منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    الاحتيال على الراغبين في الهجرة السرية ينتهي باعتقال شخصين    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    ضمنهم طفل مغربي.. مقتل شخصين وإصابة آخرين في هجوم بسكين بألمانيا والمشتبه به أفغاني    لا زال معتقلاً بألمانيا.. المحكمة الدستورية تجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    النصب على "الحراكة" في ورزازات    السكوري: نسخة "النواب" من مشروع قانون الإضراب لا تعكس تصور الحكومة    في درس تنصيب أفاية عضوا بأكاديمية المملكة .. نقد لخطابات "أزمة القيم"    عامل إقليم الجديدة يستقبل رئيس وأعضاء المجلس الإقليمي للسياحة    ميناء طنجة المتوسط يكسر حاجز 10 ملايين حاوية في سنة واحدة    ريال مدريد يُسطر انتصارا كاسحا بخماسية في شباك سالزبورج    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    شباب الريف الحسيمي يتعاقد رسميا مع المدرب محمد لشهابي    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    جهود استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد بإقليم العرائش    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    وزارة الداخلية تكشف عن إحباط أزيد من 78 ألف محاولة للهجرة غير السرية خلال سنة 2024    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    الشيخات داخل قبة البرلمان    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    عادل هالا    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطر القادم من العشابين المشعوذين
نشر في وجدة نيوز يوم 22 - 12 - 2009

.. عشابون مشعوذون يعالجون مواطنين سذجا يائسين بخلائط من أعشاب مختلفة غير ذي فعالية، وبطرق بدائية سحرية أدت إلى تشوهات ووفيات
.. أدوية مصنوعة بأعشاب طبية من بلدان أسيوية منتهاة صلاحيتها تعلب وتغير تواريخها بمصانع بمدن جزائرية تهرب إلى وجدة وتروج بالمدن المغربية
وأشخاص يروجون خلائط من أعشاب طبية تم تصنيعها بمرائب بمدينة وجدة ويعلبونها بأسماء مشرقية ويروجونها بمدينة وجدة، وآخرون يمزجونها بمسحوق أدوية حقيقية تخدع مستهلكيها وتوقعهم في قبضة النصابين من المشعوذين
عبد القادر كترة
قررت الفتاة اليانعة زيارة أحد العشابين المتواجد بواجهة أحد الطرق التجارية وسط مدينة وجدة لاستشارته حول بعض النقط السوداء التي ظهرت على وجهها دون أن تسبب لها آلاما أو حساسية أو تشوهات...كانت تلك النقط السوداء، بحكم أنوثتها، تزعجها وتضايقها وفضلت التخلص منها بتطهير المناطق الظاهرة من جسدها وتنظيفها بأي وسيلة صالحة لذلك...أثارت اللوحة الإشهارية الموضوعة فوق دكان العشاب المتضمنة ل"مركز الشفاء للطب العربي والطب بالأعشاب" انتباهها وفضولها، وزادها ثقة زعمه مداواة جميع الأمراض دون استثناء (إلاّ الموت بالطبع)...
ولجت الفتاة "عيادة" العشاب وانتظرت دورها ب"قاعة الانتظار" ودخلت "قاعة الفحص"...فكّر العشاب الذي كان يضع على عنقه سماعة الطبيب وقدّر، وحرّر وصفة من الأعشاب، وأمر الفتاة بمزجها بالخلّ ودهن المناطق المعنية بالنقط السوداء، واستخلص أتعابه الثقيلة، وحرر الفتاة التي انسحبت فرحة حاملة معها آمالا وأحلاما...
كانت صدمتها جدّ كبيرة إذ بمجرد استعمالها لذلك الخليط أصاب المناطق المدهونة التهاب جلدي وانتفاخ وحكة وحروق وتقيحات أدت إلى تشوهات بشعة، اضطرت جراءها الفتاة إلى عيادة طبيب اختصاصي في أمراض الجلد الذي قام بتنظيف ما أفسده المشعوذ، وسلّمها شهادة طبية يشير فيها إلى ضرورة اتباعها لعلاج متواصل ومعمق على أمد...تقدمت الفتاة الضحية بشكاية غلى المصالح المختصة بعد رفض المشعوذ تعويضها عنى تكاليف العلاج وبعد أن صرخ في وجهها "سيري فين بغيتي ولا تقصريش..." معترفا لها بخطئه وبكل بساطة دون أدنى ندم، كما تقدمت النقابة الجهوية لصيادلة وجدة بشكاية لوالي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد ضد العشاب تطلب تدخله لإغلاق المحل/العيادة بحكم أنه يمارس مهنة الطبّ بشكل غير قانوني...
أعشاب سامة وخطيرة متداولة
ليست هذه الشابة هي الضحية الأولى أو الأخيرة لمثل هذه الممارسات غير القانونية والمهددة لصحة المواطن والمستهلك على السواء اليائس من علاج دواء أو القانط من وضعية معاناة من مرض تدفعه لقبول أي عرض يقترح عليه، ماديا أومعنويا وفي بعض الأحيان غير أخلاقي...لقد أشارت إحدى الدراسات التي قدمها أحد المختصين في إطار الجائزة الكبرى التي نظمتها النقابة الجهوية للصيادلة بوجدة في أيامها الصيدلانية السابعة يومي 20 و21 نونبر الماضي، إلى تسجيل 104 من الوفيات في الفترة ما بين سنتي 1982 و2002، نتيجة تسممات نتيجة عن استهلاك بعض خلائط المواد المصنعة والمستخلصة مما يطلق عيله "الأعشاب الطبية"...، دون الحديث عن حالات تسمم لم تسجل أو يجهل وقوعها أو رفض الضحايا الإفصاح عنها وفضلوا كتمانها تجنبا للمشاكل الأسرية...
هناك مواد كيماوية ومعدنية ممنوعة التداول إلا بعلم ومعرفة وتحت المراقبة ومع ذلك تستعمل من طرف العديد من المشعوذين والمشعوذات في لباس عشابين وعشابات ك"الزرينخ"وهو مادة كيماوية تستعمل في الصناعات و"اليطرون" و"البنج" و"برماكانة" (La permanganate) التي تستعمل في علاج "الإيكزيما" وممنوعة في غير الصيدليات ومع ذلك تستعمل في الإجهاض وقد تسبب نزيفا دمويا عند المرأة قد يؤدي إلى الوفاة. وهناك أعشاب سامة تخلط بأعشاب أخرى منتهية صلاحيتها وتطحن وتعبأ في علب جميلة ومنمقة وحاملة لأسماء مشرقية على أساس أنها صنعت في دول المشرق العربي دون الإحالة على هوية صانعها أو عنوان المصنع أو المعشبة مصدر إنتاجها، ولا تركيبتها أو تاريخ صنعها أو تاريخ انتهاء صلاحيتها، تصنع بمصانع هي عبارة عن مرائب ببعض الأحياء بمدينة وجدة. وتأتي كميات كبيرة من هذه المواد المقدمة على أنها أدوية طبية مستخلصة من الأعشاب الطبية من الجزائر عن طريق التهريب حيث يعاد تصنيعها وتعليبها وتغيير تاريخ مدة صلاحيتها، وتمنح لها أسماء جميلة وجذابة مشرقية داخل مصانع بمدن جزائرية (مغنية وتلمسان وبوزريعة والجزائر العاصمة واسطيف) بعد استقدامها من دول أسيوية، ثم تضاف لها وصفات على واجهة العلبة تخص الأمراض المراد علاجها دفعة واحدة لمن لا يريد أن يصدق "يقوي مناعة الجسم، وينشط الجسم ويقضي على الضعف الجنسي والخمول والكسل ويثبت أصول الشعر ويمنع تساقطه ويزيل حبّ الشباب وينشط الذاكرة وبعين على الحفظ..."، ويتم ترويج هذه المنتوجات "السحرية" بمدينة وجدة ومنها إلى باقي المدن بمختلف المناطق المغربية، وهذه العمليات التهريبية الخاصة بهذه المنتوجات تتغاضى عنها السلطات الجزائرية تماما كما يتم تسهيل تهريب الأقراص المهلوسة بعشرات الآلاف...
وعلاقة بالموضوع، تمكنت عناصر الجمارك والضرائب غير المباشرة بوجدة من حجز مجموعة من البضائع المهربة عبر الشريط الحدودي المغربي الجزائري فاق وزن مجموعها 8 طن وذلك يوم السبت 12 دجنبر الجاري، منها كميات كبيرة من الزيوت على شكل وصفات طبية مصنوعة من أعشاب تبين أن أصلها من بلدان الشرق الأقصى، من تركيا والهند والباكستان والصين والسودان...، وقدرت قيمة هذه البضائع المستوردة أو المعلبة بمدن جزائرية بحوالي 60 مليون سنتيم. وأحيل المعني بالتهريب صاحب المخازن المحجوزة بها تلك البضائع، على السلطات القضائية قصد البث في القضية.
"فبغض النظر عن قيمتها الإجمالية، تشكل هذه السلع المحجوزة خطورة مؤكدة على صحة المواطن والمستهلك المستهدف بهذه السلعة..." يصرح للأحداث المغربية أحد المسؤولين الجمركيين.
مشعوذون وممارسة طب الأعشاب
أعشاب تحمل عنوان العلاج المقصود في استعمالها ومنها "أعشاب المعدة" و" أعشاب المصران" و"أعشاب الكلي" و"أعشاب الروماتيزم" و"أعشاب البرودة" و"أعشاب تصفية الدم" و "أعشاب الشقيقة" وأعشاب البواسير" و"أعشاب الربو" و"ألأعشاب الحساسية" و...و...وهي علب لأعشاب تحمل اسم "مشروب" حلو منتهية صلاحيتها حيث أن المحتوى غير ذي فعالية. وهناك سُذج يقتنون أنواعا من العسل بأثمنة باهظة لا تخطر على بال وهي أنواع من المحاليل بلون ونكهة العشبة المراد تسميته بها للإيهام، تشبه العسل باعتبار أن "الصانع" يقوم بطبخ الأعشاب بعسل السكر وتعطى له أسماء ك"عسل الحبة السوداء" و"عسل الدغموس" و"العسل السحري" و"عسل الربو" و"عسل الكاليتوس" و"عسل الليمون" و"عسل الزعتر" و"العسل الأسود" ويباع بأسعار تتراوح ما بين 350 درهم و 500 درهم. ويطبخ العسل بعَشْبة أزير ويصفى ويوضع في الثلاجة إلى أن يتجمد ويباع ب10000 درهم على أساس أنه غذاء ملكة النحل بدل 200 درهم. أعشاب تستورد بطريق بطريقة غير قانونية وغير مراقبة صحيا وطبيا وجمركيا. كما أن هناك مواد وأدوية مقتناة من الصيدلية أو من سوق الفلاح بوجدة حيث تنشط عملية تجارة الأدوية المهربة من الجزائر منها "الفياكرا" و"الفنطولين" وغيرها حيث تطحن أقراصها وتخلط بالأعشاب وتباع للذين يعانون من الضعف الجنسي أو الربو فتعطي النتيجة ولو كانت قليلة الأمر الذي يجعل المستعمل لها يقتنع بمفعولها ويطيل العلاج ويساهم في إثراء جيوب المشعوذين...
"يمكن أن نتحدث عن العشَّاب التقليدي أو العطار ولكن أن يدعي أحد أنه عشَّاب بالمعنى العلمي (Herboriste) اختصاصي في الأعشاب الطبية فهذا غير صحيح حيث لا يوجد في المغرب مؤسسات أو معاهد تابعة لمصالح وزارة الصحة أو غيرها المعترف بها لتخرج هؤلاء ومنحهم الصفة لممارسة تلك المهنة، هذا بالإضافة إلى أن هؤلاء العطارة/العشابة لا يتوفرون على شهادات" يصرح للاحداث المغربية الدكتور ادريس بوشنتوف صيدلي ورئيس جمعية فضاء الصحة ورئيس النقابة الجهوية لصيادلة مدينة وجدة،ثم يضيف "إن القانون 17/04 من القانون المنظم لمهنة الصيدلة لا يتضمن إي إشارة للعشاب الطبي بل يشير إلى أن خلط الأعشاب الطبية من اختصاص الصيدلي...". ويعتبر الصيدلي ممارسي هذه المهنة مجرد عطارين/مشعوذين يمارسون مهنة نظمها القانون بدون رخصة حيث يقترحون على المواطن خليط أعشاب تصلح في ذات الوقت لجميع الأمراض الجسدية والنفسية وحتى الغيبية من "الثقاف وأوجاع الرأس وأوجاع المعدة والسحر والعين والمتانة البولية والعجز الجنسي وغير ذلك... هل تصدق وجود هذا البلسم السحري؟".
ومن جهته، يرى عادل سعيد عشَّاب سوس رئيس الهيئة الوطنية للعشَّابين المهنيين والباحثين بالمغرب ورئيس المجلس الوطني للعشَّابين بالمغرب أن مهنة العشابين أصبحت مهنة من لا مهنة له ببطائق الزيارة وقصاصات إشهارية تعرف بهم بأنواع العلاج لمختلف الأمراض المستعصية على الطب الحديث في عيادات خاصة بمكاتب وسكريتيرات وبالموعد . فمن "العشَّابين" المشعوذين من لا علاقة لهم بالحرفة وهو مجرد متاجر لنباتات يسمونها "أعشاب" ويتعاملون مع مجموعة من المشعوذين من العرافين والعرافات و"الفقها" مقابل 50 درهم للوصفة التي يبعث بها العراف للمشعوذ. ولكن هناك عشابون بمعنى الكلمة بمستوى علمي ومعرفي ينتجون الأعشاب في مزارع خاصة وهم معروفون لدى الخاص والعام ويتقنون حرفتهم ويعرفون السام والضار من الصالح من الأعشاب ولا يغامرون بوصفات خطيرة من خلائط الأعشاب ولا يتجاوزون حدود معرفتهم، "أوجه نداء للمسؤولين بأن يعملوا على تقنين هذه المهنة التي أصبحت في متناول الأمي والجاهل الراغب في الاغتناء السريع على حساب المواطن اليائس أو الفقير، كما على المسؤولين أن يكثفوا مراقبتهم لما يباع في الأسواق وفي حوانيت ما يسمى ب"العشابة" و"العطارة" وغيرهم..." يقول عادل سعيد عشاب سوس.
طرق بدائية ونصب واحتيال
لهم عيادات تستقبل العشرات من المواطنين اليائسين من قرارات الأطباء وعلاجاتهم أو غلاء الوصفات الطبية وأدويتها أو لإيمانهم الأعمى واقتناعهم بقدرتهم على خرق المستحيل أو لصدمات نتجت عن علاقات أو اتباعا لنصائح قد تأتي من سُذَّج مقتنعين بتجارب مرُّوا بها..."أنا صبت صحتي على العشوب وهذا العشاب يده مبروكة وجبرت عليه الشفاء" يقول مواطن من بين مواطنين سذج يأخذون مكانهم ضمن الطوابير ابتداء من الساعة الخامسة صباحا للتملي بطلعة هؤلاء المشعوذين بزيارة ب100 درهم من أجل فحص مريض يائس أو منح طفل لعاقر أو إنعاش متعة جنسية لفاقدها...متعة جنسية يجدها المشعوذ ذاته في "تقلاب" الزبونات من الفتيات والسيدات الجميلات العامرات...
زيارة "عيادة المشعوذ" ب100 درهم والعودة إليها بعشرات العشرات من الدراهم في عمليات علاج كاذبة بالأعشاب أو خليط منها أو كمية "الأوهام" ."والله أخويا إلى هاذي المرّة الرابعة وانا نمشي عند هذاك العشاب، وكل مرّة يعطيني عشبة ومازال ما بريت...عندي البرد في النبولة حاشاك...".
"يمكن لهذه الوصفات أن تتحول إلى سموم قاتلة في حالة ارتفاع الكمية أو انتهاء مدة صلاحية الخليط أو التفاعل الكيماوي لمزيجها أو انعدام احترام سلسلة الحفظ وهذا ما يعرض صحة المواطن إلى الأخطار التي سيكون الطب الحقيقي بعد ذلك عاجزا على علاجها" يوضح الدكتور بوشنتوف.
ومن المشعوذين من ذاع صيته وفتح عيادات في بعض المدن بل أصبح يتنقل حتى إلى خارج المغرب بين عواصم بلدان أوروبا ويقيم هناك لمدة في عمليات جد مربحة للمغتربين في الخارج المؤمنين ببركات هؤلاء ومبالغين في إكرامهم حيث تمكنوا من جمع ثروات هائلة من المال تاركين لزبائنهم السذج ثروات من اليأس والأمل المعلق على أعشاب غير ذات جدوى بل بعضها ضار وقاتل...
لا تخلو مدينة من المدن الشرقية من هؤلاء المشعوذين الذي يدعون العلاج بالأعشاب والرقى، وهم منتشرون عبر أحياء مدينة وجدة وبأسواقها الأسبوعية (حي لازاري وفيلاج سي لخضر وفلاج النصر...) وبحي الحلفة بتاوريرت وبأولاد ميمون والطحطاحة بركان و بالناظور والدريوش والعيون الشرقية...و... وبأغلب مدن المملكة وبلداتها، "أنا عندي تجربة في هاذ الأمور وشحال من واحد داويتو وانا ندير السبب وعلى الله الكمال..." يوضح أحد المشعوذين وسط إحدى الحلقات بالسوق الأسبوعي بحي كولوش بوجدة، ثم يضيف قائلا " أنا الناس يعرفوني وراني ندور في المغرب وكل عام هاني فو وجدة واللي بغا يداوي على الثقاف والسحور ها العنوان نتاعي وعندي غير أسبوع في وجدة..." ثم يوزع بطاقات عليها عنوانه واختصاصاته في الأمراض...
ينصح الدكتور ادريس بوشنتوف بالابتعاد عن اقتناء ما يقدمه هؤلاء الذي يصفهم بالعطارة من مواد غير معروفة والخلائط غير الحاملة لعنوان صانعها وتواريخ مدة صلاحيتها كما يطالب بتقنين مهنة العشَّاب ومحاربة الشعوذة ومراقبة ممارسيها والاعتراف بالطريقة العلمية لمن له الحق في ذلك من أصحاب المستوى والشواهد ...
بعض من المشعوذين في قبضة العدالة
اعتقلت عناصر الفرقة الثانية التابعة لمصالح الشرطة القضائية بولاية أمن وجدة مشعوذا بالغا من العمر 23 سنة ، نصب على أحد المواطنين بادعائه علاج مرض الصرع وإخراج الجن واستعمال هاتف مقال اقتناه زوج الضحية لمهاتفة الجنّ وإظهاره على شاشة الهاتف وبعد أن سلب الضحية 9000 درهم مقابل أعشاب كان يصفها للضحة والسطو على الهاتف النقال من نوع نوكيا 95. ومباشرة بعد ذلك تم إخضاع منزله لعملية تفتيش أسفرت عن حجز مجموعة من الكتب تحمل عناوين خاصة بالسحر والجان منها كتاب "سحر هاروت وماروت"، ودواة بها سائل أسود وأقلام قصبية وقارورات تحتوي على أعشاب مختلفة ومجموعة من الطلاسم ومجمر...وتم وضع المشعوذ تحت الحراسة النظرية والذي اعترف بالمنسوب إليه بعد إخضاعه للبحث والتحقيق، وتمت إحالته على المحكمة يوم الخميس 26 نونبر الماضي من أجل النصب عن طريق الاحتيال بالشعوذة.
وسبق ان اعتقلت عناصر الأمن الإقليمي بمدينة تاوريرت أحد المشعوذين بتهمة مزاولة مهنة نظمها القانون بدون رخصة وتقديم مواد مضرة بالصحة العامة كان يستقبل زواره بمنزل اكتراه بحي الهندية بتاوريرت وحَوَّله إلى "عيادة" يعالج فيها جميع الأمراض المستعصية على الطب الحديث باستعماله لأعشاب ومساحيق ومواد خطيرة يجهل نتائجها. كما تمت، وبنفس الدينة، إحالة أحد المشعوذين "فقيه" على العدالة بتهمة الخيانة الزوجية مع زبونة والمشاركة والنصب.
وبمدينة وجدة، لقيت سيدة في العقد الخامس من عمرها حتفها في الحين بعد أن تلقت صعقة كهربائية عبر سلك حامل للتيار الكهربائي استعمله أحد المشعوذين في علاجها لإخراج الجن من جسدها.
وقبلها هذه الواقعة، وفي إطار التحريات التي قامت بها الفرقة الجنائية الثالثة التابعة لمصلحة الشرطة القضائية بوجدة بخصوص شكايات وردت على المصلحة من النيابة العامة تقدم بها مجموعة من الضحايا في شأن النصب الذي تعرضوا له من قبل أحد الأشخاص الذي كان يوهمهم بأنه شيخ زاوية أنشأها طالبا منهم مبالغ مالية للتقرب إلى الله ، وآخرون أوهمهم بأنه قادر على شفاء أقارب لهم بطرق الشعوذة ونهب منهم مبالغ مالية متفاوتة، وقد تم إيقاف المعني بالأمر ومواجهته بالضحايا والتهم المنسوبة إليه وتمت إحالته على العدالة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.