جامعة محمد الأول بوجدة من الجامعات القليلة السباقة إلى فتح مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب منذ سنة 2007، وإنجاز موقع على الشبكة العنكبوتية يحترم مقتضيات الدستور المغربي الذي ينص على رسمية اللغتين العربية والأمازيغية، والمساهمة في تكوين أساتذة متخصصين لتدريس اللغة الأمازيغية. المساء التربوي تحاور السيد عبد العزيز صدوق رئيس جامعة محمد الأول بوجدة حول هذه الخطوة التي جعلت هذه المؤسسة الجامعية سباقة للاهتمام بالأمازيغية في التعليم العالي. - حازت جامعة محمد الأول قصب السبق من بين كل الجامعات المغربية من خلال افتتاحها الشق أو الصيغة الأمازيغية من الموقع الرسمي للجامعة، كيف جاءت الفكرة وما هي حيثياتها؟ كانت رئاسة جامعة محمد الأول بوجدة ربما هي السباقة من بين الجامعات والمؤسسات الجامعية المغربية في العمل على إنجاز موقع على الشبكة العنكبوتية يحترم مقتضيات الدستور المغربي الذي ينص على رسمية اللغتين العربية والأمازيغية، وكذا الانفتاح على اللغات العالمية خاصة الفرنسية والإنجليزية. فالأمر بالنسبة للأمازيغية هو تفعيل وتنزيل للنص الدستوري المقرر لوضعيتها كلغة رسمية في دستور 2011. وهي عملية ذات دلالات كبيرة في الالتزام بالمقتضيات القانونية والدستورية الوطنية. من هذا المنطلق انطلقت الفكرة، خاصة وأن جامعة محمد الأول كانت من الجامعات القليلة السباقة إلى فتح مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب منذ سنة 2007. وبناء على مقترحات من بعض الزملاء الأساتذة والأطر الجامعية ارتأينا أن نتقدم خطوة أخرى في هذا المسار من خلال جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية للجامعة في موقعها على صفحات الويب، وكذا اللغة الفرنسية واللعة الإنجليزية على أساس أن نضيف اللغة الإسبانية قريبا. - ما هو التصور لطبيعة المواكبة التي ستقومون بها لهذا الورش في جامعة محمد الأول؟ لا بد من التأكيد في البداية على أن مجهوداتنا هذه، هي فقط اجتهادات تصب في مسار التنزيل الدستوري السليم للأمازيغية كلغة رسمية، يقتضي أولا تنزيل القانون التنظيمي للغة الأمازيغية، وهو ما تشتغل عليه الحكومة وبرمجته في مخططها التشريعي المرتقب انجازه في الأمد القريب، وما نؤكد عليه هو التسريع بإنجازه في أقرب وقت ممكن اعتبارا لخصوصية هذا القانون التنظيمي وملحاحيته واستعجاليته. لذلك تجدنا نبذل كل ما في وسعنا للمساهمة بقدر المستطاع والمتاح في هذا المجهود الوطني النبيل، على غرار العديد من الوزارات والمؤسسات الوطنية. كما سنعمل وفق الإمكانيات على أن تحذو كل المؤسسات العشر التابعة للجامعة هذا الحذو بغية أن تقدم الجامعة بمختلف فروعها هوية بصرية على مواقعها الإلكترونية تعتمد اللغة الأمازيغية كإحدى اللغات الأساسية في التواصل مع العموم. كما نفكر في تعميم تواجد اللغة الأمازيغية على جميع الوثائق الصادرة عن جامعة محمد الأول، من قبيل البطائق والأظرفة والأوراق الرسمية... وغيرها كثير في القريب إن شاء الله.. كما ستعمل، قريبا، على تنظيم تكوينات في اللغة الأمازيغية بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المركز الجامعي للغات الذي افتتح أبوابه مع بداية الموسم الجامعي الحالي، والذي يعد من المراكز النموذجية على الصعيد الوطني. - من خلال التصفح الأولي للموقع بالصيغة الأمازيغية، لاحظنا أنه مازال في طور البناء، فمتى ستعملون على إتمامه وكيف ستضمنون استمراريته العملية والفعلية؟ بالتأكيد فمجهوداتنا في إدراج اللغة الأمازيغية في الموقع الإلكتروني مازالت في بداياتها، وذلك اعتبارا للصعوبة التقنية الكبيرة المرتبطة بهذا المجال، بحيث لا يخفى عليكم أننا بدأنا من نقطة الصفر، وهو عمل بكل تأكيد شاق ويستلزم وقتا كافيا لإتمامه بالنجاح اللازم والأكيد. وفي هذا الإطار نحن في اشتغال دائم ومستمر لاستكمال الفراغات والمحتويات التي ما زالت في الموقع في جانبه الأمازيغي في أقرب وقت، كما سنعمل على ضمان استمراريته الفعلية والحيوية من خلال تخصيص موارد مالية كافية لتغطية مصاريف الموارد البشرية اللازمة لمواكبته والإشراف عليه، على غرار الموارد البشرية المكلفة بتدبير والإشراف على الموقع بصيغته العربية والفرنسية والإنجليزية. والأكيد أن الأطر والموارد البشرية متوفرة خاصة مع توفر الجامعة على مسلك الدراسات الأمازيغية الذي يتخرج منه سنويا العشرات من الأطر في المجال الأمازيغي... - مسلك الدراسات الأمازيغية يعمل على تخرج المئات من الطلبة سنويا دون توفير مناصب لهم في التعليم الثانوي والإعدادي، فكيف تنوون العمل من أجل تجاوز هذه المفارقة؟ طبعا هذه إشكالية في غاية الأهمية، بحيث نلاحظ صعوبة إدماج خريجي هذا المسلك، لكن استبشرنا جميعا بتخصيص وزارة التربية الوطنية ما يناهز 80 مناصبا لتدريس الأمازيغية في سلك التعليم الأولي والابتدائي على المستوى الوطني، ورغم أنها مفتوحة لجميع الإجازات غير أنه لا شك في أن الوزارة ستخصص المزيد من المناصب المالية لتدريس الأمازيغية في المواسم الدراسية المقبلة. كما أن جامعتنا رهن إشارة الحكومة للمساهمة في تكوين أساتذة متخصصين لتدريس اللغة الأمازيغية. - العديد من الجامعات تخصص مناصب مالية لتوظيف أساتذة باحثين متخصصين في اللغة الأمازيغية، ما عدا جامعة محمد الأول. فهل يتعلق الأمر بتوافر الموارد البشرية أم هناك اعتبارات أخرى؟ أعتقد جازما أن ملاحظتك مهمة، لذلك سنعمل على مناقشة الموضوع بهياكل الجامعة وعلى الخصوص مجلس الجامعة والمؤسسات الجامعية المتخصصة (كلية الآداب والعلوم الإنسانية والكلية المتعددة التخصصات بالناظور) من أجل دراسة إمكانية تخصيص مناصب مالية إضافية لدعم هذا المجال المهم، وذلك للنقص الحقيقي والواقعي للمؤطرين في هذا المسلك، بحيث أغلب المؤطرين والأساتذة ينتمون لشعب أخرى، سواء الفرنسية أو العربية أو التاريخ والجغرافيا وغيرها...، خاصة حاملو الشواهد العليا والدكتوراه في تخصص الأدب واللغة الأمازيغيين متوفرين بكثرة، وذلك لتقوية هذا المسلك وتكثيف التأطير والبحث في مجال الدراسات الأمازيغية بجامعتنا. - ما هي أفاق التكوين الجامعي في مجال اللغة الأمازيغية ما بعد الإجازة، وهل تفكرون في إحداث ماستر ودكتوراه في الدراسات الأمازيغية؟ التكوين ما بعد الإجازة في مجال اللغة والآدب والثقافة الأمازيغية حلم قديم كان ومازال يراود أساتذة ومؤطري مسلك الدراسات الأمازيغية، وعموم أطر جامعة محمد الأول لما سيكون له من مساهمة إيجابية في تطوير وتكثيف البحث العلمي في هذا الجانب، وبالمناسبة فمجموعة من الأساتذة والمؤطرين من المسلك اشتغلوا طيلة الفترة الماضية على مشروع فتح ماستر للدراسات الأمازيغية، وقد تم تقديمه للوزارة للبت فيه، وإن شاء الله سيكون الموسم المقبل فاتحة خير في هذا المجال.