لم ينف النصاب الذي انتحل صفة حارس شخصي بالقصر الملكي، والذي أدين بداية الأسبوع الجاري بأربع سنوات سجنا نافذا من قبل المحكمة الابتدائية لفاس، التهم التي وجهت إليه، وقال في إحدى جلسات المحكمة، وسط موجة من الضحك عمت أرجاء القاعة، إنه كان في كل مرة يقدم للضحايا نفسه على أنه حارس شخصي لأمير من الأمراء. وأشار لدى الاستماع إليه من قبل الشرطة إلى أنه مهووس بالانتماء إلى سلك «المخزن» بعدما فشل في استكمال دراسته، ولم ينجح في ولوج سلك الوظيفة العمومية، علما أنه غادر الدراسة في مستوى السنة الثانية من التعليم الثانوي. النصاب الغريب، الذي يجيد لعبة التخفي وراء أقنعة وظائف كبيرة، نجح في «إقناع» خطيبته بأنه حارس شخصي في القصر الملكي، وهي التي كانت خادمة في البيوت، وتمكن من ولوج بيت عائلتها في أحد الأحياء الشعبية بمدينة فاس، وتمكن من ممارسة الجنس معها في بيت العائلة، كما يضاجع الأزواج زوجاتهم، إلى أن حبلت منه بطفلة، واضطر إلى التقدم إلى المحكمة بغرض توثيق الزواج منها بحسب إفاداته. وظل يتردد على بيت موظفة كانت تعمل فيه «الزوجة» كخادمة، بعدما أوهم صاحبته بأنه مسؤول كبير، وله علاقات نافذة، وأن بإمكانه أن يرفع من قيمة تقاعد والدها الذي تقاعد من سلك الجندية بمعاش بسيط، قبل أن تكتشف المدرّسة أن الشخص الذي كانت تترك له مفاتيح المنزل رفقة خادمتها السابقة مجرد «نصاب»، ولم تتردد في اتهامه بالضلوع في سرقة سبق أن تعرض لها منزلها، وهو ما نفاه أمام المحققين الذين حاصروه في مكان مظلم بحي شعبي في 10 نونبر الماضي، في وقت نسقت فيه إحدى الضحايا مع رجال الشرطة لاستدراجه، واعدة إياه بتمكينه من مبلغ مالي متبق من القيمة الإجمالية لحل مشكل الفيلا العالق مع المجلس البلدي لأصيلة. والمثير في حكاية السقوط المدوي للنصاب أنه أكد للضحية أنه حل بالمدينة بالتزامن من الزيارة الملكية، في إطار مهمته كحارس شخصي في القصر الملكي. وتمكن النصاب، الذي كان يقدم نفسه باسم غير اسمه الحقيقي، بعدما قدم وعودا بتشغيل إحدى الضحايا في إدارة السجون، من الحصول على زرابي وحواسيب وتلفاز من النوع الرفيع. وكان دوما يشير إلى أن هذه التجهيزات هي عبارة عن هدايا سيقدمها إلى مسؤولين نافذين، مقابل تحقيق الغاية المرجوة. والغريب في حكاية النصاب، الذي تمكن من استدراج عائلة تربطها علاقة قرابة ب»زوجته» لكي ينصب عليها في مبلغ حدد في 95 مليون سنتيم، أنه عاد مباشرة إلى مزاولة هوسه في النصب والاحتيال بارتداء أقنعة وظيفية مهمة، بعد خروجه من السجن في سنة 2011 بالتهمة ذاتها. ومن أغرب ما قاله إنه لا يتوفر على أي حساب في البنك يخفي فيه الأموال التي حصلها من عمليات النصب التي قام بها، ورفض إعطاء أي معلومات لرجال الشرطة حول مآل هذه الأموال. وكانت إحدى الضحايا قد عمدت إلى تصوير مشاهد يظهر فيها النصاب وهو يعد مبالغ كبيرة من المال في بيت العائلة. وقد استعانت عناصر الشرطة بالقرص، في إطار تحقيقاتها حول الملف، وأقر المتهم بصحة الشريط، وما تضمنه من اتهامات. بينما لجأت إحدى الضحايا إلى التقدم بشكاية إلى السلطات المعنية بعدما شكت في وعود النصاب العالقة، والتي قال عنها إنه كان في كل مرة يتذرع لها بحجج وهمية وكاذبة، وكان في أغلب الأحيان يفيدها عبر الهاتف بأنه مسافر في إطار مهمته كحارس شخصي لهيئة عليا. وقد عمد شهرين قبل سقوطه إلى إخبارها بأنه يوجد في مهمة بطنجة في إطار الحراسة المقربة للقصر الملكي، ووعدها بالاتصال فور انتهائه من عمله. وظل النصاب يستعمل في اتصالاته الهاتفية أرقاما هاتفية «محروقة» وقال إنه يعمد إلى اقتناء هذه الشرائح الهاتفية من الباعة المتجولين خوفا من تحديد مكانه، أو التنصت على مكالماته. وكشفت السوابق القضائية للنصاب الذي يتحدر من بلدة إيموزار كندر، من أسرة فقيرة، تتكون من 7 إخوة، عن أنه غادر السجن آخر مرة في نهاية شهر مارس من سنة 2011 بتهمة النصب وخيانة الأمانة وانتحال صفة، وهي التهم ذاتها التي تسببت في إدخاله السجن لست مرات، منذ سنة 2000، السنة التي قال إنه بدأ فيها عمليات النصب والاحتيال.