بعد أن هضمنا الصدمة التي أصابتنا بعد خيانة أوباما لإسرائيل باستسلامه لآيات الله الإيرانيين، يجب علينا أن نسأل أين ترك هذا الشيء "العلاقة التي لا تُضعضع" بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟ إن العلاقات أصبحت متوترة، لكن رغم احتمال مواجهات عاصفة أخرى في المستقبل القريب، لم تكن مشاعر الجمهور الأمريكي نحو إسرائيل قط أكثر إيجابية مما هي اليوم. وثم أمل في أن يضمن صوت الشعب ألا تقطع أمريكا علاقاتها بإسرائيل وهي التي تقوم على قيم مشتركة مميزة. ويعزز هذا الرأي حقيقة أن أوباما شعر، في ذروة التوتر، بحاجة إلى أن يعاود وعد الأمريكيين بأنه سيدعم أمن إسرائيل. وكذلك قُوي في فترة إدارته الدعم العسكري لإسرائيل، وما زالت الولايات المتحدة حيوية لبقاء إسرائيل. معلوم أنه يجب على إسرائيل أن تصبح أكثر استقلالا وأن تبحث عن شريكات أخرى، لكن كلّ اقتراحٍ يرى أن روسيا أو الصين أو دولة أوربية ما تستطيع أن تحل محل الولايات المتحدة، يبدو سخيفا. للحفاظ على دعم مجلس النواب والجمهور يُحتاج إلى دبلوماسية لطيفة من إسرائيل، وإلى الدعم الفعال للإدارة الأمريكية من قبل الزعماء اليهود الأمريكيين وجماعات مسيحية موالية لإسرائيل. في الماضي، كان مؤيدو إسرائيل ينسقون الأمور مع الإدارة، لكن لم يعد الأمر كذلك اليوم. وأصبح بعض المنتقدين يصورون توازيات بين التخويف والإسكات اللذين استعملهما روزفلت على زعماء يهود في زمن المحرقة، وبين الضغط الذي تستعمله الإدارة الحالية على قادة المنظمات اليهودية كي لا "يزعزعوا السفينة". وفي هذا الجو، بدأت اتهامات معادية للسامية قبيحة تعلو فوق السطح. كانت الآيباك والمنظمات والنشطاء اليهود يواجهون الضغوط لدعم الإدارة، حتى الفترة الأخيرة. وصدر عنهم انتقاد صارخ في ما يتعلق بالخضوع لإيران، بل حذر ألين دارشوفيتس، وهو من أشد مؤيدي أوباما اليهود إخلاصا، من أن ذلك الأمر قد يتبين أنه "خطأ مصيري عظيم الأبعاد". لكن الانتقاد اليهودي قلّ الآن؛ فقد دعا المدير العام للآيباك، هوارد كور، مؤيدي المنظمة إلى الكف عن انتقاد أوباما، وحصْر جهودهم في الدعوات إلى تشديد العقوبات. ودافع عن توجهه بدعوى أن اتفاق جنيف تلخص في الحاصل العام في "اختلافات استراتيجية" مع إسرائيل، وذلك في ما يتعلق بالصورة التي ينبغي منع إيران بها من إحراز سلاح ذري. إن عددا من زعماء المؤسسة اليهودية يُسودون موقفهم في تطرق إلى ضائقة الشعب الأمريكي من الحروب، ويعبرون عن قلق من أن التمايز أخذ يقوى أيضا في مجلس النواب الأمريكي ويحذرون من أن مواجهة مباشرة مع أوباما ستفضي إلى آثار سلبية على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. ويواجه الزعماء اليهود، أيضا، ضغوطا من أعضاء المنظمات ومتبرعيهم الليبراليين، وهم يخشون من أنه إذا رأتهم الإدارة لاذعين كثيرا في كلامهم فستمنعهم من الوصول إليها ويُدفعون إلى الأطراف. تبين أن منظمة صهاينة أمريكا (زيد.أو.إي)، الفعالة التي يرأسها مورت كلاين، هي المنظمة الرئيسة التي ما زالت توبخ الإدارة لأنها تخلت عن إسرائيل، وكذلك وبخت الآيباك علنا ل"كلامها المتسرع والمقلق جدا الذي يناقض موقف إسرائيل... يجب علينا أن نعارض اتفاق جنيف بصورة لا لبس فيها وألا نستوضح الأمور في ما يتعلق باختلاف صغير لا غير". يجب علينا أن نفحص الأمور بالمنظار المناسب، ففي حين يمكن أن نزعم بحق أن الولايات المتحدة تبنت سياسة المصالحة التي استعملها تشمبرلين، فإن إسرائيل اليوم ليست مثل تشيكوسلوفاكيا في 1938، فهي ليست دولة تابعة ولن تسمح لنفسها بأن يُضحى بها بغرض إرضاء ورثة النازيين. وإلى ذلك، فإن أمريكا هي من الدول القليلة التي يتوقع مواطنوها من قادتها أن توجههم قيم الأخلاق لا السياسة الواقعية. إن كلام أوباما ووزير الخارجية كيري في منتدى سبان الذي امتدحا به إسرائيل وأعلنا الالتزام الأمريكي، يعبر عن القيم المشتركة وعن التأييد الذي تحظى اسرائيل به من الجمهور الامريكي، فينبغي أن نأمل أن تفضي دبلوماسية لطيفة والمصلحة المشتركة في القضاء على الإسلام الأصولي إلى الحفاظ على علاقات طيبة بالولايات المتحدة، وأن تصلح إدارة أكثر صداقة في المستقبل الثقة التي تزعزعت بين الدولتين. عن «إسرائيل اليوم