الحديث اليوم أصبح سهلا عن سنوات الرصاص لكنها في الواقع كانت سنوات من القهر المروع الظلم هذه الكلمات كانت لمحمد اليازغي أثناء الحديث عن تفاصيل اختطافه سنة 1971 وتفاصيل محاكمة مراكش الشهيرة. اليازغي الذي حضر ندوة تقديم كتاب "محاكمة مراكش الكبرى" للنقيب عبد الرحيم بنبركة، يحكي بأنه بينما كان ينوي التوجه إلى البرلمان سنة 1971 فإذا به يفاجأ بشرطي يمنعه من ركوب سيارته٫ قبل أن تأتي سيارة شرطة ويتم إدخاله بالقوة إليها وتقييد يديه ورجليه وتكميم فمه واقتياده إلى مكان مجهول٫ سيعرف فيما بعد بأنه القاعدة الجوية العسكرية في سلا وهناك سيمكث لشهر قبل أن يتم ترحيله إلى درب مولاي علي الشريف٫ حيث سيشرف على التحقيق معه رئيس الشرطة القضائية في المغرب٫ وبعدها سيتم نقله إلى مراكش من أجل محاكمته رفقة 191 عضو من أعضاء الاتحاد الاشتراكي بتهمة السعي لتغيير النظام. هذه المحاكمة "كانت تعبيرا عن الصراع بين من يريدون بناء دولة استبدادية وبين من يريد بناء دولة ديمقراطية" يقول اليازغي في وصفه لهذه المحاكمة الشهيرة٫ والتي "كانت تعبر عن جو الرعب الذي كانت تعيشه البلد آنذاك خاصة وأن المحاكمة بدأت عقب محاولة انقلاب الصخيرات الفاشلة". من المفارقات الغريبة التي شهدتها هذه المحاكمة والتي كانت تعكس حالة المغرب في تلك الفترة٫ أنه كان من بين المتهمين محمد آيت المودن والذي كان من فريق حمان الفطواكي في المقاومة٫ والذي هاجم بن عرفة في مسجد مراكش في حين أن رئيس المحكمة كان هو رئيس ديوان محمد بن عرفة عندما تم تنصيبه كسلطان على المغرب "وتحول المقاوم إلى المتهم والخائن إلى رئيس للمحكمة يحكم على المقاومين الذين أعادوا محمد الخامس وعائلته إلى العرش". اليازغي قال بأن التهم التي كانت موجهة إليهم كانت ثقيلة حيث طالب وكيل الملك بإعدام 49 مناضل، "وأنا حكم علي بخمس سنوات وتم تمديدها قليلا لأنني قمت بضرب شرطي ضربا مبرحا في السجن". اليازغي تحدث عن الشهيد محمد الحبيب الفرقاني "الذي عذب تعذيبا بشعا لم يعذبه أحد من المناضلين في دار المقري ومع ذلك ظل صامدا إلى أن توفي"، لذلك يقول اليازغي بأن سنوات الرصاص التي يتحدث عنها الناس وكأنها حدث عابر في تاريخ المغرب "كانت سنوات معاناة حقيقية".