وكالات يستعد عشرات المدنيين في حمص القديمة للخروج من الأحياء المحاصرة منذ أكثر من عام ونصف إثر اتفاق تم التوصل إليه بين دمشقوالأممالمتحدة. وأشار محافظ المدينة إلى أن المساعدات الإنسانية، التي من المقرر إرسالها إلى هذه المناطق الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، ستدخل بدءا من اليوم السبت. وأضاف أن فريق المحافظة والأممالمتحدة والهلال الأحمر انتقلوا إلى النقطة المحددة لتأمين خروج المدنيين، وبعد ذلك انتقلوا إلى حيث يرغبون، وأن الأشخاص الذين سيسمح لهم بالخروج هم الأطفال دون الخامسة عشر من العمر، والرجال الذين تجاوزوا الخامسة والخمسين، إضافة إلى النساء. وأشارت منظمة الأممالمتحدة إلى أن الاتفاق «سيسمح بتقديم مساعدة حيوية لحوالي 2500 مدني» في حمص القديمة. وتعد حمص، وهي ثالث كبرى المدن السورية، «عاصمة الثورة» ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ويقول ناشطون إن قرابة ثلاثة آلاف شخص ما زالوا يوجدون في أحيائها المحاصرة منذ يونيو 2012. على صعيد متصل، أكد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أمس الجمعة، مشاركته في الجولة الثانية من المفاوضات مع المعارضة في جنيف، وسط تأكيدات حول وجود مفاوضات سرية في العاصمة السويسرية بيرن، بمشاركة أمريكية وروسية وإيرانية. وقال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري: «لقد تقرر أن يشارك وفد الجمهورية العربية السورية في مؤتمر جنيف في الجولة الثانية من المباحثات الاثنين المقبل». وتسعى هذه المفاوضات إلى التوصل إلى حل سياسي للنزاع المستمر منذ منتصف مارس 2011، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 136 ألف شخص وتهجير ملايين السوريين داخل سوريا وإلى الدول المجاورة. وأضاف المقداد أن الوفد الرسمي «يؤكد على متابعة الجهود التي بذلها في الجولة الأولى من أعمال المؤتمر، بالتشديد على مناقشة بيان «جنيف 1» بندا بندا، وبالتسلسل الذي ورد في هذا البيان». وينص الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في يونيو 2012، في غياب أي تمثيل لطرفي النزاع، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. كما ينص على «وقف فوري للعنف بكل أشكاله»، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق المعتقلين، والحفاظ على مؤسسات الدولة. وشكل البيان نقطة الخلاف الأساسية في المفاوضات التي أجريت بين وفد نظام الرئيس بشار الأسد والوفد المعارض، تحت إشراف الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي، والتي اختتمت الجمعة الماضي. وأكد الوفد الرسمي على أولوية «مكافحة الإرهاب»، فيما طالب الوفد المعارض بالبحث في «هيئة الحكم الانتقالية». وتعتبر المعارضة أن نقل الصلاحيات يعني تنحي الرئيس الأسد، وهو ما يرفض النظام التطرق إليه، مؤكدا أن مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. ويتهم النظام السوري مقاتلي المعارضة بكونهم «إرهابيين»، مدعومين من دول إقليمية وغربية. وكان الإبراهيمي حدد في ختام «جنيف 2»، العاشر من الشهر الجاري موعدا مبدئيا للجولة الثانية. وأكدت المعارضة مباشرة مشاركتها في الجولة المقبلة، في حين تريث الوفد الرسمي في تأكيد ذلك، في انتظار مزيد من «التشاور» مع الرئيس الأسد. وأكدت مصادر فرنسية لوكالة «الأناضول» انعقاد سلسلة محادثات سرية موازية للمفاوضات المعلنة، في العاصمة السويسرية، بين ممثلين روس وأمريكيين وإيرانيين وممثلين عن المعارضة السورية. وقالت المصادر إن ما حصل في جنيف ليس سوى الشكل الخارجي. وبالرغم من إنكار حصول مفاوضات بيرن من طرف عدة أطراف معنية، فإن مصادر فرنسية نقلت عن السفير الأمريكي في دمشق، روبرت فورد، تأكيده حدوث المفاوضات السرية بشكل غير مباشر، حيث أشار إلى أن الولاياتالمتحدة لم تشارك رسميا في المفاوضات السرية. وتفيد مصادر في الوفد المفاوض للمعارضة أن الأمريكيين باتوا يتقبلون فكرة إشراك إيران في المفاوضات بين النظام والمعارضة، ويحبذون أن يشكل الائتلاف السوري المعارض لجنة للتفاوض مع إيران، نظرا لدورها المحوري في الأزمة السورية، وقدرتها على التأثير على بشار الأسد ونظامه بطرق متعددة. من جهة أخرى، أشارت المصادر الفرنسية إلى وجود اتصالات بين أطراف من المعارضة ومنشقين مازالوا تحت جناح النظام، للنظر في كيفية المحافظة على مؤسسات الدولة السورية، وتفادي حدوث سيناريو مشابه للسيناريو العراقي، الذي أفضى إلى تدمير الدولة ومؤسساتها، وحل الجيش وأجهزة الأمن، وانتشار الفوضى العارمة.