توفي صباح الخميس 28 نوفمبر 2013 الكاتب المغربي باللغة الإسبانية، محمد الصيباري، عن سن تناهز الثامنة والستين بعد معاناة قاسية مع المرض أفقدته رجليه وعزلته في الطابق الثاني من منزله قبالة الشرفة الأطلسية عند الشارع المؤدي إلى المقبرة الكاثوليكية القديمة حيث يرقد الكاتب العالمي جان جينيه. ورغم مجيئه المتأخر إلى عالم الكتابة، حيث لم يصدر الصيباري روايته الأولى الحصان «El caballo» إلا في سنة 1993 وهو في سن الثامنة والأربعين من عمره، فقد حظيت هذه الرواية باهتمام وتشجيع كبيرين من طرف الأوساط الثقافية بشمال المغرب، وبين أصدقاء هذه الأوساط بالجارة الإسبانية، ليندفع بقوة نحو نحت اسمه، حيث سيصبح الصيباري ظاهرة أدبية. أعطى اهتمام الأوساط الأدبية، في شمال المغرب وإسبانيا، لظاهرة الصيباري دفعة قوية لصاحب رواية «من العرائش إلى السماء»، بدت واضحة في تواتر إنتاجه الأدبي الذي تواصل حتى لحظة رحيله، حيث كتب في الرواية والقصة القصيرة والشعر من خلال أزيد من عشرين عنوانا نذكر منها في الرواية : «El caballo» (الحصان) الصادرة سنة 1993، التي أعقبها ب»Regulares de larache» (القوات النظامية الأهلية في الجيش الإسباني بالعرائش) الصادرة في 1994. وفي السنة الموالية 1995 نشر «Juderia de tetuan» (مَلاح تطوان)، ليتبعها في 1996 برواية «Rosa de xauón» (زهرة شفشاون). وفي سنة 1999 أصدر «Sidi BABA»، ثم «De larache al cielo» (من العرائش إلى السماء) الصادرة في 2006. و» blancas Un lobo con guantes» (ذئب بقُفّازات بيضاء) في 2009، وفي 2013 أنهى الصيباري مساره الأدبي برواية «Tres orillas y dos mares» (ثلاث ضفاف وبحران). أما في القصة القصير، فترك الأديب المغربي الراحل سبع مجاميع قصصية، هي: «Cuentos de larache» (حكايات عرائشية) الصادرة في1998، و«Relatos de los hesperides» (قصص هسبريس) في2000، ثم « Relatos del hamam» (قصص الحمّام) في 2001، وبعدها «Pinchitos y divorcios» (أسياخ لحم وطلاق) في 2002، و«El babuchazo» (ضربة نعل) في 2005، تلتها «Cuentos del zoko chico» (حكايات السوق الصغير) في 2009، و«Cuentos de lala Menana» (حكايات للا منانة). كما خلف الصيباري ستة دواوين شعرية، هي: «Poemes de larache» الصادر سنة 1994، و»Poemes de lukus» (قصائد لكسوس) في 2007، و«Diez poemes de Amor y una paloma» (عشر قصائد حب وحمامة) في 2008، و«limosna de Amor» (صدقة حب) في 2009، و«Julia de constatino lixus» (جوليا قسطنطية ليكسوس) في 2011. عشرون عنوانا وزعها الصيباري بإنصاف على عشرين سنة من العطاء؛ شكلت العرائش بظرفائها وشخصياتها المزاجية، وفضاءاتها التقليدية كيمياء وموضوعا للكاتبة والسلوك الحياتي لهذا الكاتب، إذ يمكن للملاحظ أن يغزل متنا حكائيا وقصصيا من خلال ما يقول في السمر الليلي أو عند الصباح وهو يتناول كأسا من البابونج بمقهى السنطرال. هذا الأمر الذي جعل من الصيباري صائد حكايات، منها ما نشر، ومنها ما ظل يروجه شفاهيا؛ فكان «فمه» مصدر إزعاج لكثير من مثقفي المدينة وفاعليها في المجال العمومي. لقد شكلت الإصدارات المتوالية للراحل محمد الصيباري حافزا قويا لإبراز الوجه الثقافي الإسباني في جهة الشمال، حيث تم تنظيم الكثير من اللقاءات والمناسبات كان اسم الكاتب محورها المركزي، وقد تبلور عن هذه الزيارات والمبادرات تأسيس جمعية الكتاب المغاربة باللغة الإسبانية، التي كان الراحل كاتبا عاما لها، وقد عززت هذه الجمعية المشهد الثقافي المغربي بكثير من الأقلام المتميزة التي كانت مغمورة بسبب المركزية الشديدة التي طبعت المشهد الثقافي المغربي. لقد ترك الكاتب ذخيرة إبداعية كبيرة ومتنوعة، حصل بفضلها على وسام الملك الإسباني خوان كارلوس، وجائزة بابلو نيرودا من طرف السفارة التشيلية بالرباط. كما تم تكريمه في الكثير من المناسبات بالمغرب وإسبانيا. لقد ظل الراحل مثابرا ومرتبطا بالكتابة إلى الساعات الأخيرة من عمره، رغم عزلته بالطابق الثاني من منزله.. فالعزلة هي التي عجلت برحيله وليس المرض الذي تعايش معه برغبة كبيرة في الحياة والإبداع. ظهر يوم الجمعة 29 نوفمبر المنصرم ووري جثمان الراحل بمقبرة للا منانة بالعرائش، بحضور كثيف لمثقفي وفناني المدينة، وكذا ممثلي القنصلية الإسبانية التي تقدمت بتعزية رسمية لعائلته، في غياب تام وملحوظ للمسؤولين العموميين الذين فاجأتهم بعد ذلك التعزية الملكية مساء اليوم نفسه. عبد السلام الصرّوخ