التحرش الممنهج أعرب السيد الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون، يوم الأربعاء الماضي، عن الانشغال القوي والقلق الشديد لحكومة صاحب الجلالة إزاء الأخبار والتعاليق التي تخص الإجراءات المتخذة من قبل السلطات الاسبانية لتحديد هوية المهاجرين، وعلى الخصوص المغاربة، في وضعية غير قانونية. وأكد السيد الطيب الفاسي الفهري، في تصريح له ، عقب المباحثات التي أجراها مع كاتب الدولة الإسباني في الشؤون الخارجية، السيد أنخيل لوسادا توريس كيفيدو، أنه « ليس هناك ما يمكن أن يبرر اللجوء إلى أساليب مهينة، والتحرش الممنهج والتمييزي في حق الجالية المغربية، وبالأحرى استعمال أساليب تحط من الكرامة الإنسانية، كما ورد في وثائق نشرتها الصحافة الإسبانية». وذكر الوزير بأن « الجالية المغربية، التي ساهمت دائما بسخاء وتفان في الازدهار الاقتصادي لاسبانيا، لا يمكن أن تكون اليوم المستهدف الأول بالإجراءات الموجهة للتصدي لانعكاسات وتبعات المرحلة التي يمر منها الاقتصاد الإسباني حاليا». وأشار بهذا الصدد إلى أن كاتب الدولة الاسباني في الشؤون الخارجية، الذي حرص على التأكيد بأن سياسة الحكومة الإسبانية لم يطرأ عليها أي تغيير، نفى وجود أي قرار جديد أو إجراء حكومي إسباني يتعلق بإقامة الأجانب، وبالأحرى إزاء الجالية المغربية». مساهمة إيجابية وثمن أنخيل لوسادا توريس كيفيدو كاتب الدولة الإسباني في الشؤون الخارجية، المساهمة الإيجابية للمهاجرين المغاربة بإسبانيا في النمو والتطور الاقتصادي لبلاده. وقال السيد توريس كيفيدو في تصريح للصحافة عقب المباحثات التي أجراها مع السيد الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون، إن الجالية المغربية بإسبانيا التي يصل عدد أفرادها إلى نحو700 ألف شخص والتي تعمل بشكل قانوني بإسبانيا، تدفع مساهماتها في الضمان الاجتماعي وتساهم في النمو الاقتصادي وتطور إسبانيا، و» نحن نعتز بذلك». ومن جهة أخرى، نفى المسؤول الإسباني بشكل قاطع، وجود أي تعليمات أو توجيهات من الحكومة الإسبانية، بشأن أي معاملة تمييزية أو وجود أي اضطهاد في حق مهاجرين في وضعية غير قانونية بإسبانيا، مجددا التأكيد على التقدير الكبير الذي تكنه الحكومة الإسبانية للمهاجرين المغاربة الذين يوجدون في وضعية قانونية. وقال إن « هذه الممارسة غير موجودة. وليس هناك تعليمات من هذا القبيل»، مضيفا أنه أطلع السيد الطيب الفاسي الفهري، على موقف الحكومة الإسبانية الذي سبق التعبير عنه علانية في مناسبات عدة من طرف وزير الداخلية السيد ألفريدو بيريز روبالكابا. وأوضح أن اجتماعه مع السيد الطيب الفاسي الفهري شكل مناسبة تم خلالها، استعراض علاقات التعاون الثنائي والوقوف على متابعة نتائج اللقاء المغربي- الإسباني من مستوى عال، الذي عقد في دجنبر الماضي بمدريد. وأضاف أنه تم خلال لقاء اليوم، الذي كان مبرمجا منذ عدة أسابيع ، تناول الأوضاع على الصعيدين الجهوي والدولي. حملة اعتقالات وأدانت جمعيتان مغربيتان بإسبانيا وهما جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا (أتيمي) وجمعية التعاون والتنمية مع شمال إفريقيا (كوديناف) ، يوم الإثنين الماضي حملة الاعتقالات التي تطال المهاجرين غير الشرعيين بإسبانيا، وعبرتا عن شجبهما للتعليمات التي تلقتها الشرطة والقاضية باستهداف المغاربة بالدرجة الأولى خلال المداهمات التي تقوم بها. وطلبت جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا، من مسؤولي وزارة الداخلية الإسبانية، إعطاءها تفسيرات بشأن ما يتعرض له المغاربة من اضطهاد في الشارع العام في إطار حملة محاربة الهجرة السرية. وعبرت (أتيمي) عن رفضها لهذا النوع من التعليمات والإجراءات والعمليات، خصوصا أنها تصدر من مؤسسة الشرطة الوطنية التي يتمثل واجبها الأول في السهر على أمن المواطنين. وفي رد فعلها على نشر الصحافة الإسبانية لمذكرة داخلية للشرطة الوطنية تأمر فيها موظفيها بتكثيف عمليات اعتقال المهاجرين في وضعية غير قانونية، من خلال استهداف المغاربة بالدرجة الأولى الذين يعتبر ترحيلهم «أقل كلفة»، ونددت جمعية العمال والمهاجرين المغاربة بإسبانيا بالمعايير المعتمدة في عملية اضطهاد المغاربة في «الشارع العام». وأدانت المنظمة غير الحكومية للدفاع عن المهاجرين اعتماد هذه المعايير التي لا تدخل ضمن المهام الموكولة إلى قوات الأمن، والتي تروم بالأحرى ، تحقيق أهداف معينة من خلال استهداف مجموعات محددة سلفا، بسبب التكلفة المنخفضة لترحيل المهاجرين المغاربة. رفض التمييز الإيجابي من جهتها، أعربت جمعية التعاون والتنمية مع شمال إفريقيا عن «رفضها التام لهذا التمييز الانتقائي»، محذرة، في بلاغ لها من خطر وقوع شرخ في «التعايش والتسامح القائم بين الشعب الإسباني والمهاجرين». وفي معرض تسليطها الضوء على هذه الوقائع، لم تنف المديرية العامة للشرطة والحرس المدني وجود هذه المذكرة، مؤكدة ان التعليمات التي اعطيت للشرطة يتم الأخذ بها «»وفق الظروف السكانية والجنحية لكل منطقة، وذلك في إطار التطبيق الصارم للقانون على الأجانب». وتعتبر المذكرة التعميمية التي تحدثت الصحافة كثيرا عنها، المغاربة هدفا «ذا أولوية» ضمن حملة الاعتقالات الجارية، لأن ترحيلهم إلى المغرب يتم عموما عبر البر، في الوقت الذي لا يتم فيه حاليا ترحيل المواطنين المنحدرين من بوليفيا، بسبب محدودية الرحلات الجوية التي تنظم نحو هذا البلد الأمريكي- اللاتيني. وفي نفس الإطار أفادت جريدة (إل موندو) يوم الاثنين الماضي، أن مئات من المهاجرين في وضعية غير قانونية بإسبانيا، لجأوا إلى القضاء للتنديد بسوء المعاملة التي تعرضوا لها من قبل الشرطة الوطنية في مركز لإيواء المهاجرين في مدريد، مما دفع النيابة العامة لفتح تحقيق في الموضوع. وأعرب هؤلاء المهاجرون، في شهادات لهم نشرتها الصحيفة، عن إدانتهم لسوء المعاملة الجسدية التي تعرضوا لها وكذا الألفاظ النابية التي تجرح مشاعرهم. وأبرزت الشكوى، التي أضحت أيضا موضوع تحقيق آخر من طرف محامي الشعب (مؤسسة الوسيط)، أنه إضافة إلى سوء المعاملة، تم حرمان المهاجرين من الرعاية الطبية الكافية. توقيفات تخرق الدستور أكدت جمعية المحامين باسبانيا، الثلاثاء الماضي، أن الحملات الامنية والتوقيفات المكثفة للمهاجرين تشكل «خرقا للدستور الاسباني»، منوهة بقرار وزير الداخلية ألفريدو بيريز روبالكابا، القاضي بإلغاء الحصص المحددة مسبقا للمهاجرين الذين يتعين توقيفهم . وأوضحت الجمعية في بلاغ أن « الحملات الأمنية المكثفة وتصيد المهاجرين من داخل المخادع الهاتفية وفي محطات النقل بحثا عن أشخاص في وضعية إدارية غير قانونية من أجل بلوغ حصص معينة من الموقوفين، يعد أمرا غير مطابق للدستور». وكان وزير الداخلية الإسباني قد نفى بشكل « قاطع» ،الثلاثاء الماضي، وجود تعليمات بشأن توقيف فئة معينة من المهاجرين غير الشرعيين، كما أشارت إلى ذلك مذكرة أمنية كشفت عنها الصحافة الأحد الماضي. وعبر روبالكابا، أمام لجنة الداخلية بالغرفة السفلى للبرلمان الإسباني، عن نفيه « القاطع بوجود تعليمات خطية أو شفهية صادرة عن المديرية العامة للشرطة والحرس المدني، من أجل توقيف فئة محددة سلفا من المهاجرين غير الشرعيين». وأكد الوزير أن وزارته « تستهدف أساسا المهاجرين الشرعيين أو غير الشرعيين الذين يمارسون نشاطا إجراميا في إسبانيا، ويشكلون تهديدا لأمن المواطنين، من أجل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية». غير أن الوزير كان قد أقر فيما قبل، بأن الشرطة الوطنية حددت «أهدافا كمية» أمام تفشي الإجرام، مؤكدا أن هذا العمل يندرج في إطار التطبيق الدقيق للقانون. أوامر تفيد الاعتقال وأفادت وسائل إعلام اسبانية أن شرطيين من مدينة مدريد اعتبروا أنهم يتعرضون لضغوط من دائرة الشرطة لاعتقال «عدد محدد» من الأجانب لا يحملون أوراقا ثبوتية في العاصمة الاسبانية كل أسبوع. وصرح الأمين العام لنقابة «الاتحاد الفدرالي للشرطة» ألفريدو برديغيرو لاذاعة كادينا سير، أن «قائد الشرطة يعطي كل أسبوع امرا للمفوضين باعتقال عدد محدد من الأجانب». وقال إن المفوضين ينقلون الأوامر لرجال الشرطة الذين «سئموا من التعرض لهذه الضغوط». وفي اتصال مع وكالة فرانس برس عصر الأحد الماضي، لم يتسن لدائرة الشرطة التعليق على هذا الخبر. وأضاف برديغيرو أن «اعتقال أجانب لا يحملون بطاقات هوية جزء من مهماتنا، لكن يجب أن لا نقوم بذلك إلزاميا لمجرد تحسين إحصائيات قيادة الشرطة». واعتبر أن هذه الممارسة تعود إلى اكتوبر2008 عندما تولى قائد شرطة مدريد الحالي كارلوس روبيو مهامه اثر قدومه من فالنسيا، حيث كان يطبق تلك الإجراءات. وأفادت وكالة «اوروبا برس» أن مذكرة داخلية في إحدى مفوضيات مدريد تحدد عدد الأجانب الذين يجب اعتقالهم بحسب نسبة عدد السكان في الأحياء التي تغطيها كل مفوضية.