يوما واحدا قبل الوقفة الاحتجاجية بالبذل، التي دعا إليها نادي القضاة، تصاعدت حدة الجدل بين الجمعيات المهنية للقضاة، بعد إصدار الودادية الحسنية للقضاة بيانا تدعو فيه قضاة النادي إلى عدم الخروج إلى الشارع من أجل الاحتجاج لما أكدت أنه ضرر للقاضي والقضاء. وفي أول رد فعل على بيان الودادية الحسنية للقضاة، بخصوص عدم قانونية الاحتجاج بالبذلة أمام وزارة العدل والحريات، يومه السبت، أكد ياسين مخلي، رئيس نادي القضاة، أن ليس من حق أي جمعية مهنية في إشارة إلى الودادية الحسنية للقضاة أن تمارس الوصاية على الأشكال والمبادرات الديمقراطية، التي اتخذتها أجهزة نادي القضاة وفق الآليات القانونية المتوفرة. وأوضح مخلي في تصريح خاص ل»المساء» أن بيان الودادية الحسنية للقضاة هو محاولة من وزارة العدل والحريات لإظهار أن الجسم القضائي منقسم حول هذا الموضوع، وتحوير النقاش بشكل كلي حول أسباب الوقفة التي جاءت لإقرار نصوص قانونية ضامنة لاستقلال السلطة القضائية. واعتبر مخلي أن القضاة إذا لم يستطيعوا أن يمارسوا حرياتهم الأساسية فلن يستطيعوا بالتبعية حماية الحريات الأساسية للمواطنين. وأشار مخلي إلى أن بيان الودادية حول وقفة اليوم ينسف الاتفاق المبدئي الذي سعت الجمعيات المهنية للقضاة إلى تفعيله خلال لقاء التنسيقية المنظمة شهر نونبر الماضي، موضحا أن بيان الودادية يشكل خرقا فاضحا لمقتضيات الفصل 12 من الدستور. وذكر مخلي أن جمعيته نادي القضاة وبخلاف موقف الودادية الحسنية للقضاة تلقت مجموعة من المراسلات الداعمة من جمعيات وهيئات عربية ودولية تؤكد على دور النادي في الدفاع عن استقلال السلطة القضائية، معتبرا في الوقت ذاته أن محاولة وزير العدل والحريات استعمال الإدارة القضائية كأداة للتضييق على الحريات الأساسية للقضاة تعد انتكاسة دستورية جديدة تنضاف إلى مسلسل الانتكاسات التي تم تسجيلها بداية من المنع غير الدستوري للجمع العام التأسيسي يوم 20 غشت 2011، وهو من جهة أخرى يترجم رغبة السلطة التنفيذية في إبقاء آليات التحكم والتدخل في استقلال القضاة. وجاءت ردة الفعل الغاضبة لنادي القضاة ردا البيان الصادر عن الودادية الحسنية للقضاة التي طالبت قضاة النادي بإلغاء الوقفة الاحتجاجية بالبذل أمام مقر وزارة العدل والحريات، معتبرة أنه «وبغض النظر عن دوافع الوقفة أو مدى تناسبها مع الشكليات التي يفترض أن تطبع سلوك أعضاء السلطة القضائية، في إطار الأعراف المهنية وكذا القوانين المؤطرة لعمل القضاة، واعتبارا لمكانة بذلة القضاة، التي لا يمكن ارتداؤها إلا خلال الجلسات أو أمام القاضي الأول جلالة الملك واستحضارا للقوانين الجاري بها العمل، خاصة الفصل الثالث والعشرين من النظام الأساسي للقضاة، الذي ينص على أن القضاة يرتدون أثناء الجلسة بذلة تحدد مميزاتها بقرار لوزير العدل». وأعربت الودادية الحسنية للقضاة «عن تمسكها باحترام بذلة القضاء، واحترام القضاة لمهنتهم ومكانتهم داخل المجتمع، التي تمنع عليهم الاحتجاج بالشارع العام، خاصة أن جلالة الملك هو الضامن لاستقلال القضاء، وأن جلالته هو ملاذ القضاة الأخير الذي يفترض أن نلجئ إليه في كل ما يمس باستقلال القضاء».