تحول محيط جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ليلة أول أمس، إلى ثكنة أمنية مفتوحة لمختلف القوات، بعدما قرر الطلبة المجازون، المطالبون بولوج أسلاك «الماستر» بدون مباراة، الاعتصام أمام مبنى رئاسة الجامعة والمبيت بداخلها لحين الاستجابة لمطالبهم. وسادت حالة من الاستنفار الشديد في صفوف فرق التدخل، التي رابطت بالقرب من البوابة الرئيسية للجامعة، تأهبا لفك معتصم المحتجين بالقوة، كما تم حشد المزيد من السيارات التي كانت تضم كبار مسؤولي المدينة، معززين بأعداد كبيرة من رجال الأمن والقوات المساعدة، فيما طوقت شرطة المرور جميع المنافذ المؤدية إلى كليات الجامعة، مانعة الناقلات من استعمالها، باستثناء تلك المتجهة صوب المركب الجهوي الاستشفائي. وجاء هذا التصعيد، إثر تسطير الطلبة الغاضبين من عدم تمكينهم من متابعة دراستهم العليا لبرنامج نضالي يروم المبيت أمام مقر رئاسة الجامعة لمدة أربعة أيام وخوض معركة الأمعاء الخاوية، للرد على ما وصفوها بسياسة اللامبالاة التي تنهجها الجهات المعنية في التعاطي مع الملف المطلبي للمحتجين، وعدم تعاملها بالجدية المطلوبة مع انتظاراتهم. ورفع المعتصمون، المؤازرون بنشطاء من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، شارات النصر، وهم يرددون شعارات تنتقد حرمانهم من مواصلة دراستهم، واعتماد المقاربات الأمنية في التعاطي مع حركتهم السلمية، واستخدام ما أسموها «أجهزة القمع المخزنية» لتخويف الطلبة وإرهابهم، وإرغامهم على التراجع عن نضالهم المشروع ضد السياسات التعليمية الفاشلة والفساد المعشش في دواليب الدولة، مؤكدين عزمهم على التصدي بكل حزم لما وصفوها بالمناورات المخزنية التي تستهدف احتجاجاتهم عبر اعتماد لغة الحوارات «المغشوشة»، والالتفاف على ملفهم المطلبي الذي يتصدره الحق في الولوج إلى أسلاك «الماستر» دون اختبارات كتابية أو شفوية، وتحقيق السكن والتغذية بالحي الجامعي، وكذا تحسين خدمات مرفق النقل الحضري، معلنين تشبثهم بإطارهم العتيد المتمثل في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حسب قولهم. ورغم الإنزال الكبير لأجهزة الأمن بمختلف تلاوينها، فإن الطلبة أصروا على المبيت أمام بوابة رئاسة جامعة ابن طفيل، وعمدوا إلى التزود بالعشرات من الأغطية والأفرشة، إضافة إلى التسلح بما توفر لديهم من ألبسة شتوية تقيهم من قساوة البرد التي تعرفها حاليا مدينة القنيطرة . ولم تلح في الأفق بوادر الانفراج إلا بعدما كشف نائب رئيس الجامعة خلال جلسة حوار مع لجنة تمثل المحتجين، عن قرار يقضي بفتح سلكي «الماستر» بشعبتي التاريخ والثقافة الشعبية، والرفع من عدد المقاعد بأسلاك «الماستر» المفتوحة، وفتح نقاش مع الأساتذة المعنيين حول وحدة «الماستر» المتعلقة بعلم الاجتماع، ووعد بأن يوم غد الخميس، سيكون بمثابة يوم الحسم في المطالب المرفوعة من قبل المعتصمين، داعيا الطلبة إلى فض اعتصامهم وقبول الحوار حول المقترحات المقدمة من طرفه. وكاد التوتر أن يعود مجددا، إثر تشبث مجموعة من الطلبة بخيار الاعتصام، مبررين موقفهم هذا بعدم ثقتهم في محاوريهم، وقالوا «إن أغلب هؤلاء لا علاقة لهم بالجامعة، ومعظمهم من وزارة الداخلية التي لا تفقه إلا في لغة الزرواطة والهراوة»، في حين تبنى طلبة آخرون موقفا مغايرا شدد على ضرورة التجاوب بشكل إيجابي مع عرض الرئاسة وقبول مبدأ الحوار، مع الحرص على العودة إلى خيار الاحتجاجات بمجرد إخلال المسؤول المذكور بوعوده، وهو المقترح الذي صادقت عليه أغلبية المعتصمين بعد عرضه للتصويت. إذ قرر المحتجون تجميد برنامجهم النضالي وانتظار ما ستسفر عنه، يوم غد، المفاوضات بين الطرفين.