لم يكد يمر أسبوع على التزام ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتحويل «دار بريشة» بتطوان، المعتقل السري الأول، إلى متحف لحفظ الذاكرة، حتى هرعت السلطة إلى السكان المقيمين بالمنزل منذ أكثر من 40 عاما، لإرغامهم على إفراغ «دار بريشة»، معرضة حياة 4 عائلات للتشرد. وزارت «المساء»، أول أمس، دار ابريشة والتقت بالعائلات التي تقطنها، والتي نددت بتهديدات وضغوطات السلطة التي تحاول جاهدة إفراغها. وفي الوقت الذي زف اليزمي للحاضرين، في ندوة «المعتقل السري دار بريشة جزء من المشروع الوطني لحفظ الذاكرة»، خبر تحويل الدار التي شهدت بداية الاعتقال السري في المغرب إلى متحف لحفظ الذاكرة، فإنه لم يكن مكترثا بمصير أربع عائلات تقيم في المنزل ذاته. وقال عبد السلام، الذي يقارب سنه 80 عاما، إنه يقطن في «دار بريشة» منذ أكثر من 40 سنة، رفقة عائلته، حيث كان يتعاطى للفلاحة في الأرض المجاورة لها منذ ذلك الوقت. وكشف عبد السلام وابنته خديجة أن عون سلطة طرق باب بيتهم صباح أول أمس، ليطلب منه التوقيع على وثيقة لا تتضمن أي شيء ماعدا شعارا لوكالة التدبير المفوض للماء والكهرباء «أمانديس»، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض من طرف عبد السلام، فيما أكدت سيدة أخرى بالمنزل أن عون السلطة حاول التحايل عليهم للتوقيع على وثيقة على بياض، ليتم دبجها فيما بعد من طرف السلطة بما قد يوقف تزويدهم بالكهرباء، لأنهم لا يتوفرون على ربط بالماء الصالح للشرب. وأضاف محدثنا أن السلطات عرضت عليهم ثلاث شقق صغيرة جدا ودون المستوى وذلك فقط من أجل إخلاء الدار، كما فرضت على أختين متزوجتين الإقامة في بيت واحد، وهو ما رفضته العائلات. وتساءل العديد من الحقوقيين الذين زاروا عائلات «دار ابريشة» لمؤازرتهم، كيف لرئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئيسة لجنته لحقوق الإنسان بجهة طنجة أن يتحدثا في الندوة ذاتها عن «تحويل دار بريشة» إلى متحف فيما السلطة الولائية تعرض حياة سكانها للتشرد وتضغط عليهم عبر قائد المنطقة الترابية وأعوان السلطة. وتعتبر «دار ابريشة» أعرق معتقل سري بالمغرب، وهي شاهدة على أفظع عمليات الاختطاف والتعذيب والتصفية الجسدية، في صفوف السياسيين الشوريين، وهي ممارسات كانت حسب الروايات والشهادات، أفظع وأبشع ربما من الممارسات التي مورست في فترات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، كما رواها ناجون من جحيم الموت. دار بريشة في تطوان تم بيعها قبل أعوام لمنعش عقاري بمدينة تطوان، وكان ذلك على عهد رئيس جماعة تطوان سيدي المنظري. وظلت تلك الصفقة واحدة من تلك الصفقات المسكوت عنها، لكنها كانت ستكلف التاريخ المغربي ثمنا غاليا لولا أنه وهبها مؤخرا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لكن الهبة تضمنت، على ما يبدو، العائلات التي تقيم فيها والمعرضة حاليا للتشرد.