لا أحد بمسؤول أو مسؤولة عن حمله لاسم محمد، الجيلالي، المعطي أو الضاوية. الاسم من اختيار الأب أو الوالدين، ويبقى «لمسمي» في الأخير كما يقال من عند ربي. لاحقا، يمكن لشخص ما أن يتبنى اسما مستعارا ليصبح أدونيس، بدل أحمد علي سعيد، أو غوغل بدل سيرغاي فلاديميروفيتش، كما حدث لهذا الشخص المنحدر من بييلوروسيا، أو مومو ميتال عوض محمد الزنبيل... توجد عينة أخرى هجينة، وبخاصة في أوساط الحاركيين المنحدرين من الجزائر، تحمل أسماء مخضرمة مثل موريس جلول أو بيرنار لعوينة وغيرها من الأسماء التي هي مرآة لتصدع الشخصية. والمصيبة هي أن تسمى امرأة باسم رجل كما حدث لسيدة برازيلية تدعى جيمس التي أضحت حياتها جحيما أمام الإدارات وفي مكان عملها. في فرنسا سجلت المحاكم السنة الماضية 290 قضية رفعها أشخاص من الجنسين، وبخاصة في الوسط المغاربي، لصالح تغيير أسمائهم الخاصة. منهم من رفع دعوى ضد اسمه الشخصي الفرنسي مثل ريشارد الذي أراد أن يصبح يوسف أو فرانسواز التي وضعت طلبا لتغيير اسمها كي تصبح هنية لأنها لا تشعر بأية قرابة مع هذا الإسم، علاوة على أن هيئتها الجسمية لا تتوافق واسم فرانسواز. الملاحظ أن العكس صحيح وجار به العمل أيضا. فالعديد من المغاربيين أو العرب بوجه عام يضعون أمام المحاكم الفرنسية ملفات لتغيير أسمائهم الشخصية كي ينخرطوا أو يندمجوا أكثر في الحياة المهنية لأن أسماء كريستيان أو بيرنارد أهون من أسماء حميدة العريان أو العربي بوشارب. وعليه يبقى الاسم، البشرة، مسقط الرأس والأصل الدرجة صفر للميز والتمييز. يبدو أن الرئيس ساركوزي يرغب في الحد من آثار ممارسات الفصل هذه، وذلك بتطبيق سياسة التعددية القاضية بفسح المجال أمام أبناء الأجانب المهاجرين وذلك بمنحهم حصة قد تصل 30 في المائة في سياسة توظيف المؤسسات العمومية والخاصة. ولمتابعة هذا الملف عين في شهر ديسمبر الفائت، يزيد صابغ، من أصل قبائلي، «منتدبا للتعددية والمساواة في الفرص». عهد إليه بمهمة القيام بترسيم خارطة التمييز وتقديم اقتراحات تأخذ بعين الاعتبار تعددية وتنوع المجتمع الفرنسي. بعد أربعة أشهر على تعيينه، كشف صابغ عن التوجهات العامة لإستراتيجية تقوم على اعتبارات تناهض إثنية الاسم والأصل. يمكن القول إن هذه النوايا الطيبة لا تصمد أمام النظرة أو التصرفات العنصرية أو العرقية التي تمارس يوميا ضد الأجانب، وبخاصة العرب منهم، لما يبعث مرشح ما بطلب للحصول عن وظيف أو يجري مقابلة بحضرة ما يسمى مدير الطاقة البشرية، مثلما حدث لمغربي سليل عائلة فاسية، «أبلق» البشرة وبعيون زرقاء، لو صادفته في الشارع لحسبته ألمانيا أو سويديا. بعد دراسة موفقة في المدرسة العليا للتجارة بباريس، بعث بطلب مرفوق بسيرة ذاتية لأحد الأبناك الفرنسية الكبرى. وفي مقابلة التشغيل، أبان عن كفاءة لا غبار عليها. بعد أسبوع من المقابلة، جاء الرد مشفوعا بالديباجة المألوفة: «يؤسفنا إحاطتكم علما بأن ترشيحكم ..» وزد من راسك. أحد الأسباب، إن لم يكن السبب الرئيسي في رفض طلبه، هو أن الزغبي يسمى محمد! أو حالة نيسرين التي رفض ترشيحها لمنصب عاملة في إحدى الولايات بباريس بسبب مسقط رأسها في... كتامة ! أو حالة الفتى المدعو إسلام علواشيش البالغ من العمر 11 سنة و الذي رفضت قناة «غولي» Gulli الفرنسية الخاصة بالأطفال، مساهمته في المباراة التلفزيونية في عنوان In Ze boîte بسبب اسمه الشخصي إسلام. تنطبق هذه الإجراءات لا فحسب على المغاربيين، بل أيضا على الأتراك، الأفارقة إلخ... في فرنسا، ولدواع تاريخية وسوسيولوجية، تبقى ذاكرة البلد مثخنة بتاريخ استعماري تمييزي. أسيرة تصور مفاده أن كل العرب والمسلمين يسمون محمدا ! فعلى مشروع رصد جغرافية التمييز للحد من التفرقة الذي فصل توجهاته قبل أيام يزيد صابغ نرد: «حتى يزيد ونسميوه سعيد !».