أخنوش: ضخ استثمارات غير مسبوقة في درعة تافيلالت ل7 قطاعات حيوية وخلق آلاف مناصب الشغل    وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية الشاملة    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    11 قتيلا في إطلاق نار بفندق في جنوب أفريقيا    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"        أخنوش بميدلت لتأكيد سياسة القرب: مستمرون في الإنصات للمواطن وتنزيل الإنجازات الملموسة    معهد يقدم "تقرير الصحافة 2024"    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية فنلندا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أخنوش يهاجم "المتعطشين للسلطة" ويتهمهم ب "تغليط المغاربة" حول الإنصات والوفاء بالوعود    جهة طنجة .. إطلاق النسخة الثانية من قافلة التعمير والإسكان في خدمة العالم القروي    مقهى بتازة في مرمى المتابعة بسبب بث أغاني فيروز "بدون ترخيص"        كأس العالم 2026.. الجزائر تترقب الثأر أمام النمسا    الركراكي يُعلق على مجموعة المغرب في كأس العالم    لماذا يُعتبر المغرب خصماً قوياً لمنتخب اسكتلندا؟    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    مشعل: نرفض الوصاية على فلسطين    الحكم الذاتي الحقيقي التأطير السياسي للحل و التكييف القانوني لتقرير المصير في نزاع الصحراء    أنشيلوتي: مواجهة المغرب هي الأصعب في مجموعتنا في كأس العالم 2026    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    الرياح الحارة تؤجج الحرائق في شرق أستراليا    أمن الناظور يُحبط تهريب أزيد من 64 ألف قرص ريفوتريل عبر باب مليلية    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. تكريم حار للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    لاعبون سابقون يشيدون بأسود الأطلس    العنف النفسي في المقدمة.. 29 ألف حالة مسجلة ضد النساء بالمغرب    مونديال 2026: المغرب في مجموعة قوية تضم البرازيل واسكتلندا وهايتي    مرصد مغربي يندد بتمييز زبائن محليين لصالح سياح أجانب ويدعو لتحقيق عاجل    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    تكريم ديل تورو بمراكش .. احتفاء بمبدع حول الوحوش إلى مرآة للإنسانية    مجلس المنافسة يفتح تحقيقا مع خمسة فاعلين في قطاع الدواجن    السعودية أولى المتأهلين لربع النهائي في كأس العرب للمنتخبات 2025    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    مدير "يوروفيجن" يتوقع مقاطعة خمس دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    تعيين أربعة مدراء جدد على رأس مطارات مراكش وطنجة وفاس وأكادير    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    محكمة الاستئناف بمراكش تُنصف كاتب وملحن أغنية "إنتي باغية واحد"    نتفلكس تقترب من أكبر صفقة لشراء استوديوهات وارنر وخدمة "HBO Max"    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخلفيات المكشوفة حول طرح فكرة التدريس بالدارجة (2/2)
نشر في المساء يوم 27 - 12 - 2013

2 - مادام الاقتصاد المغربي لا يزال مجرد محمية فرنسية، هناك رؤوس أموال قادمة مرشحة للإنزال لتوظيفها في السوق المغربية على المديين القريب والمتوسط على شكل استثمارات أجنبية كبرى، لهذا قامت الفكرة على إعداد الأرضية لتيسير تطبيق هذا الأمر، وذلك من خلال خلق فئتين أو طبقتين داخل المجتمع المغربي: الأولى على شاكلة فئة نخبوية عبارة عن قلة قليلة تستفيد من امتيازات الاعتناء والتعليم الجيد حتى يتسنى لها بمفردها أن تحكم وتنفذ وتدبر وتسير، وهذا موجود الآن فعلا؛ والثانية على شاكلة طبقة متوسطة وضعيفة، محدودة من ناحية الدخل المادي وشاسعة من ناحية العدد، يتم إعدادها حتى تُستغل وتُستخدم كيد عاملة ليس أكثر، وهذا ما يبرر أيضا خلفيات الخطاب الملكي الأخير حول قضية التعليم.
3 - إن أصحاب ندوة الدارجة ومن يحركونهم لا يطالبون، طبعا، باعتماد الدارجة في التدريس من أجل تدريسها لأولادهم، هذا أمر بين، فهم يعلمون أولادهم في مدارس البعثة الفرنسية وبعدها يرسلونهم إلى معاهد وجامعات الخارج، وإنما يرتضون التدريس بالدارجة فقط للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب المغربي بغاية تكوين جيل آخر على شكل قطيع أينما وجهته يقول سمعنا وأطعنا، جيل أبعد ما يكون عن أن يمتلك القيم والمقومات التي تؤهله لكي يحتل وينافس على مواقع الريادة في شتى المجالات، جيل غير قادر على الإنتاج المعرفي وغير قادر على النقد العلمي والسياسي والاجتماعي والثقافي، وغير قادر على التمييز بين الصالح والطالح، جيل تجده لا يعلم شيئا عن أبسط أبجديات اللغة العربية الفصحى، فلا يكاد يفرق بين المبتدإ والخبر وبين الجملة الفعلية والجملة الاسمية ولا يستطيع كتابة أبسط جملة مفيدة مكونة من فعل وفاعل ومفعول به، وعندما ينشأ جيل بأكمله على هذا المسار الشاذ، تكون النتيجة هي التمادي والاستمرار في مسلسل الانحطاط التربوي والتعليمي والقيمي، ثم تكوين جيل تائه وجاهل بمن يكون وما هويته وما تاريخه وما لغاته الأم. ولا أود أن أقول إن استهداف اللغة العربية -لغة القرآن الكريم- هو استهداف للدين، حتى لا يقفز أحدهم متبجحا بأننا نتأثر بنظرية المؤامرة التي يفضل البعض التغني بها، مع أن نظرية المؤامرة هي نظرية حقيقية وصحيحة علميا وواقعيا وموجودة فعليا.
إن النقاش المنحرف والمفتعل حول الدارجة لا يجب أن يشعرنا بأن هناك حربا لغوية في المغرب، فالصواب أن هناك من يريد أن يجعل من المسألة اللغوية قضية أزمة داخلية في المغرب، تظهر من حيث شكلها كقضية ثقافية، والحقيقة أن الدوافع التي تحرك صانعيها هي دوافع اقتصادية وسياسية قبل أن تكون تربوية أو ثقافية أو هوياتية، حيث يرغب البعض في إدخال المغاربة في متاهات وانحرافات لا حصر لها، وإقحام الشكوك في قناعاتهم عبر الترويج لمغالطات وترهات جاهلية، مفادها أن اللغة العربية الفصحى لغة غير نافعة وغير صالحة للبحث العلمي وللاستخدام في مجال الأعمال، في الوقت الذي تؤكد فيه الدراسات الميدانية والمستقبلية في العالم عكس ذلك، بل ونجد العديد من الأنظمة التعليمية الأجنبية، الأوربية منها والأمريكية، تهتم باللغة العربية الفصحى وتعمل على تدريسها لتلامذتها وطلابها؛ فهل يليق ويعقل أن نشاهد الأوربيين والأمريكيين وجل دول شرق آسيا يهتمون بتعلم اللغة العربية الفصحى ويُسَخِّرون لذلك إمكانيات مادية وبشرية وفكرية هائلة، في حين نفرط نحن في لغتنا الكنز وفي إرثنا التاريخي والحضاري بكل سذاجة وتخاذل؟ ولربما نجد الأجانب الغربيين يوما ما أعلم منا باللغة العربية الفصحى، بل وقد يأتون إلينا ليدرسونا إياها (أمر غير مستبعد)!
على هذا المحمل وإعمالا للمنطق السليم إن شئنا، ليست هناك إذن أزمة لغة في المغرب أو صراع وجودي بين اللغات كما يحب البعض أن يصوره لنا، مثلما صوروا لنا سابقا الصراع بين الحضارات والصراع بين الأديان، والحقيقة أن الأشخاص هم من يصنعون هذه الصراعات، فاللغة العربية هي اللغة الرسمية الأولى في المغرب بمنطوق الدستور الحالي وبإقرار الدساتير السابقة، وقد ألزم الدستور المغربي الجديد الدولة بأن تعمل على حماية اللغة العربية وتطويرها وتنمية استعمالها؛ وقبل كل هذا فاللغة العربية هي لغة وجود وكيان وهوية. في المقابل، لا يمنعنا العمل على حماية اللغة العربية الفصحى والحفاظ عليها كمكسب للمغاربة من تعلم وإتقان اللغات الأجنبية المتداولة عالميا كاللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والصينية والروسية، حتى وإن اقتضى الحال أن يتعلم المغاربة اللغة الهندية أو حتى البنغالية، لمَ لا؛ الأهم أن نظل نُصر ونفرق بين أهمية تعلم اللغة العربية الفصحى وإتقانها كلغة للهوية والثقافة والدين والإرث التاريخي والحضاري مع ضرورة التدريس بها، بل وضرورة اعتمادها واستخدامها داخل المؤسسات، وبين تعلم اللغات الأجنبية الحية كلغات نكتسبها من أجل الانفتاح والتواصل بها مع الآخر ومواجهة مخاطر العولمة، دون أي انسلاخ واستلاب بالغرب.
الاستنتاج المستخلص الذي يبعث نسبيا على الارتياح في هذا النقاش، الذي شغل المغاربة خلال الفترة الأخيرة، أن فكرة التدريس بالدارجة قد قوبلت بالرفض والاستهجان المجمع عليه من غالبية شرائح المجتمع المغربي، مما يدل على الوعي المجتمعي بالنوايا المبيتة التي يضمرها أصحاب هذه الفكرة. كما يجب أن يملأ أهل الدراية والتخصص الفراغات المتروكة لأهل العبث والجهالة والتي يستغلها هؤلاء لتناول قضايا وموضوعات هامة كهاته، والتي تهم وترتبط في غالب الأحيان بالمصير والمستقبل المشترك للمغاربة كافة.
محمد كمال بلحاج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.