كذب المغرب مجددا ما نشرته بعض وسائل الإعلام الإسبانية من أن المغرب يستعد لاحتضان مقر القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، المسماة اختصارا ب«أفريكوم». وأعرب مسؤول مغربي في تصريحات صحافية أول أمس عن استغرابه لما تناقلته وسائل الإعلام الإسبانية بهذا الخصوص، وقال إن السلطات المغربية «قد عبرت عن موقفها علانية ولمرات متعددة بخصوص هذا الموضوع»، مؤكدا على «موقف المغرب الحازم المتمثل في عدم احتضانه فوق أراضيه لمقر أي قوة». وجاء نفي المسؤول المغربي، الذي نقلت تصريحاته وكالة المغرب العربي للأنباء من مدريد، إثر ما نشرته يومية «آبي سي» اليمينية الإسبانية عن وجود تفاهم فرنسي أمريكي مغربي لكي يتمكن المغرب من مراقبة الجناح الجنوبي من جبل طارق، بينما تسيطر بريطانيا على الجناح الشمالي، مما يؤدي إلى فقدان إسبانيا لوزنها السياسي والعسكري في المنطقة لحساب المغرب. وأشارت الجريدة في ذات الوقت إلى أن ذلك تم بمقايضة بين واشنطن والرباط، بحيث يحتضن المغرب مقر الأفريكوم، التي أثير بشأنها الجدل قبل عامين في عدد من البلدان الإفريقية التي رفضت استقبالها، لضمان وجود عسكري أمريكي في المنطقة. وبحسب الجريدة أيضا فإن العلاقات غير الجيدة بين حكومة الاشتراكي خوصي لويس رودريغيث زباثيرو وبين إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما هي التي قادت إلى رسم هذا السيناريو، الذي قالت إنه سيكون لصالح المغرب، مضيفة أن هذا الأخير استغل مجيء وزير الدفاع الأمريكي روبيرت غيتس، المعادي لزباثيرو، حسب قولها، للحصول على تلك المقايضة. وأوضحت نفس الجريدة أن إقليم طان طان سيكون هو الموقع الذي ستقام فيه القاعدة العسكرية الأمريكية لمراقبة جميع التحركات في القارة الإفريقية، وأن هذا الموقع «سيكون مضرا بمصالح إسبانيا»، مضيفة أن تمويل إقامة تلك القاعدة ستتكلف به الولاياتالمتحدة، بينما ستتكلف فرنسا بعملية البناء، وأن موقع تلك القاعدة سيضمن للمغرب مراقبة الصحراء وميناء طنجة المتوسط الذي سيكون أهم ممر للأشخاص والبضائع، والذي سيضر بالوضع الحالي لسبتة المحتلة والجزيرة الخضراء. وباستثناء تصريحات المسؤول المغربي لم يصدر أي موقف عن إسبانيا أو المغرب بشكل رسمي، على الرغم من أن تلك التسريبات حصلت مباشرة بعد نشر مضامين تقرير أعدته لجنة عن البرلمان الأوروبي حول حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، دفع الحكومة المغربية، في شخص الناطق باسمها خالد الناصري، إلى استنكاره. ورأى سعيد الجديدي، الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية والمراسل المغربي الوحيد ليومية «إيل باييس»الإسبانية في السابق، في تصريحات ل «المساء» أن هذه التسريبات في هذا التوقيت بالتحديد تهدف إلى ضرب العلاقات الجيدة بين المغرب وإسبانيا، بعد مجيء حكومة زباثيرو عام 2004، والتي شكلت تحولا جديدا في العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال الجديدي إن يومية «آبي سي» هي الوحيدة التي انفردت بنشر هذا الخبر دون وسائل الإعلام الإسبانية الأخرى، مما يدل على وجود نية مسبقة في الإضرار بتلك العلاقات، مؤكدا في نفس الوقت أن تلك الجريدة معروفة بعدائها للحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في مدريد، وأن هدفها الرئيسي هو تقويض التفاهم الجيد الذي حصل بين مدريد والرباط. وبخصوص احتمال وجود اتفاق سري حول جبل طارق بين المغرب والولاياتالمتحدة بعيدا عن إسبانيا قال الجديدي : «لا أعتقد أن إسبانيا ستفقد نفوذها في منطقة جبل طارق، لأن الأمر محسوم من الناحية الجيواستراتيجية بينها وبين المغرب»، مضيفا أن «مثل هذه القضايا الحساسة معروف أنه يتم التداول فيها على أعلى مستوى بين قيادات البلدين وقليلا جدا ما تتسرب عنها بعض الأمور للصحافة، والمغرب وإسبانيا شريكان رئيسيان في المنطقة». ووصف تلك التسريبات بأنها «مجرد حلقة في سلسلة حرب إعلامية تحدث بين الحين والآخر للتأثير على علاقات البلدين».