كل المؤشرات التي سبقت التعاقد مع اللاعب المصري عمرو زكي، كانت تقول إن هذه الصفقة التي فكرت فيها الرجاء لن تبشر بخير. فتجاوزه سن الثلاثين لا يمكن أن ينتظر منه الشيء الكثير. وهذه المزاجية التي عرف بها اللاعب، الذي جرب الملاعب الإنجليزية والعربية دون أن ينجح في الحفاظ على هدوئه، كانت تسبقه. لذلك لم يكن الرجاويون متحمسين لهذه الخطوة، التي لا بد أن تكشف الأيام القادمة عمن حركها ومن كسب منها، على الرغم من أن رئيس الرجاء السيد بودريقة، يبرر ما يعتبره «نجاح» صفقة التعاقد مع اللاعب المصري عمر زكي. لقد ربح الفريق «الأخضر»، بحسب بودريقة، لأن الرجاء كسبت الكثير من الإشعاع العربي وهي تتعاقد مع نجم منتخب مصر ونادي الزمالك، حيث ظلت القنوات التلفزيونية تعرض لتاريخه، ولإنجازاته خصوصا وأن ذلك تزامن مع ما قدمه الفريق في كأس العالم للأندية، التي أنهاها وصيفا للبطل. زد على ذلك أن صفقة عمرو زكي هي التي ساهمت، بحسب بودريقة دائما، في إنجاح عقد الاحتضان الموقع مع مؤسسة «عامر كروب» المصرية بقيمة مليون نصف مليون دولار. هل يمكن أن نقتنع مع السيد بودريقة أن مكسب هذه الصفقة تحقق قبل أن يدافع اللاعب عن ألوان الفريق، ويسجل الأهداف؟ إنه السؤال الذي يطرحه اليوم كل الرجاويين الذين اعتقدوا أن هذا البيلدوزير المصري سيكون حاضرا في منافسات الرجاء التي تضع نصب عينيها لقب البطولة، وكأس عصبة الأبطال الإفريقية. أما الجواب الذي يقدمه هؤلاء، فهو المقارنة بين صفقه عمرو زكي وصفقة عبد الكبير الوادي، هذا الشاب القادم من دروب وحواري مدينة فاس. إنها صفقة ناجحة بكل المقاييس.أولا لقيمتها المالية التي لا توازي صفقة اللاعب المصري. وثانيا لأن هذا اللاعب لم يتجاوز بعد سن العشرين، ما يعني أن الرجاء قد تكسب من احترافه مستقبلا أكثر. أما ثالثا، فهو هذا المردود التقني الذي يتأكد مباراة بعد أخرى، ما يجعله واحدا من نجوم الكرة الذين سيكون لهم مستقبل واعد سواء مع الرجاء، أو مع المنتخب الوطني. في مباراة فريقه في أول ظهور له وهو يواجه فريق دايمن من سيراليون، كشف هذا الفتى عن مؤهلات تقنية عالية توجها بهدف جميل. وقال الرجاويون إن الوادي يستحق أكثر مما تقاضاه، أو تقاضاه فريقه الوداد الرياضي الفاسي. بين عمرو زكي والوادي، مسافة بين الماضي والمستقبل. فزكي هو رمز للماضي، الذي كان على كرة القدم المغربية أن تجعله خلف ظهرها. أما الوادي، فهو الحاضر والمستقبل الذي يجب أن تشرع له كل الأبواب. ومستقبل الرجاء، ككل فرقنا الوطنية، هو في أبنائها الذين يجب أن تعطاهم فرصة إثبات الذات. ولا أدل على ذلك من أن كل هؤلاء المتألقين اليوم بقميص الرجاء من العميد متولي، إلى الهاشمي وياجور، هم نتاج خالص لمدرسة الخضراء. ولان عمرو زكي مصري، مع كل الفهلوة المصرية والدهاء الذي يعرف به أشقاؤنا في أرض الكنانة، عشنا معه مسلسا مشوقا وإن انتهى نهاية مأساوية. منذ البداية، كان طلبه هو أن يتوصل بمستحقاته نقدا، ما طرح وقتها السؤال هل يتعلق الأمر بمحاولة هروب من شيء ما، أم أن هذا اللاعب الذي يحمل صفة الدولية، لا يفهم في أمور التعاقدات. في الفصل الثاني من هذا المسلسل، اكتشفنا أنه لاعب يشبه البيلدوزير والذي هو في حاجة لحمية خاصة للنقص من وزنه الزائد، والذي لن يكون عاملا مساعدا وهو على رقعة المستطيل «الأخضر». أما الفصل الأخير، فقد كانت خاتمته هروب على الطريقة الهوليودية. فجأة ستكتشف الرجاء، ومعها الرأي العام، أن عمرو زكي مصاب. وفجأة سيقال إن اللاعب سيغادر إلى ألمانيا لإجراء الفحوصات اللازمة. وطرح السؤال، كيف وقع عمرو زكي في كشوفات الفريق وتقاضى منحة التوقيع «كاش» دون أن يخضع لهذه الفحوصات؟ بل من يتحمل المسؤولية فيما وقع؟ اليوم طلع علينا اللاعب المصري وقد أجرى عملية جراحية دون استشارة الطاقم الطبي لفريقه الرجاء في محاولة منه لكي يضع الجميع أمام الأمر الواقع. وهي عملية سيحتاج معها لشهرين كاملين وشهرا آخر للترويض. والأمر الواقع يقول إن الذين فكروا في التعاقد مع لاعب محترف يفكر بعقلية الهاوي، هم من يجب أن يقدموا الحساب على كل هذا المال، وهذا الوقت الذي أضاعه الفريق الذي يلعب من أجل الدفاع عن لقبه، ومن أجل التتويج بكأس عصبة الأبطال الإفريقية. بقي فقط أن نقول لأهل الرجاء، وغير الرجاء، إن المستقبل يوجد في هذه الأجيال من لاعبي الشبان والفتيان الذين يملاؤن مدارس التكوين. وبدونهم لن تقوم لكرة القدم المغربية قائمة. النموذج يقدمه اليوم الوادي في الرجاء، وآخرون في غير الرجاء.