انسجم خطباء العديد من المساجد مع التطورات التي ميزت علاقات المغرب وإيران بعد قطع الرباط علاقاتها الديبلوماسية مع طهران، ووجه عدد منهم انتقادات لاذعة بخصوص تنامي المد الشيعي في الوطن العربي متهما إيران بالوقوف خلفه. وفي الوقت الذي ركز فيه بعضهم على ضرورة الالتزام بخط أهل السنة والجماعة، استفاض البعض الآخر في الحديث عن مكانة الصحابة في التاريخ الإسلامي والأحكام الشرعية التي تطال كل من يتجرأ على سبهم والنيل من كرامتهم. ومعلوم أن قضية سب الصحابة وبعض أمهات المؤمنين، وخاصة السيدة عائشة رضي الله عنها، قضية “جار بها العمل” عند الكثير من طوائف الشيعة الذين يعتقدون أن الإمامة الكبرى اغتصبت من علي رضي الله عنه من طرف أبي بكر وعمر وعثمان. ولم يعلم ما إذا كان هذا الاختيار استجابة ل”مذكرة” من طرف الوزارة الوصية، أم مجرد اجتهاد شخصي لخطباء بعض المساجد، علما بأن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق كان، ثلاثة أيام قبل ذلك، قد أكد في كلمة أمام ملك البلاد محمد السادس بمسجد حسان، خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، أن علماء المغرب ملتزمون ب”الحرص على البلد المتمسك دون أي خلط أو شائبة بالمذهب المالكي داخل مذهب السنة والجماعة”. وعادة ما تلجأ الوزارة، خلال المناسبات الدينية والوطنية، إلى “توجيه” الخطباء المعترف بهم رسميا نحو الحديث خلال الخطبة عن موضوع معين، وتلجأ في أحيان أخرى إلى مدهم بنص الخطبة كاملا. ولا تحظى قضية مواجهة المد الشيعي في المغرب باهتمام كبير منتظم من طرف خطباء المملكة، في وقت تتحدث فيه التقارير الإعلامية عن تنامي التشيع وسط المغاربة، مستغلة في ذلك ترسخ فكر “الشرفاء” والأضرحة والأولياء التي تعد قيمة مشتركة مع الشيعة. وسبق لتقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية الذي صدر قبل شهور أن تحدث عن وجود ما لا يقل عن 3000 مغربي تشيع، دون أن تؤكد السلطات المغربية ذلك أو تنفيه. في وقت قامت فيه ضجة كبرى عمت العالم الإسلامي، ومنه المغرب، بعد اتهام الدكتور يوسف القرضاوي الصريح لإيران بالوقوف وراء حملة منظمة لنشر التشيع بعدد من الدول العربية والإسلامية، وهو ما نفته إيران التي اتهمت القرضاوي بتعمد الإساءة إليها.