حين نسمع بأن مصاريف سفر المستشارين البرلمانيين تكلف خزينة المغرب 650 مليون سنتيم في السنة، موزعة على تذاكر الطائرات المتجهة إلى عواصم العالم، فإنه يحق لنا أن نقول في قرارتنا: «ربي يخلف على الغابة ولا يخلف على الحطابة»؛ وحين نسمع، أيضا، بأن سيدة مغربية اشترت، الأسبوع الماضي، من أحد أكبر المركبات التجارية في الدار البيضاء حقيبة يدوية بمبلغ 23 مليون سنتيم، فإنه يحق لنا أن نتساءل بعفوية «واش كاينة شي ضريبة في المغرب على الصيكان ديال العيالات المرفحات؟» أم إن الضرائب التي تتقن الحكومة فرضها تقتصر على النظافة والشريحة..؟ وحين يتعلق الأمر بالحوار مع النقابات للزيادة في الأجور المجمدة، فإن الحكومة تعمل بسياسة «ودن صمة وودن فيها الما». ولما تقرر في القانون المالي الجديد رفع الضريبة على شراء السيارات التي تفوق قيمتها 40 مليون سنتيم، سمعنا بأن الحكومة تزمع استقبال وفد من أصحاب شركات السيارات لتفتح معه حوارا حول آثار هذه الزيادات على سوق بيع سيارات «الغنادرية» في المغرب. والحال أنه كان على حكومة بنكيران، التي تبحث عن المال «باش تكمل العام»، أن تتجه إلى سوق بيع «الصيكان» بعد أن وصل ثمن الواحد منها إلى ثمن شقة سكنية، «وهادا غير صاك ديال اليد ويعلم الله بشحال الصاك ديال السفر؟». لكن المثير حقا أن حكومة بنكيران قررت، مؤخرا، التخلي عن مؤسسات عمومية وطنية استراتيجية عبر إدخالها إلى سوق «الدلالة»، بعد أن قررت بيع «مرسى ماروك» للخواص، وهكذا ستصبح مراسي المغرب، بعد أن تنتهي ولاية حكومة بنكيران في سنة 2016، في أيدي أصحاب «الشكارة»، وغدا سنسمع أحدهم يقول مفتخرا: «أنا عندي جوج مراسي في المغرب»، ووقتها لن يكون غريبا أن نسمع بأن «الصيكان ديال العيالات كايتباعو عندنا بعشرين وثلاثين مليون». أما أحد الوزراء، واسمه الرباح، فقد ذهب بعيدا في البحث عن الربح، وبعدما كان العدالة والتنمية مكشرا عن أنيابه في وجه اقتصاد الريع أيام المعارضة والحملة الانتخابية، ها هو الوزير الوصي على قطاع مقالع الرمال يطلق طلبات عروض مفتوحة لجرف رمال البحر، «زعما إلى ما قداتكومش الرملة ديال الواد والبر نجبدو ليكم الرملة ديال قاع البحر».. هكذا يبدو أننا إذا سايرنا قرارات حكومة بنكيران فإننا سنجد أنفسنا بعد سنين قليلة في مغرب «ما عندو لا مرسى ولا رملة». لكن قمة ما يبعث على الجنون في مواقف الحكومة الحالية هو أنها تشكو شح السيولة المالية بينما يصرح رئيسها بنكيران في الآن نفسه بأن 39 وزيرا لا يكلفون الميزانية شيئا يذكر، وحين يتعلق الأمر بمستحقات المقاولات لدى الإدارات فإن الداخلية لا تجد حرجا في تعميم مذكرة على الولاة تدعوهم إلى عدم أداء هذه الديون لعدم توفر السيولة الكافية. وقد كان على السي محمد حصاد، وزير الداخلية، أن يسمي مذكرته العجيبة بمذكرة «التزراف»، لأن دعوة الولاة إلى الامتناع عن أداء مستحقات المقاولات ليست سوى دعوة صريحة من الحكومة إلى اعتماد سياسة جديدة اسمها «الهريف». وإذا صدقنا القيادي في «البام»، البرلماني حكيم بنشماس، فإن حكومة بنكيران اقترضت من الخارج في سنتين ما لم تقترضه الحكومات السابقة في 10 سنين. وإذا كان حزب الأصالة والمعاصرة منشغلا هذه الأيام وهو في المعارضة ب»السبسي وطابا»، فإن الحكومة عندنا «دايخة بلا كماية» بعد أن تراجع الترتيب العالمي للمغرب في سلم الرشوة ولم تنفع إشهارات «وياكم من الرشوة» في إسقاط الفساد أو، على الأقل، في دفعه «باش غير يتكى» وذلك أضعف الإيمان. وحين نسمع بأن الداخلية، فوق ذلك، «ماساخياش» باللوائح الانتخابية التي تركها إدريس البصري منذ سنة 1997، وستعتمدها في الانتخابات القادمة، فيمكن من الآن التنبؤ بنتائجها، مع التساؤل: «واش لهاد الدرجة توحشتو البصري؟».