغي عن كون بعض القرارات التي اتخذها الفقيه البصري كانت فردية، ولم يكن يستشير فيها الحزب أو أيا من هيئاته التقريرية، «إلا أن المرحوم عبد الرحيم بوعبيد اختار أن تكون المساندة كاملة وقوية، وبكل ما أوتي من قوة دفاعا عن الفقيه البصري، على اعتبار أن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والذي سيتحول بعد ذلك إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، كان مؤمنا بأنه يناضل إلى جانب الشعب المغربي ويواجه المآسي، بعد أن دخل في صراع عنيف ضد آلة استبدادية تحاول إيقاف تطور المغرب، ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة للمغاربة». من جهته، أكد النقيب عبد الرحمن بنعمرو، الذي كان ضمن هيئة دفاع المتهمين خلال المحاكمة الشهيرة، أن التهم الموجهة إلى المتابعين كانت ملفقة وغير حقيقية وتستهدف إنزال أقصى العقوبات لإسكات صوت المعارضة، حيث كان أغلب المتهمين ينتمون حينها إلى حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان يعتبر المعارض الأول للحكم، «حيث انتهى هؤلاء ما بين مختفين أو مصابين بخلل عقلي نتيجة التعذيب الذي تعرضوا له».