العائلة الملكية المغربية في إطلالة جديدة من باريس: لحظات تجمع بين الأناقة والدفء العائلي    أساتذة اللغة الأمازيغية يضربون    رقم معاملات "مكتب الفوسفاط" يتجاوز 69 مليار درهم خلال 9 أشهر    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    البيت الأبيض: جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترامب        اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"        بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    توقيف فرنسي من أصول جزائرية بمراكش لهذا السبب    برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    تهديد أوكرانيا بتصنيع القنبلة الذرية زوبعة في فنجان لكسب مزيد من الدعم المالي للغرب    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    طقس الثلاثاء: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    حوار مع جني : لقاء !        مرشد إيران يطالب ب"إعدام" نتنياهو    الرباط: تقديم كتاب 'إسماع صوت إفريقيا..أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس'    عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    تحقيقات هولندية تكشف تورط مغربي في اغتيالات وتهريب الكوكايين    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    ترقب لقرار إسرائيلي حول وقف إطلاق النار مع حزب الله ووزير الأمن القومي يعتبره "خطأ كبيرا"    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    العالم يحتفل باليوم العالمي لشجرة الزيتون    تطوان: اعتداء غادر بالسلاح الأبيض على مدير مستشفى سانية الرمل    بمناسبة الحملة الأممية لمناهضة العنف ضد النساء.. ائتلاف يدعو إلى المنع التام لتزويج الطفلات    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    المحامي والمحلل السياسي الجزائري سعد جبار: الصحراء الشرقية تاريخياً مغربية والنظام الجزائري لم يشرح هوسه بالمغرب    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار    الجزائر و"الريف المغربي" .. عمل استفزازي إضافي أم تكتيك دفاعي؟    الرجاء والجيش يلتقيان تحت الضغط    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    الكاف يُعاقب مولودية الجزائر بحرمانه من جماهيره وغرامة مالية ثقيلة    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«رجع الظلال»..قصائد تفاعلية في المدى الأزرق
نشر في المساء يوم 22 - 12 - 2013

تختار الكتابة الشعرية ضحاياها، وتظل تطاردهم مثل لعنة، ومهما تخفى هؤلاء وهربوا، ومهما وجدوا من ذرائع، ومهما تحايلوا عليها، فإن ذلك بالنسبة لشرك الكتابة لا يشكل سوى تأجيل وقتي لطريدة تسمن وتتعتق وتختمر أدواتها ولغتها وتجربتها. وكلما كبرت المسافة كبرت معها القصيدة، وتفتحت آفاق حدودها. ذاك ما حصل مع الشاعرة أمينة الصيباري، التي ظلت تلاحقها القصيدة زمنا، لأنها كانت تجد فيها الشروط الجيوثقافية والمناخ المناسب كي تينع وتشمخ. وإذا كنا لا نعرف زمن البداية الفعلية للكتابة الشعرية لدى الصيباري، فإن طعم القراءة يشي بأن هاته النصوص اختمرت زمنا طويلا، وشمخت أحاسيسها المترادفة، مع مرور الوقت، قبل أن تصل إلى ما وصلت إليه من نضج، وقبل أن تجتمع في كتاب يلم شتاتها «رجع الظلال»، وينتشلها من غياهب الذاتية، بما أن الشاعرة كانت تكتب لنفسها ولأقاربها، وكانت تتهرب من النشر ومن البوح بتجربتها للآخرين.
يمكن القول، دون مجازفة، بأن المدى الأزرق أو الفايسبوك باعتباره فضاء تفاعليا ومساحة طليقة لتبادل الآراء والتجارب وموقعا اجتماعيا يجعل الفرد في تواصل مستمر مع الناس في مختلف بقاع العالم، وينخرط في حراك اجتماعي لا تحده الخرائط والجغرافيات واللغات، حراك يتجدد على مدار الساعة واللحظة، وهو من ورط أمينة أكثر في بحر الشعر، وجعلها وجها لوجه مع مدى لا متناه من الأحاسيس والمشاعر واللغات التي تتفتق بشكل تفاعلي مع الأصدقاء والمحيط والأمكنة المتحولة التي تكاد لا تستقر. كتبت أمينة في جدارها الفايسبوكي شذرات خاثرة من ذاكرتها ومن جديد أحاسيسها وانفعالاتها التي تتغير بتغير الوجهات واللحظات، وكانت تستقبل آراء الزملاء والمتتبعين والمعجبين من مختلف الفئات (شعراء، مثقفون، نقاد، متعلمون، سطحيون، أميون...)، التي تتوزع بين مديح ورفض وتقويم، وتتفاوت حسب مستوى أصحابها. وتكون هاته الشذرات الخفيفة على القارئ، والثقيلة على الذات الشاعر، بحكم أنها تكون مكثفة ومرتبطة بانفعال وجداني وبلحظة عاطفية يمتزج فيها الوجع بالفرح بالحزن... وهكذا كانت، يوما عن يوم، تتشكل القصائد بهويات مختلفة، وأحيانا بهيئات مفارقة يقتضيها تحول المعاني، وتفاوت الانفعالات.
تخرج الكلمات من الروح عارية من كل الدبلوماسيات، صافية رقراقة مثل ماء المطر، مغلفة بالصدق، والأنين الصامت، والبوح الخجول الذي لمح ولا يفضح، تاركا للغة فرصة لتوسيع دلالاتها بالتفاعل، مع الصور واللمسات والعبور والتعليقات المستمرة من طرف زوار مفترضين يتركون آثرهم وعطرهم لغة أو همسا، عبر المدى الأزرق اللانهائي.
ونلمس في قصائد أمينة الصيباري- التي تلقت تكوينا أكاديميا باللغة الفرنسية- شكلا هجاسيا غامض الملامح، يُعار كُقيود الشكل والتنميط، ويسعى إلى تكسير الحدود والبلاغات المقدسة، والقراءات المُعْتَدةِ بأدواتها، وكأنه يطلب من القارئ، قبل أن يغوص في مائه، الترجل في تربته البكرة، والتخلي عن متراكماته، ومسبقاته، ويبقى مثلما ولدته أمه حرا طليقا؛ حتى يتسنى له تذوق معاني النصوص المخاتلة لهذا الديوان العاصف، وحتى لا توجه هاته القبليات القراءة، فتدمر عذرية اللمسات، ورقة المشاعر، وسحر اللحظة.
إن النصوص تعبر عن ذاتها ووجودها الشكلي والمعنوي بطريقة خاصة تختلف عن الأساليب العصماء لكتابة القريض. وهذا ما جعل قراءة الديوان تحسس صاحبها بالإبحار في أشكال وعوالم ولغات وذوات تتعدد وتتداخل حتى داخل القصيدة الواحدة، فبالأحرى على مستوى الديوان.
تغلب على أجواء الديوان مسحة دفينة من الحزن والأسى يؤججها إحساس مفارق بالزمن والمكان، وشعور بأن هناك شيئا ما يضيع من الذات، وينسرب من بين الأصابع مثل حبات سبحة متقطعة، وإن كنا لا نعدم حضور لمسات رومانسية بتوقيع الأنثى، التي تتحسس همجية العالم بمشاعر رهيفة تنعي قيما جميلة ضاعت، لتتأسس على أنقاضها قيم بديلة تستبلد الإنسان وتفرغه من محتواه.
إن الديوان، بما يهجس به من سياقات ثقافية، وما يحمله من معان خفيفة الظل، لا يمكن أن يستكمل شروط قراءته إلا إذا أخذ بعين الاعتبار طبيعة الكتابة الأدبية الزرقاء «الكتابة التفاعلية الفايسبوكية» المتحررة من كل قيود الأنماط والأنواع والأبعاد الشرطية الناجزة المتحكمة في فعل القراءة، المستحضرة لشرط التفاعل الآني، والتحول المستمر لانفعالات الباث، والتشكل طويل المدى لهوية المحكي الشعري، واللغة التواصلية البسيطة والهجينة، والبنية الشذرية للقول التي تقتضي العمق والإيجاز، وتستدعي بعض الأيقونات والمعينات المصاحبة مثل الفيديو والروابط والصور وغيرها... هذه عتبة لولوج هاته التجربة، التي ستمتع القارئ، دون شك، وتضعه في سياق تحول قرائي يرتهن إلى الأبعاد التكنولوجية والسيكولوجية والفنية واللغوية التي تستند إليها اللحظة.
إبراهيم الحجري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.