سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بلقاسم: هناك جهات مازالت تضع العراقيل أمام إدماج حقيقي وفعال للأمازيغية قال إن مسلك الدراسات الأمازيغية بوجدة يحتاج إلى قيام كل الأطراف بمهمتها على أكمل وجه خاصة الإدارة والوزارة الوصية
يقول بلقاسم جطاري، منسق مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية آداب وجدة، إنه رغم المكتسبات الإيجابية التي حصلت عليها الأمازيغية بعد عقود من الحصار والتهميش، خاصة مسألة الدسترة التي حظيت بها في دستور 2011، إلا أن الجهات المتبرمة من هذه التطورات الحاصلة مازالت تضع العراقيل أمام إدماج حقيقي وفعال للأمازيغية، مضيفا في هذا الحوار أن الأمازيغية تمكنت في وجدة من افتتاح مسلك خاص بالدراسات الأمازيغية منذ سنة 2007، ساهم في تخريج أفواج عديدة متمكنة في هذا المجال رغم ضعف الإمكانيات. - بداية نريد من الأستاذ منسق مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب جامعة محمد الأول بوجدة أن يحدثنا عن كيفية ظهور مسلك الدراسات الأمازيغية بالكلية، وعن المرجعيات المعتمدة في سبيل إدراج هذا المسلك ضمن مسالك الإجازة؟
لقد كان تأسيس هذا المسلك وفق إرادة سياسية تمثلت في الخطاب الملكي التاريخي في أجدير، ووفق ما نص عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين. من جهة أخرى، كانت هناك إرادة صادقة لانخراط الجامعة المغربية في هذا المسار الذي مهد الطريق للانفتاح على اللغة والثقافة الأمازيغية، إضافة إلى الحماس منقطع النظير الذي عبر عنه ثلة من السادة الأساتذة الناطقين بالأمازيغية من أجل فتح هذا المسلك. أما بالنسبة للمرجعيات، فهناك أولا المادة 116 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي نصت على إحداث مراكز جامعية تعنى بالبحث والتطوير اللغوي والثقافي الأمازيغي، وتكوين المكونين وإعداد البرامج والمناهج الدراسية المرتبطة بها. يضاف إلى ذلك الظهير الذي تم بموجبه تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والذي قدم نظرة جديدة ومغايرة للقضية اللغوية في المغرب المعاصر، إذ اعترف بواقع التعدد الثقافي واللغوي في المجتمع المغربي، وحدد الخطوات الضرورية لاحترام البعد الأمازيغي على أرض الواقع، والعناية به وتطويره، هذا فضلا عن المرجعيات الدولية لحقوق الإنسان، والتي أصبح من الضروري احترامها والعمل بها، مع العلم أن بلادنا تعد من الدول التي صادقت على معظم المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحترم التعدد والاختلاف. ثم إن الاعتناء باللغة الأم ودسترتها ومن ثم تدريسها يعد من المرتكزات التي تميز عمل منظمة اليونسكو ومقرراتها، والمغرب عضو فاعل في هذه المنظمة العالمية. - على أي مستوى تم التفكير في إحداث هذا المسلك؟ وهل تم ضمان كل الوسائل الضرورية لنجاحه في تخريج طلبة الدراسات الأمازيغية؟ شُرع في الدراسة بمسلك الدراسات الأمازيغية بوجدة برسم الموسم الجامعي 0702-2008. وقد كان هذا الإنجاز -الانطلاقة- ثمرة جهود ثلة من الأساتذة بكلية الآداب وجدة، عبر إنجازات وتخطيطات وترتيبات مضنية ومثمرة. أما بالنسبة لضمان الوسائل الضرورية لنجاح المسلك، فأعتقد أنها من البديهيات التي تسبق أي عمل تربوي مسؤول ومخطط ومضبوط، فما بالنا بالتخطيط الجامعي الذي وضعته نخبة من الأساتذة الأكفاء. لقد تم في البداية تحديد الآليات والضوابط والتصور العام الذي سيحكم هذا العمل. وقد قدم هذا التصور للوزارة الوصية من أجل البت فيه والموافقة عليه، وهو يتضمن خطاطة نظرية وتطبيقية تروم تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها هذا المسلك. = ما هي أهم التحديات التي تواجه مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب وجدة؟ = يعاني مسلك الدراسات الأمازيغية بوجدة من عدة تحديات تفرضها أطراف عدة تسعى إلى تهميش هذا المسلك من أداء وظيفته الحقيقية في تخريج الأطر المتمكنة في هذا المجال، فهذا المسلك لا يتوفر على العدد الكافي من الأطر المؤهلة للتدريس بسبب غياب المناصب المخصصة لذلك، وصعوبة الاستعانة بأساتذة من الشعب الأخرى في ظل التعقيدات الإدارية الموجودة، وهذه الإجراءات تزيد من تأزيم وضعية التكوين بالمسلك، مما يدفع إلى الاستعانة بأساتذة غير متخصصين في هذا المجال وبعضهم غير مؤهل لتدريس بعض المواد، ما ينعكس سلبيا على مردودية وإنتاجية الطلبة الذين لا يتمكن أغلبهم من الاستيعاب الجيد لوحدات المسلك. - على ذكر المساواة، كيف تقيمون شهادة الإجازة في الدراسات الأمازيغية؟ وهل هي تحظى بنفس المكانة القانونية لباقي الإجازات الأدبية الأخرى؟ إن هذه الشهادة تستجيب لمتطلبات الحياة الاجتماعية فيما يخص اللغة والثقافة الأمازيغيتين، وتهدف إلى تطوير تعليم اللغة والثقافة الأمازيغية داخل الجامعة، وتهيئ الطالب إلى ربط وتعبئة معارفه ومهاراته بالمحيط المهني الذي له علاقة بمجالات التكوين البيداغوجي الذي يروم تدريس اللغة والثقافة الأمازيغية، والتعليم الخاص، والإعلام، والإنتاج السمعي البصري، والترجمة، والسياحة. وعليه، فإنها تكتسب قانونية معادلة شهادتها مقارنة بالشواهد الأخرى المحصل عليها داخل الجامعة المغربية. - هل هناك إقبال من طرف الحاصلين على شهادة الباكالوريا على مسلك الدراسات الأمازيغية بجامعة محمد الأول. يشهد المسلك نزيفا واضحا في عدد الطلبة المقبلين على التسجيل به، وتتعمق نسب التكرار والهدر الجامعي، مع الصعوبات المطروحة على صعيد التكوين، وعدم إيلائه الأهمية المناسبة من طرف الإدارة على مستوى البرامج البيداغوجية المناسبة وتخصيص القاعات، والتجهيز للامتحانات. وتزداد الأزمة حدة مع غموض الآفاق المطروحة أمام الطلبة المتخرجين، فلا وجود لمسالك ماستر تقبل الحاصلين على الإجازة في مسلك الدراسات الأمازيغية، ولا وجود لوظائف مناسبة لهذا التخصص، فهي شحيحة وأغلبها مرتبطة بالتعليم والإعلام، ولا يستفيد مسلك وجدة من العدد الكافي من المناصب المخصصة للأمازيغية على الصعيد الوطني، مما يدفع بطلبة المسلك نحو أتون البطالة أو التفكير في دراسة شعبة أخرى تكون لها آفاق واعدة أكثر. فمسلك الدراسات الأمازيغية بوجدة يحتاج إلى قيام كل الأطراف بمهمتها على أكمل وجه خاصة الإدارة والوزارة الوصية، من خلال توفير المناصب الكافية للتدريس بالمسلك، والموارد البشرية والمادية والتقنية واللوجستية لقيام المسلك بدوره في تخريج أفواج مؤهلة من الطلبة، وتحسين عمليات التكوين وإشراك الطلبة في صياغة البرامج الدراسية، وتخصيص فرص للتقويم وإنجاز التداريب ومشاريع التخرج في المؤسسات والمعاهد المختلفة، ويحتاج الكل إلى مراجعة نظرته الإقصائية والاحتقارية للأمازيغية والتعامل معها على أنها مكون أساسي في البنية الثقافية والمجتمعية المغربية. - هل هناك أية تدابير أو إجراءات قانونية أو إدارية لتحقيق المساواة بين طلبة مسلك الدراسات الأمازيغية وباقي طلبة كلية الآداب في توفير مخارج مهنية لهم باعتبار شهادتهم إجازة تعليمية تؤهلهم لتدريس اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية المغربية؟ نظن من جانبنا أن هذه الشهادة ستمكن حامليها من تدريس الأمازيغية في المدارس والإعداديات. وبذلك، فإن هذه الأفواج ستسد الفراغ الذي يشهده مجال تدريس الأمازيغية. ثم إن هناك إمكانية للحصول على مهن أخرى كالترجمة، أو السياحة الخ. - كيف تنظرون لمستقبل مسلك الدراسات الأمازيغية في الجامعة المغربية؟ وما هي الخطوات العملية الكفيلة بإنجاح مسار إدماج الأمازيغية في الجامعة المغربية؟ لا شك أن إحداث مسلك الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب بوجدة شكل قفزة نوعية للانسجام مع التوجهات الملكية حول اللغة والثقافة الأمازيغية، وهي خطوة شملت لحد الآن كليات الآداب بأكادير، وجدة، فاس والقنيطرة في انتظار أن يشمل ذلك جميع كليات الآداب بالمغرب. وهذا المسلك له مستقبل واعد، باعتبار أن أرضية الدراسات الأمازيغية مازالت تشمل مواضيع ومناحي للبحث والدراسة، ومازالت عذراء، وتحتاج لآلاف الدارسين لاستكشاف كنهها والبحث في ألغازها وخباياها...