تلقت مصالح الشرطة القضائية بتيفلت معلومة مفادها أن شخصا مسنا يقوم بأعمال مشبوهة داخل دكان مجاور لمسجد حي الاقتصاد، إذ لاحظ عدد من المصلين دخول بعض النساء إلى دكانه، خاصة خلال أوقات الصلاة، مما دفع العديد منهم إلى التساؤل عن طبيعة زيارات تلك النسوة لذلك الدكان، خاصة أن عددهن كان يتضاعف مع اقتراب المناسبات الدينية التي تكثر فيها أعمال الشعوذة. تجميع المعطيات المعلومات الخطيرة التي حصلت عليها السلطات الأمنية بالمدينة، جعلتها تتصل بالنيابة العامة المختصة من أجل الحصول على ترخيص بإجراء عمليات البحث والتحري في موضوع أزعج كثيرا ساكنة الحي ومرتادي المسجد، فتم تخصيص دوريات أوكلت إليها مهمة مراقبة تحركات بعض الأشخاص بالحي، خاصة في محيط دكان المشعوذ، إذ تبين أن الرجل المسن صاحب الدكان يستقطب زبناء من الجنسين من مدينة تيفلت ومن وخارجها، بعدما ذاع صيته في مجال الشعوذة والدجل إلى درجة أنه استطاع أن يسوق لاسمه في مختلف الأقاليم، وأضحى قادرا على جلب الزبناء من الفئات الميسورة ومن مختلف مناطق المغرب. اقتحام دكان المشعوذ بناء على هذه المعطيات التي تم تجميعها من طرف الفرقة الأمنية المختصة، قامت عناصر الشرطة القضائية، التي تم تكليفها بهذه القضية، باقتحام الدكان حيث أجرت تفتيشا دقيقا داخله تحت إشراف النيابة العامة المختصة، تمكنت من خلاله من حجز عدد من الطلاسم وجماجم بعض الحيوانات، وكتب تفسير الأحلام وأوراق بيضاء مكتوب عليها بحبر غريب، وألصقت عليها صور عدد من الأشخاص، بالإضافة إلى مجموعة من الأعشاب الطبية التي تستعمل في التداوي بالطرق التقليدية، علاوة على مساحيق وسوائل غريبة شبيهة بمادة القطران والزيوت، إضافة إلى أعضاء أجساد الحيوانات البرية والصحراوية والمائية التي تم تحنيطها، والتي يوظفها المتهم بشكل ذكي مستغلا غباء أغلب زبوناته، بحيث نجح في إيهامهن بأنه قادر على تحقيق رغباتهن، التي تنحصر بين من تريد عمل «القبول» لتوطيد علاقتها مع زوجها، أو من تريد عمل الكراهية للتفرقة بين الأزواج وأفراد العائلة الواحدة، بالإضافة للعوانس الراغبات في الزواج، إذ استطاع المتهم إقناع زبوناته والتلاعب بمشاعرهن وإظهار قدرته على تحقيق رغباتهن وكذلك معالجة الأمراض المستعصية كالسرطان وداء السكري. الاستماع إلى الزبناء انطلاقا من الأبحاث التي أجريت بعين المكان والمعدات المحجوزة، بما فيها الطلاسم المكتوبة بحبر غريب على وأراق بيضاء وبها صور الأزواج المعنيين، اهتدت عناصر الأمن إلى تحديد هوية عدد من الزبونات الضحايا، حيث جرى الاستماع إليهن في محاضر رسمية تبين من خلالها أنهن كن فقط يرغبن في قضاء بعض المآرب الشخصية، من قبيل زرع الحب بين الزوج والزوجة أو الكراهية بين الطرفين أو حل بعض المشاكل المستعصية، لذلك كن يلجأن إلى المتهم لطلب تحقيق ذلك مقابل مبالغ مالية يتم تحديدها بين الفقيه والزبونة مسبقا بالإضافة إلى تمكين الفقيه من هدية ثمينة إذا ما تم تحقيق المراد. زبونات من طينة خاصة الأغرب في القضية ذاتها، حسب ما وصل إليه المحققون، أن زبناء المشعوذ ليسوا فقط من النساء الأميات، اللائي يعتقدن أن السحر والشعوذة هما الوسيلة الوحيدة لإخضاع الزوج لتلبية رغباتهن المتنوعة، بل كان بينهن ميسورات وجامعيات كحالة إطار لجأت بدورها إلى الاستعانة بخدمات المشعوذ وانساقت وراء خرافات الشعوذة والسحر، بعدما زارت المتهم ومكنته من مبلغ مهم، طالبة منه وضع حجاب القبول لترويج الحركة التجارية بالمحل الذي تديره من أجل استقطاب المزيد من الزبناء. التحقيق مع المتهم المصادر ذاتها أضافت أن عناصر الشرطة القضائية اقتادت المتهم ومحجوزاته إلى مقر الأمن للبحث معه حول المنسوب إليه من أفعال، إذ وضع رهن تدبير الحراسة النظرية، بتعليمات من النيابة العامة المختصة. وأثناء البحث معه حول المنسوب إليه من أفعال واستفساره عن الغرض من جمعه تلك المحجوزات والطلاسم وصور المواطنين ومصدرها، اعترف بالمنسوب إليه من أفعال جملة وتفصيلا، موضحا أنه يقوم بأعمال السحر والشعوذة منذ مدة زمنية ليست بالقصيرة لكسب قوته اليومي، وعند استفساره عن علمه بقانونية تلك الأفعال أكد المتهم أنه على دراية تامة أن الأعمال التي يقوم بها مخالفة للقانون ويعاقب عليها. الإحالة على القضاء بعد انتهاء مدة الحراسة النظرية وتحرير محاضر القضية، تقرر وضع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي إلى حين اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقه طبقا لما ينص عليه القانون، وأحالت عناصر الشرطة المتهم، وهو متزوج وله أبناء وأحفاد، على المحكمة يوم الخميس الأخير لمحاكمته بالمنسوب إليه.